ولقيتَ (مَرْحَبَ) والسُّيوفُ شواخِصٌ
نحوَ الرِّقابِ، فلم يَرُعْكَ صَليلُها
جَنْدَلْتَ فارسَ قومِهِ فتناعبَتْ
غِرْبانُ خَيْبَتهِ وصوَّتَ غُولُها
في بابِ خَيْبرَ قصَّةٌ مشهودةٌ
يُشْفَى بها للمكرُماتِ غَليلُها
يا ابنَ الأكارمِ يا أبا السِّبْطَينِ، هلْ
وافاكَ منْ أخبارِنَا تَفصيلُها؟
أوَّاهُ لوْ تدري بفُرْقةِ أمَّةٍ
لوْ كُنْتَ فيها لانْبرَيْتَ تُزيلُها
ماذا أقولُ - أبا الحسينِ - وأمتي
يحتلُّ منزلةَ العزيزِ ذَليلُها
أتُراكَ ترضى أنْ ترى أبناءَها
شتَّى وأنْ يرعى الجياعَ بخيلُها
يا ابنَ الأكارمِ يا أبا الحَسَنِ الذي
زالتْ به فِتَنٌ وجَفَّ مَسِيلُها
أنَّى تقومُ أمامَ عِلْمِكَ بِدْعَةٌ
أنَّى يَصِحُّ إذا نَظَرتَ عليلُها
أوَلستَ بابَ مدينةِ العلمِ التي
يَهدي إلى الحقِّ المُبينِ سبيلُها
أَوَلمْ تقوِّضْ ما ادَّعَتْ سَبئيَّةٌ
لما تناهتْ في الضلالِ عقولُها؟
أنتَ الذي أَلْجَمْتَ ناطقَ وَهْمِها
وَطَردْتَ داعيَهَا وَفَرَّ قَبِيلُها
أوَلمْ تَكُنْ لكَ في القضاءِ فِراسةٌ
في كلِّ مُعْضِلةٍ لديكَ حُلولُها؟
أولستَ منْ جيلِ الصحابةِ، دُونَكُم
أَعْيا ركابَ الواهمينَ وصولُها؟
سقطتْ دعاوى المرجفينَ أمامكم
وجنى على أخلاقِهِمْ تهويلُها
أوَما تربَّيْتُم على سَنَنِ الهُدَى
في آي قرانٍ صَفَا ترتيلُها؟
سرتُمْ على النَّهْجِ القويمِ، فيا لَها
من عِزَّةٍ، فيكم تُجَرُّ ذُيولُها
للَّهِ دَرُّ الجيلِ رَمْزَ فضيلةٍ
شهدَتْ بها في العالَمينَ عُدُولُها
أصحابُ خيرِ النَّاسِ، أَنْجُمُ أُمتي
خيرُ القرونِ، وخيرُ جيلٍ جيلُها
بَشَرٌ لهمْ أخطاؤُهُمْ وصوابُهُمْ
لكنَّ همَّتَهُمْ يَعزُّ مَثيلُها
ربَّاهمُ الهادي البشيرُ فأصبحوا
قِمماً يليقُ بمثلِنا تبجيلُها
عُذْراً - أبا السِّبْطينِ - إِنَّ دروبَنَا
كثرتْ أمامَ السالكينَ وُحولُها
فِرقٌ إلى الوهمِ الكبيرِ ذَهابُها
وإليهِ منْ بعدِ الذَّهابِ قُفولُها
فرقٌ تناءَى عنْ يقينِكَ دَرْبُها
وازورَّ عنْكَ كثيرُها وقليلُها
تسطو على روحِ اليقينِ ظنونُها
ويُصِمُّ آذانَ الورى تَطبيلُها
ما أنتَ إلاَّ الشمسُ في رَأَدِ الضُّحى
فمَنِ الذي بيدِ الجفاءِ يَطُولُها
لمَّا انبرى الأشقى لقتْلِكَ أَغرقتْ
أجفانَ مَنْ نظروا إليكَ سُيولُها
للهِ درُّكَ - يا أبا السِّبْطينِ - لمْ
تجزعْ ولم يُوهِنْ قُواكَ مَهُولُها
لمَّا أصابَكَ سيفُ قاتلِ نفسِهِ
أدركتُ أنَّ الشمسَ حانَ أُفولُها
وفَرِحْتَ بالفوزِ الكبيرِ مبشِّراً
نفساً تجاوَبَ بالرِّضا تهْليلُها
أوَلمْ يُبشرْكَ الرسولُ بجنَّةٍ
فلأَنْتَ - يا ابنَ الأكرمين - نَزيلُها
بُشرى لكمْ - أهلَ الكساءِ - بحبِّكُمْ
حَفَلتْ مشاعرُنا وعزَّ حُفُولُها
عذراً - أبا السِّبْطينِ - بعدَكَ أُشْعِلَتْ
فِتَنٌ وأَوْهَنَ أمتي تضليلُها
وضعوا القناعَ على الوجوهِ وإنما
يضعُ القناعَ على الوجوهِ دَخيلُها
حَرُمتْ دماءُ المسلمينَ، وحُرِّمَتْ
أعراضُهم، فمتى جرى تحليلُها؟؟
قُتِلَ الحُسينُ، فما رَضِينا قَتْلَهُ
بجميعِ ألسنةِ الوفاءِ نَقُولُها
المفضلات