فلسفة تغسيل الأموات .. ومس الميت

[اريام الدلوعة]

سماحة المرجع الديني آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ا

السؤال :
ما هي فلسفة تغسيل الأموات وغسل مس الميت ؟ لماذا يجب تغسيل من يموت بطريقة خاصة في الدين الإسلامي المقدس, وإذا مسه أحد قبل تغسيله وجب عليه الغسل أيضاً ؟

الجواب :
إن فلسفة بعض الأحكام الفرعية في الإسلام - وكما قلنا سابقاً - غير واضحة بالنسبة لنا؛ لكن فلسفة الكثير منها بدأ يتضح بمرور الزمن وتكامل العقل البشري, وربما اتضحت أسرا ر القسم الآخر منها في المستقبل.

أما بشأن السؤال المطروح آنفاً فيمكن القول : إن أحد أسرار لزوم غسل مس الميت هي أن كافة الشعوب والأمم تؤمن باحترام الأموات كما تلتزم بضرورة احترام الأحياء؛ وعلى الرغم من أن الإسلام ألغى كثيراً من مراسم الأمم والشعوب السالفة المتعلقة بالأموات والمتسمة بسمات خرافية, إلا أنه قال بوجوب احترام الموتى عن طريق الغسل والكفن والدفن؛ بناءً على هذا يكون تغسيل الميت والمراسم الأخرى المتبعة نوعاً من الاحترام للموتى.

وبعبارة أخرى : يكنّ الإسلام احتراماً كبيراً للإنسان, فرفع من قيمته عبر وسائل مختلفة, حتى أن هذا الموضوع يشمل حالة ما بعد الموت أيضاً؛ فلا يحق لأي أحد توجيه إهانة إلى موتى المسلمين ولا إلى قبورهم كذلك وفقاً لوجهة نظر القوانين الإسلامية. إن موضوع تغسيل وتكفين ودفن الموتى يعد نوعاً من الاحترام لمقام الإنسان, لكنه احترام بعيد عن الطابع الخرافي؛ وبالإضافة إلى ذلك وبما أن الموت لا يعني انتهاء الحياة حسب رؤية الإسلام, بل هو نافذة نحو عالم آخر وحياة أخرى ونزول إلى جوار الرحمة الإلهية, لذا فإنه يأمر بتطهير الموتى ودفنهم بلباس بسيط وطاهر؛ ليكون هذا العمل رمزاً للحياة الحقيقية وامتداداً لما بعد الموت " هذه هي فلسفة تغسيل الميت ".

غسل مس الميت :
قبل أن نشرع بأصل الجواب من الضروري الإشارة إلى عدد من الملاحظات :
1- ستكون لعائلة الميت عواطف وأحاسيس جياشة من جراء افتقاد عزيز من أسرتهم؛ لذا لا يتمكنون من قطع علاقتهم بالميت دفعة واحدة, فيرومون تقبيله واحتضانه حتى بعد موته للارتباط الوثيق والوشائج المتينة فيما بينهم.
2- هناك نقطة جلية مفادها أن بدن الميت - عادة - يتلوث بأنواع الميكروبات المختلفة على أثر ابتلائه بالأمراض, ونتيجة لتسممه بشتى أنواع السموم وافتقاره للقدرة الدفاعية, فيكون التقرب منه محفوفاً بمخاطر جمة.
3- لم يتلاعب الإسلام بأحاسيس ومشاعر البشر قط, ولم يهمل الدوافع الطبيعية للإنسان, بل قام بسوق عواطفهم وأحاسيسهم باتجاه منحى خاص.

الآن بوسعنا أن نستنتج مما سلف ما يلي : من أجل أن يحول الإسلام دون إصابة جميع الأفراد - وعائلة الميت بالذات - بأنواع الميكروبات وإصابتهم بمختلف الأمراض التي يمكن أن تنتقل لهم من جسد الميت, وفي الوقت ذاته من أجل عدم قمع عواطفهم وأحاسيسهم الجياشة بتحريم مس الميت عليهم, جعل أمامهم إشكالاً قانونياً؛ أي أمر كل من مس جسد الميت بنحو من الأنحاء بالغسل. لا شك في أن هذا الإشكال القانوني في الوقت الذي يحد من مس الأحياء للأموات إلى حدّ كبير ويحول دون إصابتهم بأنواع الأمراض المحتملة, لا يهمل عواطفهم ومشاعرهم أيضاً؛ وكلما لم يؤثر هذا الإشكال في عدم حصول المس سيكون غسل مس الميت أفضل وأيسر طريق لطرد الميكروبات المحتملة.

ربما يشكل البعض بأنه لو أوجد غسل مس الميت هذا الإشكال القانوني لتفادي الإصابة بالأمراض, فلماذا لا يوجب مس جسد الميت بعد تغسيله الغسل أيضاً ؟

يبدو أن هذا الإشكال سطحي وجوابه واضح؛ لأن تغسيل الميت بماء السدر مرة والماء والكافور مرة أخرى وبالماء القراح مرة ثالثة يعد عاملاً قوياً لتعقيم وتطهير جسده, وعلى أقل التقادير ستزول الأخطار الموجودة قبل التغسيل إلى مدة من الزمن. وبدهي أن الميت سيدفن بعد أمد قصير من إجراء المراسم المذكورة, وستتضاءل مع ذلك نسبة وجود ميكروبات جديدة وسرايتها إلى الإنسان. إن ما ذكر آنفاً حول تغسيل الموتى وغسل مس الميت هو جزء من فلسفة هذه الأحكام, ورب ملاحظات لا زالت تخفى علينا إلى الآن.

[نور الهدى]

اللهم صلي وسلم وزد وبارك على محمد وال محمد


الله يعطيك العافية

وتسلم يمينك

[اريام الدلوعة]

الله يسلمك ويحفظ
ويطول في عمرك

[ام الحلوين]

اللهم ارحم اموتنا واموت المؤمنين والمؤمنات اجمعين يالله

الله يعطيش الف عافيه

ورحم الله والديش بحق الصلاة على محمد وال محمد

[اريام الدلوعة]

يعطيك العافية على الزيارة