بسمه تعالى
من اليوميات التي أعيشها مواقف خليطة بين الفكاهة والعبرة ، فلا يشترط أن أحكي كما لا يفترض على غيري أن يحكي لنا عما يعيشه من مواقف أثناء حياته ، ففي ذات مرة وبينما حالي يضيق بسوق الأسهم الذي غرق فيه الكثيرين ، تلك الموجة العارمة التي جرفت بالبعض إن لم يكن الجميع في عالم مظلم كان نظام الدولة سبباً حقيقياً في انجراف بعض المتعطشين لتحسين أحوالهم إلى هذا السوق الخطير ..!!
لا أريد أن أورّم الموضوع وأثير موضوعاً غير الذي أنا بصدده ..!! لا أطيل عليكم فلقد ذهب بي الطمع حين رأيت إن الدرب أخضر والسوق تتفتح نحو الإخضرار وبدأ النشاط يدب في أسهم بعض الشركات ، فقلت في نفسي أجري وأركض ولحّق على عمرك قبل أن تظهر بوجهك اللون الأحمر وتصاب بالعمى وخيبة الأمل ، وبالفعل توجهت فوراً إلى استلام دور منذ الصباح الباكر والذي فوجئت بطابور طويل يضع ساقاً على ساق ينتظر افتتاح البنك فلم يزل الوقت مبكراً على افتتاح بوابة البنك ، فتشائمت ، فإن كان هذا من أولها فياخوفي من تاليها ..!!!
انتظرت مثلي مثل غيري ودفشت جسمي بين تلك اللحوم التي جاءت رغم برودة الجو ، ولكن التفاءل جعلني أتحمل كل الظروف فما أن جاء رجل الأمن ليقص شريط الافتتاح حتى اندفع الجميع كقطيع الثيران تذكرت وقتها ما يحدث في مضمار ملاعب أسبانيا من مبارازات يجريها المحارب الأسباني حين يواجه ذلك الثور الهائج ..!!
تحملت كثيراً وتعرضت غلى بعض الطعنات من الكوع حتى البوع ، وقلت ما يخالف ؟ كل هذا من أجل عين فلتكرم ألف عين ؟ استلمت رقمي من ماكينة الأرقام وبدأت أضع رجلاً على رجلاً فالمشوار طويل ، فبدأت أسلي نفسي بمسبحة كانت بجيبي وهذه المسبحة أعزها كثيراً وأفضلها على كثير من المسابح فهي جميلة وثمينة وأتفائل بها كثيراً فصارت بالفعل وجه جميل عليّ فصار الطابور بتحرك إيجابياً كتحرك مؤشر الأسهم حين يتجه إلى الصعود والأعلى ..!!
وبينما أنا كذلك وخصوصاً حين لم يبقى على دوري سوى مراجع واحد كان أمامي وإذا بالمسبحة تنفلت خرزاتها فجأة هكذا أمام عيني وفي دهشة منّي فتطايرت الخرزات وحبات المسبحة يمينا وشمالاً وأنا في ذهول ماذا أفعل فصوتها كصوت عجوز فقدت طقم أسنانها الصناعي ، فصرت أطاردها والتقطها والمراجعين حولي جزاهم الله خير قاموا بمساعدتي وعيني شاردة ووجلة على رقم الطابور الخاص بي وحبات الخرز الثمينة التي انفرطت من يدي ، فالإثنين عزيزين عليّ وما أن فرغت من جمع بعض الخرزات حتى طاف دوري وتقدم من خلفي لتكملة الرقم والطابور ..!!
جئت وحالي يرثى إليه إلى حيث شباك موظف البنك لأشرح له حالي ولكنه رفض وأنا في المقابل أصر حتى دبّت الفوضى في صالة المراجعين ، حتى تبرّع أحدهم بدوره لي لإنهاء الخلاف ..!! في حين غضبي لا زال ثائراً على تلك المسبحة التي لا زلت أفقد بعض خرزاتها التي تناثرت في أماكن بعيدة لم أهتدي إلى الوصول اليها ..!!
عموماً بعد أسهمي وتفاءلت خيراً أن أجد ما فقدته من حبات خرز المسبحة الثمينة ، وحين هممت بالخروج أوصيت رجل الأمن بموقفي ونصحته بأن يجمع لي بآخر الدوام بعض ما فقدته من الخرز ووعدته بأن أعطيه هدية من عندي مقابل أن يقدم لي هذه الخدمة الجليلة ..!!
فلا حول ولا قوة إلا بالله على هذا التفاؤل المؤلم ..!!!
تحياتي
يوم سعيد




رد مع اقتباس
المفضلات