النقطة الثالثة ... البقعة المباركة المخصوصة في الضريح الشريف .
الحائر الحسيني
الحائِرُ الحُسينيُ مُصطلحٌ يُطلَقُ على البقعة الطاهرة التي تحتضن قبر الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام) و شيئاً من أطرافه في كربلاء ، و لقد تكرر ذِكرُ لفظة " حائر " و " حَير " في الروايات و الأحاديث خاصة تلك التي تطرَّقت لزيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) .
أحكام الحائر الحسيني :
لقد أفتى الفقهاء بتخيير المسافر بين التقصير و الإتمام في الصلوات الرباعية في أربعة مواضع منها الحائر الحسيني ، أي في المساحة التي تحيط بالمرقد الشريف من كل جانب بمقدار خمسة و عشرين ذراعاً ـ أي ما يقارب 5 / 11 متراً ـ ، و هذا المقدار هو الثابت و المتيقَّن .
تاريخ التسمية بالحائر:
لعل تسمية قبر الإمام الحسين (عليه السَّلام) و البقعة المُحيطة به بالحائر أطلقت لأول مرة من قِبل الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام) ، حيث أن هذه التسمية نجدها في أحاديثه التي تطرقت لزيارة الحسين (عليه السَّلام) ، و لم نجد هذه التسمية في أحاديثه غيره من الأئمة السابقين له (عليهم السلام)، فعن الحسن بن عطية عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) أنه قال : " إذا دخلت الحير ـ و في بعض النسخ الحائر ـ فقل : ... " .
سبب التسمية بالحائر:
لعل السبب في تسمية الروضة الحسينية الشريفة بالحائر أو الحَير يعود لأكثر من سبب ، و لم يتَّضح لنا سبب إطلاق الإمام الصادق هذه التسمية على القبر الشريف و ما أحاط به .
تجدد التسمية بالحائر:
يبدو أن تجدد تسمية هذه البقعة المباركة بالحائر يعود إلى حادثة تاريخية تجَلَّت فيها كرامة الإمام الحسين (عليه السَّلام) للصديق و العدو ، و مُلخَّصُ تلك الحادثة أن المتوكل العباسي كان شديد الحقد و البغض للبيت العلوي لذلك فقد عَمَدَ في محاولات متكررة إلى هدم ضريح الحسين (عليه السَّلام) و نبش قبره الشريف و حرث تلك البقعة الطاهرة و إجراء الماء عليها في محاولة يائسة و جبانة منه لمحو معالم هذا القبر الشريف
ظهور الكرامة الحسينية :يقول إبراهيم الديزج الذي أمره المتوكل بهدم قبر الحسين ( عليه السَّلام ) :
بعثني المتوكل إلى كربلاء لتغيير قبر الحسين ( عليه السَّلام ) ، و كتب معي إلى جعفر بن محمد بن عمَّار القاضي : أعلمك أني قد بعثت إبراهيم الديزج إلى كربلاء لينبش قبر الحسين ، فإذا قرأت كتابي فقف على الأمر حتى تعرف فَعَلَ أو لم يفعل .
قال الديزج : فعرفني جعفر بن محمد بن عمَّار ما كتب به إليه ، ففعلت ما أمرني به جعفر بن محمد بن عمَّار ثم أتيته .
فقال لي : ما صنعت ؟
فقلت : قد فعلت ما أمرت به فلم أر شيئا و لم أجد شيئا .
فقال لي : أ فَلا عمقته ؟
قلت : قد فعلت فما رأيت .
فكتب إلى السلطان أن إبراهيم الديزج قد نبش فلم يجد شيئا ، و أمرته فمخره بالماء و كربه بالبقر .
قال أبو علي العماري: فحدثني إبراهيم الديزج و سألته عن صورة الأمر فقال لي :
أتيت في خاصة غلماني فقط و إني نبشت فوجدت بارية جديدة و عليها بدن الحسين بن علي و وجدت منه رائحة المسك فتركت البارية على حالها و بدن الحسين على البارية و أمرت بطرح التراب عليه و أطلقت عليه الماء و أمرت بالبَقَر لتمخره و تحرثه فلم تطأه البقر ، و كانت إذا جاءت إلى الموضع رجعت عنه ، فحلفت لغلماني بالله و بالأيمان المغلظة لئن ذكر أحد هذا لأقتلنه
[14] .
و هكذا لم يتحقق ما أراده المتوكل من محو معالم القبر الشريف بإجراء الماء عليه و توقف الماء و أحاط بتلك البقعة المباركة دون أن يغمرها ، فسُميت تلك البقعة بالحائر ، أو الحائر الحُسيني .
و قال العلامة المُحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي ( حفظه الله ) : و لعله لهذا السبب تجدد تسميته بالحائر لإرتفاع الماء حوله ، و إن كانت التسمية قد أطلقها الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) ـ سنة ـ ( 148 هجرية ) من قبل [15] .
و شاء الله عَزَّ و جَلَّ أن يبقى ذكرُ الحسين ( عليه السَّلام ) خالداً و نوره مُضيئاً رغم محاولات أعداء الدين الإسلامي ، فكان كما وعد الله جَلَّ جَلالُه و قال : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } ،
[14] بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 45 / 395 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية ، نقلاً عن كتاب الأمالي للشيخ الطوسي .
[15] دائرة المعارف الحسينية : تاريخ المراقد : 1 / 278 .
**
السلام على من غسله دمه ونسج الريح أكفانه والتراب الذاري كافوره والقنا الخطي نعشه
وفي قلب من والاه قبره السلام على الجسم السليب السلام على الشيب الخضيب السلام على
المحزوز راسه من القفا السلام على مسلوب العمامة والرداء السلام على الحسين وعلى علي أبن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين(ع) .
المفضلات