باقي الخطاب0000
إن اكبر وافجع عداء واجهنا به أعداءنا هو شن هذه الحرب المفروضة من خلال إثارة نزعت الجاه والسلطان لدى احد الجيران وتشجيعه على شن الهجوم ، وتطمينه بأنواع الدعم والمساعدات ، واليوم وبعد مضي سبع سنوات بإمكان الجميع أن ينظروا إلى الهجوم العسكري العراقي الذي بدأ في الثاني والعشرين من أيلول عام ثمانين وتسعمائة وألف ، أي بعد تأسيس الجمهورية الإسلامية بتسعة عشر شهرا ، والذي استخدم فيه عشر فرق عسكرية ومئات من الطائرات الحربية في هجوم بري وجوي وبحري ليتأكدوا من أن هذا الهجوم قد استهدف إحباط الثورة وإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية ، الأمر الذي صرحت به الكتب والصحافة العراقية وغير العراقية المأجورة مرارا ، بالإضافة إلى تحقيق نوايا توسعية عراقية في ضم أجزاء من الأراضي الإيرانية والنتائج الكبيرة التي كان بإمكان النظام العراقي الحصول عليها في حالة نجاحه في هذا الهجوم ، هي الظهور على صعيد المنطقة وحتى في الساحة العربية بمظهر قوة فائقة ، بالإضافة إلى تكريس موقفه الداخلي وهذا يعتبر شيئا كبيرا جدا لحكام العراق المنحطين ، أضف إلى ذلك سيطرة النظام العراقي على حدود لا يستهان بها في منطقة الخليج الفارسي الهامة ، ومع هذا الانتصار الذي كان يؤدي ولا بد إلى هزيمة إيران وتقسيمها والإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية فيها 0
نرى أن القوى المهيمنة أيضا كانت في ذلك تحقق لنفسها هدفا كبيرا ، هو إسقاط نظام غير بظهوره المعادلات السياسية الاقتصادية في المنطقة وقطع أيدي الاستكبار خاصة أمريكا من بلد كبير كإيران ، وفي حالة هزيمتنا كانت المياه ستعود إلى مجاريها بالنسبة لأمريكا والبعض الآخر ، ولتتكرر من جديد قضية النفوذ السياسي والاقتصادي على شكلها المعتاد 0
نحن نعترف إننا في البداية فوجئنا بمباغتة فرضها علينا انصرافنا إلى القضايا الداخلية الناتجة عن الثورة والتي لا تعد ولا تحصى ، فضلا عن عدم وجود التجربة الكافية لدينا ، ولكن مميزات ثورتنا هي التي أنجدتنا إذ انه في غضون عدة أشهر صنع الشعب والقوات المسلحة ملحمة كبيرة عبر تواجدهم في الساحة وسعيهم الذاؤب ، فاستردوا بذلك أجزاء هامة من الأراضي المحتلة المغتصبة 0
إلا أن المأساة التي حلت بنا خلال هذه الفترة لا يمكن وصفها حقا ، فكم من مدن عامرة مثل (خرم شهر)( وآبادان) (ولوقويزة)( وقصر شيرين) ، قد تم تدميرها وسويت مع الأرض وقد أطلق على مدينة (دزفول ) وحدها مئة وثلاثة وسبعون صاروخ ارض ارض ، كم من قرى آهلة لم يبقى منها حتى جدار متصدع ، كم من معامل تحولت إلى ركام من الحديد ، وكم من مزارع لم يبقى فيها أثر من الاخضرار ، كم من آثار ثقافية حضارية قيمة تعرضت لإضرار ، والأعز والأغلى من كل هذا كم من أرواح زاكية أزهقت وكم من مواطنين قتلوا أبرياء ، إن الجرائم الحربية بدئا بالهجوم على المناطق المدنية الآهلة بالسكان حتى المجازر الوحشية التي قتل خلالها ألوف الأطفال والنساء العزل واسر المسافرين العاديين على قارعة الطريق في المناطق المحتلة - هذا الأخير تم في الأسابيع الأولى للحرب - وانتهاءا بخرق الالتزامات وانتهاك القرارات الدولية واستخدام الأسلحة الكيماوية على نطاق واسع وضرب السفن التجارية ومهاجمة الطائرات المدنية وطائرات نقل الركاب وقطارات الركاب العاديين ، كل ذلك من الأعمال المعروفة التي ارتكبها العراق بشكل مستمر طوال هذه الحرب 0
