ختام خطاب السيد
إن النموذج الأخير من فقرات قائمة العداء الأمريكي ضد شعبنا ، هو الفاجعة الدامية التي ارتكبت بحق حجاجنا العزل المظلومين على ارض مكة المكرمة وبجوار الحرم الإلهي الآمن وسقط من جرائها ما يقارب أربعمائة شهيد من حجاج إيران وغيرها أغلبيتهم من النساء ، كما جرح أضعاف هذا العدد وتشير الأدلة إلى أن أمريكا كانت لها يد في هذه المجزرة الدامية الفريدة ، فهل يستطيع النظام الأمريكي وعملائه (0000) أن يقدموا مبررا مقنعا بشأن قتل هذا العدد الهائل من الرجال والنساء العزل ، لاشك أن مرتكبي المجزرة قد اضطروا لان يتذرعوا بذرائع وان يوجهوا التهم لتبرير عملهم هذا ، إلا أن طبيعة الحادث تدحض ما قالوا إذ أن هناك ما يقارب اربعمئة قتيل أكثرهم من النساء وعلى الجانب الآخر هناك الشرطة المحلية المزودة بالرشاشات والهراوات والغازات السامة ، صحيح أن الدماء التي أريقت على ارض مكة المكرمة نتيجة الظلم والقسوة تحمل معها نداءا حيا لزماننا المعاصر دائما ولكافة الأزمنة ، فان هذه الدماء قد كشفت عن وجوه القتلة المجرمين ، غير أن حادثة مكة المكرمة قد اكتسبت أبعادا عالمية جديرة بعناية دقيقة من الأوساط الدولية نظرا لما ينم عنه هذا الحادث من تنسيق بين السياسة الأمريكية والرجعية العربية من جهة ، ويكشف النقاب عما يقومون به وراء الكواليس فيما يتعلق بمنطقة الخليج الفارسي من جهة أخرى 0
أرى من الضروري أن اوكد بان لائحة الاتهام المذكورة أيضا موجهة ضد رموز النظام الأمريكي ، وليس ضد الشعب الأمريكي الذي سيوقع هو الآخر بلا شك على هذه اللائحة لو علم بما فعلته حكومته بحق هذا الشعب 0
لقد اثبت شعبنا صدق إيمانه بأهدافه وانه مستعد ليضحي في سبيلها بكل ما لديه من غال ونفيس ، وشعب كهذا لا يخاف من أمريكا ولا من أية قوة أخرى ، وسوف يثبت بعون الله سبحانه بان النصر حليف الحق ومن يؤمن بالحق 0
سيادة الرئيس سيادة الأمين العام أيها الحضور الكرام ، هكذا كانت قصة ثورتنا التي أحيت تيارا من الأمل بين الشعوب المضطهدة الرازحة تحت سيطرة الاستكبار ، كما خلقت تيارا معارضا لدى أوساط الهيمنة الدولية ، ورغم أن هذا التيار المعارض كان متشعبا ومتعدد الوجوه ، إلا انه لم يقدر على اقتلاع النبتة الفتية التي ضربت جذورها في الأعماق وضلت تترسخ يوما بعد يوم ، وان رشقوها بالحجارة وأصابوها بجراح بالغة ، ولينظر العالم اليوم إلينا ليرى وهو يرى أننا نعيش ولا نزال رغم انف قوى السيطرة ، فتلك سنة الله عبر التاريخ { ولن تجد لسنة الله تبديلا } وهذا أوضح وابلغ نداء نوجهه للعالم ، لقد أراد نظام السلطوية دوما أن يثبت عكس ذلك وان يصور إرادته للعالم الثالث شعوبا وحكومات ، وكأن هذه الإرادة هي التي تحدد مصير الجميع ، إننا رفضنا ذلك ، ولا شك أن نظام السلطوية لم يرد للجمهورية الإسلامية حياة واستمرارية ، غير أن إرادتنا هي التي انتصرت في النهاية 0
نداؤنا الموجه إلى كافة الشعوب والحكومات التي تريد البقاء مستقلة وبعيدة عن إرادة قوى السيطرة العالمية الكبرى هو ( لا تخافوا من هذه القوى وثقوا في أنفسكم وشعوبكم ) ، كما أن ثورتنا تعتبر أن نداءها الأول يتلخص في ( رفض نظام السلطوية في العالم ) فعالمنا اليوم تم تقسيمه عمليا بين القوى المهيمنة الكبرى التي تعتبر نفسها صاحبة القرار ، تم تقسيمه إلى صنفين ( قوى الهيمنة والرازحين تحت الهيمنة ) ويرى الصنف الأول نفسه مالكا للصنف الثاني وصاحب حق تقرير مصيره ، وهذه العلاقات غير العادلة وغير المتكافئة بين الصنفين هي التي تشكل أسس نظام السلطوية ، الذي يناهض الثورات ويعرقل حركة الأنظمة الثورية ، فتعتبر ( نيكارجوا ) و( الدول الثورية في جنوب القارة الإفريقية ) نماذج حية لهذا الواقع 0
إن نظام الهيمنة يقرر مصير الشعوب رغم إرادتها ، فتعتبر فلسطين المظلومة نموذج كاملا لهذه الظلامة ، كما تعتبر أفغانستان نموذجا آخر منه ، إن نظام الهيمنة يتلاعب بالمفاهيم فيحرف الكلم من مواضعه حسب ما تقتضيه مصالحه ويكرس كل ما لديه من الإمكانيات لتضليل وتكريس هذه المفاهيم المحرفة ، فأمامنا الإرهاب وحقوق الإنسان كنموذجين من المفاهيم المحرفة ، إن نظام الهيمنة يدعم ويحمي الأنظمة العنصرية الظالمة كالكيان الإسرائيلي ونظام جنوب أفريقيا ، ويسخر هذه الأنظمة ضد الشعوب المظلومة كأذرع مسلحة ثانية ، فهناك لبنان المسلم يقف بوجه العدوان الصهيوني الآثم بصمود وصبر ليكون نموذجا بارزا لهذه الظلامة ، كما أن دول خط المواجهة في جنوب إفريقيا تشكل نماذج أخرى ، إن نظام الهيمنة يسمح لنفسه أن يمارس الضغوط على المنظمات الدولية والضغوط الأمريكية على كل من مجلس الأمن ومنظمة اليونسكو تمثل النموذج الحي لذلك ، إن نظام الهيمنة يعتبر مصالح أصحاب الهيمنة مصالح مطلقة دون قيد ولا شرط ولأجلها تتجاهل مصالح الآخرين ، والنموذج هو تواجد البوارج الأمريكية في الخليج الفارسي بشكل يخلق التوتر ويهدد بالخطر شعوب المنطقة ، هذا التواجد الذي تم تبريره بحجة الحفاظ على المصالح الأمريكية دون أن تؤخذ مصالح دول المنطقة بنظر الاعتبار ، وأخيرا يسيطر نظام الهيمنة على الإعلام العالمي ليظهر كل الحقائق مشوه ويظهر كل الأعمال الشيطانية خدمة فيسد الطريق بوجه كل معارضة له من قبل الرأي العام العالمي 0
نداؤنا إلى كل شعوب ودول العالم الثالث وكذلك إلى الشعوب التي تدعم حكوماتها نظام الهيمنة ، نداؤنا إلى الجميع هو : إن العالم يجب أن لا يتحمل هذا الوضع الظالم أكثر من هذا ، يجب أن يقول الجميع للدول الكبرى ( اجلسوا في بيوتكم واتركوا العالم لشعوب العالم فأنتم لستم بأوصياء على هذه الشعوب )
هناك نوعان من التمييز الظالم في منظمة الأمم المتحدة ( حق الفيتو = والعضوية الدائمة في مجلس الأمن ) فيجب إزالة هذين التمييزين الظالمين ، هذا هو الحل الوحيد الذي يجعل منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، ذلك المكان الذي ترتبط به كل الشعوب وتحل مشاكلها فيه حقا ، وإلا سيكون الحال دائما مثل اليوم ، وسيظل مجلس الأمن مكانا لإصدار القرارات غير الفاعلة والتوصيات التي لا يعمل بها ، وسوف تشعر الشعوب دائما كما تشعر به اليوم بأنه لا يوجد مكانا لحل المشاكل الدولية ، وان العنف هو الطريق الوحيد لتسيير الأمور 0
نداؤنا إلى دول العالم الثالث هو : أن يعملوا على التحالف والتلاحم مع البعض ما دام الوضع على ما هو الآن ، ونظام الهيمنة باقيا على حاله ، فهذا خير سبيل لكي يصبحوا أقوياء ، إن قوى الهيمنة العالمية لا تعرف شيئا سوى منطق القوة فيجب التحدث معهم بنفس المنطق ، إن صحوة الشعوب ووعيها بطبيعة ودور نظام الهيمنة يشكلان اكبر رصيد لدول العالم الثالث وعامل اقتدار فاعل في مواجهة أصحاب الهيمنة ، إن قادة هذه الدول ليس لديهم أي سند تحرري حقيقي سوى الفكر النير والإرادة القوية لشعوبهم ، إن التحالف الذي نقترحه على دول العالم الثالث ، ليس تحالفا لمحاربة القوى العظمى ، وإنما هو تحالف للدفاع عن أنفسنا ، وللحول دون إضاعة حقوقنا الثابتة 0
إن القوى المهيمنة هي اكبر عامل لتبرير الفساد ونشره ، فالفساد في أنواعه الأخلاقية والجنسية والعقائدية يجد له المساندين والمؤيدين والمروجين الرئيسيين من خلال الأيدي السياسية والاقتصادية والتجسسية لهذه القوى ، ولهذا السبب نرى اليوم بأنه – وفي ظل هذه الحياة المرة المعتمة ، والتي تطال هذه المرة شعوب الدول العظمى أيضا – سقوط القيم الأخلاقية وتضعضع الرابطة العائلية ، وسيطرت غول الإدمان على الكحول والمخدرات أكثر من قبل ، كما أن التفكير المعنوي والأخلاقي أصبح اقل من أي وقت كان ، يجب أن نقوي بناء العائلة وان نجعل من العائلة التي هي أول مدرسة فاعلة للإنسان ، منبعا للمحبة والصفاء والعاطفة والمعنوية 0
يجب التأكيد على الحفاظ على الحقوق والمثل الخاصة بالمرأة ، يجب إعادة النظر في المعايير التي ينظر بها للمرأة والتي وضعتها نفس الأنظمة المهيمنة ، ويجب تحرير المرأة من كونها أداة للاستمتاع – الأمر الذي فرضته الثقافة الغربية عليها فعلا – المرأة هي العالمة والسياسية والمديرة والشخصية البارزة ، وارفع من هذا كلمة هي الزوجة والأم (نعم) ولكن أداة لكسب اللذة والتسلية (فلا) هذا ما يستطيع أن يعطي لنصف البشرية هويته وشخصيته الحقيقية ، ويجعل من العائلة بنيانا راسخا ومقدسا 0
هذه هي نداءات ثورتنا ليس فقط لأولئك المستعدين لسماع قولنا ولكن لكل أولئك الذين يستطيعون أن يزيحوا الحجب عن مسامعهم ويقبلوا على الحكم العادل 0 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولي أمر المسلمين الولي الفقيه السيد علي الخامنائي حفظه الله تعالى 0
أشكر الجميع على المتابعة 0000000والسلام
المفضلات