الخيـــال يصرع الإرادة
قديما قال عالم النفس الفرنسي (أميل كوئي) الذي عاش بين سنة (1857_1926 وكان ما قاله حجر الزاوية في فلسفته وان الخيال طاقة لا تقدر بثمن ومنها يستطيع الإنسان التحكم بسلوكه يقول أميل: (أن قوة الخيال تتناسب طرديا مع مربع قوة الإرادة وعندما يتعارض الخيال مع الإرادة فان الخيال هو الذي يكسب نتيجة المعركة دون شك)
وتوضيح هذه القاعدة أو هذه الفلسفة يتبين من خلال المثال التالي
عندما تقول لنفسك أني أريد الحصول على هذا الشيء هنا نرى انك تريد لكن السؤال إلي سيحدد هل ستسعى للحصول على هذ الشيء أم لا هو هل خيالك يصور لك انك قادر على هذا أم لا،فان كان ا لخيال يصور صعوبة الحصول على هذا الشيء فانك حينها لن تقدم ولن تسعى للحصول على هذا لشيى أما أن كان ا لخيال موافقا للإرادة فانك ستقدم وستسعى للحصول عليه
أو عند قولك مثلا :أنني أريد التخلص من القلق الذي أعيشه فأنت بالفعل تريد ذلك لكن الخيال يسبح في عالم لا يزيدك إلا قلقا والغلبة دائما للخيال دون شك كما ذكرنا، ولهذا نبه الخبراء في مجال النفس البشرية وفي مجال الإيحاء الذاتي بالتحديد إلى غلط وخطأ يقع فيه الكثيرون وهو انه حين تصيبيهم الآلام الاضطرابات فأنهم ينتهجون العلاج بالإرادة مثلا
عندما يكون هناك مريض مصاب بألم في رأسه فان العلاج بالإرادة هو أن يوحي الإنسان لنفسه قائلا:أنني أريد الشفاء من هذه الآلام إلي تزعجني في راسي) هذا الأسلوب يعد خطأ شهيرا ولا يمكن أن يعد علاجا بالإيحاء فالمريض الذي يريد الإفادة من الإيحاء الذاتي في عملية الشفاء مثلا عليه أن ينتهج أسلوب العلاج بالخيال مع الإرادة دون الإرادة وحدها فيعمد إلى التصور والخيال والتوقع للأفضل كما كان يصنع كوئي مع مرضاه حين كان يقول لهم وهو في عيادته إن يقولوا (أنني كل يوم أتحسن وبكل وجه أتحسن ......) حيث يقوم الخيال هنا مجبرا بتصور هذا الكلام واعتماده قانونا جديدا على خلاف العلاج بالإرادة
تخيلو معي أن هناك من يريد أن يكون عظيما فيقول :أنني أريد أن أكون احد عظماء العالم ......لكنه نسي انه دائما ما يتصور نفسه حقيرا صغيرا لا يقدر أن يحكم نفسه فضلا عن أن يكون شخصا عظيما.......أن الغلبة دائما ما تكون في صف الخيال
أن الإيحاء الذاتي عبارة عن إيحاء أحدى أفكر بصورة متقنه وواعية إلى العقل الباطن أو اللاشعور فإذا قبلها اللاشعور فان الفكرة الموحى بها سوف تقوم وتسعى لتحقق ذاتها وقبول أحدى الفكر من جانب اللاشعور يتوقف على التداعي الذي تحدثه بين الفكرة الحاضرة والأفكار السابقة كما يتوقف على كون الفكرة محملة بالخصائص الانفعالية وخير دليل على هذا أن الطفل الصغير إذا شاهد فلما مرعبا فانه يخاف وهذه الصور ترهبه لأنه يتصور أنها تهدده لذاته (فهو هكذا تصور وأوحى إلى نفسه) بينما نجد الكبير والناضج لا يصاب بالخوف والفزع لأنه يمتلك من التجارب والخبرات ما يؤكد له انه لن يحدث له مكروه لمشاهدته مثل هذه الصور
ولهذا إذا أراد الإنسان أن يفيد من الإيحاء فلابد أن يتعود على حسن رسم الصورة الذهنية لما يريد أن يكون عليه مع التركيز والثبات عند صورة محددة فلا تشتيت للذهن واختلاق صور متناقضة ومتعددة فان من شأن ذلك أن يقلل فرصة نجاح وتحقق الهدف المرسوم
وطريقة العالم كوئي في الإيحاء تقوم على ثلاثة ركائز :
الأول: تكرار الإيحاء الذاتي صباح مساء
الثاني: أن تكون بلغة ايجابية سهلة (وهنا يقصد إلا تذكر في كلماتك التي توجيها لنفسك أية مفردة تذكرك بالأمر الذي تود التخلص منه ) مثلا حين تريد التخلص من عادة التدخين فلا تقول (أنني أريد التخلص من التدخين) فهنا أنت تذكر نفسك هذه العادة بل تقول مثلا ( أنني لست أسيرا لأية عادة معينه) (أنني أقوى على التغلب على كل عادة أود التغلب عليها) وهكذا
الثالث: ان نربط جملة الإيحاء بالحاضر لا بالماضي ولا المستقبل .
المفضلات