أيقظنى صوت الطرقات على باب غرفتي من ذهول سؤالي:
..من؟
..أنا يبه ...أدخل ؟
..ادخل يبه !!
..اشقاعده تسوين؟
..كنت ألبس ملابسي بروح دوامي !
أطال والدي النظر إلى وجهي ....وسألني بصوته الهادىء الحنون ؟
إشفيج يبه ؟
إشفيني ؟ مافينى فديتك إلا الخير ؟
وإللى مافيه إلا الخير ....يروح الدوام أول يوم خطبه وويهه شاحب وحزين ؟
شسوى يعني ؟ مالي خلق لأي شىء .
بس يبه أكيد موضوع ( الخطوبة ) إنتشر والكل راج يجي يبارك لج اليوم...مو لازم يشوفونج إلا بأجمل صورة.
يعني شسوى يبه؟ شسوووووووووي؟
لاأعلم لماذا نطقت الجملة وانهرت باكية .
جلست على طرف السرير ....وضعت وجهى على ركبتي وطوقت نفسى بذراعي وأخذت أبكي بلا توقف
ووجدتنى بلا شعور أردد بصوت متقطع من شدة البكاء
(تبونى أتزوج؟ هذا انا راح اتزوج
تبونى افكر بعقل ..هذا انا فكرت بعقل
تبوني مااعيش على الاحلام...؟ هذا انا صحيت نفسى من الاحلام...كسرت أحلامي وكسرتني!
بس تبوني أضحك وأفرح وأنا بقمة ألمي وإنكساري ..وأتزين وأنا أموت عشان أثبت للناس والعادات والتقاليد إني سعيدة ....وراضية ....ومقتنعة.....فهذا شى فوق طاقتي ...فوق طاقتي يبه...انا انسانة ..وتعبت يبه ..تعبت وأنا أقاوم الحزن...تعبت وأنا أرضخ للنصيب.. تعبت وأنا أمثل دور مودوري ...مو دوري يبه مو دوري !!!!!)
تقدم أبي نحوي....وقف أمامي ...إحتضن رأسي إليه ...أجهشت بالبكاء أكثر !
رفعت رأسي إليه ....ولاأعلم لماذا تذكرت عندها حكاية المرأة التي أحبت والدي ...ودعت الله على فراش الموت ان يرزقه طفلة تحمل إسمها وهمها !!
فقلت له: هذه دعوتها يأبي...هذه دعوتها....حملتني أنت إسمها....وحملتني الأيام همها !
ظل أبي واقفا فى مكانه....ينظر إلي بصمت ....شعرت به صُدم مما سمع .....ولاأعلم لماذا خيل إلي وهو يضمني إليه أكثر انه يبكي معي....وربما علي !!
وحين هدأت خرج والدي من الغرفة ...بعد ان وعدته ان أغسل وجهي ...وأحاول النوم ....فلم يعد هناك مجالا للذهاب إلى العمل وأنا بهذه النفسيه....وهذه الملامح !!
غسلت وجهي ....عدت إلى فراشي...شعرت بعد بكائي براحة غريبة ....جلست على سريري ....وضعت جهازي على حجري ...و(شبكت نت )!
تجولت فى مجموعة من المنتديات التي إعتدت القراءة منها دون المشاركة فيها ...ثم سجلت دخول ( الماسنجر )
وإخترت (الاتصال دون ظهور )… وصدمت حين وجدت خليفه ( أون لاين ) .....فآخر مرة رأيته ( أون لاين) منذ عام أو أكثر !
شعرت بالدوار وأنا ألمح اسمه مضيئا….وضعت الماوس على تغير الحال إلى ( متصل ) !
تراجعت….قلبي يخفق بشدة …..تذكرت حمد…..ماعاد يحق لي….حمد لايستحق هذه الطعنة!
لكن قلبي….يهفو إليه ….قلبي تحول فجأة إلى طفل صغير يتراقص بين أضلعى ألما…وربما طربا لرؤيته !!
