اطلب الحلال
ناسخ التواريخ، الجزء الثالث.
من لم يستحْيِ من الحلال نفع نفسه، وخفّت معونته، ونفي عنه الكبر، ومن رضي من الله باليسير، من الرزق رضي منه بالقليل من العمل، ومن رغب في الدنيا فطال فيها أمله، أعمى الله قلبه على قدر رغبته فيها، ومن زهد فيها فقصر فيها أمله، أعطاه الله علماً بغير تعلّم، وهدى بغير هداية، وأذهب عنه العمى وجعله بصيراً. ألا إنّه سيكون بعدي أقوام لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والتجبّر، ولا يستقيم لهم الغنى إلا بالبخل، ولا تستقيم لهم المحبّة في الناس إلا باتباع الهوى، واليسير في الدين. ألا فمن أدرك ذلك، فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى، وصبر على الذلّ وهو يقدر على العز، وصبر على البغضاء في الناس وهو يقدر على المحبّة، لا يريد بذلك إلاّ وجه الله والدار الآخرة، أعطاه الله ثواب خمسين صدّيقاً.
حتى يسأل
ناسخ التواريخ، الجزء الثالث.
إذا كان يوم القيامة، لم تزل قدما عبدٍ حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعمّا اكتسبه (من أين اكتسبه) وفيم أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت.
الدنيا
ناسخ التواريخ، الجزء الثالث: خطب رسول الله في أحد العيدين فقال:
الدنيا دار بلاء، ومنزلة بلغة وعناء، قد نزعت عنها نفوس السعداء، وانتزعت بالكره من أيدي الأشقياء، فأسعد الناس بها أرغبهم عنها، وأشقاهم بها أرغبهم فيها، فهي الفاتنة لمن استقبلها، والمغوية لمن أطاعها، والخاترة لمن انقاد إليها، والفائز من أعرض عنها، والهالك من هوى فيها، طوبى لعبد اتقى فيها ربّه، وقدم توبته وغلب شهوته، من قبل أن تلقيه الدنيا إلى الآخرة، فيصبح في بطن موحشة، غبراء مدلهمة، ظلماء، لا يستطيع أن يزيد في حسنةٍ، ولا ينقص من سيئة، ثم ينشر فيحشر، إما إلى الجنة يدوم نعيمها، أو إلى نار لا ينفد عذابها.
بين الدنيا والآخرة
ناسخ التواريخ، الجزء الثالث.
من أصبح وأمسى والآخرة أكبر همّه، جعل الله الغنى في قلبه، وجمع له أمره، ولم يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه، ومن أصبح وأمسى والدّنيا أكبر همّه، جعل الله الفقر بين عينيه، وشتّت عليه أمره، ولم ينل من الدّنيا إلاّ ما قسم له.
المؤمن بين مخافتين
تحف العقول، وناسخ التواريخ، الجزء الثالث.
إنّ لكل شيء شرفاً، وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة. من أحبّ أن يكون أعزّ النّاس فليتق الله، ومن أحبّ أن يكون أقوى النّاس فليتوكل على الله، ومن أحبّ أن يكون أغنى النّاس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده.
ثم قال: ألا أنبئكم بشرار الناس؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من نزل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده، ألا أنبئكم بشّر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من لا يقيل عثرة، ولا يقبل معذرة، ثم قال: ألا أنبئكم بشّر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من لا يُرجى خيره، ولا يُؤمن شرّه، ثم قال: ألا أنبئكم بشّر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من يبغض الناس ويبغضونه.
إن عيسى (عليه السلام) قام خطيباً في بني إسرائيل، فقال: يا بني إسرائيل لا تكلموا بالحكمة عند الجهال فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموها، ولا تكافئوا ظالماً فيبطل فضلكم؛ يا بني إسرائيل الأمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فاتّبعوه، وأمر بيّن غيّه فاجتنبوه، وأمر اختلف فيه فردّوه إلى الله.
أيّها الناس! إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، إن المؤمن بين مخافتين: أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي لا يدري ما الله قاضٍ فيه، فليأخذ العبد لنفسه من نفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الموت، فوالذي نفسي بيده؛ ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدنيا دار إلا الجنة والنار.
أقسام الناس
في ناسخ التواريخ: (ومن شبابه لهرمه، ومن صحته لسقمه، ومن حياته لوفاته).
