__________________________________________________ ____________________
بسم الله الرحمن الرحيم
العيونُ كسيرة ، و النفوسُ حرّى ، و القلوب عليلة .. تنماثُ أسىً و تلتاعُ حزناً لمصابكَ يا حسين .. تزفرُ آهاتِها حسرةً و لوعة ، و كل جوارحنا تبتهلُ إليك و تصيح بالعالمين : " أيا حسين " ، فيشتعلُ معها لظى الشجر و المَدَر ، و الشوك و الحجر ..
و مع انعتاق الروح و استسلام الجسد ، تنحني أضلاعُنا سابحةً في فَلَكِ أنفتِك ، و تخنع أبصارُنا شاخصةً أمام عجيبِ تضحيتك ، فتهوي لها الدموع ساجدةً في حسرة ، تندبُ ما ران على بصرها و بصيرتها من غبرة ، و تفيق من غفلتها ، فتنصب سرادق العزاء ، و تمضي معها السموات و الأرضون في ندبٍ ملائكيّ ؛ و تحمل ذراتنا معها في طوافٍ سرمديّ و تنوح : " أيا حسين " ، فينصاع لها يراعي ، و يرتِّلُ ما عَلِمَ مِن فضلكَ و علوِّ شأوِك ، فتصرعه عظمتُك ، ليخشع بعدها ذاهلاً لفرط تقصيره في حقِّك , بل أنى له بمدادٍ كافٍ لتستطير ما جهلهُ الورى من سموّ نُبلِكَ و جزيل عطائك . فبقدر ما ظُلمتَ حيّاً ظُلمتَ ميتاً .
أبا الأحرار .. كم علّمتنا و ألهمتنا في كربلاء ، حتى باتت قرآناً لا تفنى عجائبه و زماناً لا تندرسُ مصائبُه . و غدوتَ نبراساً للأحرار ، و سيفاً مشرعاً على الفجار ، تنبعثُ في كل زمانٍ و عصر لتواصل صراع الخير و الشر ؛ تعصفُ بأركان الطغيان ، و تدكّها ليطويها النسيان ؛ تغلي في صدور الثوَّار ، و تفجِّر ندهةَ الأنصار ، فتلهب الشعوب و تذيب القلوب ، لتخطَّ تاريخ البشرية بكفّك الندية و روحكَ الأبيّة .
سطّرت بشجاعتكَ ملحمة " لا " هززتَ بها عرش الطاغوت ، و شيّدتَ بعزَّتك برج " هيهات " منارةً للأحرار.
يا حسين .. كل الحبّ يفنى و يضمحلُّ إلا حبُّك ، فإنه ينمو و يتعاظم حتى يبلغ عنان السماء ، و لا يكون له – مع ذلك – حدٌّ أو سدٌّ .. ملكتَ القلوب و سلبتَ الألباب حتى رسمت حركاتنا و سكناتنا . رضعنا حبك في عالم الذر و تشرّبنا ما نابكَ من ظلم و قهر ، و جرى علينا ما جرى عليك من جَور .
يا غوث المستجيرين ، تغفو على جرحكَ جراحُنا ، و تعانقُ روحَكَ أرواحُنا .. نبثُّ إليك أحزاننا ، و نشكو إليك ما نابنا ، فمتى يكون الفرج ؟.
حبيبي .. قد مزَّقتُ أشرعتي و كسرتُ ساريتي لأظلَّ تائهاً في بحر هيامك ، تسبح معي أطيافُ الموالين ، و تسرح في فتونك أفئدةُ المحبين ، فهل لنا بنظرة عين ؟.
يا خليل الروح .. ها قد أتينا نلبي النداء ، أرواحنا لك الفداء ؛ طبتَ و طابَ بك أديمُ الأرض و نعيمُ السماء . فسلامٌ عليك يوم وُلدتَ و يومَ تموتُ و يومَ تُبعثُ حيّاً .
المفضلات