بسمه تعالى
أخي العزيز/ زهير
أحييك على موضوعك الجميل والذي ينبغي التأمل له بدقة ومحاولة الاستفادة منه أيما استفادة ، فنحن بالفعل نعيش التخبط في عملية الردّ على الآخرين ونجهل ثقافة وأيديولوجية هذا الفن بل هذه النظرية العميقة والفلسفية ، فدعوني أخوتي الأحبة أن آخذكم إلى حيث نصيحة نبوية شريفة تقول في محتواها إن الراد على الرسول (ص) كالراد على الله عزوجل وقد تعلمنا من خلال مطالعاتنا للتاريخ الإسلامي عبر حقبه الطويلة إن هناك شرذمة وفئة جاهلة معظمها من أبناء قريش وزعمائها قد وقفوا بوجه الرسول وردّوا عليه بل فندوا دعوته ولم يكتفوا بردّهم الغوغائي حتى بلغ بهم الأمر إلى إيذاءه وتشريده وتشكيل قوة مقاومة من خلال أطفالهم ومأجوريهم ومرتزقتهم للخلاص من الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، ومن هنا نفهم شيئاً وهو إن الردّ والتصدي للآخرين يجب أن يأخذ منحى علمياً وثقافياً نستجدي من وراءه حب الخير والصلاح للناقد والمنقود أي الراد والمردود عليه وكيفما اختلفت المعاني يبقى الردّ مهمة ليست بالأمر الهين وليس كل من امتطى صهوة جواده بفارس فهناك في تاريخنا الحاضر فئة هي امتداد لتلك الفئة التي حكيت لكم عنها وتعرفون أنتم هذه الفئة الطاغية وهي تستحق مثل هذه الصفة لأنها - للأسف - نصّبت نفسها أولياء أمور على المسلمين وأخذوا يردّوا على هذا وذاك ويطلقوا اتهاماتهم جزافاً بدون وعي وتركيز يتخبطون في الغي والجهل .. يكفرون هذا ويأسلمون ذاك .. يدّعون أنفسهم أوصياء على مصالح المسلمين وأنهم الفئة التي بعثها الله لهداية البشر وأنهم الفرقة الناجية وهم أصحاب الإسلام الحقيقيون فردّ الله كيدهم في نحورهم 0
لا أريد أن أطيل فلقد وردت ببالي مسألة الرد من خلال الآية الشريف حيث قال الله عزوجل في محكم كتابه الكريم ( ولا تردّوا على السفيه جواباً ) أتمنى أن يكون النقل صحيحاً فأنا لست بفقيه ولا بحر العلوم حتى أحفظ النصوص الشريفة عن ظهر قلب ، وإن سمحنا لأنفسنا بمراجعة هذه الآية يتضح جلياً إن الردّ يتجلى في حدود وضمن معايير ووفق خطط وقواعد فليس كل من يخطئ نتصدى له بالرد وهنا تبرز ثقافة الردّ بحذافيرها وأصولها العامة ، فنحن نتداول مثلاً رائجاً في حياتنا يقول : إتق شر من أحسنت إليه ، فأحيانا الإحسان يتمثل في النصيحة والردّ عليه بصيغة النصح والتوجيه وأحياناً نتداول فيما بيننا مثلاً آخر نقول فيه : جيت أسوّي خير إنقلب عليّ شر .. !! حيث تفقد ثقافة الرد نتائجها المتوخاة فتخشى على نفسك أن تحشر أنفك فيما ( يخصك أو لا يخصك ) فلا تجني إلا الشوك أو الذم أو التجريح ، فهناك يتجنب الردّ خشية إساءة الفهم وبعضهم يتجنبه بشكل سلمي فيقبل بالنظر والمشاهدة والفرجة دون أن يكون له دور فعال أو إيجابي فيقف على التل يوزع نظراته بين الفريقين وإزاء الخطأ المرتكب .. !! بل الأسوأ من ذلك إن هناك طبقة أو شريحة لا تفقه فن الرد ولا تستوعب ثقافة الردّ وذلك لافتقادها لأبجديات هذا النوع من الثقافة فهو معدم وفقير إلى الثقافة فيدخل على الطين ويزيده بللاً ويخبص الأمور فوقاني تحتاني ثم يخرج يجر خلفه أذيال الفشل الذريع متهكماً للنتائج الفظيعة التي خلّفها بفضل لقافته الأميّة ، وهذا من النوع هو أسوأ الشرائح التي تحشر أنفها في أمور تجهلها وتدعي إنها تدخل من أجل الخير والإصلاح وزرع الفائدة ولكنها للأسف الشديد تدخل فلا تورث في الأمور إلا فساداً .. !!
أكتفي بهذه المداخلة شاكراً بدوري الأخ العزيز/ زهير ما تفضل به من طرح جميل .. !!
تحياتي
يوم سعيد




رد مع اقتباس
المفضلات