بسمه تعالى
للشيخ جوادي املي
ألا يعدّ الفرق بين دية المرأة و الرجل دليل على إعطاء امتياز للرجل؟
ج(من الشبهات الأخرى التي تطرح بسبب عدم التوجه إلى المعايير القيمة في القرآن الكريم، و التي يتم التأكيد عليها إثر رسوخ الثقافة الجاهلية و الغربية في الأذهان و الخطابات، هي مسألة الفرق بين دية المرأة و الرجل و إرثهما.
إن ما يمكن طرحه كمعيار للتقييم هو أن المرأة هل بمقدورها التكلم مع الملائكة أو الاستماع إلى النداء الإلهي أم لا؟. أما ما يخص الدية و أن دية المرأة لماذا أقل من دية الرجل؟ فلابد أن نقول في جواب ذلك: هل أن قيمة الإنسان بقيمة جسده حتى نقيّم الامتياز في الديات؟
إن الدية لا تعد معياراً لتقييم الإنسان في الإسلام، لكي نبحث عن الفرق بين المرأة و الرجل في الدية.
فإن الدية هي مجرد مسألة اقتصادية و إنها كما عيّنت في الشريعة للكلب – إن لم يكن من كلاب الهراش – فهي عيّنت لجسم الإنسان أيضاً. إن الدية تعادل جسم الإنسان و هي بين أهم الشخصيات الإسلامية و أبسط الأشخاص متساوية، فإن دية مرجع التقليد، و دية الإنسان الأخصائي، و دية الإنسان المبتكر، مع دية العامل البسيط في الإسلام واحدة، و ذلك لأن الدية لا تعتبر عاملاً لتعيين القيمة، و إنما هي أداة. و إن معيار القيمة هو الذي صرّح به القرآن الكريم: «إن أکرمکم عند الله أتقاکم»(1).
فتلخص أولاً، إن البدن ليس إلا أداة قد تتمثل في هيئة مرجع تقليد أو فقيه أو طبيب أو مهندس أو مبتكر و قد تتمثل في هيئة عامل بسيط، فإن دية الجسم مشتركة.
و ثانياً، إن التقييم مختص بروح الإنسان و الروح لا تهلك و لا تُقتل لتتعلق بها الدية. بل إن البدن هو الذي يتضرر، و هو كما قد تبين يتم تقييمه بالأدوات المادية. إذن أينما يکون الوحي فللمرأة و الرجل حصة فيه ، و لو كان أنواع الوحي التشريعي يتعلق بالرجال لما يتبعه من عمل تنفيذي، لکن المرأة و الرجل في الوحي التكويني و التأييدي متكافئان.
و ثالثاً، لو اعترضت وانتقدت المسيحية على هذه المسألة و هجمت على الإسلام، لظهر أن المهاجم، ليس بمسيحي حقيقي إذ لا فرق بين المرأة و الرجل في الدين المسيحي أيضاً، و لو وجّهت اليهود هذا الانتقاد، لظهر أنه كذلك ليس بيهودي أصيل، فإن للمرأة في ثقافة الوحي مقام بإمكانها أن تكون أم نبي كإسحاق، و أن تتكلم مباشرة مع الملائكة و لا ينحصر هذا المقام بمريم (عليها السلام) أو أمها.
___________________________
1- سورة الحجرات، الآية 13.
زن در آئينه جمال و جلال (المرأة في مرآة الجمال و الجلال)، ص 417 –