السلام عليكم
مقتطفات من خطاب ولي امر المسلمين السيد علي الخامنائي في مجلس الأمن الدولي أثناء قيادته للجمهورية الإسلامية الإيرانية
اللهم باسمك أبدأ ومنك أرجو الهداية والعون إن محياي ومماتي ونسكي كلها لك واليك ، فاطفي على كلامي وضوح الكلمة الحقة وأجعل كلامي نداء الحق إلى مئات الملايين من الآذان والأفئدة التواقة إليك بتعطش ولهفة ، والى مئات الإضعاف التي ستكون كذلك في المستقبل 0
إنني قادم من إيران التي فجرت ثورة دويها أكبر من جميع الثورات 000ثورة قامت على أساس دين الله وعلى امتداد الدرب الذي سلكه كرام الرسل وكبار المصلحين الإلهيين 000وهذه الثورة تنبع جذورها الراسخة من الرؤية التوحيدية الإسلامية 000ويعتبر الإنسان أشرف المخلوقات وخليفة الله في أرضه 000 إن مصباح الهداية للإنسان هو إيمانه بالله سبحانه وامتثاله لما أمره به وابتعاده عما نهاه ، إن الدنيا مزرعة الآخرة ، وان الموت ليس نهاية للحياة وإنما هو بداية النشأة الجديدة 0
وانطلاقا من التفكير الإلهي الإسلامي يعتبر أبناء البشر إخوة الجميع عباد ى الله 000 إن البشرية وحدة متماسكة متلاحمة ومن ثم فان الاعتداء على فرد واحد من بني الإنسان يعتبر اعتداء على الإنسانية برمتها بغض النظر عن كل المميزات الجغرافية والعرقية 000كما أنهم - أي الأنبياء - علموا الإنسان أن لا يظلم وأن لا يرضخ للظلم 000ان مبادئ كالحرية والمساواة بين أبناء الإنسان والعدالة الاجتماعية وتكوين الوعي الذاتي لدى أفراد المجتمع ومكافحة أسباب الانحراف والاعوجاج وتفضيل القضايا الإنسانية على الأماني الفردية والتوجه إلى الباري وذكره ورفض أنواع الهيمنة الشيطانية وغير ذلك من المبادئ الاجتماعية الخاصة بالنظام الإسلامي ، بالإضافة إلى حسن الأخلاق والسلوك الفرديين وممارسة السياسة والعمل على ضوء تقوى الله ، كل ذلك ينبع من تلك الرؤية الكونية وذلك التفسير العام للعالم والإنسان 0
إن الإسلام يرفض النظم المبنية على أساس القهر والجبروت والتي لا تثمر إلا الظلم والجهل والإرهاب والاستبداد والاستخفاف بكرامة الإنسان والتمييز بين مختلف العناصر والجنسيات والشعوب على أساس الدم أو اللغة ، يرفض كل ذلك ، كما أن الإسلام يقف بوجه كل نظام أو فرد يقوم بمحاربة النظام الإسلامي 0 أما ما عدى هؤلاء فان الإسلام يأمر بالتعامل على أساس المحبة والتسامح مع كافة الناس سواء أكانوا من أبناء الإسلام أو غيره 0
انطلاقا من مثل هذه المبادئ ووصولا إلى مثل تلك الغايات والأهداف قامت الثورة الإسلامية في إيران ، وانتصرت بتأسيس النظام الجمهوري الإسلامي 000
في خضم ظلام دامس رهيب استطاع الإسلام أن يلوح كبرق وضاء من وراء ما أثاروا حوله عبر القرون من غبار التحريف والتضليل وما أحاطه من غيوم الأوهام ، فما إن لاح هذا البرق حتى أضاء الأفق في إيران ثم جاء بعاصفة ما زالت تفرض علينا أن نتوقع أحداث في مناطق عديدة من العالم 000فقد قيل عنا وعن ثورتنا ومبادئنا ووجهات نظرنا أكثر من القدر المعتاد ، ما يعبر عن الحقد والنوايا السيئة حينا أو ينم عن الجهل وعدم الفهم حينا آخر 000