وساقني قلبي إلى حيث يريد…وإنسقت خلفه…وأنا أضع الحالة ( متصل )!
وماان دخلت حتى بادرني خليفة بالحوار ...فأرسل لي :
(فيني خلايا تنزف الحزن والهم
وفيني طلاسم ماحدن قد قراها
فيني هموم تذرف دموعها دم
وأنت الحروف الباقية عن سواها
لك خافقي رحب وهلا وسلم
ولك العيون تعيش لأقصى مداها)
إمتلآت عيناي بالدموع وأنا أقرأ ماكتب !!.....ووجدتني أرد عليه !
(عفيه على قلبك وعفيه عليك
تبي الصراحه زين سويت فيني
مشكلتي اني على حبك ادمنت
وبكل بساطه قلتها ما تبيني
عفيه على قلبك وشكراً ولا هنت
تبي الحقيقه بيدي اعميت عيني)
بعد دقيقة رد علي :
(واعذابي كان لي نفس صحيحه
خيرت مابين صدك والمنيه
أن نويت البعد ضاقت بي الفسيحه
وأن بغيت القرب خان القرب فيه )
صمتت....لم أجد مااكتبه....كنت أقرأ وأنا ابكي .....وربما شعر هو بي...فخليفه أكثر إنسان قد يشعر بي وبحزني......وبعد فترة صمت إستمرت دقائق كتب لي؟
(تبجين ؟ اسمع صوت دموعج وأحسج مثل أول وأكثر ! أنا خليفه ياعمري ...أنا خليفة عمرج !)
لم أحتمل جملته الاخيرة ....خرجت......فصلت من النت كله ......
وماهي إلا دقائق حتى رن هاتفي ....انه خليفه .....لم أقاوم هذه المرة ....رفعت السماعة ....لم أتحدث
بادرني هو بسؤاله : وحشتك ؟
وبلا شعور وجدتنى أرد عليه : لا !
عيل ليش رديتي على التلفون ؟
عشان أخبرك اني إنخطبت !
بعد فترة صمت جاءنى صوته يشوبه القلق :
شنو يعني إنخطبتي ؟
يعنى بتزوج؟ يعنى بكون لواحد ثاني ...يعني خلاص كل إللى بينا انتهي ياخليفه !
تفاجات به يضحك بصوت مرتفع وهو يقول :بعد عمري ..تدرين انج ماتعرفين تكذبين؟
أنا ماأكذب انا أتكلم جدا ...صدقني !
أصدقج؟ أصدق شنو ؟ أصدق إنج بتتزوجين غيري؟ أصدق إنج خلاص مو لي ؟ أصدق انج حكمتي علي بالموت ؟
أنا ماحكمت عليك بالموت ؟...إنت قتلتنى منزمان ....من اليوم إللى خذلتني فيه ...ورحت !
بس رجعت ...رجعت لاني ماقدرت أعيش من غيرك..ولاقدرت أعيش مع غيرك !
توقيت رجعتك غلط....رجعتك الحين راح تنسف كل حياتي...رجعت الحين راح تتسبب بظلم إنسان ماله أي ذنب ..وكل ذنبه انه دخل من الباب...بالوقت إللى إنت هربت فيه من الشباك!
ليه إتكلمين عنه كانه امره يهمج؟
لانه فعلا أمره يهمني !
ناقص تقولين بعد انج تحبينه ؟
إيه أحبه ...أحبه فوق ماتتصور ....ولو ماأحبه ماوافقت عليه !
لالالالالالا...لاتذبحينى ...هنت عليج؟ انا خليفه ...خليفه إللى عمرج ماحبيتى ولاراح تحبين غيره!
كنت أحبك...بس من كثر ماعانيت من غيابك وفراقك....نسيتك قد ماحبيتك !
و........سمعته يصرخ قتلتينى ....قتلتيني....وأغلق الخط بوجهي !
لاأعلم لماذا قسوت عليه....لاأعلم لماذا نحرته بحديث لايمت للحقيقة بصلة ...فالحقيقة تقول اني مازلت أحبه ..وبجنوووووون!
أطفأت أنوار الغرفة ...وإستلقيت على سريري..وأغمضت عيني بقوة ....فلم أرغب فى الموت يوما...كرغبتي فيه الآن ...وإستسلمت لنوم أشبه بالموت...ورأيت فى منامي ( مريومة ) تبتسم لي ...ثم تختفي عني..وأحاول اللحاق بها ...وهي تبتعد ....وتبتعد...وأنا أسير خلفها ...حتى دخلت فى مكان مظلم موحش.
فاستيقظت من منامي مفزوعة ....والانقباض يخنق قلبي !
غيرت ملابسي....ضفرت شعري ...وضعت فى آخر الضفيرة ( فيونكة) حمراء....و.ارتديت (تي شيرت) أبيض....وجينزأزرق .....ونزلت إلى الطابق السفلي حيث عائلتي .
حاولت قد إستطاعتي ان أنغمس فى أحاديثهم ....وأنسي كل ماتعرضت له من أحداث مؤلمة هذا اليوم....
سردت على والدتي حلمي بمريومه....صرخت بي ( لاتكملين......هذا أكيد من الشيطان...أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ....قالتها ووجهها يتضخم بالرعب ....
بعد ان تناولت الغداء أخبرني والدي ان حمد هاتفه هذا اليوم ....وأتفق معه على ان يكون عقد القران ( الملجة) يوم الخميس القادم ......
لم أعترض ولم أهتم كثيرا....فلم تعد الايام أو تواريخها تفرق معي كثيرا !!
وطلبت مني والدتي الذهاب إلى ( المول) مع إبنة عمي لاكمال ماينقصني ليوم الخميس ...فالوقت ضيق جدا!
صعدت إلى غرفتي ...هاتفت إبنة عمي ...واتفقت معها على ان أمر عليها فى الساعة السادسة مساء .
وفي تمام السادسة كنت وإبنة عمي نتجه إلي ( المول)
وفي الطريق لفت إنتباهي ان أحدهم يسير خلفي...ويتبعنا بسيارته....لم تكن صورته فى المرآة الأمامية واضحة ..
أخبرت إبنة عمي بأمره ...ففاجأتني بقولها :
.. تلاقينه واحد من هالشباب إللى كل همهم ملاحقة بنات الناس...بعدين ترى الريال ماينلام ..انتي مركبة يمج وحده جمالها لايقاوم ............ههههههههه
.. تصدقين ( عواشة) يعجبني تواضعج ...ماشاالله عليج قمة فى التواضع !
.. طالعة عليج طال عمرج !
ضحكنا بمرح....وأكملنا الطريق !
حين وصلنا إلى ( المول) لاحظت ان السيارة دخلت خلفنا ....وحين وقفنا بموقف السيارات وقف بجانبنا....لم أحتمل تصرفه هذا ...أشعرني بالغضب....لكن قررنا ان نتجاهله !
و ماان خرجت من السيارة...حتى نزل هو ....و.................وصدمت حين رأيته يقف أمامي !
انه خليفه !!!!!!!!!!!!!
خليفه ؟
لم يكن يتكلم......كان ينظر إلي فقط بصمت وعيناه تقطر حزنا ....و.....ورأيت دموعه تملأ عينيه...
لاأعلم ماذا حدث لي .....فلا حروف ولاكلمات تعبر عن إحساسي فى تلك اللحظة
إقترب هو نحوي ....قال لي بصوت يتمزق حزنا :
(بس أبيج تعرفين شىء واحد....عمري ماحبيت ولا راح أحب غيرج...وانج روحي إللى انتزعتها الايام مني...واني ماخذلتج...لكن ظروفي كانت أكبر وأقوى مني ...وانج أمس ذبحتيني ...وانه إللى واقف أمامج الآن حطام رجل ...انسان ميت ....مييييت !)
