الإشاعة حقيقة مغيبة ..؟؟
جاء الوقت أن تصبح الإشاعة حقيقة في مجتمع لم يزره التطور منذ فترة بعيدة وإن فكر فهذا التطور لم يأتي إلا بعد أن شبع منه الآخرين في بعض الدول الخليجية وليس العربية ، ولذا يجب أن تشيع في مثل هذا المجتمع الأكذوبة المفتعلة حتى تطرق أبواب المسؤولين ويقلبونها على أكف المناقشة بشكل جدّي ، فليس كل الأحاديث فارغة وليست كل الأكذوبات فاسدة وضارة تسيء إلى عقل المجتمع وتهزأ به ، فهناك الحسن منها ومنها الأحسن وكل أحدوثة تبتدع في مجتمعنا يجب أن نصغي إليها ونبحث عن جذورها ومنطلقاتها ، فربما لها من الصحة ما لا نصادرها أو نستخدم معها المضادات الحيوية للقضاء عليها ، ولها من الصحة أيضاً ما ينبغي أن ننقلها من غرفة الإنعاش إلى غرفة الإجتماع والمناقشة والنظر لها بعين الرعاية والاحترام ..!!!
لقد فرح المجتمع السعودي قبل مدة زمنية بالمكرمة الملكية وهي الزيادة في الرواتب ولقد كانت المكرمة ليست مرتفعة بالدرجة التي تنهض بتطلعات الناس ولكن الحرمان الطويل الذي ذاقه المجتمع جعله يصرخ من شدة الفرحة بها رغم ضآلتها ولكنه اقتنع بها فشعرة من لحم الخنزير بركة كما يقول المثل الدارج 0
الحياة تسير في كهف مظلم وفي تعقيد دائم وفي غلاء فاحش والإيقاع المعيشي في تضخم والهوامير والقروش المفترسة تكشر عن أنيابها بمجرد أن تشعر إن الحلول تصب في مصلحة المجتمع فتسرع في غرس مخالبها في جيوب الناس فلم يهنأ الشعب السعودي بهذه المكرمة ولم يفرح بها كثيراً لأن اللصوص دمروا كل أحلامهم وعاد المجتمع يعزف مقطوعة الأحزان التي لن تتوقف عنه أبداً ..!!
وها نحن نعيش الإشاعة مرة أخرى وهاهي تزور المجتمع السعودي في لحظات من اليأس والخيبة وبدأ خبر الزيادة المرتقبة الـ 40% يتناول حديثها المجالس والمقاهي والبيوت المتصدعة بالعجز والعناء وألم الضعف والحال ، وبدأت الناس تطبل لها وتجري نحو السراب بقناعة غريبة وكأنهم يصنعون الكذبة ويصدقونها وهذه حالة نفسية تفشت بسبب الحرمان ، فصاروا يصدقون الأخبار كيفما كان مصدرها حتى لو كانت من صنع أبا مسيلمة الكذاب ، فربما الاصرار على معايشة الحلم الوردي خير من النوم بلا أحلام ..!!!
فها نحن نشم روائح الغلاء يفترس البضائع التجارية وترتفع به عالياً مع انخفاض وتدحرج للمؤشر العام للأسهم والبورصة وكأن هناك شبه مؤامرة على طحن آمال الشعب السعودي ، مع الرغم من تدخلات خادم الحرمين الشريفين في الحد من تمادي هذه الوحوش الكاسرة والقضاء على الارتفاع المفاجئ للأسعار إلا أن الناس يتهاوون صرعى بسبب المطارق البشرية التي تقع على رؤوسهم بلا رحمة ، فالأخبار المفرحة وإن كانت سراب صارت حلماً يداعب الناس بل ويبحثون عنها من شدة اليأس ، فهم يطلبونها لكي يضغطون على الحكومة في تحقيق مثل هذه الأحلام فزيادة الرواتب بنسبة 40% تحاكي المجتمع وتداعب مخططاتهم رغم علمهم إن تحققها على أرض الواقع سوف يصاحبها تغيرات كثيرة وتداعيات أكثر إلا أن تحققها ربما يساعدهم على التحدي والمواجهة ، فلا بديل عن سياسة تسليط الضغط المستمر والاحتجاج المبطن والمظاهرة سراً وعلانية لتشكيل منظومة من الرفض لهذا التقدم العكسي والنجاح الفاشل للإدارة المتبعة ، فما كان من تصديق هذه الإشاعة (40% زيادة الرواتب ) إلا سياسة قوية في فرض الحصار على الدولة من أجل تحقيق هذه الأخبار المتسربة ..!!
وأنا أرى إن الدولة يجب أن تستمع إلى مثل هذه الأخبار بحكمة وبوعي فإن رغد الحياة يغلق أبوابه في وجوه الناس ، فأصبحت نظرة الناس مادية بحتة لفك الحصار النفسي الذي يحدق بالمجتمع السعودي المتوسط الحال ..!!
لم يبقى الآن في جعبة الناس البسطاء إلا الإنتظار لتحقيق هذا الحلم الوردي ..!! فهل تتحقق الإشاعة ويصبح الحلم حقيقة أم يظل السراب حلماً يتسلي به الناس فيهدئ روعتهم ليغفوا على أنغام المغناطيس والجاذبية الخيالية ..؟؟!!!
تحياتي
يوم سعيد
المفضلات