{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}
إن كل ثورة في الوجود لها منطلقات وأهداف تهدف بالدرجة الأولى إلى تغيير الواقع المعاش والذي تنطلق منه هذه الثورة ولكن السؤال هنا هل أن كل ثورة ينظر لها بعين الرضا بطبيعة الحال ؟؟؟
إن الثورة الحقيقية المرضية هي التي تهدف إلى قلع جذور الشر وغرس أشجار الخير وحتى هذا النوع من الثورات لا بد وأن يعاني القائمين به من المناهضين والذين اعترتهم الذلة والمهانة ورضوا بالقليل من الحياة الدنيا على حساب دينهم ومبدئهم وعلى هذا الأساس نتحدث عن ثورة الإمام الحسين عليه السلام .
منطلقات الثورة الحسينية :
الضمير والوجدان الإنساني وإن أسمى ما ميز الخالق سبحانه وتعالى به الإنسان أن منحه ضمير ووجدان على الفطرة يرفض بها الظلم والجور ولا يرضى به ويقف سلبيا من هذه المهاترات التي يقوم بها أعوان الشياطين من نهب لثروات الشعوب والتحكم في رقابهم وحقوقهم نعم يرفض كل هذا ويعبر عن هذا الرفض بالثورة ضد هؤلاء المردة العتاة ليرد إلى كل ذي حق حقه وتعود الحياة كما أراد الله سبحانه وتعالى لها ومن الشواهد التاريخية على ذلك ثورة أحد العلويين وهو محمد بن إبراهيم الحسني العلوي في عهد المأمون العباسي فقد روى المؤرخون أنه كان يمشي في بعض طرق الكوفة إذا به ينظر إلى عجوز تتبع أحمال الرطب فتلتقط ما يقع منه فتجمعه فسألها عن فعلتها تلك فقالت لي أطفال صغار وهم أيتام فبكى محمد الحسني فعزم على الثورة المشهورة له وهكذا ينتفض الوجدان رافضا الفساد وهكذا فعل الإمام الحسين عليه السلام في عهد بني أميه وقال كلمته المشهورة { هيهات من الذلة } وهذه الصرخة أطلقها في كربلاء ولا زال صداها يتردد .
المسؤولية الدينية :
لا شك أن الدين يكفل لمعتنقيه الحياة والعيش السعيدين إذا طبقت قوانينه على أكمل وجه فالدين جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ومن الشقاء إلى السعادة والحق فقيام الإمام الحسين هو من أجل هذهالشروط لهذا قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله{ حسين مني وأنا من حسين }كلنا نعرف أن كلمة حسين مني بمعنى أن الإمام الحسين هو أبن بنت رسول الله ولكن السؤال يكون لماذا قال الرسول وأنا من حسين لأنه لو لا ثورة الإمام الحسين لزال الدين كما في الرواية لما بقي من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه وفي رواية أخرى الإسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء وكلنا نحفظ كلمة الإمام الحسين حينما قامبالثورة قال{إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر} .
العزة والكرامة :
إن أغلى وأثمن ما يملكه الإنسان هو عزته وكرامته وبها ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان عن الحيوان فعليه أن يحافظ على هذه الصفة والمنحة الإلهية وهذا ما تشير له الآية المباركة { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }
فعلى هذا قام الإمام الحسين ليرفع في نفوس الناس هذه الصفة التي انتزعها منهم بنو أمية فكما قال الشاعر
فأبى أن يعيش إلا عزيزا ~~~~~~~ أو تجلى الكفاح وهو صريع
وخرج الإمام الحسين بهذا المبدأ العظيم في أرض كربلاء وكما قال سلام الله عليه في خطبته{ألا وأن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة}وهذه من أهم الصفا التي بسببها قام الإمام الحسين .
تحطيم السلطة الجائرة :
فكما يقال لا يمكن تغيير أي فساد في السُلطة ما لم يتم تغيير تلك السُلطة فقام الإمام بتلك الثورة حتى يغير كل معالم الظلم والجور الذي أصاب الأمة فقال كلمته { إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي والتنزيل بنا فتح الله وبنا يختم ويزيد فاسق فاجر شارب للخمر قاتل للنفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله }فهذا الوضع لا يمكن تغييره بدون ثورة فاختار الإمام الحسين أن يقوم هو بنفسه بتلك الثورة ويخلصهم من كل أنواع الظلم والجور وهذا هو هدف الإمام السامي الذي ضحى بنفسه وأولاده وأهل بيته وأصحابه .
دمتم في حفظ الكريم ( الحقوق محفوظة لـ شبكة الناصرة يمنع نسخ الموضوع ونقله )
المفضلات