حتى جاء الليل تفقدت قلادتها فلم تجدها فارسلت الى البستان من يفتش عنها فلم يجدوا شيئاً فعند ذلك ارسلت جاريتها الى بنت عبدالله ترجوها اعادة قلادتها ان كانت قد اخذتها. فاجابتها بنت عبدالله ان كنت تريدين قلادة اخرى اشتريتها لك ولا يحق لكِ ان تهينيني هذه الاهانة وعادت الجارية ونقلت الى بنت السلطان هذا الكلام. فعند ذلك اخبرت بنت السلطان اباها بخبر القلادة فغضب وامر غلمانه ان يمضوا الى بيت عبدالله ويقبضوا على جميع امواله ويأتوا بعياله . ففعل الغلمان ما امر السلطان، فلما حضرت عائلة عبدالله بين يدي السلطان انَّبهم واهانهم على هذه السرقة المزعومة ، ثم امر بهم الى السجن فلما صار الليل قالت البنت لامها يا اماه ، مالذي عملنا وما جرمنا حتى نسكن في هذا السجن . فقالت لها يا بنية اننا لسنا بأحسن من زينب بنت امير المؤمنين وسكينة بنت الحسين وذرية رسول الله عليهم السلام الذين ادخلوهم في مجلس يزيد وامر بهم ان يجعلوا في خرابة لاتقيهم برد ولا حر وعندما ذكروا اهل البيت جعلوا يبكون. واما ما كان من امر عبدالله : فانه لما قضى مناسك الحج عاد الى بلاده وقد ركب في سفينة مع اصحابه فلما توسطوا البحر هب ريح عاصف فانكسرت السفينة وغرق اهلها ولكن عبدالله لم ييئس وهو في تلك الشدة ذكر ما قال له سيده ومولاه حلال المشاكل ويكررها بانكسار قلب ودموعه جارية ولم يزل كذلك حتى قذفته الامواج على ساحل البحر فجاء الى منزله وقد انطوت اليه الارض بإذن الله تعالى ، فلما وصل وجد الباب مغلقاً والبيت خالياً من اهله فوقف متحيراً فبينما هو في حيرته اذ مر به رجل من جيرانه فسأله عن اهل فقال له: ان السلطان قد سجنهم لانهم سرقوا قلادة ابنته. فجاء عبدالله مسرعاً الى مجلس السلطان وقال له: ان كنت قد حكمت على اهلي بالسجن وهم نساء واطفال فأطلقهم واسجني مكانهم. قال: صدقت فأمر باطلاقهم وامر بسجن عبدالله فلما صار في السجن وجاء الليل قال في نفسه اني لست بأحسن من الامام موسى بن جعفر الذي بقي في سجن هارون الرشيد سنيناً ولست بأحسن من الامام زين العابدين الذي ادخلوه في مجلس يزيد بن معاوية مقيداً وعندما ذكر الامام زين العابدين عليه السلام جرت على خديه الدموع وجعل يبكي ثم اخذ يقول ما اوصاه الام علي بن ابي طالب عليه السلام ويكررها بخضوع وخشوع وانكسار قلب ودموعه جارية الى ان جاءت ليلة الجمعة ولما لم يجد شيئاً من المال يشتري به من الحلويات ويقرأ مدح حلال المشاكل وينفقه في حبه بات تلك الليلة وهو باكي العين حزين القلب. وعند قرب الفجر سمع هاتفاً يقول له : يا عبدالله اذا اصبحت امض الى باب السجن ستجد قطعة من النقود الذهبية واطلب فخذها وكل من مر بك اعطه القطعة الذهبية واطلب منه ان يصرفهاويشتري لك شيئاً من الحلاوة واقرأ مدح حلال المشاكل حتى يخلصك الله مما انت فيه من البلاء العظيم. فلما صار الصباح جاء عبدالله الى باب السجن فوجد القطعة الذهبية كما اخبرهه