إن لثورتنا عدة مميزات خاصة بها يمكن اعتبارها استثناءا عن المعايير المتعارف عليها للثورات وأنا أتناول هذه المميزات لأوجه في الختام نداءاتنا للعالم :-
أولا : إن هذه الثورة منذ بدايتها كانت شعبية مئة بالمئة 000واعتمادا على هذه الإرادة الجماهيرية الصلبة قام زعيم ثورتنا العظيم بتأليف حكومة الثورة وهو يضفي على الشعب بالروح والوعي والدروس مع كل كلمة يقولها 0
ثانيا : قامت هذه الثورة على أساس الدين على أساس الإسلام 000واعتمدت الإسلام في كل شيء ابتداءا من الأهداف والمبادئ ومرورا بأساليب النضال وانتهاءا بشكل النظام الجديد ونوعية إدارته 000لقد غمر الشعور بالانتصار مئات الملايين من المسلمين والمسلمات في عشرات الدول عندما انتصرت ثورتنا في إيران ، وهناك مبدأ يسد طريق التراجع والفشل والضعف والخوف أمام الشعب وقائد الثورة ومسئوليها ، وهو لا هزيمة في سبيل الله لكي يترتب عليها ضعف أو خوف أو تراجع 0
ثالثا : كان عدم الاعتماد على الشرق والغرب ميزة أخرى من المميزات الاستثنائية لهذه الثورة 000ان السيطرة على الساحة السياسية في كافة أنحاء العالم ، هي التي تقول باستحالة مواصلة الحياة على المسرح السياسي المعاصر بدون الاعتماد على القوى الكبرى ، لكنا نقول إن استحالة ذلك تكمن في عدم الاعتماد على قدرة مطلقة يعتمد عليها ألا وهي قدرة الله سبحانه 0
000لقد كنا نعلم بأننا يجب علينا أن ندفع ثمنا باهظا لهذه العقيدة وهذا الطريق وقد هيئنا أنفسنا لذلك لندع هذه التجربة تهدي الشعوب إلى الاستقلال الحقيقي الذي لا يتزعزع ، وبالتالي إلى رفض قوى الهيمنة العالمية الكبرى رفضا باتا
رابعا : كذلك امتازت ثورتنا وما زالت بميزة أخرى تتمثل فيما واجهته من مواقف عدائية حاقدة وما تعرضت له من ضربات لا مثيل لها 000وكانت أمريكا هي السباقة في هذا المجال 000ولقد ظهر التآمر المعادي للثورة بعد انتصارها بأشكال أخرى : أولها : جاء من خلال جهد وسيع لغرس أيادي العدو في مراكز الإدارة الثورية 000وتنظيم الأحزاب والمنظمات المعادية للثورة 000: ثانيها : فيكفي أن نقول انه في غضون الشهور الأولى للثورة ظهرت على الساحة في إيران أكثر من اربعمئة حزب ومجموعة تضم مزيجا متناقض الأجزاء 000بحيث أن بعض الفصائل تمكنت من الحصول على السلاح وبدعم من الدول الأجنبية تمكنت من تأسيس اكبر شبكة إرهابية في إيران 000وان من أخبث الدعايات السياسية هو أن يتهم بالإرهاب نفس ضحايا الإرهاب وذلك من قبل فئة لعبت دورا كبيرا في دعم الإرهابيين في عملهم ثم آوتهم 000ان اكبر وافجع عداء واجهنا به أعداءنا هو شن هذه الحرب المفروضة 000
