اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليك ياشمس الشموس وأنيس النفوس
أيها المدفون في طوس
اشملنا بكراماتك ياسيدي .
أحسنت يا أبا طارق
بوركت يمناك
ابتسامة.. في غرفة العمليّات
لم تَهنَأ بنومٍ منذ عدّة لَيال. وإذا ما زارها النوم.. زارها على عَجَل، وسُرعانَ ما يُودِّع أجفانَها. فتحت عينَيها وهيَ تُحس بألم شديد في الرأس والعُنُق، وبجفافٍ في فمها جَعَل لسانها كالخَشَبة. استندت إلى يَدَيها، فنهضت.. وراحت تتجرّع قدحاً من الماء.
ملأت رائحةُ الكُحول الطبيّ مَشامَّها، فهَيمَن عليها مرّةً أخرى الآضطراب، وشعرت أن أحشاءها تكاد تَندَلِق من فمها! وعلى مَبعدةٍ منها في الناحية الأخرى كانت « صَبا » تنام هادئةً على السرير، وكأنّها مَلاكٌ صغير.
مَشَت « سَوسَن » إلى النافذة.. فخَطَّت بإصبِعها خَطّاً على البخار المُتكاثِف على صفحة الزجاجة. تَدَفَّقت في خاطرها ذكريات أيّام الطفولة: هي وأخوها « كامْبِيز » يَلْهُوان فَرِحَين ـ في دِفْءِ غرفتهما ـ برسمِ أشكال على زجاج النافذة التي تكاثَفَ عليها البخار. لم يكونا يعرفان شيئاً من هموم الدنيا. هَمَست مع نفسِها:
ـ كم كُنّا سُعَداء! إيه.. رَحِم اللهُ تلك الأيّام!
مَسَحَت المرأةُ جانباً من مُتكاثِف البخار.. فتراءت من وراء الزجاجةَ باحةُ المستشفى. كانت سُحُبٌ مُضيئة قد مَدَّت خيمةً وسيعة على فضاء المدينة تُنْبِئُ بهطولِ الثلج في الساعات القادمة. الأشجار العارية في حديقة المستشفى مغطّاة بالثلوج، وقطراتُ الثلج المتجمّدة المتلاحمة تمدّ خيطاً ثلجيّاً من المَيازيب حتّى يلامس الأرض البيضاء.
وَضَعت سوسنُ يَدَها على رقبتها، وضغطت موضع الألم. حرّكت رأسَها ذاتَ اليمين وذاتَ الشِّمال، ثمّ عادت لتجلس على الكرسيّ. نظرت إلى الساعة. كان الساعة الواحدة بعد مُنتَصَف الليل. تَمتَمَت هامسة:
ـ لابدّ أن حفلة الزواج قد بَلَغت نهايتَها..
ثمّ راحت تُحدّق في المجهول وهي تقول:
ـ تُرى.. كيف هو مَظهَرُ كامبيز في بدلة العرس ؟! طالما عَدَدتُ الأيّام بانتظار هذه اللحظة السعيدة. لكنْ.. واحَسْرَتاه!
كانت غُموم مرض « صَبا » تُثقِل قلبَ الأمّ، وكأنّه واقعٌ تحت ضغط حجارة متراكمة. إنّها الآن كطفلٍ يلتمس ذَريعةً لأن يبكي!.. وابتَلَّت عيناها بالدموع. أحسّت بالضيق يشتدّ في صدرها. إنّ شيئاً يأخذ بكَظْمِها.. شيئاً كاللُّقمة المُعترِضة في البلعوم! بدأ كَتِفاها بالاهتزاز.. وكانت قطرات من عينيها تتساقط على السرير.
ـ السيّدة محمّد زاده.. السيّدة محمّد زاده!
