''إن بلغت الثمانين وكنت غير مقعد أو ذي علة. وإن كان السير الطويل ما يزال يمتعك وكذلك الوجبة الطيبة. وإن كنت قادراً على النوم دون أن تتناول عقاراً. وإن كانت الطيور والأزهار والجبل والبحر مستمراً بالإيحاء إليك فأنت، على هذا، أسعد الناس وعليك إن تركع على ركبتيك صباح مساء وتحمد الله القدير على رعايتك وحمايتك بعناية''.
هذا بعض ما يقوله الكاتب الأمريكي المعروف هنري ميللر( 1891- 1980) في كتابه الجميل ''منعطف الثمانين''.
بصراحة لا أريد إن أنغص على أحد، غير أنني أستطيع إن أؤكد للجميع إنهم وإنهن سيكبرون شاءوا أم أبوا وتلك سنة الحياة.
ولهذا السبب البسيط أظن إن كلام ''ميللر'' مهم وجميل للغاية، فهو يقول في موقع آخر:
''وإن استطعت إن تقع في الحب باطراد أو تغفر لذويك جريمة وجودك في الكون. وأن كان لا يهمك إن تعرف إلى أين تجري الحياة أو يكفيك كل يوم كما يحل. وإن كنت قادراً على العفو وكذلك النسيان أو إن تردع نفسك عن التحول إلى التسرع أو الشراسة، إلى الكآبة أو الصلف، حينئذ تكسب يا بني أكثر من نصف حياتك''.

أما عن سخريته من الحياة فيرى: ''لقد سخرت كثيراً وكثيراً من شروط الحياة، شروط الحياة التي نعيش، وكففت عن الاعتقاد بالقدرة على معالجتها. قد يحدث إن أتوصل إلى تبديل شيء ضئيل من وضعي وبالتأكيد دون وضع الآخرين. وكذلك لا أجد شخصاً حتى من أعظم عظماء الأمس واليوم قد استطاع أو يستطيع تغيير الشرط البشري بحق''.
وعن الصراحة يقول: ''النقطة الوحيدة التي ألححت عليها تجاه الجميع دون تفريق بين الطبقات أو المراكز في الحياة كانت على الدوام المقدرة على التحدث بصراحة فإن لم استطع السماح لنفسي بالانفتاح بشكل صريح تجاه صديق أو إن لم يكن هو مستطيع ذلك، أسقطه من حسابي''.

ويكمل: ''أن أحد الفوارق الكبيرة بين الحكيم الحق والواعظ هو المرح. إذ إن ضحك الحكيم ينبع من أحشائه وأعماقه أما ضحك الواعظ، وهو لا يضحك في الغالب، فيشيح في الوجه. إن مثلي الأعلى اليوم هو إن أكون متحرراً من المثل العليا، متحرراً من جميع المبادئ، متحرراً من كل النهايات ومن كل الأيدلوجيات. أريد الغوص في محيط الحياة كالسمكة في البحر''.
المفضلات