هذا الموضوع عن الزواج


بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى هو الذي خلق لكم من انفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها ) .

الزواج نعمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} ، {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} ، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}.

أنعم الله سبحانه وتعالى علينا في كتابه أن خلقنا معشر الرجال والنساء من نفس واحدة هي آدم. والمنة في هذا أن نوع الرجال ليسوا خلقاً مستقلاً وكذلك نوع النساء ليس أصل خلقهم مستقلاً فلو كان النساء خلقن في الأصل بمعزل عن الرجال كأن يكون الله قد خلقهم من عنصر آخر غير الطين مثلاً أو من الطين استقلالاً لكان هناك من التنافر والتباعد ما الله أعلم به ولكن كون حواء قد خلقت كما جاء في الحديث الصحيح من ضلع من أضلاع آدم عليه السلام كان هذا يعني أن المرأة في الأصل قطعة من الرجل، ولذلك حن الرجل إلى المرأة وحنت المرأة إلى الرجل وتجانسا: حنين الشيء إلى مادته وتجانس المادة بجنسها.
ثم كان من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل التكاثر من التقاء الرجال والنساء لقاء يكون فيه الإفضاء الكامل، والالتصاق الكامل واللذة الكاملة وذلك ليحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم: [النساء شقائق الرجال]، فالرجل والمرأة وجهان لعملة واحدة. أو شقان لشيء واحد.
قال جل وعلا: {وهو الذي خلقكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون}.

ولذلك أمرنا الله سبحانه وتعالى بمراعاة هذه الوحدة في الأصل عند تعامل الرجال والنساء فقال: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً}.
بل أمرنا بما هو أكبر من ذلك أن نتذكر نعمته في خلقنا على هذا النحو، وبأن خلق فينا هذا الميل من بعضنا لبعض وغرس في القلوب الحب والرحمة بين الزوجين كما قال سبحانه وتعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.


حكم الزواج في الإسلام
الزواج شرعه الله سبحانه وتعالى لبقاء النسل، ولاستمرار الخلافة في الأرض كما قال الله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة}، والخليفة هنا هم الإنس الذين يخلف بعضهم بعضا في عمارة هذه الأرض وسكناها بدليل قوله تعالى : {وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض}، ولا يمكن أن نكون خلائف في الأرض إلا بنسل مستمر، وليس كل نسل مرادا لله سبحانه وتعالى ولكن الرب يريد نسلا طاهرا نظيفا، ولا يتحقق ذلك إلا بالزواج المشروع وفق حدود الله وهداه.
ولما كان الإسلام دين الفطرة، ودين الله الذي أراد عمارة الأرض على هذا النحو فإن الإسلام قد جاء بتحريم التبتل والحث على الزواج لكل قادر عليه والتبتل هو الانقطاع عن الزواج عبادة وتدينا وتقربا إلى الله سبحانه وتعالى بالصبر على ذلك والبعد عما في الزواج من متعة وأشغال ابتغاء رضوان الله سبحانه وتعالى ويدل على هذا أحاديث منها:
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن ثلاثة نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: أصلي ولا أنام، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني] (متفق عليه). وهذا صريح في أن هذه الشريعة أعني التبتل والرهبانية ليست من دين محمد صلى الله عليه وسلم في شيء.

الــــزواج وأهـــدافــــه
لماذا نتزوج ؟ وما الحكمة من هذا الزواج ؟
سؤال ينبغي ان يسأله كل شاب وشابة لنفسه بل كل مريد للزواج قبل ان يقدم عليه .

· النسل :

جعل الخالق سبحانه استمرار الحياة البشرية على الارض مرتبطة بالتزاوج , وغاية الاستمرار كما قال تعالى عن نفسه : الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الانسان من طين , ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين , ولذلك أيضا جعل الله سبحانه وتعالى الإضرار بالنسل من أكبر الفساد في الارض قال تعالى : ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام , وإذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد , والنسل الذي يصلح لعمارة الارض وسكنها هو الذي يأتي بطريق نكاح لا بطريق سفاح , أما نسل السفاح فهو مسخ يشوه وجه الحياة ويشيع فيها الفساد والكراهية فقد فقدت الحنان في طفولتها ولم تعرف الارحام والاقارب فغابت عنها معاني الرحمة وأصبحت ذات انفس مريضة .

· الإمتناع النفسي والجسدي :

يهيء الزواج لكل من الرجال والنساء متعة من أعظم متع الدنيا وهذه تنقسم إلى قسمين :
أولا ً : سكن وراحة نفسية .
ثانيا ً : الإمتاع واللّــذة الجسدية .
قال تعالى : ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون
وخلاصة ذلك أن المتعة النفسية والجسدية من خير ما خلق الله من متاع لعباده في الدنيا إبتغاء هذا المتاع وفق تشريع الله وهديه من الاسباب التي توصل إلى مرضاة الله .