شعرت سَوسَنُ بدِفءِ كفٍّ تُوضَع على كَتِفها. رفعت رأسَها لتنظر من خلال عينين تغطّيهما غِشاوة من الدمع. لقد كانت مُمرِّضة القسم هي مَن نادَتها. قال الممرّضة:
ـ السيّدة محمّد زاده.. عندك مُواجهة!
التَفَتَتِ المرأةُ إلى الخلف لتشاهد منظراً فاجأها وجعلها تقوم واقفة! عند باب الغرفة كان أخوها كامبيز وعروسه بثيابها البيضاء قد جاءا في ليلة زفافهما إلى المستشفى! لم تصدِّق ما رأته. ومن فورها احتضنت عروس أخيها، وهي تقول بدمعةٍ وابتسامةٍ:
ـ مباركٌ لكِ أيّتها العروس! مباركٌ لك!
قالت الممرِّضة لكامبيز وهي تَهِمُّ بالذَّهاب:
ـ السيّد محمّد زاده.. عندكم عشر دقائق لتغادروا الغرفة!
وقف الثلاثة حول سرير صَبا. ناداها خالُها كامبيز برقّة:
ـ صبا.. عزيزتي!
قالت الأمّ:
ـ نامت بعد تزريقها بالمُسكِّن.
التفت كامبيز إلى أخته يسألها:
ـ وما كانت النتيجة ؟
قالت سَوسَن وهي تحدّق في الأرض:
ـ أخذوا تحاليل مفصّلة. التصوير الملوّن والتصوير التلفزيونيّ أظهَر أن حالِبَها قصير.
لا تُفْرِغ كُليَتُها الإدرارَ إفراغاً كاملاً. الإدرار يعود مرّة ثانية إلى الكُلْية.. ولذلك أُصيبَت كُليتها بالضرر.
ـ أمَا كتبوا لها دواء ؟
ـ الدواء في مثل هذه الحالة لا يفيد.
ـ إذَن.. ما العمل ؟
ـ قالوا: لابدّ من عمليّة جراحيّة.
سأل كامبيز:
ـ والآن.. ماذا تريدين أن تفعلي ؟
قالت سَوسَن وقد لاح في نظرتها المنكسرة بَريقٌ من الرجاء البعيد:
ـ آخذُها إلى مشهد، لعلّ الله يَمُنّ علينا بِجاه الإمام الرضا وتُشفى ابنتي.
انكسر قلب الأمّ وتَغَرغَرَت عيناها وهي تواصل حديثها:
ـ طفلتي عمرها خمس سنوات فقط! لا طاقة لها على سِكّين الجرّاح..!
ثمّ سالت دموعها على الوجنتين.
* * *
صبا وأمّها وأبوها جالسون عند النافذة الفولاذيّة ينتظرون. إنّهم بانتظار عطيّة سماويّة تأتيهم بالفَرَج. بانتظار حُضورٍ أخضرَ يغمرهم بالبُشرى، فيحوّل البؤسَ هناءً ويُبدّل الشقاء سعادة.
كانت الأمّ عند النافذة تقرأ القرآن. وصلت في قراءتها إلى.. « لَقَد خَلَقْنا الإنسانَ في كَبَد »، فغَمَرت عينيها الدموع، ولم تستطع مواصلة القراءة. أغلقت المصحف، وأطبقت أجفانَها. وكانت أصوات الزوّار في مناجاتهم وضراعاتهم تَسري في شرايينها. وغَطّت حبّاتٌ من العرق وجهَها على الرغم من برودة الجوّ.
رفعت المرأة بصرها إلى السماء، وقالت بنبرةٍ مرتجفة:
ـ إلهي.. أرجوك. يجب أن نَرجِع، فلا تَجعَلْنا نَرجِع صِفرَ اليدين!
قال زوجها محمّد:
ـ خلال هذه الأيّام لم نحصل على إشارة من الإمام. لعلّ المصلحة أن تُجرى العمليّة لصَبا، وعلينا أن نسلّم لمشيئة الله يا سَوسَن.
