السلام عليكم

السينما الإيرانية



افخروا بتشيعكم ، فالعالم عرفكم وسيعرفكم عبر من رفعوا هاماتكم

يرجع سبب أدراجي الى موضوع السينما الايرانية الى سببين :

الأول : أن السينما الإيرانية بحد ذاتها تشكل ظاهرة تستحق المتابعة بكونها استطاعت خلال وقت قصير أن تصل للعالمية وتفرض نفسها في المحافل والمهرجانات السينمائية المتعددة على الرغم من الضوابط التي قيدت بها نفسها والعوائق التي تواجها خاصة إذا ما قارناه بالسينما العربية سواء المصرية او سينما المغرب العربي التي تبدي تفلتا شبيها بالسينماءات الغربية .

الثاني : هو أن السينما الإيرانية تعد الأنموذج الأقرب لما يمكن أن نسميه بالسينما الإسلامية وبالذات من حيث درجة المحافظة والبعد عن المشاهد المبتذلة .


تاريخ السينما الإيرانية :

يرجع المؤرخ السينمائي الشهير جورج سادول في كتابه ( تاريخ السينما العالمية ) السينما الإيرانية إلى ما قبل مئة عام ...سنة 1900 يوم أن كان الشاه الإيراني في زيارة لإحدى الدول الأوروبية ورأى المسلاط فأعجب به وأمر بنقله إلى إيران .....بعدها بسنوات كان هناك مجموعة من المخرجين الأوروبيين يقومون بإنتاج وإخراج أفلام إيرانية .

إلا أن ما يهمنا في هذا الموضوع هو سينما العصر الحديث وبالأخص سينما التسعينات الميلادية أي ما بعد الثورة الإسلامية في إيران بالتأكيد .
فمن المعلوم أن الثورة الإيرانية على حكم الشاه في مطلع الثمانينات كانت قد ألقت بظلالها على نواحي متعددة في الحياة الإيرانية ومنها بالتأكيد المجالات الفنية عامة ....ومن هنا يمكننا أن نفهم ذلك الشرط التي تضعه الآن الحكومة الإيرانية على الإنتاج السينمائي من عدم السماح للمرأة بالظهور دون الحجاب الشرعي فضلا عن وجود مشاهد الضم أو التقبيل أو غيرها مما يشكل إخلالا بالأدب العام ...ولذلك فقد كان جميلا ذلك الحديث الذي قالته الكاتبة والمنتجة الإيرانية فريشتيه طائربور موضحة اثر هذه الثورة على الفن الإيراني :
(....لقد كان أهم إنجاز للثورة هو محاولة صياغة مشروع فكري وعملي مستقل عن مد الأمركة السائد، ولم يكن الفن الذي نتج عن ذلك فناً إيديولوجياً بالنموذج الفن السوفيتي الروسي مثلاً بل أدت مقاطعتنا للسينما الأمريكية الروائية والكرتون وغيرها إلى شحذ طاقاتنا الإبداعية وتنمية أدواتنا الفنية؛ فأنتجنا سينما يمكن وصفها بأنها إنسانية راقية، تحترم القيم ولا تتاجر بجسد المرأة، ولا تغطي بالعنف تفاهة المضمون ولا تعتمد على الإبهار. بل هي سينما بالغة البساطة وتحمل رسالة بالمعنى الإسلامي الحضاري؛ والدليل هو أننا حصدنا عشرات الجوائز الدولية في السنوات العشر الأخيرة في السينما الروائية وسينما الطفل والسينما التسجيلية، بل وتم ترشيح الأفلام الإيرانية للأوسكار لعامين متتالين)[موقع islam-online].

كيف نجحت السينما الايرانية :

ومع هذه الضوابط فإننا لا يمكن أن ننكر مدى النجاح الذي حققته السينما الإيرانية في الآونة الأخيرة من خلال الوصول إلى الأوسكار مثل ترشيح فلم (أطفال الجنة ) لجائزة أفضل فلم أجنبي عام 1997 أو الحصول على السعفة الذهبية من خلال فلم (طعم الكرز ) أو جوائز المهرجانات الأخرى مثل فلم (لون الجنة ) و (اللوح الأسود ) و(وقت لسكر الخيول) و(ليلى) و(يوم الجمعة)....وغيرها .فضلا عن اشتهار العديد من أسماء الإخراج على المستوى العالمي أمثال مخملباف ومجيد مجيدي وعباس كريستياني وحسن يكتبانه وآخرين.

بإمكاننا أن نفهم أن هذه القيود التي قيدت بها السينما الإيرانية نفسها أعطت دافعاً من جانب آخر لتفجير مكامن الإبداع من خلال الفكرة والإخراج والمعالجة .
ومع هذا فلا يمكننا أن نتجاهل العمل المؤسساتي الذي تقوم عليه السينما الإيرانية مما أورث انضباطاً وتفعيلاً أكثر لعملية الإنتاج السينمائي .

