سرير نوم خطير..!!

رأيت صاحبي على غير ما ألفته عليه فقد كان متبرم الوجه وقاطب الجبين لم يكن هكذا خلال الأشهر الأولى من زواجه الذي لم يدم سوى 6 أشهر ، فالذي أعرفه أن بداية هذه المرحلة أو هذه الرحلة الممتعة يصبح عش الزوجية مصطبغاً بالتآلف ومزركشاً بالحب ومطلياً بألوان قوس قزح ومعطراً بأعبق عطور العود والياسمين ، ناهيك عن بعض الناس حيث يغرق غرفة نومه بأروع العطور الباريسية الباهظة ، وكل هذا قليل أمام ما يجده من تعامل تلك الزوجة الجميلة ورقّتها وحديثها العذب المهذّب وهي تقص أولى مشاريعها المستقبلية وتفتتح باكورة حياتها وحكايتها مع شريك العمر والمستقبل بلذيذ الكلام وأطيبه وأشهاه..!! ولكن كل هذه الحفاوة وهذه الاحتفالية تبدأ بالتقلص والانكماش وليس بسبب الزوجة أو شيء دخيل دخل على حياتها السعيدة ، وإنما حجم ذلك السرير الواسع هو السبب في عزل الزوجين عن بعضهما البعض 0
كيف ؟؟ سأشرح لكم .. فما هذا السرير العريض والطويل والفسيح إلاّ سياج شائك وخندق يضيع فيه جسد الزوج عن زوجته وتتلاشى فيه حرارة القلبين بمجرد الاستلقاء عليه ، فما أن يأتي الزوج لينام على هذا السرير حتى تفتقد فيه ضوء القمر ، فالمسافة الطويلة تبعد الزوج كثيراً عن ملامسة زوجته وتجعل من الصعوبة عليه أن يقترب ولو فكر فعليه أن يحبوا على ركبتيه أو يتلوى على ظهره حتى يقطع المسافة الشرعية ، فالزوجة ترقد في جهة والزوج يرقد في جهة على بعد متر تقريباً وكأننا في الضفة الغربية والضفة الشرقية ..!! فموضة أسرة النوم المصنعة حديثاً هذه الأيام يتميز بالمساحة الكبيرة التي تفصل العروسين عن بعض ، وقد يعلل بعض تجار المفروشات عن سبب تصنيع هذا السرير بهذه الطريقة بأهمية الاستجمام والاستراحة في سرير عريض وواسع ليتمدد الزوجين ويتربعوا بأريحية مطلقة دون أن يشعر بالضيق..!!
وقد يصدق التجار في كلامهم هذا ولكن هذا يحصل في بداية الزواج حيث يحتاج الزوجين إلى لعب كرة القدم على مضمار السرير وأن يسرح ويمرح ويناطط إذا شاء ذلك ، بينما الملاحظ في الآونة الآخيرة أن اتساع السرير لا مبرر له والدليل ما همسني به صاحبي في أذني حيث لمست من خلال نبرته الحزينة أنه يفتقد زوجته في مثل هذا السرير الواسع وكلما احتاج للوصول اليها فعليه أن يقطع مسافة طويلة وأن يتدحرج كاسطوانة الغاز حتى يصل إلى مرمى الهدف المنشود ..!!
أعتقد أن البون شاسع بين أسرة نوم زمان وأسرة هذا العصر الحديث فأسرة النوم على عهد آبائنا وأجدادنا والتي تسمى آنذاك بالكرفاية الخشبية التي تتميز بحجمها الصغير طولاً وعرضاً وهذا طبعاً لكي يلتئم الشمل وتجعلهما متقاربين ومتلاصقين يشعران معها – أي الكرفاية - بدفء الحب ، أما أسرة النوم في هذا العصر الحديث والغريب فمهما كبر حجمها إلا أنه يجعل الخصام والطلاق العاطفي بين الزوجين أمراً واضحاً ، فبالأمس ومهما اشتد نزاع الزوجين فكان سرير النوم هو محضر الخير والصلح بينهما فما أن يتمدد الزوج على السرير حتى يشعر بذراع زوجته تحنو عليه وتتحسسه بالإعتذار والعكس صحيح ، أما الآن فالمسافة الفاصلة على السرير تجعل الخلاف يمتد لعدة أيام أخرى ولكي يتقلص الخلاف والزعل فعليك أنت أيها الرجل أو أنتي أيها السيدة أن تتنازلي عن بعض الأمتار وتنزحي مثلما ينزح الأخوة العراقيين والفلسطينيين للأراضي المجاورة ليتم اللجوء إلى أقصر نقطة أمان تذيب معها كل النزاعات والخلافات ..!!
أعتقد إن الموضوع غير موضوعي في نظر بعضهم ولكنه في نظري منطقي و أرجوا أن نجد بين طياته ما يجعلنا نعيد حساباتنا بالنسبة لمقاسات سرير الزوجية وخصوصاً الأخوة والأخوات المقبلين على الزواج خلال الفترة المقبلة فلا تتسرع وتختار سريراً واسعاً بداعي التسطح والتبطح فهذا أمر غير صحي ولا يصب في مصلحتك م أو مصلحة عروسك مستقبلاً ..!! فعليك من الآن بالتخطيط السريع والجدّي للعثور على سرير ضيق بعض الشيء يجعلك قريباً جداً من حبيبة القلب ولا تجعل بينكما فاصلاً يجعلكما بعيدين نفسياً ومعنوياً وجسدياً أيضاً ..!!
أعتذر عن التصريح بذلك فأمر صاحبي يهمّني جداً وربما نصيحتي له بتغيير نظام سريره أعطى مفعوله الفوري وعادت الأمور أكثر حميمية بينه وبين حرمه المصون وربما ألقت هذه النصيحة بظلالها على بعض الشباب ففكرواً بالفعل ملياً بتغيير نظام مقاسات وأحجام هذا العش الواسع إلى عش أكثر ضيقاً ولكنه أكثر دفئاً على جميع الأصعدة ..!!
يوم سعيد