تهيّأت سَوسَن ومحمّد للوداع والعَودة إلى طهران. ودّعا الإمام بأهدابٍ ماطرة. كان البرق يُضيء في ناحية من السماء ويغيب في الناحية الأخرى. وتدَاخَلَت الغيوم متشابكة، فأعقبَتها زخّة شديدة من المطر. كان المطر ينهال على أرض الصحن الرخاميّة ليعلو لانهياله رَجْعُ صدى.. كأنّما كانت السماء تواسي قلبيهما الجريحَين.
* * *
اكتملت إجراءات التحضير للعمليّة الجراحيّة. تناول الطبيب الصور التي أُخِذَت حديثاً ليتفحّصها قبل البدء بالعمليّة. كان الأبَوان يًرقُبانهِ بعيونٍ قلقة حينما سَمِعاه يَهمِس مع نفسه:
ـ يعني.. ماذا ؟!
ألقى نظرة على الأبَوَين، ثمّ عاود النظر إلى إحدى الصور. وبعد لحظات التَفَتَ اليهما وقد عَلَت شفَتَيه ابتسامة مبهمة. قال:
ـ لا علامة على مرض ابنتِكما. ابنتُكما سليمة.. سليمة!
فَغَر الأبوان فَمَيهما مُندَهِشَين. وقال الطبيب وهو يمضي إلى غرفة العمليّات:
ـ يبدو أنّ كلّ شيء جاهز الآن. سنقوم في غرفة العمليّات بفحص داخل مثانة صبا وكليتها لنتأكّد من سلامتها.. سنتأكّد.
.. ومرّت الدقائق شديدة الوطأة، كأنّها قطار طويل يجرّ عرباتهِ المتعاقبة ببطءٍ يُرهق الأعصاب. وكان الخوف والرجاء يصطرعان في قلب الأمّ والأب.
وبعد انتظارٍ عسير، سَمِعا صوتَ حركة تقترب.. وانفتح بابُ غرفة العمليّات! انخلع قلب الأم، وهُرِع الأبُ بخطواتٍ متعجّلة نحو الطبيب. بادره الطبيب قائلاً:
ـ السيّد بيرامي، حالةُ صغيرتك مُرْضِية. لم نَجِد أيَّ علامةٍ للمرض. لقد عُوفيَت صبا عافيةً كاملة!
غَزا الأبوَينِ فجأةً آهتياجٌ جامح. إرتَبَكا.. ولم يَدرِيا ما يقولان. إنّهما الآن يَرَيان الحياة طافحة بالمباهج والأفراج. وماجَت في الهواء من حولهما رائحة بكاء. من مكانهما تَوجّها إلى جهة خراسان، وراحت تتدافع من قلبيهما أزهار التحيّة والامتنان. وشعرا أنّهما مَدِينان من العُمق للإمام الرضا عليه السّلام.
وفي هذه الأثناء.. خرجت من غرفة العمليات ابتسامةٌ بريئة مشرقة، كانت ترتسم على شفتَي « صَبا » المُعافاة.
( ترجمة وإعداد إبراهيم رفاعة، من مجلّة الزائر، السنة 12، العدد 7، ص 20 ـ 21، تشرين الثاني 2005 م )
صلوا على محمد وآل محمد
منقول
التعديل الأخير تم بواسطة ابو طارق ; 01-21-2008 الساعة 10:31 PM سبب آخر: تعديل اخطاء طباعة
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليك ياشمس الشموس وأنيس النفوس
أيها المدفون في طوس
اشملنا بكراماتك ياسيدي .