وعندما استطاع الشعب الإيراني أن يتدبر ما حدث ويستخلص منه النتائج خلال المرحلة الأولى من جهوده الأولية في الحرب ، استخلص حقيقة مرة ألا وهي ( إن أساس الأمن الذي وضع بنيانه على وعد وضمان من عنصر معتد شرير يكون بنيانه وهنا لا تصح الثقة فيه ) فالثقة في مثل هذا الأمن تكون في غاية السذاجة وبعيدة عن المنطق والصواب 0
لقد قال رئيس النظام العراقي بصراحة بان الاتفاقية التي وقعها مع الحكومة الإيرانية سنة خمس وسبعين وتسعمائة وألف والمعروفة باتفاقية " الجزائر " تم توقيعها في ظروف كان العراق فيها ضعيفا فلم تعد هذه الاتفاقية نافذة ، ثم مزق الاتفاقية وبعد أيام معدودة شن هجومه على إيران ، لقد تلقى شعبنا من ذلك درسا مرا استخلص منه العبر ، ومنذ تلك اللحظة اتخذ شعبنا الثائر والواعي قراره وحدد هدفه الذي لم يقتصر على استعادة الأراضي المحتلة أو التعويض عن الخسائر الحربية فحسب – وان كان الأمران الأخيران من الحقوق المسلمة للشعب الإيراني رغم أن الكثير من الخسائر لا يمكن التعويض عنها – بل الهدف الأهم هو معاقبة المعتدي واقتلاع جذور العدوان 0
إننا لم نكن من خلال طرح موضوع معاقبة المعتدي نبحث عن رصيد مضمون لأمننا الوطني فحسب وإنما نؤمن بان ذلك يضمن الأمن والاستقرار لكل المنطقة أيضا ، فإذا ما عوقب معتد بسبب اعتداءه لمرة واحدة من قبل الأسرة الدولية فسيمكن الاطمئنان إلى أن هذا الدافع الذي يتجلى دوما في العناصر الشريرة الانتهازية سيخفت على الأقل لسنوات عديدة ، وان المنطقة وربما العالم لن يتحمل مصائب وويلات حرب عدوانية قد تشن دون مبرر 0
لقد استطاعت محكمة ( نور نبيك ) أن تضمن الأمن والسلام لأوروبا التي تعتبر مسرحا للحروب لأكثر من أربعين سنة ، فلماذا لا نستفيد من تجربة محكمة ( نور نبيك ) وحتى عندما كانت ألاف الكيلومترات المربعة من ترابنا تحت وطأت احتلال المعتدين ، وضعتنا القوى العظمى عبر وسائل الإعلام – هذه الحرب القوية – تحت الضغوط لإرغامنا على القبول بوقف إطلاق النار ووعدونا بتشكيل لجنة تعمل على سحب المعتدي إلى الحدود الدولية ، وهذا كان يعني أننا نترك قسما من وجودنا وجزءا من شرفنا تحت أقدام العدو وعلى أمل أن نستعيدها عن طريق الاستجداء واللهاة وراء هذه اللجنة الدولية أو تلك ، وليست هناك اهانة اكبر من ذلك بالنسبة لشعب ثوري عظيم يزهر بالمفاخر ، فحتى أسذج الناس يعرف ما آل إليه الشعب الفلسطيني من مصير مؤلم حزين ليقدمه كدليل حي ليدحض ويرفض مثل هذا الاقتراح الظالم 0ولو مكنت التجارب المتكررة في وقف إطلاق النار المفروض والوعود الخادعة الفارغة لو مكنت الشعب الفلسطيني من استعادة حقه الطبيعي المشروع فسوف يتمكن أي شعب آخر من استعادة حقه 0
واليوم نعتبر معاقبة المعتدي أهم هدف لنا في الحرب ، وبفضل الجهاد البطولي لشعبنا وتضحية الآلاف من أعزائنا تمكنا من أن نحرر القسم الأكبر من ترابنا المغتصب ، رغم أن اجزاءا من ترابنا مثل ( نفث شاه ) ما زالت تحت وطأة الجيش المعتدي ، واليوم عندما ننظر إلى الثمن الذي أخذته الحرب المفروضة منا والذي لا يمكن تعويضه ، نولي هذا الهدف أي معاقبة المعتدي أهمية اكبر من أي وقت مضى ، إن أي نتيجة يحصل عليها الشعب ما عدى ذلك نعتبرها خسارة له فنحن الذين تحملنا أعباء الحرب المفروضة خلال سبع سنوات نتعطش إلى السلام أكثر من أي طرف آخر 0
ولكن السلام – السلام الحقيقي – الدائم لا يكون إلا في إطار معاقبة المعتدي الذي أردف إلى جريمة اعتدائه جرائم أخرى في الحرب ، إن العراق يقف اليوم في موقف ضعف كما هو حاله في عام خمسة وسبعون وتسعمائة وألف ، وهذا الشيء يعرفه العالم اجمع ، وان السلام الذي يقبل به اليوم هذا النظام سيتبخر خلال لحظات عندما يرى في نفسه شيء من القوة بعد مضي عدة سنوات وعند إذ تلتهم نيران الحرب المنطقة بأسرها ثانية ، فالضمان الوحيد للمستقبل هو معاقبة المعتدي0
لا شك أن السلام كلمة جميلة تشد إليها القلوب لدرجة أن كبار مؤججي خوار الحرب في العالم ومنتجي الأسلحة الفتاكة أيضا لا يسعهم إلا أن يظهروا الود والحب لهذه الكلمة وان يتشدقوا بها رياءا ، ولكننا نرى أن العدالة هذه الكلمة التي ينظر إليها الطغاة والمعتدون بخوف وحذر، هي أسمى واهم من السلام 0 وكم من مظلومين ضحوا بالحياة والرفاهية والسلام في سبيل تحقيق العدالة وخلدوا مع الأبطال 0
إن المدن الأوروبية ما زالت تفخر بصمودها أمام العدوان الهتلري وان مدينة ( لينك راد ) ما زالت تفخر بإحراق نفسها مما أصاب جيش ( نابليون ) اليأس والذهول ، وكذلك ما زالت تفخر بصمودها أمام حصار المعتدين النازيين لأربع سنوات ، إن منظمة الأمم المتحدة كلفت بان تؤمن العدالة في شكلها الخاص " وهو التصدي للمعتدين " وتحملها المادة الأولى من ميثاقها هذه المسئولية على وجه الخصوص ، وهذا ما نطلبه من العالم ومن منظمة الأمم المتحدة 0
إن القوى العظمى تسمي رياءا هذه الحرب المفروضة علينا حربا بلا مبرر بينما تقوم هي دائما بدعم ومساعدة الطرف البادئ والمعتدي عسكريا وسياسيا واقتصاديا ، ولا شك أن شن حرب كهذه يبقى دوما بلا مبرر ، ولكنهم لم يلجئوا إلى هذا التعبير طالما كان للمعتدي أمل في تحقيق أهدافه المشئومة ، أما اليوم فقد أصبح لهذه الحرب مبررا هام لدى شعبنا ، وهو العمل الجهادي المصحوب بالتضحية والفداء لغرض اقتلاع جذور العدوان والبرهنة على أن الشعب – أي شعب – يستطيع أن يدافع عن ثورته واستقراره وكرامته رغم انف القوى العظمى 0
لقد بدا شعبنا بما قدم من تضحيات وعطاء في إسقاط المعادلة التي شجعت دائما على الحرب والعدوان والتي تقول ( بان ضمان النجاح والانتصار يكمن في الاعتماد على الأسلحة المتطورة والاستناد إلى تأييد ودعم القوى المقتدرة ) إن الشعب الإيراني خلال هذه السبع سنوات بحث عن إجابة على سؤال كبير ، أود أن اطرحه من على هذا المنبر ، إن السؤال يتلخص فيما يلي : لماذا نرى أن الدول التي تعلم جيدا بان النظام العراقي المؤجج لنار الحرب هو الطرف المعتدي – وما أكثر عدد هذه الدول – (نعم) لماذا نرى أنها التزمت الصمت عن هذه الجريمة الكبرى وهذا الذنب العالمي العظيم ؟ لماذا تتناسى أجهزة الإعلام العالمية مسؤوليتها العظمى اتجاه الضمير الإنساني وتساؤل التاريخ ؟ ربما يكمن حل هذا اللغز في التعرف على العلاقات السياسية في عالمنا المعاصر ، والمعادلة الخاطئة التي أوجدتها سيطرة القوى العظمى في العلاقات الدولية ، وهذا شيء لا يخفى على شعبنا 0
أما السؤال الذي لا يمكن أن نجد له جوابا مقنعا فهو ما يلي : لماذا نسي مجلس الأمن الدولي – الذي انشأ أساسا للتصدي للعدوان وتحقيق الأمن العالمي – لماذا نسي تماما واجبه هذا اتجاه الاعتداء بل وقد عمل باتجاه معاكس لهذا الواجب ، لا باس أن يعلم الجميع بان مجلس الأمن عند بداية الهجوم العراقي الذي شن على جبهة عرضها ألف كيلومتر ، لم يقم بأي رد فعل اتجاه ذلك ، لقد اجتاز الجيش العراقي خلال أسبوع الحدود الدولية وفي بعض المناطق تقدم في عمق الأراضي الإيرانية لمسافة سبعين إلى ثمانين بل إلى تسعين كيلومترا ، واستقر فيها بغية أن لا ينسب أبدا حسب ما صرح به بعض قادة النظام العراقي ، وبعد إذ اصدر مجلس الأمن أول قرار له حول الحرب في الثامن والعشرين من سبتمبر عام ثمانين وتسعمائة وألف ، إلا أن هذا القرار لم يشر إلى الاعتداء ولا إلى الاحتلال ولا إلى ضرورة العودة إلى الحدود الدولية ، وإنما دعا بدلا من ذلك كله وبشكل غريب جدا ، دعا الطرفين إلى التوقف عن استخدام القوة 0
فهذه العبارة في الحقيقة تجاهلت ما تم احتلاله حتى ذلك اليوم من قبل القوات العراقية الغازية ، وكلما طلبت منها هو أن لا تتقدم أكثر من ذلك بينما طلبت من إيران أيضا أن تمتنع عن القتال لطرد المعتدي ، لقد كانت هذه أول مبادرة قام بها مجلس الأمن وقد أهملت من خلالها المهام الرئيسية الموكولة إلى المجلس من قبل المجلس نفسه وبشكل بشع ومؤسف ، وهذه المهام هي الحفاظ على السلام والأمن الدوليين ، بعد ذلك اكتنف مجلس الأمن الصمت القاتل متناسيا الحرب الدامية المستمرة التي كانت أخبارها تتصدر الأنباء العالمية ، إلى أن تم تحرير ( خرم شهر ) من خلال معركة قصمت العمود الفقري للقوات الغازية واسر فيها الآلاف منهم 0
إن بطولات شعبنا التي سجلها أكثر التنظيم الذي حصل في قواتنا المقاتلة أنبأت بظهور قوة مشابهة ثورية فعالة في المنطقة ، وإصابة باليأس التام كل القوى العالمية التي كانت تسعى لتحقيق أهدافها المشئومة من خلال الهجوم العراقي على إيران ، على ضوء هذا تنكر مجلس الأمن الحرب العراقية الإيرانية ثانية ، فبعد مضي عدة أسابيع على تحرير ( خرم شهر ) اصدر المجلس قراره الثاني في الثالث عشر من تموز عام ثلاثة وثمانين وتسعمائة وألف ، هذا القرار دعا إلى العودة إلى الحدود الدولية ، وهو ما كان قد تحقق معظمه فعلا بفضل تضحيات شعبنا والشجاعة النادرة التي أبداها مقاتلونا ، وهذا القرار أيضا لم يذكر شيئا عن العدوان ولا المعتدي ولا الخسائر ولا طريقة التعويض عن تلك الخسائر ، ولا تحدث عن ضمان للأمن والاستقرار الحقيقيين ولا معاقبة السبب في زعزعت الاستقرار والأمن ، ومرة ثانية وجدنا أنفسنا وحيدين في سعينا لاستعادة حقنا ، وقد وقف مجلس الأمن الدولي نفس الموقف في الحرب المفروضة علينا دوما ، وكادت أن تفتح مبادرات الأمين العام المستقلة الطريق لمساعدة منظمة الأمم المتحدة في تحقيق أهدافها ، إلا أن هذه الفرصة هي الأخرى لم يتم الاستفادة منها ، ولا بد هنا أن أعرب عن ارتياحي للجهود التي بدلها شخصه بهذا الصدد ، كما أنني لا يسعني إلا أن اذكر بالخير رئيس الوزراء السويدي الفقيد السيد ( بول بالمن ) الذي بدل جهودا حثيثة كمبعوث للامين العام 0
هل يستطيع مجلس الأمن أن يبرر عدم قيامه بواجبه الأول وهو التصدي للعدوان ، هذا الواجب الذي قدمته المادة الأولى لميثاق الأمم المتحدة على سائر الأهداف ، أية ضغوط يا ترى مارسها مجلس الأمن على العراق تصديا لتهديد السلام وانتهاك السلام واللجوء إلى القوة وهي أحكام الفصل السابع من الميثاق الدولي ، إن الالتزام بموقف الحياد هو اقل شيء يمكن أن تتوقعه الجمهورية الإسلامية من مجلس الأمن بعد أن أصبحت ضحية لعدوان دموي بشع وتكبدت خسائر فادحة من جراءه ، رغم أن واجب المجلس يقضي بمواجهة العدوان وحماية ضحية الاعتداء ، وليس اتخاذ موقف حيادي من الجانبين ، ولكن هل يستطيع مجلس الأمن أن يدعي حتى بأنه محايد في هذه القضية 0
الذي نراه نحن هو أن إرادة بعض القوى الكبرى خاصة أمريكا أثرت على مجلس الأمن وأرغمته على اتخاذ موقف غير لائق به ومدان ، من هنا لا بد من القول بان الأمن الذي بني أساسه على مجلس الأمن ليس إلا بنيان هش حسن ظاهره ، إن الشعوب – وخاصة شعوب العالم وعلى وجه الخصوص تلك التي ترغب في حياة مستقرة بعيدة عن هيمنة القوى العظمى – لن تستطيع أبدا أن تطلب من مجلس الأمن هذا ضمانا لأمنها 0
الامتناع عن إدانة العراق كمعتد كان سببا في أن تبقى نيران الحرب مشتعلة بل وقد وسعت رقعتها ، لقد تحول الخليج الفارسي إلى مستودع بارود خطر وذاك بسبب التواجد العسكري الأمريكي وسائر الدول التي جاءت بعدها وبناءا على إصرارها وضغوطها ، وارى لزاما أن الفت انتباه الجمعية العامة للأمم المتحدة والرأي العام الأمريكي إلى الخطر الكبير جدا والوشيك الذي عمدة أمريكا به إلى تهديد العالم بأسره وليس المنطقة وحسب بما فعلته في الخليج الفارسي 0
فيوم أمس هاجم الأسطول الأمريكي سفينة تجارية فقتل خمسة أشخاص وجرح أربعة آخرين واستولى على السفينة واحتجز ملاحيها وقد صور التلفزيون الأمريكي الأمر بأنه مهاجمة لزورق كان يقوم ببث الألغام وكالمعتاد فقد كذب على الرأي العام ، وها أنا أعلن هنا أن ذاك لم يكن زورقا حربيا ذا سرعة عالية بل سفينة تجارية اسمها ( إيران آجر ) وأعلن أن ما جرى هو إثارة فتنة لسلسلة حوادث لن تنحصر عواقبها المرة في الخليج الفارسي بدون شك ، ويتحمل المسئولية كاملة عن تلك العواقب الطرف البادئ بالشر أي أمريكا ، فهل يمكن لأحد أن يصدق دعاوى أمريكا بحرصها على الأمن والسلام في الخليج الفارسي بعد أن فضحها إشعالها لنار هذه الفتنة ، إني أعلنها صراحة وجهارا أن أمريكا ستتلقى الرد على الفعلة القبيحة التي أقدمت عليها ، وهذه الفتنة هي واحدة من التبعات المشئومة للحرب المفروضة وهي نتيجة لعجز مجلس الأمن عن التصدي لعدوان النظام العراقي 0
فلو كان مجلس الأمن قد أدان هذا النظام على شنه العدوان بدءا وعلى مبادرته فيما بعد إلى شن حرب المدن والسفن لو فعل مجلس الأمن ذلك لما استطاعت أمريكا القيام بهذه الممارسة الشريرة المهددة للسلام والأمن العالميين ، متحدية الرأي العام العالمي والأمريكي بالخصوص ومتحدية القرار الدولي رقم خمسمائة وثمانية وتسعين ، الذي كانت أمريكا بنفسها العامل الرئيسي لإعداده وإصداره ، فهل أن القرار خمسمائة وثمانية وتسعين قد اعد فقط للضغط على الجمهورية الإسلامية 0
لا بد لي أن أعلن للعالم وخاصة للشعب الأمريكي العظيم بأن الوجود العسكري الأمريكي العدواني في الخليج الفارسي ليس إلا وجها من أوجه العداء العلنية للولايات المتحدة ضد شعبنا ، فشعبنا يمر بحقبة مريرة ملطخة بالدماء ملئها العداء والحقد اللذان يكنهما النظام الأمريكي ضدنا ، فما قامت به الولايات المتحدة من دعم للنظام الفهلوي الدكتاتوري الجلاد الذي اقترف تلك المجازر الرهيبة بحق شعبنا المظلوم لفترة خمسة وعشرين عاما ، ونهب أموال شعبنا بمشاركة الشاه المقبور ، ومواجهة الثورة الإسلامية بشكل قمعي وحشي ، خلال الشهور الأخيرة من حياة النظام الملكي ، وتحريضه على قمع المظاهرات المليونية للشعب ، وخلق العقبات في طريق ثورتنا بشتى الوسائل في السنوات الأولى لانتصار الثورة ، والاتصالات الاستفزازية للسفارة الأمريكية في طهران بمناوئ الثورة ، ومساندة عناصر الانقلاب العسكري ، والدعم المستمر للإرهابيين ومناوئ الثورة الموجودين خارج البلاد ، وتجميد أرصدة وأموال إيران ، والامتناع عن تسليم البضائع التي دفعت أثمانها سلفا ، وعدم إعادة الأموال التي سرقها الشاه من خزانة الشعب ، والتي أودعها باسمه شخصيا لدى البنوك الأمريكية ، والعمل على فرض حصار اقتصادي علينا ، وفتح جبهة متحالفة مع الغرب ضد شعبنا ، وحماية العراق بشكل علني وفعال في حربه ضدنا ، وأخيرا الغزو الأمريكي الناتج عن نزعة الطغيان لديها للخليج الفارسي ، وتعريض امن المنطقة وسلامتها لخطر حقيقي 0
كل ذلك يشكل جزءا من لائحة الاتهام التي يقدمها شعبنا ضد الولايات المتحدة ، هذه اللائحة تزرع الشك اتجاه كل ما يدعيه رؤوس النظام الأمريكي من سعيهم وراء السلام وحول نواياهم الحسنة اتجاه الجمهورية الإسلامية ، فيظهر أن تلك الادعاءات إنما تطلق لاحتواء المشاكل الداخلية وللاستهلاك المحلي فقط 0
يتبع 0000
المفضلات