فى الاول من ذى القعدة سنة 173 للهجرة تلاءلاءت فاطمة اُخرى بين أزهار رياض الرسالة، لتكرر عصمة فاطمة الزهراء (س) مرة اُخرى، ولتصبح ببزوغ نورها اُسوة لنساء العـالم.
قال الامام الصادق (ع) قبل ولادة مريم آل محمد (ص)
(( إن لله حرما وهو مكة، وإنّ لاميرالمؤمنين حرما وهو الكوفة، وإنّ لنا حرما وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من أولادى تسمى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة ))
فمن هي فاطمة هذه؟ أهي فاطمة التي تنصر عليا؟ أم هي زينب التي ستحمل رسالة عاشوراء على عاتقها؟
أنها فاطمة المعصومة أخت الامام الرضا (ع).
وبهجرة أخيها من المدينة الى خراسان، شعرت برسالة فاطميتها، لتحمى شجرة السرور الشاهقة من روضة محمد (ص) الإمام علي بن موسى الرضا (ع).
لقد كانت سنة 201 للهجرة حيث قامت فيها بتوديع رسول الله وأئمة البقيع، بعد أن ودعت فـي العام الماضى أخاها الكريم، وتهـيأت قافلة الشوق، بصحبة الأخوة وأولادهم وغدت بوجهها صوب ديار الحبيب، وأخـذت قافلة المدينة ، قافلة الغربة تنشـد حكاية أخرى للمظلومية وأغرورقت عيون المهاجرين بالدموع، دموع الفراق ودموع الشوق، أن لقاء الأخ هو وحده الذي يخفف ويهون ثقل الفراق، إنها تعد اللحظات حتى موعد اللقاء فتلتحق بيوسف آل الرسول، وشمس ديار طوس.
لقد رأى أشرار بنى العباس فى مدينة ساوه مكانا ملائما لتنفيذ جريمتهم، وبهجومهم على قافلة النور قتلوا 23 علويا من أفراد القافلة، والآن هاهي فاطمة، تحمل رسالة زينب على عاتقها. إن الحزن على الشهداء مميت لا يطاق، اذ كيف يمكن لها أن تقبل بظلم بني العباس، فيطالها المرض على أثر ذلك بل قال بعض المحقيين إن الاأداء دسّوا لها السم.
وتتجه القافلة نحو بلدة قم، ويخرج الناس لإستقبالها في أطراف مدينتهم ليأخذوا كريمة أهل البيت عليهم السلام إلى بلدتهم، ويباركوا قدوم محدّثة آل طه بكل عظمة وجلال، ولكن ما أسرع الملتقى بوجه الله الكريم، فلم يطل بها المقام أكثر من سبعة عشر يوما فى بلدة قم، حتى لبّت نداء ربّها فى العاشر من ربيع الثانى سنة 201 للهجرة القمرية.
وغرقت بلدة الشيعة من أقصاها إلى أقصاها في إقامة مآتم الحزن على السيدة المعصومة (س)، فقد حول الناس دار موسـى بن الخزرج وهو محل إقامة السيدة إلى مدرسة سميت بـ ((المدرسة الستية))، بالإضافة إلى تشييد بناء قم على مزارها الشريف، ودعوا محراب عبادتها بـ ((بيت النور)) تقديرا لها. وتخليدا لاسمها وذكر العطرين.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ السيدة زينب، وميمونة، واُم محمد بنات الامام الجواد (ع) بالإضافة إلى عدد آخر من نساء السادة الموسويين أورين الثرى قرب المرقد الطاهر للمعصومة (س) أيضا.
وتعد السيدة زينب(إبنةالإمام الجواد عليه السلام) أول من شرعت ببناء مرقد السيدة معصومة (س)، ويكفي السيدة المعصومة (س) فضلا من حياتها البالغة 28 عاما المليئة بالفضل والكرم، أنها منحت الخلود للحوزة العلمية في قم باقامتها القصيرة ذات السبعة عشر يوما، وخرّجت الآلاف من العلماء المتأدبين والمحققين بين يدى عالم التشيع، منهم ((زكريا بن آدم)) من أصحاب الامام الرضا (ع)، و((أحمد بن أسحاق)) من سفراء ووكـلاء الامام الحسن العسكري (ع) ومحل ثقة صاحب العصر والزمان (عج)، وصولا إلى مراجع التقليد والعلماء المفكرين من أمثال: ((الميرزا القمي))، ((آية الله الحائري))، ((آية الله الصدر))، ((آية الله البروجردي))، ((آية الله الكلبايكاني))، ((آية الله المرعشي النجفي))، ((آية الله الأراكي))، ((آية الله السيد أحمد الخوانساري))، ((العلامة الطباطبائي))، ((آية الله المطهري)) و((الامام الخميني )) رضوان الله تعالى عليهم وغيرهم الكثير جداً جداً وكل هؤلاء من بركة وجود عالمة أهل الكسا التي منحت مدينة قم المركزية والريادة، وحولتها إلى مدينة إسلامية فاضلة ببركة أنوارها القدسية.
