بعد ما راحت الأرواح ..!!
تعرفون إخوتي في الله تماماً مسؤولية كل فرد إزاء ما يتعرض له أخيه الإنسان من مصائب ونوائب وحوادث على مرّ الزمان ، فالموقف صريح وواضح لايحتاج إلى تبيان .. فالحالة الإنسانية والضمير الوجداني تستدعي التواجد والحضور والقيام بالواجب على قدر المستطاع ، فلقد نصحنا ديننا الإسلامي الحنيف بأهمية الوقوف بجانب المكروب والعمل على تخفيف كربته والشد من أزره ، فإن كان مريضاً فمن الواجب زيارته للتخفيف عن معاناته وألمه وإن رأيت أخيك المسلم مهدداً بالخطر فلا تتردد بالإسراع إلى نجدته وانقاذ ما يمكن انقاذه ، فلا زالت تلك القصة التاريخية راسخة في أذهاننا والتي تحكي أنه كان هناك رجل عابد زاهد يقضي جلّ وقته في العبادة والمناجاة آناء الليل وأطراف النهار وبينما هو غارق في عزلته التهجدية إذ يسمع إمرأة تستغيث وتطلب النجدة فالنار تلتهم جدران بيتها وتكاد تقضي عليها وعلى أطفالها الصغار ، فلم يجد ذلك العابد غير أن يقطع خلوته وصلاته ويهرع إلى مد يد المساعدة قبل أن تبلع ألسنة النيران كل آمال تلك الأرملة المسكينة ..!! موقف نبيل وشجاع ومؤثر ويدل على أن هناك أولويات وأمور تقدّم الأهم على المهم ..!!
لا أطيل عليكم الموضوع الذي أنا بصدد التطرق إليه هو إنني في صباح هذا اليوم وكعادتي اليومية استطلع الأخبار والقضايا والمشاكل اليومية التي تتناولها صحفنا المحلية وما أكثر المتناقضات والمفاجآت وعجائب الدهر التي نقرأها في الصحف .. الخلاصة وأنا أستفتح يومي إذ يقع بين عيني مقالاً صحفياً جعلني أبتسم له ولقد كان عنوان هذا المقال بالخط العريض يقول : نظام المرور الجديد يقر بسجن وتغريم الممتنع عن اسعاف المصابين ..!!
فيا للعجب فلقد كان بالأمس القريب ينكّل بالذي يتدخّل في اسعاف المصابين ومن يحاول التقرب لعمل الإجراء الانساني اللازم يقع في دوامة من المسائلات ويفتح له محضر طويل عريض من الاستجواب والتحقيق فلا يخرج من هذا المأزق إلا بشق الأنفس ، فضلاً عن التوبيخ واللوم فمثل هذه الحوادث لها اختصاصييها فيمنع منعاً باتاً لأي شخص يرى الحادث ويتقرب منه ، فكل من يتدخل فيما لا يعنيه يجد ما لا يرضيه ، وقد ماتت على أثر سنّ مثل هذا القانون العديد من الضحايا والسبب هو عدم التدخل في مثل هذه الشؤون وهناك من هو مختص في معالجتها .. !!
الآن وبعد أن اتضحت معالم الخطأ الجسيم الذي وقع فيه المسؤولين تنبهوا إلى أهمية إصدار قرار يتداركون فيه أخطائهم المتكررة يعاقبون خلاله كل من يتوانى أو يتأخر في اسعاف المصابين بالسجن والغرامة ولكن بعد ماذا ؟ بعد أن فات الأوان وبعد أن راحت الأرواح وتكبد ذوي المصابين والضحايا خسائر فادحة من أهمها وفاة المصاب ..!! لا لشئ سوى أن الذي يتدخل بإنسانيته لعمل الاسعاف اللازم وانقاذ ما يمكن انقاذه يتعرض للعقاب والمحاسبة وأما الآن فالمسألة أتجهت زاوية أخرى بطريقة أكثر غرابة وهو تسليط أشد العقاب لمن يتفرج دون أن يكون له موقف فعلي إيجابي ..!!
تحياتي
يوم سعيد
المفضلات