يسلمووووووووو
اخي
ابا الصلط
على الموضوع
يعطيك العافية
وأهم فترة في تاريخ الإسلام السياسي هي الفترة التي عاشها الإمام الحسين (عليه السلام) فقد
حفلت بأحداث رهيبة تغيرت بها مجرى الحياة الإسلامية وامتحن المسلمون بها امتحانا عسيرا،
وأرهقوا إرهاقا شديدا، قد أخلدت لهم الفتن والمصاعب، وجرت لهم الخطوب والكوارث وألقتهم في
شر عظيم ومن أفجع تلك الأحداث وأخلدها كارثة كربلاء التي هي أخطر كارثة في التاريخ
الإنساني، وهي لا تزال قائمة في قلوب المسلمين وعواطفهم تثير في نفوسهم الحزن واللوعة...
ولم تكن هذه الحادثة الخطيرة وليدة المصادفة أو المفاجأة وإنما جاءت نتيجة حتمية لتلك الأحداث
المفزعة التي أخمدت الوعي الإسلامي، وأماتت الشعور بالمسؤولية وجعلت المسلمين أشباحا
مبهمة، وأعصابا رخوة خالية من الحياة والإحساس، قد سادت فيهم روح التخاذل والانهزامية، ولم
تعد فيهم أي روح من روح الإسلام وهدية، وأوضح شاهد على ذلك أن ابن بنت رسول الله (صلى
الله عليه وآله) وريحانته يقتل في وضح النهار، ويرفع رأسه على أطراف الرماح يطاف به في
الأقطار والأمصار، ومعه عائلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت
وجوههن يتصفحها القريب والبعيد، فلم يثر ذلك حفيظة المسلمين فيهبوا إلى الانتفاضة على حكم
يزيد للثأر لابن بنت نبيهم ورحم الله دعبل الخزاعي إذ يقول:
رأس ابن بنت محمد ووصيه * يا للرجـــــــال على قناة يرفع
والمسلمون بمنظر وبمسمع * لا جازع من ذا ولا متخشع(3)
إن كارثة كربلاء لم تأت إلا بعد تخدير الأمة، وتغيير سلوكها، وإصابتها بكثير من الأوبئة الأخلاقية
والسلوكية الناشئة من عدم تقريرها لمصيرها في أدق الفترات الحاسمة من تاريخها أمثال مؤتمر
السقيفة والشورى وصفين.
وعلى أي حال فان الأحداث التاريخية التي عاشها الإمام الحسين (عليه السلام) يجب أن تخضع ل
لدراسة العلمية المتسمة بالعمق والتحليل، والتجرد من العواطف وسائر التقاليد المذهبية التي
أوجبت خفاء الحق، وتضليل الرأي العام في كثير من مناحي حياته العقائدية، فان التاريخ الإسلامي
لم يدرس دراسة موضوعية وشاملة، وإنما عرض له أكثر الأبحاث بصورة تقليدية، وهي لا تجدي
المجتمع، ولا تفيده، كما لا تلقى الأضواء على واقع تلك الأحداث التي جرت للمجتمع كثيرا من
الخطوب والمشاكل، وأوقفت مسيرته نحو التطور حسب ما يريده الإسلام إن الذي لا مجال للشك
فيه هو أن تلك الأحداث كثيرا من المنعطفات التاريخية الخطيرة التي تعمد بعض المؤرخين على إ
همالها، وعدم الكشف عنها، كما أن التاريخ قد خلط بكثير من الموضوعات التي تعمد بعض الرواة
إلى افتعالها تدعيما لسياسة السلطات الحاكمة في تلك العصور.
إن التاريخ الإسلامي في حاجة لان يتحرر من التقديس ويكون كغيره من البحوث خاضعا للنقد
والتحليل والشك والرفض كما تخضع المادة لتجارب العلماء حتى يستقيم ويزدهر، ويؤتى ثمرا
ممتعا.
إن السلطات السياسية في تلك العصور أخذت على المؤرخين أن يضعوا التاريخ تحت تصرفهم فلا
يكتبون إلا ما فيه تأييد للسلطة السياسية، وبذلك فقد حفل التاريخ بكثير من الموضوعات التي تكلف
أصحابها على وضعها وجعلها جزءا من تاريخ الإسلام، وقد شوهت واقعه، وحادث بكثير من بحوثه
عن الواقع.