إلا أن المأساة التي حلت بنا خلال هذه الفترة لا يمكن وصفها حقا ، فكم من مدن عامرة مثل (خرم شهر)( وآبادان) (ولوقويزة)( وقصر شيرين) ، قد تم تدميرها وسويت مع الأرض وقد أطلق على مدينة (دزفول ) وحدها مئة وثلاثة وسبعون صاروخ ارض ارض ، كم من قرى آهلة لم يبقى منها حتى جدار متصدع ، كم من معامل تحولت إلى ركام من الحديد ، وكم من مزارع لم يبقى فيها أثر من الاخضرار ، كم من آثار ثقافية حضارية قيمة تعرضت لإضرار ، والأعز والأغلى من كل هذا كم من أرواح زاكية أزهقت وكم من مواطنين قتلوا أبرياء ، إن الجرائم الحربية بدئا بالهجوم على المناطق المدنية الآهلة بالسكان حتى المجازر الوحشية التي قتل خلالها ألوف الأطفال والنساء العزل واسر المسافرين العاديين على قارعة الطريق في المناطق المحتلة ، وانتهاءا بخرق الالتزامات وانتهاك القرارات الدولية واستخدام الأسلحة الكيماوية على نطاق واسع وضرب السفن التجارية ومهاجمة الطائرات المدنية وطائرات نقل الركاب وقطارات الركاب العاديين ، كل ذلك من الأعمال المعروفة التي ارتكبها العراق بشكل مستمر طوال هذه الحرب 000
لا شك أن السلام كلمة جميلة تشد إليها القلوب لدرجة أن كبار مؤججي خوار الحرب في العالم ومنتجي الأسلحة الفتاكة أيضا لا يسعهم إلا أن يظهروا الود والحب لهذه الكلمة وان يتشدقوا بها رياءا ، ولكننا نرى أن العدالة هذه الكلمة التي ينظر إليها الطغاة والمعتدون بخوف وحذر هي أسمى واهم من السلام 000
إن الشعب الإيراني خلال هذه السبع سنوات بحث عن إجابة على سؤال كبير ، أود أن اطرحه من على هذا المنبر ، إن السؤال يتلخص فيما يلي : لماذا نرى أن الدول التي تعلم جيدا بان النظام العراقي المؤجج لنار الحرب هو الطرف المعتدي – وما أكثر عدد هذه الدول – (نعم) لماذا نرى أنها التزمت الصمت عن هذه الجريمة الكبرى وهذا الذنب العالمي العظيم ؟لماذا تتناسى أجهزة الإعلام العالمية مسؤوليتها العظمى تجاه الضمير الإنساني وتساؤل التاريخ ؟ 000
لا بد لي أن أعلن للعالم وخاصة للشعب الأمريكي بأن الوجود العسكري الأمريكي العدواني في الخليج الفارسي ليس إلا وجها من أوجه العداء العلنية للولايات المتحدة ضد شعبنا ، فشعبنا يمر بحقبة مريرة ملطخة بالدماء ملئها العداء والحقد اللذان يكنهما النظام الأمريكي ضدنا ، فما قامت به الولايات المتحدة من دعم للنظام الفهلوي الدكتاتوري الجلاد الذي اقترف تلك المجازر الرهيبة بحق شعبنا المظلوم لفترة خمسة وعشرين عاما ، ونهب أموال شعبنا بمشاركة الشاه المقبور ، ومواجهة الثورة الإسلامية بشكل قمعي وحشي 000وخلق العقبات في طريق ثورتنا بشتى الوسائل 000والاتصالات الاستفزازية للسفارة الأمريكية في طهران بمناوئ الثورة ، ومساندة عناصر الانقلاب العسكري ، والدعم المستمر للإرهابيين ومناوئ الثورة الموجودين خارج البلاد ، وتجميد أرصدة وأموال إيران ، والامتناع عن تسليم البضائع التي دفعت أثمانها سلفا ، وعدم إعادة الأموال التي سرقها الشاه من خزانة الشعب 000والعمل على فرض حصار اقتصادي علينا ، وفتح جبهة متحالفة مع الغرب ضد شعبنا ، وحماية العراق بشكل علني وفعال في حربه ضدنا ، وأخيرا الغزو الأمريكي الناتج عن نزعة الطغيان لديها للخليج الفارسي ، وتعريض امن المنطقة وسلامتها لخطر حقيقي 000
إن النموذج الأخير من فقرات قائمة العداء الأمريكي ضد شعبنا ، هو الفاجعة الدامية التي ارتكبه بحق حجاجنا العزل المظلومين على ارض مكة المكرمة وبجوار الحرم الإلهي الآمن وسقط من جرائها ما يقارب أربعمائة شهيد من حجاج إيران وغيرها أغلبيتهم من النساء ، كما جرح أضعاف هذا العدد وتشير الأدلة إلى أن أمريكا كانت لها يد في هذه المجزرة الدامية الفريدة
