سأخبركم عن ...(2)



وعدتكم اني سأخبركم عن أشياء كثيرة تزدحم في رأسي..

تطوف خيالاتها..و تؤرقني حين يزروني هدوئي...

سأخبركم .. عن وديعة !

في ليلة القدر المباركة و نحن نؤدي الأعمال المعهودة .. و من شدة الأزدحام..

وقفت عند الباب لتنظيم الدخول.. و في غمرة الأصوات الباكية.. و المناجية ربها باللطف و القبول..

تناهى لمسمعي صوت وديعة .. الفتاة الصغيرة ذات الخمس زهور.. بإبتسامتها الملائكية.. و حجابها الأسود

الملفت للنظر على صغر عمرها..( خيه..ماني شايفة نعالي!!)

تجيبها اختها و التي لا تكبُرها بالكثير..(دوريِه ياحظي ..دوريِه عدل..) و تنشغل بالمسبحة..

تتلفت وديعة يميناً و شمالا على أمل ان تلقاه.. تمسك بطرف عبائتها الطويلة.. و تحاول أن تحتجب عن انظار الرجال القريبين..

و ما زالت تبحث.. و تبحث.. و تحدث نفسها (حطيته هنا..وين راح يعني؟؟)

و ترفع طرفا..و تنزل آخر.. ترفع عينيها الصغيرتين الى الرفوف هنا و هناك.. و لم تجده..

بادرت على حين غرة..(خيه..لو قلت سورة الفلق و بعدين سورة الناس بأشوفه؟)

أجابتها..(وفّ منش.. زهقتيني..قولي اللي بتقوليه..!)

لمحت نظرة حيرة حقيقية في وجهها..هل تقرأ السور..ثم لا تجد ما تبحث عنه..!

تنهدت..فعّم السكون أرجاء نفسها.. و بادرت بتمتمة الآيات.. و ظلت.. تتحرك شفتاها..

ما زال السكون يلفها.. أذهلني حقا ما رأيت منها.. حتى كادت تفيض مني دموعٌ لأجل تلك الشفاة المخاطِبةُ غيباً !

أحسست أنها لم تكن في المكان..بل غادرت بفكرها بعيدا.. و لكني لا أعلم ..الى أين وصلت !

التفتت الأخت لها..(طلعي قدامش عدل مرة ثانية..)!

عَرِفتْ وديعة حينها انها لن تعود الى البيت حافيه..!

و أنا حين اخبركم عن وديعة..لا اريدكم ان تذكروا قصة (وديعة).. بل اذكروا ان هناك صبيةً.. ضاع منها شيء و وجدته.. أعلم أن

ما ضاع منها شيء صغير ..جداً..و بسيط .. جداً.. و لكن..لنتأمل ما فعلته !

و لماذا فعلت هي مافعلته..!! لآنها امتلكت شيئاً لا يملكه الكثيرون ..

سأخبركم عنه..

و سأخبركم عن أشياء كثيرة..!