الحُبّ قَدَرٌ وَإراَدة ( أول قصة قصيرة من كتاباتي)

**الأمل البعيد** · 02-12-2008, 03:21 AM

آراء حَوُلَ آدم وَ حِـوّاء

مُقــَـدّمَة

إن الفرد يمر عادة بعد أطوار ومراحل أثناء حياته . ومما لا شك فيه أن لكل مرحله مفاهيمها ومعتقداتها في الحياة . وبعض هذه المفاهيم قد يتجدد , والبعض الآخر منها قد يتغير أو يتبدد .
وضمن طيات هذه الصفحات وردت أسئلة وأجوبه في شبه حوار , عما يدور في خلد كل من الرجل والمرأة من آراء وأماني وأحلام عن الحب والسعادة والهيام لبعض هذه المراحل والأطوار . . قال الله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض , وبما أنفقوا من أموالهم , فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله )
وقال تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) .

الحُبّ قَدَرٌ وَإراَدة

كانت في خدرها , والخيال يداعب أغصان فكرها , وقلعه حبها ترعى في روض فتاها تحبو في حدائقه تارة وتنتقل بين مروجه تارة أخرى . . . وفجأة رفعت هامتها على صوت أقدام فابتلعت ريقها وما كادت تلملم نفسها حتى أطل عليها بابتسامة رقيقة أزالت كل ما ارتسم في أحشائها من ريبة
كان مديد القامة , جميل الشكل , أنيق الهندام , يجيد التحدث , ويحسن التصرف . . . وقبل أن تنفرج شفتاه ببنت شفة عاجلته قائله :
هذا أنت , لقد أفزعتني
ضحك وقال :
تركتك البارحة مكرها .
انبسطت أسارير وجهها وقالت :
طيلة وقتي وأنا سارحة . . .
وبلهجة مرحة قال :
أيام ونضحي سويا يا عزيزتي
ملكتها الفرحة وتسللت عيناها بخفه إلى أبراح قلبه لتغرف النشوة وتنتشي السعادة غير أن لسانها عكر الجو بتدخله المفاجئ .
ستكون فرحة العمر يا حبيبي
وقبل أن يتشعب الحديث قال ممسكا به :
ماذا تفعلين وحدك ؟
وبنبرة طبيعية أجابت :
أحاور نفسي فيما قلناه أمس من حلو الحديث وطراوة ألفاظه وأنس معانيه . .
كانت أريكة مريحة تحتضنه عندما قال :
وماذا أعددت لليوم من مواضيع ؟
علا محياها بشر ساحر وفاح من خصلات شعرها عبير زكي الرائحة زاد الجلسة أنساً وعلى الفور قالت :
ما رأيك بالخيال ؟
سرح وشطح . . وتسوى خياله في عنابر جسدها الفاتن وقوامها الرشيق وجمالها الصافي ... ثم قال :
الخيال يا عزيزتي عماد كل أمر فلولا الخيال لما افلح الإنسان في تحقيق أفكاره التي كانت مجرد أخيله تداعب ذهنه في فترات خلوته بنفسه
أجل يا عزيزتي لولا الخيال لما انسابت القطارات وحلقت الطائرات ومخرت البواخر عباب المحيطات وغزت السفن الفضائية أدراج السماء .
كان يسوق حديثه بكل تؤدة واتزان يجلو ويفند .. وكانت تصيح إليه وفي خلدها تتزاحم أسئلة عدة
كل يحاول أن يستسبق الحديث ليحظى بالإجابة قبل أن يفوت قطار الوقت . . وأسعفها الحظ عندما تناول لفافة تبغ وأشعلها فقالت بأدب :
أيهما تفضل النضج العاطفي أم النضج الفكري ؟
لم بيد عليه التلبك أو الارتباك حين انطلقت عدستا عينيه تتفحصانها تعلوان تارة وتنخفضان أخرى , حائرتين بين نهديها وعقلها . . وحسم الموقف بما أوحاه إليه فكره . وبهدوء الرجل الواعي أجاب :