بلوغ الكمال الانساني :

الحكمة الثالثة من حكم الزواج هي بلوغ الكمال الانساني حيث تتوزع الحقوق والواجبات توزيعا قائما على العدل والاحسان والرحمة لا توزيعا عشوائيا قائم على الأثرة وحب الذات وإفتعال المعارك بين الرجال والنساء , ومتى ما تبادل الزوجان مشاعر الرحمة والمودة بينهما كانا اقرب للهناء والسعادة فالعلاقة تورث الحب وسمو النفس وقد اثبتت الدراسات على ان اهل الاستقامة هم أبعد الناس عن الامراض النفسية والعصبية على العكس من أهل الإنحراف فغالبا ما يقعون فريسة هذه الامراض نتيجة انسياقهم وراء اللذة المؤقتة .
· التعاون على بناء هذه الحياة :

إننا في هذه الحياة نعيش في مجتمع وهو بناء كبير والوحدة الاولى لبناءه هو الفرد رجلا كان او امرأة , وكل منهما لا يمكنه العيش والاستمرار منفردا عن الطرف الاخر بل كل منهما محتاج للآخر لذا لا يمكن ان نبيني مجتمع سليم بدون تعاونهما معا , والمشاركة هنا ضرورية لبناء الحياة وتحمل أعبائها .

المحرمات في الشريعة الاسلامية
ولما كان الاصل في الزواج ، المتعة الجسدية وانجاب الاطفال ، اصبحت قضية اختيار الشريك للمضاجعة من اهم القضايا التي تهم النظام الاجتماعي بجميع افراده ، وعلى كل المستويات . ولاشك ان الانسان ـ مهما كانت درجة التزامه بالاحكام الشرعية ـ يدرك اهمية المحرمات النسبية والسببية في الزواج ، فيضع بشكل طبيعي حاجزاً نفسياً لا شعورياً امامها . وبكلمة ، فان قضية المحرمات النسبية والسببية هي قضية فطرية اكثر مما هي قضية فلسفية او منطقية : ولذلك كان تأكيد الدين عليها ، فقد اشترطت الشريعة ان يكون الفرد مؤهلاً للزواج حتى يصح العقد منه . ومثال ذلك ، ان المرأة او الرجل المراد تزويجه او تزويجها يجب ان يكونا فردين صالحين للعقد ، وجامعين للشروط ، كالعقل والبلوغ والرشد ، وخاليين من الموانع النسبية والسببية من المصاهرة كذلك الرضاع.


المحلل والمحرم في النكاح :

وضع الإسلام قيوداً في تحليل وتحريم النكاح منسجمة مع الفطرة الانسانية وطبيعة الأواصر الاُسرية ، فحرّم النكاح من أصناف النساء والرجال ، قال تعالى : ( حُرِّمَت عَليكُم أُمَّهاتُكم وبَناتُكُم وأخواتُكُم وعمَّاتُكُم وخالاتُكُم وبناتُ الأخِ وبناتُ الأُختِ وأمهاتُكم اللاتي أرضَعنَكم وأخواتُكُم مِّنَ الرَّضاعةِ وأُمهاتُ نِسائِكُم ورَبائِبُكُم اللاتي في حُجُورِكُم مِن نِسائِكُم اللاتي دَخلتُم بِهنَّ فإن لم تكونُوا دخلتُم بِهنَّ فلا جُناحَ عليكُم وحَلائِلُ أبنائِكُم الذينَ مِن أصلابِكُم وأن تَجمعُوا بينَ الاُختينِ... ).

أولاً : المحرّم بالنسب :

يحرم الزواج من الأصناف التالية من النساء من جهة الأنساب :
1 ـ الاُم وإن علت كأُم الاُمّ .
2 ـ البنت وإن نزلت كبنت البنت .
3 ـ الاُخت وبناتها وإن نزلن .
4 ـ العمّة والخالة وإن علتا كعمّة العمّة وخالة الخالة .
5 ـ بنات الأخ وإن نزلن .

لا تُحرم زوجة العمّ وزوجة الخال على ابن الأخ وابن الاُخت في حال طلاقهما أو موتهما .
لا يجوز للرجل أن يتزوج بنت أخت الزوجة أو بنت أخيها جمعاً بينهما وبين الخالة أو العمة إلاّ باذنهما ويجوز للرجل أن يتزوج العمّة والخالة دون اذن ابنة أخيها وابنة اختها .

ثانياً : المحرّم بالرضاع :

يحرم من الرضاع جميع ما يحرم من النسب ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ».
حيث تصبح المرضعة أُمّاً للرضيع ، وزوجها ـ صاحب اللبن ـ أباً له ، وإخوتهما أخوالاً وأعماماً له ، وأخواتهما خالات وعمات له ، وأولادهما إخوة له ، بعد توفر شروط التحريم من الرضاعة وهي :
1 ـ أن تكون مدة الرضاعة يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة مباشرة من الثدي ، غير مفصولة برضاع آخر من مرضعة ثانية .
2 ـ أن يكون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسباً بتمامه إلى رجل واحد .
3 ـ عدم تجاوز الرضيع السنتين من العمر حال الرضاعة .
ولا يعتبر أخ وأُخت المرتضع ابناءً للمرتضعة ، فيجوز لهما الزواج من أبنائها وبناتها .