ولطالما قصدها علماء الحنفية والشافعية من البلاد القريبة والبعيدة، وجدّوا السير لزيارتها، فضلا عن الشيعة الملهوفين، على مرّ التأريخ.
فمن يزوها ظامن الجنة بإذن الله تعالى ، فهل ننساها وهي لم تنسنا من قبل ولادتها سلام الله عليها
روى العلامة المجلسي (رحمه الله) عن بعض كتب الزّيارات عن عليّ بن ابراهيم عن أبيه عن سعد الاشعريّ القميّ عن الرّضا صلوات الله عليه، قال: قال: يا سعد عندكم لنا قبر، قلت: جعلت فداك قبر فاطمة (عليها السلام) بنت موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: بلى، من زارها عارفاً بحقّها فله الجنّة، فاذا أتيت القبر فقم عند رأسها مستقبل القبلة وقُل أربعاً وثلاثين مرّة اَللهُ اَكْبَرُ وثلاثاً وثلاثين مرّة سُبْحانَ اللهِ وثلاثاً وثلاثين مرّة اَلْحَمْدُ للهِ ثمّ قُل:-
(( اَلسَّلامُ عَلى آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلى نُوح نَبِىِّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلى اِبْراهيمَ خَليلِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلى مُوسى كَليمِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلى عيسى رُوحِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا خَيْرَ خَلْقِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِىَّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ خاتَمَ النَّبِيّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ عَلِىَّ بْنَ اَبى طالِب وَصِىَّ رَسُولِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا فاطِمَةُ سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُما يا سِبْطَىْ نَبِىِّ الرَّحْمَةِ وَسَيِّدَىْ شَبابِ اَهْلِ الْجَّنَةِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلىَّ بْنَ الْحُسَيْنِ سَيِّدَ الْعابِدينَ وَقُرَّةَ عَيْنِ النّاظِرينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِىٍّ باقِرَ الْعِلْمِ بَعْدَ النَّبِىِّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّد الصّادِقَ الْبارَّ الاَْمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُوسَى بْنَ جَعْفَر الطّاهِرَ الطُّهْرَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلِىَّ بْنَ مُوسَى الرِّضا الْمُرْتَضى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِىٍّ التَّقِىَّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلِىَّ بْنَ مُحَمَّد النَّقِىَّ النّاصِحَ الاَْمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ، اَلسَّلامُ عَلَى الْوَصىِّ مِنْ بَعْدِهِ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى نُورِكَ وَسِراجِكَ وَوَلِىِّ وَلِيِّكَ وَوَصِىِّ وَصِيِّكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ فاطِمَةَ و خَديجَةَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ اَميرِالْمُؤْمِنينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ وَلِىِّ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا اُخْتَ وَلِىِّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا عَمَّةَ وَلِىِّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ مُوسَى بْنِ جَعْفَر وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ عَرَّفَ اللهُ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ فِى الْجَنَّةِ، وَحَشَرَنا فى زُمْرَتِكُمْ وَاَوْرَدَنا حَوْضَ نَبِيِّكُمْ، وَسَقانا بِكَأسِ جَدِّكُمْ مِنْ يَدِ عَلِىِّ بْنِ اَبى طالِب صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكُمْ اَسْأَلُ اللهَ اَنْ يُرِيَنا فيكُمُ السُّرُورَ وَالْفَرَجَ، وَاَنْ يَجْمَعَنا وِاِيّاكُمْ فى زُمْرَةِ جَدِّكُمْ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَاَنْ لا يَسْلُبَنا مَعْرِفَتَكُمْ اِنَّهُ وِلِىٌّ قَديرٌ، اَتَقَرَّبُ اِلَى اللهِ بِحُبِّكُمْ وَالْبَرائَةِ مِنْ اَعْدائِكُمْ، وَالتَّسْليمِ اِلَى اللهِ راضِياً بِهِ غَيْرَ مُنْكِر وَلا مُسْتَكْبِر وَعَلى يَقين ما اَتى بِهِ مُحَمَّدٌ وَبِهِ راض، نَطْلُبُ بِذلِكَ وَجْهَكَ يا سَيِّدى اَللّـهُمَّ وَرِضاكَ وَالدّارَ الاْخِرَةَ، يا فاطِمَةُ اشْفَعى لى فى الْجَنَّةِ فَاِنَّ لَكِ عِنْدَ اللهِ شَأناً مِنَ الشَّأنِ، اَللّـهُمَّ اِنّى اَسْاَلُكَ اَنْ تَخْتِمَ لى بِالسَّعادَةِ فَلا تَسْلُبْ مِنّى ما اَنـَا فيهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ اِلاّ بِاللهِ الْعَلِىِّ الْعَظيمِ، اَللّـهُمَّ اسْتَجِبْ لَنا وَتَقَبَّلْهُ بِكَرَمِكَ وَعِزَّتِكَ وَبِرَحْمَتِكَ وَعافِيَتِكَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ اَجْمَعينَ وَسَلَّمَ تَسْليماً يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ))
المفضلات