كلاهما ضروري فالمرأة الناضجة عاطفياً بدلها ودلالها ترضي زوجها فلا يملها أو يستغني عنها . والمرأة الناضجة ذهنيا تستطيع بإدراكها وإرادتها أن تجعل من بيتها جنة صغيرة ترفرف حولها السعادة فهي بثاقب فكرها تحسن التصرف بأموال زوجها والاعتناء بأطفالها وإضفاء الهناء على كل من حولها ..
وما إن تحررت عبارته من مخارجها ودبت فيها الحياة بعد أن كانت دفينة بين قماقمه الفكرية , حبيسة بين جدران ذاته . . كانت هي الأخرى حائرة في جواب لسؤال يقف على طرف لسانها يود أن ينطلق لولا أنها تجيد الإصغاء وتحسن أدب الاستماع وبعد أن دان لها الكلام قالت :
سؤالي عن الحب .
اعتدل في جلسته ومد ساقيه بهدوء ثم قال :
هات ما عندك سأجيب بقدر ما أعلم
ورنت إليه بنظرها وقالت :
الحب , أقدر هو أم إرادة ؟
كان سؤالها المقتضب في صيغته يدل على رقي ثروتها اللفظية . .
وبحصافته أدرك ما يجول في تلا فيف ذهنها وعلى الفور أجاب
قدر وإرادة في آن واحد فنحن مسيرون ومخيرون معا
وبمزيج من الدهشة والإعجاب قالت :
كيف ذلك ؟
أجاب وهو يتنسم الهواء بملء رئتيه :
هو قدر من سقوطنا فيه بغير إرادتنا وإرادة لنا فيه من حيث سعينا إليه
والتبس عليها المعنى فقالت :
هلا أوضحت ذلك؟
قال وهو يفترس في عينيها :
أنا مثلا وقعت في حبك أنت بالذات مع أن هناك الكثير غيرك فهذا قدري . .
قالت وقد تغيرت لهجتها :
أنت إذن لا تحبني بإرادتك ؟
ارتسمت على شفتيه ابتسامه استحالت إلى ضحكة خفيفة قال بعدها :
حبك قدر وإرادة هو قدر من حيث أن حبك كتب عليّ أو كتب عليّ أن احبك ..
وهو إرادة حيث إني بمشاعري نميت هذا الحب الذي ارتضيته لنفسي وسعيت إليه ..
وتدخلت مُقَطعاً لكي تنهي الفلسفة , لا لشيء سوى أنها كغيرها من الفتيات تحب أن لا يكون حبها مشوباً بأية شائبة ..
قالت :
هل الحب عطاء وإذا كان كذلك فهل غايته السعادة ؟
وأرسل من فمه سحابة من الدخان راحت تتشكل كلما ارتفعت بشكل لولبي يثير الدهشة ..
وبلهجة مرحة أجاب :
هذا من صميم حديثنا
شعرت بوخزه تجرح كبرياءها . لقد سعت لتغير وجهة الحديث
وهاهي تجر نفسها للوقوع فيما جهدت للخلاص منه وباستحياء وإطراق قالت :
كيف ذلك ؟
أنا وأنت كل منا يحب الآخر أليس كذلك ؟
ترددت قليلا ثم أجابت :
أجل , ليس في ذلك شك ومن جهتي بالذات .
ضحك الاثنان ثم قال معقبا على سؤاله :
إن إرادتي تملي علي أن أهبك الحب وأنتِ بدورك تكيلين إزاء ما أكيل . . فالعملية إعطاء أحاسيس وعواطف صادقه ومتبادلة نحن ننميها بإرادتنا .. أنا أمنحك الطمأنينة والاستقرار
وأنت ِ تهبينني الراحة والهناء ..
وهذا هو سبيل السعادة أليس كذلك ؟
وتركت عينيها تسبحان في الفضاء تسترق النظر من خلال النافذة ..
كانت الشمس تلملم خيوطها عازمة على الرحيل لترتمي في أحضان الليل لعلها ترتاح مما كابدته من جهد وعناء أثناء مناوبتها النهارية أو قل لتغير الجو بإطلالها على مكان آخر . .
واستفاقت من صمتها حين انفجرت شفتاها عن بسمة رقيقة ثم قالت :
تجيد صيغة المنطق , وهذه ميزة أخرى من مزاياك الجميلة والتقت العيون , جسر التفاهم فضحكا معا .. وبعد أن ارتشف قهوته استأذن بالرحيل على شرط أن يكون الغد موعدا للقاء ..

الأمل البعيد

ملاحظة : يمنع منعا باتا نقل القصه بدون ذكر المصدر والي ينقلها غير مبري الذمة