الهاتف فأخذها وبقي واقفاً ينتظر اذ مر شاب على فرس فناداهعبدالله وقال له: خذ هذه القطعة واصرفها واشتر لي شيئاً من الحلاوة حتى اقرأ مدح حلال المشاكل وانفقه في حبه. فلما سمع الشاب من عبدالله هذا الكلام قال له هذا المال قد سرقتموه وتقولون من عند الله وببركة حلال المشاكل . فلما سمعه عبدالله انكسر قلبه وجرت دموعه وقال اللهم اكفني شر هذا الشاب ولقني خيره ببركة حلال المشاكل علي بن ابي طالب عليه السلام . ثم ان الشاب لم يكد يتقدم بضع خطوات حتى نفرت فرسه به وسقط على وجه الارض مغشياً كالميت فبلغ الخبر الى ابيه وجاء مسرعاً مذهول الرأي طائر العقل واجتاز في طريقه على السجن الذي فيه عبدالله فناداه وقال له: يا هذا ما الذي حل بك اراك مذهول الرأي ؟ فقال له: أتاني خبر عن ولدي انه وقع من على فرسه على وجه الارض مغشياً عليه فحل بي ماتراه فهل عندك وسيلة تنجيه؟ قال له عبدالله لا بأس خذ هذه القطعة واصرفها واشتر بها شيئاً من الحلاوة حتى اقرأ مدح حلال المشاكل . فقال له الرجل حباً والف كرامة لله عز وجل ولعلي حلال المشاكل ، هات ماعندك يا عبدالله ثم مضى واخذ يقرأ مدح حلال المشاكل ويكرر من قول ناد علياً مظهر العجائب الى آخره والرجل يقول يا الله بحق محمد وبحق حلال المشاكل حل مشكلتي. ولم يزل كذلك حتى اتاه رجل وبشَّره ان الله عافى ولده بقدرته وببركة حلال المشاكل فمضى الى منزله فرأى ابنه في غاية الصحة والسلامة فقال يا ولدي ماذا حل بك؟ فقال يا ابي قم بنا الى مجلس السلطان لأحدثه عن معجزة حلال المشاكل بين الناس. فجاء السلطان واخبره بكل ما رأى قال لما مررت على السجن وقال لي عبدالله ماقال، قلت له هذا المال كله سرقتموه وتقولون من عند الله وببركة حلال المشاكل ومضيت فلم اخطو الا قليلاً حتى سقطت على وجه الارض وغشي علي فسمعت هاتفاً يقول يا فتى يقول لك حلال المشاكل امض الى السلطان واخبره بين ملأ الناس ان عبدالله واهله بريئون من هذه التهمة، وان قلادة ابنتك قد اخذها طائر وعلقهاعلى غصن شجرة من اشجار البستان في مكان كذا وكذا. فتعجب السلطان ومن معه من كلام الشاب، ثم انه قام ومن معه وجاءوا الى البستان لينظروا الخبر فلما وصلوا الى الشجرة التي وصفها الشاب واذا بطائر انقض من الهواء وأخذ القلادة من على غصن الشجرة وهم ينظرون والقاها بين يدي السلطان فلما نظر الى ذلك زاد اعجابه وقال لا نريد اثراً بعد عين. ثم رجع الى مجلسه وامر باحضار عبدالله من السجن مكرماً محشوماً فلما احضروه قام السلطان واعتنقه وقبَّل مابين عينيه وجعل يعتذر اليه بما ارتكبه في حقه من سجنه وهتك حرمه وقال الآن صدقت ان كل ماعنكم من مال ونعمة من عند الله وببركة حلال المشاكل. ثم امر بإرجاع ما أُخذ منه حتى رضاه ومضى عبدالله الى منزله فرحاً مسروراً بما انعم الله عليه وعاش باقي عمره في أحسن حال وأرغد عيش هو وزوجته الصالحة وعياله الى ان اختاره الله اليه.
المفضلات