هناك ميزات أخرى تتمتع بها السينما الإيرانية على الكثير من السينماءات الاخرى كانت أيضاً سببا أكيداً في نجاح هذه السينما .

ما هي ميزات السينما الايرانية :
* المتابع للسينما الإيرانية سيشهد حضور البعد الديني بشكل كبير... ليس في مقدمة التريلر التي تبدأ غالباً بالبسملة فحسب وإنما في بعض المشاهد التي تعطي انطباعاً عن ارتباط الرجل الإيراني بدينه .

*عند مشاهدة الكثير من الأفلام الإيرانية سيلحظ المتابع الالتقاط المبهر الذي تقوم به الكاميرا لتعبر عن أبعاد معينة داخل نسق الفلم فهي سينما باعتقادي يعتمد مخرجوها على الإيحاء والترميز بصورة واضحة من خلال توظيف كاميرا التصوير توظيفا رائعا وهذا ما يجعلها تقدم بديلا يتناسب مع نسقها العام عن لقطات الاكشن والإثارة .

* الفكرة والقصة في السينما الإيرانية تشكل أبعاداً خطيرة وتحمل عمقا مدهشا سواء على مستوى السيناريو او على مستوى الشخصيات .
تقول الممثلة الإيرانية (بيجاه اهنجراني ) بطلت فلم (فتاة تائهة ) والحاصلة على جائزة أحسن ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي عندما سئلت عن تكرار مشهد السير على حافة الرصيف في الفلم ...هل له معنى ؟
فأجابت : (نعم المعنى هو ذلك التردد والحيرة التي تغلب على الشباب وهم أغلبية المجتمع الإيراني، بين القديم بتقاليده المحافظة، والجديد بتغيراته المتلاحقة لأنها السير المضطرب في عالم التوتر.) [موقع islam-online].

والحقيقة أن هذه الأبعاد تتنوع كثيرا مابين الفكرية والاجتماعية والروحية والسياسية ....ففي فلم ( لون الجنة ) الذي يحكي قصة صبي أعمى يقضي إجازته الدراسية مع جدته وأختيه ووالده الذي يبدو متبرما من هذا الوضع منشغلا عن ولده بمشاريعه الخاصة ..... كان هذا الولد الأعمى يتحسس جمال هذه الحياة في كل حركة كان يلامس أطراف النبات والإعشاب وحصى البحيرات بأنامله الصغيرة ...كان يستمع إلى طير نقار الخشب ليفهم ماذا يقول ......لقد كانت مفارقة غريبة أن يكون اسم الفلم (لون الجنة ) من بطولة صبي أعمى ! وكلنا يعلم أن اللون لا يمكن أن يدرك إلا بالنظر والإبصار !! لقد كان فيلماً شفافاً يوقظ في نفس المشاهد مشاعر الرحمة والشفقة والعطف وأحاسيس الجمال .

وفي فلم (طعم الكرز ) كان هناك الرجل إلي يريد أن ينتحر ويبحث عمن يساعده في انتحاره ليلتقي بعدة أشخاص كل منهم يتعامل معه حسب نظرته وتصوراته للحياة وفي الأخير لم نعرف لماذا يريد أن ينتحر لان المخرج كان يعنيه أن يقول لنا لماذا يجب أن نعيش !! الناحية السياسية والتبرم من وجود شرائح متعددة لأصول غير إيرانية في المجتمع الإيراني كان بارزا من خلال بعض الحوارات .

أما فلم (أطفال الجنة) فقد كان فلماً درامياً بنكهة كوميدية بعض الشيء حيث كشف الواقع الاقتصادي السيئ في المجتمع الإيراني من خلال قصة طفل يضيع حذاء أخته ويخشى أن يعرف والده مما يضطره لإعطاء حذائه لأخته لتذهب للمدرسة وينتظرها حتى تخرج ليأخذ الحذاء بدوره ويركض إلى مدرسته متأخرا !!

الناحية الاجتماعية كانت واضحة في فلم (ليلى) حيث زوجان يعيشان بسعادة ينغصها عليهم تدخلات الأهل بسبب عدم إنجاب الزوجة وهكذا تسير الإحداث وفق معالجة جديدة لمثل هذه الموضوعات .

وأخـــــــــــــــــــــــيرا :

لازلت أصر على أنني أقدم انطباعي الخاص ونظرتي لهذه السينما والتي بحق تستحق الحديث كثيرا ......أما الشيء الأهم فهو أن مشاهدة أفلام للسينما الإيرانية في رأيي أمر في غاية الأهمية لمتابعي السينما العالمية حيث تعطيك شيئا لن تجده بالتأكيد في سينماءات أخرى .

دمتم بمودة 000000000000000000 والسلام