أعبد الناس من أقام الفرائض، وأسخى الناس من أدّى زكاة ماله، وأزهد الناس من اجتنب الحرام، وأتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه، وأعدل النّاس من رضي للناس ما يرضى لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه، وأكيس الناس من كان أشد ذكراً للموت، وأغبط الناس من كان تحت التراب قد أمن العقاب ويرجو الثواب، وأغفل الناس من لم يتعظ بتغيّر الدنيا من حال إلى حال، وأعظم النّاس في الدنيا خطراً من لم يجعل للدنيا عنده خطراً، وأعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه، وأشجع الناس من غلب هواه، وأكثر الناس قيمة أكثرهم علماً، وأقل الناس قيمة أقلهم علماً، وأقل الناس لذّة الحسود، وأقل الناس راحة البخيل، وأبخل الناس من بخل بما افترض الله عزّ وجل عليه، وأولى الناس بالحق أعلمهم، وأقل الناس حرمة الفاسق، وأقل الناس وفاء الملوك، وأقلّ النّاس صديقاً الملك، وأفقر الناس الطامع، وأغنى الناس من لم يكن للحرص أسيراً، وأفضل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً، وأكرم الناس أتقاهم، وأعظم الناس قدراً من ترك ما لا يعنيه، وأورع الناس من ترك المراء وإن كان محقّاً، وأقلّ الناس مروءةً من كان كاذباً، وأشقى الناس الملوك، وأمقت الناس المتكبّر، وأشدّ الناس اجتهاداً مَن ترك الذنوب، وأحلم الناس من فرّ من جهال الناس، وأسعد الناس من خالط كرام النّاس، وأعقل الناس أشدهم مداراةً للناس، وأولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة، وأعتى الناس من قتل غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأحقّ الناس بالذنب السفيه والمغتاب، وأذل الناس من أهان النّاس، وأحزم الناس أكظمهم للغيظ، وأصلح النّاس أصلحهم للنّاس، وخير النّاس من انتفع به الناس.
إذا غضب الله
ناسخ التواريخ، الجزء الثالث.
إذا غضب الله على أمّة، ولم ينزل العذاب عليها، غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم تربح تجّارها، ولم تزل ثمارها، ولم تغزر أنهارها، وحبس عنها أمطارها، وسلّط عليها شرارها.
أخلاق وآفات
البداية والنهاية، الجزء الثامن، صفحة 40.
لا فقر أشدّ من الجهل، ولا مال أفضل من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكفّ، ولا عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء، ورأس الإيمان الصبر، وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الطرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المنّ، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحب الفخر.
نخوة الجاهلية
ناسخ التواريخ، الجزء الثالث: لما فتح مكة قام خطيباً في الناس فقال:
أيها الناس! ليبلغ الشاهد الغائب: إن الله تبارك وتعالى، قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية بآبائها وعشائرها.
أيها الناس! إنّكم من آدم وآدم من طين. ألا إن خيركم عند الله وأكرمكم عليه، أتقاكم وأطوعكم له، وإن العربية ليس بأب والدٍ، ولكنّها لسان ناطق، فمن طعن بينكم، وعلم أنّه يبلغه رضوان الله حسبه. ألا وإن كلّ دم أو مظلمة أو إحنةٍ كانت في الجاهلية فهي تظل تحت قدمي إلى يوم القيامة.
الغيبة
ناسخ التواريخ، الجزء الثالث.
الغيبة على أربعة أوجه؛ الأوّل: ينجر إلى الكفر، والثاني: إلى النفاق، والثالث: إلى المعصية، والرابع: إلى المباح. أما أنّ الغيبة تنجر إلى الكفر، من اغتاب مسلماً، قيل له: لم تغتاب؟ قال: ليس هذا غيبة، فهو كفر. وأمّا أنه ينجر إلى النّفاق، من اغتاب مسلماً ولم يذكر اسمه، والمستمعون يعرفونه. وأمّا أنّه ينجر إلى المعصية، من اغتاب مسلماً بشيء وإذا استمع إلى شيء. وأما أنّه ينجر إلى مباح، فغيبة الأمير الفاسق الجائر.
جرائم وعقوبات
الوسائل، الجزء الثاني، عن أبي جعفر (عليه السلام) عن رسول الله (صلّى الله علّيه وآله) أنّه قال:
خمس إن أدركتموهن فتعوّذوا بالله منهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوها، إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلاّ أخذوا بالسنين وشدّة المؤنة وجور السلطان، ولم يمنعوا الزكاة، إلا منعوا قطر السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلا سلّط الله عليهم عدوهم، وأخذ بعض ما في أيديهم، ولم يحكموا بغير ما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم.
اللسان
ناسخ التواريخ، الجزء الثالث.
يعذّب الله اللسان بعذاب لا يعذّب به شيئاً من الجوارح فيقول: أي ربّ، عذبتني بعذاب لم تعذّب به شيئاً، فيقول له: خرجت منك كملة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام، وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها الفرج، وعزتي لأعذبنّك بعذاب لم أعذب به شيئاً من جوارحك.
ملاحاة الرجال
ناسخ التواريخ، الجزء الثالث.
من كثر همّه سقم بدنه، ومن ساء خلقه عذّب نفسه، ومن لاحى الرجال سقطت مروءته، وذهبت كرامته. لم يزل جبرائيل ينهاني عن ملاحاة الرجال، كما ينهاني عن شرب الخمر، وعبادة الأوثان.
الفاحش
ناسخ التواريخ، الجزء الثالث.
إنّ الله حرّم الجنّة على كل فاحش بذيء، قليل الحياء، لا يبالي ما قال وما قيل فيه، أما إنّه إن تنسبه لم تجده إلاّ لبغيّ، أو شرك شيطان.
قيل: وفي الناس شياطين؟ فقال:
نعم! أو ما تقرأ قول الله: (وشاركهم في الأموال والأولاد)؟
ولكلام سيد البشر بقية رحم الله من ذكر القائم من آل محمد .





رد مع اقتباس
المفضلات