ولاد الشوارع ؟!
افترض مثلاً أخي القارئ وكذلك أنتي أختي القارئة فالنداء يشمل الجميع وبينما أنت في طريقك إذ يقع نظرك على طفل مولود للتو ويغرق في نوبة صراخ هستيرية يكاد يختنق من شدة البكاء 00 طفل ملفوف في خرقة بيضاء وملقى على قارعة الطريق بالقرب من إحدى المساجد أو بجانب إحدى براميل النفايات ..!!
ياترى ماذا أنت فاعل ؟ وكيف تتصرف ؟ هل تدعه يموت في مكانه دون أن تأخذك به الرأفة أو الشفقة بحاله ؟ هل تتيح لنفسك فرصة مراجعة ضميرك فتتأمل لعيني ذلك الوجه البرئ لعل وعسى ينكسر قلبك فتلتقطه من أجل إبلاغ الجهات المسئولة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ؟ أم تولي هرباً فزعاً مذعوراً مما رأته عيناك فياروح ما بعدك روح وابعد عن الشر وغني له.. فنحن في زمن البادي فيه أظلم والذي يفعل الخير لا يلقى من وراءه إلا التوبيخ وجزاء سنمار ؟
هذه مقدمة بسيطة لقضية مؤلمة لواقع محزن فلا أحب شخصياً لكم القراءة عنه ولا السماع به لشدة بشاعته ، ولكنه واقع ملموس ومعاش كما أسلفت ولا مناص من الإطلاع عليه فإن لم يكن عن قرب فليكن عن بعد فذلك أسلم كي لا تتقزز نفسك وتشمئز نفسيتك ، فمعروف إن الأخطاء الجسيمة لا تولد إلاّ النتائج الأكثر جسامة ، فهي – أي هذه النتائج – وليدة سلوكيات بشعة خارجة عن الأخلاق وعن الشرف وعن العفة فما كان منها إلا مخاض وحيد هو وليد يلقى به في الشارع والسقوط من عين المجتمع ، وفي نظري لو كانت هذه النتائج بشراً قادراً على صنع شيء لرفضت بذرة الشيطان من بدايتها ولكن الشيطان أقوى في مثل هذه الأمور خصوصاً إذا عثر على ضحية ضعيفة مسلوبة الإرادة فاقدة للوازع الديني وضائعة في مهب الريح فريسة سهلة المنال ..!!
ولكن ما عسانا نفعل وبيننا شيطان متمرس يوسوس في عقولنا ويحرض قلوبنا على الغيبة والنميمة والكذب ويزين لنا الشر خيراً والخير شراً ويمكر بنا في كل أعمالنا فلا نملك إزاء ذلك غير المقاومة المضادة ..؟ والمقاومة بطبيعة الحال تتباين من واحد لآخر فالبعض يضعف ويرتكب ما حرّم الله فيقع على وجهه مذموماً ، والبعض يقاوم الأمرين فإما النصر والغلبة فيكون بذلك قد صان نفسه من الهلاك أو الموت في أحضان الرذيلة يتبعه لعنات الدنيا والآخرة ..!! وفي كل الأحوال تبقى النتائج مرهونة بحسن التصرف وتقوى الله والورع عن الحرام ..!!
وما أولئك اللقطاء الذين نراهم في الدهاليز والأزقة المظلمة والذي يطلق عليهم البعض بأبناء الزنا إلاّ إفرازات لأفراد خانوا ضمائرهم وعاثوا في الأرض فساداً وانجرفوا خلف ألاعيب إبليس وأعوانه وحبائله الإغوائية فسقطوا في وحل الجريمة ، فماذا جنت أيديهم الآن ؟ النتيجة أنهم دفعوا ثمن خطيئتهم وتفاجئوا بطفل يترعرع في أحشاء أم غرر بها الشيطان وانتهى بهم الأمر إلى طريق مسدود ، فلم يجدوا الجناة حلاً غير أن يلقوا به في الطرقات ليكون شأنه شأن أي شيء مهمل لا قيمة له ..!!؟
إنها بالفعل قلوب استولى عليها الشيطان وضمائر زاغ بصرها عن الطريق المستقيم وحادوا عن جادة الصواب فحملوا خطيئتهم بين أيديهم وساروا بها إلى الجحيم ..!! فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ..!! ولا عزاء لمن صنع نهايته السيئة بيده ولا شفاعة لمن رأى الحق بعينه واختار طريق الضلال ..!!
تحياتي
يوم سعيد
المفضلات