السلام عليكم
اللهم صلي وسلم على محمد وال محمد
(القصة طويلة ولكن اتمنى من الجميع قرائتها للافادة )
يروى ان رجلا يسمى عبدالله الحطاب وكان مؤمناً فقيراً وكسبه في كل يوم يذهب الى البراري وسفوح الجبال ويحتطب ما امكنه من الحطب ثم يأخذه الى السوق وفيبيعه بدريهمات قليلة يقتات بها هو وعياله راضياً قانعاً برزقه مع كثرة عياله الذين بلغوا سبعة او أكثر وكلهم اناث وذكور قصر وقد قضى اكثر حياته في هذا العمل وكانت زوجته قد نذرت في كل يوم جمعة قبل طلوع الشمس تقف على باب البيت تدعو الله عز وجل ان يريها ولياً من اوليائه حتى تطلب منه ان يسأل الله بأن يفرج عنهم ضيق معيشتهم.
وقد مضت مدة اربعين جمعة فبينما هي واقفة تدعو الله وتتوسل اليه بمحمد وآله(عليهم السلام)واذا برجل ذو شيبة ،طويل القامة تراه من بعيد فلما وصل اليها قال لها: اذا رجع عبدالله قولي له كلما حلت به شدة يسأل الله ويتوسل بمحمد(ص) ويندب حلال المشاكل ويكثر من قول:
ناد علياً مظهر العجائب
تجده عوناً لك في النوائب
كل هم وغم سينجلي
بولايتك ياعلي ياعلي ياعلي
ويكررها مراراً فإنه يقضي حاجته، ثم غاب عن عينيها فلما رجع عبدالله أخبرته فقال ويحك هذا والله "الخضر" (عليه السلام) هل قال لكِ شيئاً؟
قالت : نعم قال لي كذا وكذا.
فحفظ ماقالته إليه فلما اصبح واصل عمله وصادف ان الوقت اول الشتاء وقد ارسلت السماء بعض السحب تبشر بهطول الامطار فلما صار في البر وأخذ يحتطب قال في نفسه بعد ايام اذا صبّت السماء وابلها وغمرت الاشجار وملئت الاودية يتعسر عليّ عملي وانا كبير السن ضعيف البدن ولكن ادخر لي شيئاً من الحطب وفي بعض مغارات هذا الجبل وكان قريباً منه واذا كان ذلك أتيت واخذته بغير تعب.فجمع حطباً كثيراً واودعه في بعض مغارات الجبل ووضع عليها علامة وأخذ من الحطب بمقدرا ما يأخذ كل يوم وجاء الى السوق وباعه واشترى قوتاً لعياله ورجع الى المنزل وأخبر زوجته بما فعل فسّرت بذلك فما مضت الا ايام قليلة حتى هبّت الرياح الباردة وتبّلدت السماء بالسحب الثقيلة وأخذت تفرغ مافيها من الماء بغزارة ليلاً ونهاراً اياماً متواصلة بحيث تعطلت أكثر الناس عن اعمالها.
اما عبدالله فإنه لازم المنزل ولم يخرج في هذه المدة حتى نفذ ماعندهم من الطعام وباتوا آخر ليلة وهم جياع ليس عندهم مايأكلونه فلما اصبح الصباح وقد تقشعت الغيوم وأشرقت الشمس وغمرت المياه الاشجار والاودية وجرت السيول قال عبدالله لزوجته الان امضي الى ما وضعته من الحطب في المغارة وآتي به الى السوق.فخرج وهو يوعد عياله بالطعام وكله أمل ، وصادف القضاء والقدر ان الايام الممطرة اجتازت قافلة قافلة بالجبل الذي اودع عبدالله في بعض مغارته الحطب وهم يطلبون لهم ملجأ فدخلوا في المغارة التي فيها الحطب فمالوا اليه يحرقونه ليتدفؤا به عن البرد ويطبخون به طعامهم حتى أتوا على آخره. فلما جاء عبدالله وجد المغارة خالية ليس فيها ولاعوداً سوى رماداً متراكماً بعضه على بعض ، وقف مذهولاً حزيناً لايدري ماذا يعمل ثم أدرا ببصره في البر فوجد ان الرياح قد اقتلعت الاشجار وغمرت المياه الباقي ووجد نفسه لاقدرة له على الاحتطاب لشدة البرد وهو شيخ كبير ولشدة ماوقع به من الحزن والكآبة وقد اسوّدت الدنيا في عينيه حينما ذكر حال عياله وماهم فيه من الجوع وانهم ينتضرون مجيئه اليهم بالطعام ووقع في حيرة شديدة وأخذ بالبكاء والنحيب وهو يقول: يارب انت اللطيف بعبادك وانت ارحم الراحمين ثم ذكر ماقالته اليه زوجته فأخذ يدعو الله ويتوسل بمحمد (ص) ويندب حلال المشاكل بخشوع وانكسار قلب ويكثر من قول :
ناد علياً مظهر العجائب
تجده عوناً لك في النوائب
كل هم وغم سينجلي
بولايتك ياعلي ياعلي ياعلي
ويكررها مراراً وهو يبكي حتى خرَّ مغشياً عليه فبينما هو كذلك واذا بفارس مقبل من جهة القبلة وقد ركب فساً ابيضاً ووجهه كدائرة القمر والنور يسطع من غرة جبينه وتفوح منه روائح المسك والعنبر وقد عطر ذلك الوادي من رائحته الطيبة. فوقف عند رأسه وقال له: قم ياعبدالله فلما افاق من غشيته سلم الفارس عليه فرد عبدالله السلام. ثم قال الفارس قم ياعبدالله فقد قضيت حاجتك..
خذ من هذه الحجارة الصم التي من حولك وبعها وانتفع بثمنها .
فقال عبدالله : سيدي من انت؟ قال انا حلال المشاكل وقد استغثت بي فأجبتك،لاتنساني كل ليلة جمعة. فقال عبدالله سيدي أأنت أمير المؤمنين علي بن ابي طالب؟ قال نعم ،ثم غاب عن عينيه.
فنهض عبدالله وبسط ردائه على الارض وملأه من تلك الحجارة الصم كما أمره سيده ومولاه وجاء بها الى منزله ووضعها في زاوية من داره واخبر زوجته بذلك وبات تلك الليلة فلما مضى من الليل اكثره قام لقضاء الحاجة واذا به يرى ضياءاً ونوراً صادراً من ذلك المكان فبهت وفزع ولكنه تذكر وقام لقضاء حاجة فحانت منه التفاتة الى الموضع الذي وضع فيه الرداء واذا قد صد كلام سيده ومولاه فجاء الى الرداء واذا بتلك الحجارة الصم صارت جواهر ويواقيت بإذن الله وببركة حلال المشاكل فحمدالله وأقبل الى زوجته فأيقظها وقال لها ان الله رزقنا واغنانا بفضل أمير المؤمنين علي بن ابي طالب حلال المشاكل ، ان الله يرزق من يشاء بغير حساب. وباتا مسرورين فلما اصبح اخذ واحدة من الجواهر واتى بها الى الجواهري فباعها بثمن كثير وشرى لزوجته واولاده طعاماً وملابساً واتى الى لمنزله فرحاً مسروراً ثم شرع في بنء بيته ووسع على عائلته وجعل يعطي الفقراء والمساكين والضعفاء ويقضي حاجة من قصد اليه ومن لم يقصد حتى شاع ذكره واشتهر صيته وكان في كل ليلة جمعة يقرأ مدح حلال المشاكل وينفق في حبه مالاً كثيراً . ولم يزل كذلك حتى جاء موسم الحج وكانت جماعة من اصحابه عازمون على أداء فريضة الحج فعزم على الرحيل معهم وعند سفره أقبل على عائلته وقال لهم اني مسافر لقضاء فرض الاسلام واوصيكم ان لاتنسوا مدح حلال المشاكل كل ليلة جمعة لان له حق علينا واجب في ذمتنا ثم ان عبدالله سافر مع اصحابه ولما مضت على سفره ثلاثة ايام او اربعة قالت بنت عبدالله لامها يا أماه أود ان امضي الى الحمام فاجابتها امها لك ماشئت ياعزيزتي اذهبي حيث تريدين . فمضت البنت الى الحمام مع اخواتها وصديقاتها فلما دخلت الحمام رات نسوة كثيرة ومن بينهن صبية ذات حسن وجمال بارعين فسألت عنها بعض النسوة فقالت لها ان هذه الصبية هي ابنة السلطان فدنت منها بنت عبدالله وسلمت عليها فردت التحية وجلست بجانبها تحادثها فقالت بنت السلطان ابنة من تكونين وما اسمك لاني لم يسبق لي ان رايتك قبل هذا اليوم . فاجابتها قائلة انني ابنة عبدالله الحطاب واسمي مكية فقالت ابنة السلطان لها مستغربة اين لكم هذا المال وهذه الثروة ؟ فاجابتها هذا من الله وبركة حلال المشاكل . ثم انهما جلستا تتحدثان بأطيب الاحاديث الى ان قضتا وطريهما من المحادثة ثم خرجتا من الحمام قاصدين منزلهما ومرتا في طريقهما على بيت عبدالله فأقسمت ابنة عبدالله على ابنة السلطان ان تكون في ضيافتها هذا اليوم . فقبلت بنت السلطان ضيافتها وبقيت يوماً وليلة مكرمة معززة حتى انتهت الضيافة ثم خرجت بنت السلطان قاصدة الى قصرها وطلبت من ابنة عبدالله ان تقبل ضيافتها في اليوم الثاني فأجابتها الى ذلك وكان من القضاء والقدر تلك الليلة ليلة الجمعة فنسيت بنت عبدالله ان تقرأ مدح حلال المشاكل فلما صار الصباح قالت بنت السلطان الى بنت عبدالله قومي بنا نمضي الى البستان لأجل النزهة والترفية فقالت لها شأنك فمضتا الى البستان ومعهما الجواري فبينما هن يتنزهن اذ مررن على بركة فيها ماء فقالت بنت السلطان دعينا نسبح في هذه البركة قالت بنت عبدالله لابأس. ثم انهن خلعن ماعليهن من الحلي والحلل ونزلن في الماء وهن يتحدثن بأطيب الاحاديث. ومن القضاء والقدر مر طائر واختطف قلادة بنت السلطان وعلقها على غصن شجرة في البستان وهن لم يشعرن به فلما قضين وطرهن من الماء وكل منهن لبست ثيابها ومضين الى منازلهن في انس وسرور ولم تلتفت بنت السلطان الى قلادتها..
المفضلات