أحسنت يا أبا طارق
بوركت يمناك
صغيره حروفي يازهراإذا توصف كراماتكويعجز حرفي بصغرهولايوصل عظم ذاتك::بقلم شمعه::
لازال في قلبي سؤاللا أجيزولا أحل لأحد نقل أو استخدام أو نسخ كتاباتي بلا اذن مني
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليك ياشمس الشموس وأنيس النفوس
أيها المدفون في أرض طوس
أشكرك أبي محمود سعد على الموضوع الرائع
رزقنا أياك زيارته في القريب العاجل وشفاعته في الآخرة
لو سمحت والدي العزيز ممكن سؤال
ماأسم الرادود الذي كان موجود مع الشيخ حسين الأكرف في اليوم العاشر من محرم الحرام
وكان يردد هيهات منا الذلة عند دخول السيد حسن نصر الله حفظه الله
وعذراً على الأطالة والأزعاج
رحم الله والديك
اللهم صلي على محمد وآل محمد
يعطيك الف عافية اخوي على الطرح الرائع
الف شكر للشيخة زورو على التوقيع
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة العزيزة
شمعة تحترق
اشكرك على مرورك المميز واقول معك
السلام عليك ياشمس الشموس وأنيس النفوس
أيها المدفون في طوس
اشملنا بكراماتك ياسيدي .
مع كل الاحترام
ابو طارق
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة العزيزة
sweet magik
اشكرك على المرور والتعقيب
وردا على سؤالك
للاسف يوم العاشر انا كنت في المسيرة
ولم اكن اشاهد التلفزيون
انما اذا كان سؤالك عن الشخص الذي يقدم سماحة
السيد حسن نصرالله من على المنبر
فهو الذي يقدم سماحته منذ زمن طويل فاذا كنتي تقصدية
ارجوا التوضيح
كما اود ان الفت نظرك كانت المسيرة تمتد لعدة كيلو مترات
وفي كل تقاطع كان يوجد رواديد والشيخ حسين الااكرف كان
على تقاطع رئيسي وكان يغطي مساحة كبيرة من المسيرة
اشكرك مرة ثانية على تواجدك ومرورك
ومأجورة
وانا في الخدمة لأي سؤال
ابو طارق
بسم الله الرحمن الرحيم
اشكرك ابنتي
لحن الخلود
على المرور والتعقيب ومأجورة ان شاء الله
ابو طارق
اللهم صل على محمد وآل محمد
تسلم يمينك اخويي العزيز
تحياتي
الحــ44ــــبيب
بسم الله الرحمن الرحيم
العزيز
الحبيب 44
اشكرك على مرورك وتعقيبك
وجزاك الله كل الخير
اللهم صلي على محمد وآل محمد
مأجورين بمصاب ابا عبدالله الحسين (ع)
وش الغيبة الطويله والحمد لله على السلامة
اشتقنا إلى عباراتك الحانيه
عساك على القوة ولا عدمناك
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليك ياشمس الشموس وأنيس النفوس
أيها المدفون في طوس
اشملنا بكراماتك ياسيدي .
السلام على الحسين وعلي بن الحسين
وأولاد الحسين وأصحاب الحسين
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن الشاك فيهم..
بوركت يمينك اخي الكريم محمود على الطرح المبارك..
الله يقضي حاجتك وحاجات المؤمنين والمؤمنات بجاه
الامام الغريب علي بن موسى الرضا(ع),
..
لاعدمـنـا جديدك..
تحيااتــي /شذى
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام على علي بن موسى الرضا وعلى غريب الغرباء
اشملنا ياسيدنا بكرمك
مشكور ياخوي على هالقصة الجميلة
الله يعطيك العافية
تقبل مرور
عاشقة متيمة
موالي باهل البيت عليهم السلام
بسم الله الرحمن الرحيم******اللهم صل وسلم وبارك على محمد وآل محمدابنائي الاعزاء**خادمة المهدي ****الفارسة الحسناء****شذى الزهراء****هاوي همس **اشكركم على تواجدكم في هذا الموضوعوجزاكم الله كل الخيرواعتذر منكم جميعا على الرد المتأخر وذلكلاسباب صحية منعتني من الدخول للمنتدى لفترة طويلةانما اعدكم باني باذن الله ساكون معكم دائمامع كل المودة والاحتراممحمود سعد
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات