وقال : والله إني أحفظ القرآن ولكن كأني أقرؤها أول مره لقد فتحت لي باب من الرجاء عظيم فأرجو الله أن يغفر لي بها . ثم أذن المؤذن لإقامة الصلاة وغاب الإمام ذلك اليوم . فقدم ذلك التائب , وبعد أن كبر وقرأ الفاتحه تلى قول الله جل وعلا "والذين لا يدعون مع الله إله آخر "فلما بلغ" إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً" بكى ولم يستطع أن يكملها , فكبر وركع ثم أعتدل ثم سجد وأعتدل ثم سجد ثم قام للركعه الثانيه وقرأ الفاتحه وأعاد الآيه يريد أن يكملها فلما بلغ "إلا من تاب وآمن" ركع وأتم صلاته باكياً ومضى على هذه الحال زمناً . إلى أن جاء يوم هو الجمعه الماضيه وكان الجمعه من عطلة الربيع , أتصل بي رجل
وقال : أنا والد صاحبك أحمد وهو الشاب التائب وأريدك في أمر مهم , أريدك أن تأتي إلي مسرعاً في أمر مهم . فلما بلغت باب قصره إذ بالأب واقف على الباب فسألته .
فقال : صاحبك أحمد يطلبك السماح يودعك إلى دار الآخره . لقد أنتقل اليوم إلى ربه ثم أنفجر باكياً . وأنا أهون عليه وبقلبي على صاحبي مثل الذي بقلب والده عليه , ثم أدخلني في غرفه كان صاحبي فيها مسجا مغطى فكشفت وجها قد فارق الحياة , لكنه كان كله بهجه وسروراً , رأيت محيا كله نور .
فقال لي والده : أسألك يا أحمد ما الذي فعل ولدي منذ أن سافر وهو على حاله هذه ؟؟
فقلت وكنت قد عاهدته أن لا أخبر بالقصه إلا للعظه والعبره : إن ولدك يوم سافر فقد عزيزاً عليه في سفره ذلك . نعم فقد في تلك اللحظه إيماناًُ عظيماً . فقد إقبالا إلى الله قصته . ثم سألت والده عن قصة موته .
فقال : إن أحمد كما تعلم يصوم يوماً ويفطر يوماً , حتى كان يوم الجمعه هذا فبقي في المسجد يتحرى ساعة الإجابه , وقبيل المغرب ذهبت إلى ولدي فقلت : يا أحمد تعال فأفطر في البيت .
فقال : يا والدي إني أحس بسعاده عظيمه فدعني الآن .
فقلت : تعال لتفطر في البيت .
فقال : أرسلوا لي ما أفطر عليه في المسجد .
فقلت : أنت وشأنك . وبعد الصلاة قال الأب لولده : هيا إلى البيت لتناول عشاءك
فقال التائب أحمد لوالده : إني أحس براحه عظيمه الآن , وأريد البقاء في المسجد ولكن بعد صلاة العشاء سآتيكم للعشاء .
ويقول الأب ولما عدت من المسجد أحسست بشيء يخالج قبلي , فبعثت ولدي الصغير .
وقلت : أذهب إلى المسجد وأنظر ماذا بأخيك ؟؟ فعاد الصغير يجري ويقول يا أبت أخي أحمد لا يكلمني . فخرجت مسرعاً ودخلت المسجد فوجدت ولدي أحمد ممدداً وهو في ساعة الإحتضار وكان يتكئ على مسند يرتاح في خلوته بربه واستغفاره وتلاوته . فأبعدت عنه المتكأ وأسنده إلي ونظرت إليه فإذا هو يذكر أسمك . وكأنه يوصي بالسلام عليك . ثم إن التائب أحمد أبتسم إبتسامه وهو في ساعة الإحتضار , ويقول أبوه : والله ما أبتسم مثلها يوم أن جاء من سفره . ثم قرأ في تلك اللحظه التي يحتضر فيها مرتلاً "والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً , يضاعف له العذاب يوم القيامه ويخلد فيه مهانا , إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات" . وعندها فاضت روحه . ويقول الأب لا أدري أأبكي على حسن خاتمته فرحاً أم أبكي على فراق ولدي
ثم إن هذه القصه أصبحت سبباً في صلاح أسرته وإخوانه .
فالبدار البدار للتوبه فإن الموت لا يمهل المذنبين . ويأتي بغته حين يكبر الأمل بطول الحياة , فيشتت الآمال , ويقطع عمل الإنسان , فليس له حينها إلى ما قدم في هذه الفانيه من عمل صالح , يؤنسه في قبره ويشفع له عند ربه ويرفع في درجات الجنات .
أيبقى بعده متأخر عن الدخول في أبواب رحمة الله الواسعه ؟؟
أبشر أخي . .
فإن الله يغفر الذنوب جميعاً . . ويبدل السيئات حسنات . . لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى . .
دعواتكم..
سجينة الآهات
المفضلات