إن الأقلام التي تناولت كتابة التاريخ الإسلامي في عصوره الأولى لم تكن نزيهة ولا بريئة على
الإطلاق فكانت تخيم عليها النزعة المذهبية أو التزلف إلى السلطة الحاكمة، فلابد إذن أن يخضع
لمجاهر الفحص وأضواء الدراسة والنقد.
لا أحسب أن هناك خدمة للأمة أو عائدة عليها بخير تضارع نشر فضائل أئمة أهل البيت (عليهم
السلام)، وإذاعة سيرتهم ومآثرهم فإنها تفيض بالخير والهدى على الناس جميعا ففيها الدروس
الحية، والعظات البالغة التي تبعث على الاستقامة والتوازن في السلوك، وهي من أثمن ما يملكه
المسلمون من طاقات ندية حافلة بالقيم الكريمة والمثل العليا التي هي السر في أصالة هذا الدين
وخلوده.
وحياة الإمام الحسين (عليه السلام) من أروع حياة الأئمة الطاهرين، فقد تخطت حدود الزمان
والمكان، وتمثلت فيها العبقرية الإنسانية التي تثير في نفس كل إنسان أسمى صور الإكبار
والتقدير، فقد تجسد في سيرته ومقتله أروع موضوع في تاريخ الإسلام كله، فلم يعرف المسلمون
ولا غيرهم من القيم الإنسانية مثل ما ظهر من الإمام على صعيد كربلاء، فقد ظهر منه من
الصمود، والإيمان بالله، والرضا بقضائه والتسليم لأمره ما لم يشاهده الناس في جميع مراحل
تاريخهم، وكان هذا الإيمان الذي لا حد له هو الطابع الخاص الذي امتاز به أهل بيته وأصحابه على
بقية الشهداء، فقد أخلصوا في دفاعهم لله، وأخلصوا في نضالهم للحق، ولم يكونوا مدفوعين بأي
دافع مادي، فالعباس (عليه السلام) الذي كان من أقرب الناس للإمام الحسين وألصقهم به لم
يندفع بتضحيته الفذة بدافع الأخوة والرحم، وإنما أقدم على ذلك بدافع الإيمان، والذب عن الإسلام،
وقد أعلن سلام الله عليه ذلك فيما أثر عنه من رجز ظل يهتف به وينشده شعارا له في تلك المعركة
الرهيبة بعد أن يرى القوم يمينه قائلا:
والله إن قطعــــــتم يميني * إني أحامي أبدا عن ديني
وعن إمام صادق يقــيني * نجل النبي الطاهر الأمين
ومعنى ذلك بوضوح - أن تضحيته لم تكن مشفوعة بأي دافع من دوافع الحب أو العاطفة، أو
غيرها من الاعتبارات التي يؤول أمرها إلى التراب، وإنما كانت من أجل الذب عن دين الله،
والدفاع عن إمام من أئمة المسلمين فرض الله طاعته وولاءه على جميع المسلمين.
وكثير من أمثال هذه الصور الرائعة الخالدة في التاريخ الإنساني ظهرت من الإمام الحسين (عليه
السلام) وأهل بيته وأصحابه وهي - بحق - من أثمن الدروس عن الإيمان والوفاء والتضحية في
سبيل الله، وأن أية بادرة من بوادر يوم الطف لترفع الحسين وأهل بيته وأصحابه على جميع شهداء
الحق والعدل في العالم.
لقد رفع الإمام الحسين (عليه السلام) راية الإسلام عالية خفاقة، وحرر إرادة الأمة العربية
والإسلامية، فقد كانت قبل واقعة كربلاء جثة هامدة لا حراك فيها، ولا وعي، قد كبلت بقيود الحكم
الأموي، ووضعت الحواجز والسدود في طريق حريتها وكرامتها، فحطم الإمام بثورته تلك القيود،
وحررها من جميع السلبيات التي كانت ملمة بها، وقلب مفاهيم الخوف والخنوع التي كانت سائدة
فيها إلى مبادئ الثورة والنضال.
يسلمووووووووو
اخي
ابا الصلط
على الموضوع
يعطيك العافية
مشكور خيتووووووووو على المرور اللطيف
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات