بنت البلد ..!!
هذه المرة ليست المعنية ببنت البلد تلك التي دار حولها جدل كبير لا أرى داعي للإشارة إليها لا من قريب ولا من بعيد فهي ملف وانتهى على خير رغم البقايا العالقة والرواسب التي خلفتها ولا زالت تداعياتها تدق أجراسها في أجواء بعض المهتمين حتى هذه اللحظة ، فبنت البلد هذه المرة تخص بنتاً لم تراعي قدسية عاشوراء وحرمة هذه المناسبة التي أدمت عيوننا وأقرحت جفوننا ، هذه المرة نتناول بنت البلد التي راحت تقتحم الطرق المؤدية إلى حيث تجمع النساء بطريقة غريبة لا توحي بالإلتزام والأدب واحترام هذه العاشوراء الدامية العزيزة على قلوبنا ، فكيف يحدث ذلك ؟ هذا هو تساؤل البعض ؟
فلقد سألني متذمراً أحد الأصدقاء المتلصصين على غرائب سلوكيات بعض الأفراد ويفتش دائماً عن أخطاء الآخرين ويطبل لها ويترك لحاسة الشم لديه عنانها في تقصي ما يبدر من بعض النساء أثناء عشرة محرم ..!! سألني عن مشاهداته وملاحظاته لظاهرة خروج الفتاة بملابس ضيقة كالبنطلون الجينز وتلك العباء المخصرة وذلك الماكياج الملون من كحل وألوان أخرى تلامس بشرتها بشئ من الخجل الخفيف كي لا يكشفها البعض وكأننا في حفلة عرس صاخب لا تمت بصلة إلى عقيدتنا في مصيبة أبا عبدالله الحسين (ع) ومدى ما تمثله هذه الوقفة الحزينة من أثر عميق على نفوسنا وفي متغيرات حياتنا وثوابتها..!!
سألني هذا الصديق بطريقة بريئة يلتمس مني العذر في إثارة مثل هذا الموضوع المخجل في وقت نحن بأمس الحاجة إلى إثارة بعض القضايا الحيوية التي تهم الأمة الإسلامية؟ لم أجد لسؤاله تحدي من قبلي فأتحت له الفرصة ليعبر عما يجيش بداخله فربما نجد في أطروحته ما نستطيع من خلالها التوصل إلى ما يفيد المجتمع ..!! تحدث بإسهاب حول هذا الموضوع الآنف الذكر ولا أخبئ عليكم فأنا الآخر أشعر بهذه الظاهرة الغريبة والشاذة عن سلوكياتنا نحن أهل هذا البلد المعطاء الطيب الأصيل ، فلقد تعودت أن أرى بعض الصور المعيبة التي تحرق الأعصاب وتؤذي المشاعر ولكنها بعيداً عن أجواء محرم ..!! فما الذي نقلها إلى أصداء هذه المناسبة والجميع يتورع عن إظهار بعض قشوره احتراماً لهذه المناسبة فالإمام الحسين (ع) خلق أمة ورفع شأن الإسلام ومنحنا حرية الاستقلال من قيود الاستعباد وانتشلنا من السقوط في هاوية الكفر والطاغوت ..!! فلم هذه الجرأة التي تدعوا الفتاة لهذه الإسقاطات وأن تظهر تهاونها من حيث اللبس والعطر والماكياج وغير ذلك من الملاحظات الغير مقبولة اجتماعياً .. واسمحوا لي أخوتي الأعزاء فأنا أتحدث عن القلة كما تحدّث عنها صديقي الغيور حدّه ..!!
أخبرت صديقي عن امتعاضي لما يبدر من بعض الفتيات العزيزات وأخبرته بعدم اكتراثي لهن وهن يبدون بهذا المظهر المخجل في مناسبات عامة بعيدة عن هذه المناسبة ولكن أن تدخل جو هذه المناسبة الحزينة لتظهر لنا علناً وبجراءة وبلا مبالاة غير معتبرة لأهمية هذه المناسبة فهذا يحتاج إلى وقفة ومسائلة ؟!!
أول شيء أحببت أن أقوله لصديقي ناصحاً في هذا الصدد هو أنك يا صديقي لا تنظر إلا للخطأ دائماً وتغفل عن الوجه الصحيح ؟! فعيبنا الوحيد هو أن ننظر دائماً إلى نصف الكأس الفارغ وننسى إن هناك جزءاً من الكأس به ماءاً مملوءاً ، ولا ندقق إلا في الوجه القبيح ولا ننظر إلى الوجه الحسن الآخر .. ولا نقف عند هذا الحد وحسب بل نطفف الكيل فيه ونزيده تقبيحاً وكأن ليس في هذا البلد إلا هذا الولد ..!!
حقيقة أنا لمت هذا الصديق رغم غيرته الشديدة على أحوال المجتمع وحرصه القوي على تنقية أجواءنا من هكذا تصرفات لا تليق بنا ..!! ونصحته أن يصحح نظرته وطريقته في تناول مثل هذه للقضايا وأن نخلع النظارة السوداء عند رؤية هذه الأمور وأن ننظر بالعين الطبيعية دونما حاجة إلى استخدام المجهر لتكبير وتضخيم الأمور فوق حجمها الطبيعي..!! وعلينا جميعاً أن نتفهم ما يحدث في أروقة مجتمعنا على كافة الأصعدة وكل المناسبات فلو خليت لخربت ..! وما الخراب التي أصاب بعض السلوكيات الشخصية على الصعيد الفردي إلا خراب جزئي غير شامل طال شريحة محددة ولا يخص العموم فلا نحكم على الكل من خلال البعض ، فالأقلية هي من أصيبت بداء الاستخفاف والتهاون وكل نفس بما كسبت رهينة وعليها أن تحاسب نفسها قبل أن يحاسبها الآخرين وهي مسؤولة عن تصرفاتها وعليها أن تراجع نفسها قبل أن تقع في قبضة المحاكمة والمسؤولية الشرعية ..!!
وأنا واثق إن هناك بعض المؤمنين والمؤمنات ترفض مثل هذه السلوكيات وتحاول أن تبث روح الوعي والاهتمام بهذه المناسبة وأن نقضي على كل ما لا ينسجم ولا يتفق مع قداسة هذه المناسبة 0
نتفق جميعاً أن الناس كأصابع اليد غير متساويين والعقليات ليست على حد سواء وأن هذه الظاهرة سوف تتقلص وتتناقص لو أحسنّا التعامل معها بشئ من الحكمة والنصح السديد عبر المنابر والندوات الفكرية والثقافية ، كما ينبغي علينا أن نعي تماماً معنى ثقافة الحرية الشخصية وأن لا نفرط في منح هذه الحرية خصوصاً تلك الحريات التي تهتك شرف بعض الأعراف والتقاليد وبعض الأديان والأفكار المحترمة وتكسر حاجز الاحترام والانضباط ..!!
إننا ربما هنا وسط أجواء القطيف وضواحيها لا يحدث إلا الغيض من ذلك الفيض الكم الهائل الذي نلحظه في عدة مجتمعات خليجية لا أود التحرش بها خشية إثارة بعض النفوس ونحن أكثر أدباً وتمسكاً بالأخلاق من غيرنا ، لذا أكتفي بالنصح لأخواتي وكذلك أخوتي من الالتزام والتقيد ببعض السلوكيات التي تحفظ لهذه القدسية حرمتها ونعطي صورة طيبة ناصعة لكل زوار المنطقة التي تأتي لتعيش أحداث وفعاليات هذه العشرة الحسينية وغيرها من المناسبات وأن ننقل للرأي الآخر إنطباعاً نظيفاً عن تمسك أهل هذا البلد بهذه العقيدة وصلتهم الوثيقة بهذه النهضة الحسينية وما زرعته فينا من قيم ومبادئ سامية 0
تحياتي
مأجورين
المفضلات