ثم إتجه إلى سيارته ...ولمحته يضع رأسه على ( المقود) لمدة دقائق...وكانه يبكي..أو هكذا خُيل لي ..ثم رحل ...حتى اختفت ( سيارته )
وبقيت أنا فى مكاني .....وكان لعنة سماوية نزلت علي...فحولتنى إلى قطعة حجر بلا إحساس...وإبنة عمي تقف خلفي مذهوله لاتفهم شيئا !
تمسكت قليلا....واتجهت إلى ( سيارتي) ..إستأذنتها بالعودة إلى المنزل ...فوافقت...
واحترمت صمتي فلم تسألني عن شىء..
وفي المنزل صعدت إلى غرفتي ..وكل مابي يرتجف ...خيل إلي اني قد أسقط على الدرج قبل الوصول...إستندت على الجدار....إلتقطت أنفاسي.....لم أستطع إكمال طريقي...نفسي يضيق...ويحاصرني الاختناق ....فجلست على الدرج...
لمحتني شقيقتي ....فجاءت تستفسر عما بي...أخبرتها انه مجرد إرهاق لاأكثر ....فساعدتني للصعود إلى غرفتي
وحين خلوت بنفسي .....شعرت إني قد أضعت نفسي ...اني تركتها هناك...هناك حيث كان خليفه...هناك حيث لمحت دموعه للمرة الأولى...هناك حيث إتهمني بقتله !
أمسكت ( جوالي) قررت ان أهاتفه ....لكني تراجعت ....فماذا سأقول له ....لم يعد هناك مايقال !
فى تمام الساعة التاسعة أخبرتني والدتي انها ستذهب مع شقيقتاي لحضور( زفاف) إحدي قريباتي...وأنها قد تتأخر ...فأوصتني بإغلاق الأبواب جيدا ...لانه لن يكون فى المنزل سواي والخدم.
ذهبت والدتي وشقيقتاي......وبقيت وحدي أسترجع تفاصيل هذا اليوم....ثم قررت النوم باكر ...فارتديت بجامة حريريه زهرية اللون ....
وفتحت ضفائري...و( تبخرت) وملأت شعري بـ ( المخمرية ) ...فكم أعشق ( المخمرية) ..فهكذا كانت تقول لى جدتي دائما ...( يمه اذا تبين تدلعين شعرج ..غرقيه مخمرية)..فحملت هذه العادة معي منذ صغري!
ثم .دخلت فراشي...واستسلمت لنوم عميق !
بعدها بساعة ونصف...استيقظت على رنين هاتفي......تناولت الهاتف...نظرت إلى شاشة الجوال بعين نصف مفتوحة كي أقرأ الرقم......كان رقما غريبا...لم أتعرف عليه.....فأعدت الهاتف إلى مكانه ....وعدت لمحاولة إكمال نومي ...لكن الهاتف عاود الرنين .....وبإصرار غريب.....فإضطررت للرد :
ألو !!
الاخت ( ...............)
نعم ...من انتي اختي؟
أنا ( سهام) ممرضة بمستشفى ( )
وماان سمعت كلمة مستشفى...حتى جلست على سريري بلا شعور وقلبي يخفق بشدة!
نعم....ماذا تريدين مني؟ هل حدث مكروها لأحد!
لاأعلم ماذا أقول لك.....لكن منذ ربع ساعة ....دخل إلى المستشفى رجل ينزف بقوة...اثر تعرضه لحادث سيارة مؤسف.....وهو بالكاد يتنفس ويتحدث.....ويرفض رفضا تماما الدخول إلى غرفة العمليات قبل ان يراك..والموقف لايحتمل التأجيل....حياته فى خطر !
من؟ من هو الرجل؟ مااسمه ؟
اسمه .....اسمه خليفه !
وصرخت بأعلى صوت للألم ...خليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييفه ؟
ألقيت بالهاتف.....لم أعد أرى شيئا حولي.....ماذا أفعل؟ كيف أذهب الآن؟ ماذا أقول لهم؟ الوقت متأخر؟
وفقدت كل قدرة على التفكير....
لكني تذكرت ان لاأحد فى المنزل سواي....
يتبع .

المفضلات