حدّثني عن يومياتك ..؟!

يتعرض الانسان في حياته اليومية إلى العديد من المواقف الاجتماعية وكل موقف له حكاية وللحكاية أبطال وممثلين وضحايا أيضاً ، ويختلف هذا الموقف عن غيره ويتنوع بحسب طبيعة الحدث ونوع الأشخاص وزمن الواقعة فتارة يكون الموقف ساخراً وطريفاً يحمل من الهزل والفكاهة ما يجعلك تبكي من الضحك والقهقهة فترد التحية بمثلها أو أحسن منها وتذهب في حال سبيلك حاملاً بعضاً من ملامح هذاالمشهد ، والبعض منها يكون جاداً وعصيباً يجعلك تستشيط غضباً وتخرج عن حدود هدوءك فلا تقبل به وتقف له بالمرصاد والرفض وتتفاعل معه فوراً فيكون له أثراً سلباً وإيجاباً على طبيعتك النفسية 0
وردود الفعل الناتجة عن هذه المواقف الاجتماعية – طبعاً – غير متفقة فهي تختلف من شخص لآخر فما يقبل به غيرك قد لا يجد في نفسك التأييد والقبول به والبعض الآخر يعترض فيشهر سلاح النقد والتصحيح فور معايشة الموقف ، وكل واحد له طريقته الخاصة في معالجة الأمور والمواقف التي تعترضه في حياته اليومية ..!!
أعلم إن الموضوع قد يكون مكرراً وله أشباه كثيرة وربما سبقني غيري إلى إثارة مثل هذه المواضيع بطريقة أو بأخرى ، وإن يكن ذلك فربما كل الأبواب المختلفة تؤدي إلى نتيجة وهدف واحد وهذا لا يمنع أن أستعرض معكم هذه القضية بطريقة ملوّنة ومزركشة قد تجد رواجاً في نفوسكم فإنتاج وإخراج الأشياء خارج إطارها الروتيني والمألوف يكسبها نوعاً من الجاذبية والالتفات ويساهم في إثرائها على مساحة واسعة ، وقد حاولت جاهداً أن أطرح موضوعي بقالب مختلف ومدخل مشوّق يعم الفائدة للجميع وخصوصاً فيما يتعلق بمظاهر وسلوكيات وأحوال المجتمع اليومية .. فاسمحوا لي أن أكون قصب السبق في طرح موقف اجتماعي حدث لي قبل يومين من الآن حيث تعرضت – الله يجيركم – إلى وعكة صحية عبارة عن التهاب في الحلق نغص عليّ النوم في مثل هذا الشتاء القارس وقد تقلبت في فراشي يمنة ويسرة بغية نسيان الألم ولكن لا جدوى فلقد كان الالتهاب شديداً مسيطراً على حالتي ، والمشكلة إن الطقس لا يشجعك أن تمتطي صهوة سيارتك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .. لذا أجلت الموضوع إلى حين آخر وبينما أنا تابعت محاولة التغلب على هذا الأرق لكن صعوبة التنفس زاد موقفي حرجاً فليس هناك مجالاً للتسويف والتأجيل فتدارك نفسك يا هذا قبل أن تداهمك الحرارة العالية وتطرحك أرضاً 0 نهضت من فراشي لأغسل وجهي وإذا بصوت المؤذن ينادي ، فلبّيت النداء وتوجهت إلى إحدى المستوصفات الطيبة المشهود لها بكرم الضيافة وأنا جاد في ذلك غير أن الموقف له رأي آخر ، وتصوروا كيف كان طقسنا هذه الأيام كان يجمد أطراف لسانك ويشل حركة مفاصلك .. لا علينا .. دخلت وإذا بالهدوء يطغى على بهو المستوصف .. ألقيت نظرة ذات اليمين وذات الشمال فلا حس ولا خبر إلاّ صوت الأنوار فقط فهي تصدر أزيزاً من شدة ما بارحها من الهواء البارد ، لمحت للافتة في صدر الإستقبال (Reception ) تقول : إن لم تجد موظف الاستقبال فقم بضغط الجرس وانتظر ريثما يأتيك الموظف المختص ، فانفرجت أساريري فأنا أنازع الموت من شدة ما أشتكيه ، وانتظرت الدقيقة تلو الأخرى وأنا أكرر الضغط على الجرس حتى تورم إصبعي ولا حياة لمن تنادي ، فجأة وقد سمعت خطوات إحدى الممرضات تمر بجانبي وقد استبشرت بها خيراً لإنها نظرت بوجهي ثم أشاحت بوجهها لتكمل طريقها ، مما جعلني أشك إن كنت نائماً أم مستيقظاً ، فما الذي يجري ؟ لماذا لم تسألني هذه الممرضة عن حاجتي ؟ أما كان يجدر بها أن تشرع بخدمتي من باب اللياقة على الأقل ؟ ولكن تعشمت خيراً في هذا الجرس المطيع ، فقمت أضغط وأضغط حتى ارتفع الضغط لديّ ومرّت خمس دقائق وكأنها خمسين دقيقة وقواي تخور من شدة التعب ومن شدة البرد أيضاً 0
وما أن تجاوز عقرب الساعة الخمس دقائق وعيني تراقب عيادة الطبيب العام والمضاءة باللون الأحمر وهذا دليل على اشتغاله بمريض بالداخل 00 فجأة يفتح باب العيادة ويخرج منها إحدى الشباب من عيال البلد وجاء مهرولاً بمجرد أن رآني يتبعه الطبيب طبعاً وكأنهم لم يصدقوا أن رأوا مريضاً بالقرب من الاستقبال ، فهمّ بخدمتي وهممت أيضاً أنا بتقديم إسمي وعنواني حتى يستخرج الملف ليباشر الطبيب علاجي .. وقد كانت خدمتهم لي من النوع الخمس نجوم لإنهم شعروا بامتعاض وغضب يلون وجهي المتجمد ، غير إنني لم أسكت عن الموضوع فأخرجت قلماً وورقة في الحال وشرعت بكتابة ملاحظتي بمرأى من موظف الاستقبال والطبيب وهم في ذهول من الذي يحدث لإنني كنت عازم على وضع ملاحظتي في صندوق الشكاوي والاقتراحات أملاً بتلافي هذه الأخطاء ..!
طبعاً وأنا أنهي آخر حرف من ملاحظتي شعرت بالندم لإن الموظف من عيال بلدنا ولا يستحق الموقف أن يتصاعد أكثر من اللازم وكذلك الطبيب جزاه الله خيراً ما قصّر معي وتعامل معي معاملة المضيفة الجميلة مع ركاب الطائرة ، فعدلت عن رأيي وقلت في نفسي استر على ما واجهت ، وذهبت إلى الصيدلية لأصرف الوصفة الطبيبة وتذكرت حينها إنه منحني الطبيب راحة اجبارية لمدة يوم واحد وأنا أحتاج إلى اشعار مراجعة طبيب لأقنع رئيسي بوضعي الصحي فعدت إلى المستوصف مرة أخرى وفوجئت إن موظف الاستقبال خرج عن مقر مكتب الاستقبال وعاد الحال إلى ما هو عليه وعادت حليمة إلى عادتها القديمة فعدلت عن رأيي السابق لأضع الملاحظة والشكوى في صندوق الإقتراحات ليضع المدير الأمور في نصابها ففي الوضع تسيّب لا يمكن السكوت عنه فهناك حالات عاجلة بحاجة إلى استقبال دائمً لا يكل ولا يمل بحاجة إلى الاسعاف الفوري ، وآمل أن تجد ملاحظتي طريقها إلى قلب المسؤول .. هذا إن لم يكن مصيرها إلى درام الخمايم أي ( سلة المهملات ) ..!!
عذراً على الإطالة