النداءات
لقد اثبت شعبنا صدق إيمانه بأهدافه وانه مستعد ليضحي في سبيلها بكل ما لديه من غال ونفيس ، وشعب كهذا لا يخاف من أمريكا ولا من أية قوة أخرى ، وسوف يثبت بعون الله سبحانه بان النصر حليف الحق ومن يؤمن بالحق 000ولينظر العالم اليوم إلينا ليرى وهو يرى أننا نعيش ولا نزال رغم انف قوى السيطرة 000ولا شك أن نظام السلطوية لم يرد للجمهورية الإسلامية حياة واستمرارية ، غير أن إرادتنا هي التي انتصرت في النهاية 000
إن نظام الهيمنة يقرر مصير الشعوب رغم إرادتها ، فتعتبر فلسطين المظلومة نموذج كاملا لهذه الظلامة ، كما تعتبر أفغانستان نموذجا آخر منه ، إن نظام الهيمنة يتلاعب بالمفاهيم فيحرف الكلم من مواضعه حسب ما تقتضيه مصالحه ويكرس كل ما لديه من الإمكانيات لتضليل وتكريس هذه المفاهيم المحرفة ، فأمامنا الإرهاب وحقوق الإنسان كنموذجين من المفاهيم المحرفة 000ان نظام الهيمنة يدعم ويحمي الأنظمة العنصرية الظالمة كالكيان الإسرائيلي ونظام جنوب أفريقيا 000فهناك لبنان المسلم يقف بوجه العدوان الصهيوني الآثم بصمود وصبر ليكون نموذجا بارزا لهذه الظلامة 000واخيرا يسيطر نظام الهيمنة على الإعلام العالمي ليظهر كل الحقائق مشوه ويظهر كل الأعمال الشيطانية خدمة 000
إن القوى المهيمنة هي اكبر عامل لتبرير الفساد ونشره فالفساد في أنواعه الأخلاقية والجنسية والعقائدية يجد له المساندين والمؤيدين والمروجين الرئيسيين من خلال الأيدي السياسية والاقتصادية والتجسسية لهذه القوى ، ولهذا السبب نرى اليوم بأنه – وفي ظل هذه الحياة المرة المعتمة ، والتي تطال هذه المرة شعوب الدول العظمى أيضا – سقوط القيم الأخلاقية وتضعضع الرابطة العائلية ، وسيطرت غول الإدمان على الكحول والمخدرات أكثر من قبل ، كما أن التفكير المعنوي والأخلاقي أصبح اقل من أي وقت كان ، يجب أن نقوي بناء العائلة وان نجعل من العائلة التي هي أول مدرسة فاعلة للإنسان ، منبعا للمحبة والصفاء والعاطفة والمعنوية0
يجب التأكيد على الحفاظ على الحقوق والمثل الخاصة بالمرأة ، يجب إعادة النظر في المعايير التي ينظر بها للمرأة والتي وضعتها نفس الأنظمة المهيمنة ، ويجب تحرير المرأة من كونها أداة للاستمتاع – الأمر الذي فرضته الثقافة الغربية عليها فعلا – المرأة هي العالمة والسياسية والمديرة والشخصية البارزة ، وارفع من هذا كلمة هي الزوجة والأم (نعم) ولكن أداة لكسب اللذة والتسلية (فلا) هذا ما يستطيع أن يعطي لنصف البشرية هويته وشخصيته الحقيقية ، ويجعل من العائلة بنيانا راسخا ومقدسا 0
هذه هي نداءات ثورتنا ليس فقط لأولئك المستعدين لسماع قولنا ولكن لكل أولئك الذين يستطيعون أن يزيحوا الحجب عن مسامعهم ويقبلوا على الحكم العادل 0 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولي أمر المسلمين الولي الفقيه السيد علي الخامنائي حفظه الله تعالى 0
المفضلات