مشكورين على المتابعه


سلام من الله عليكم

~¤§(§)§¤~(الحلقة السابعة )~¤§(§)§¤~


( نظرية الكمال )


وقف ذلك الشاب للحظات حائرا مترددا

نظرت له سلوى وهي تقول : ماذا ألا تريد الجلوس

فجلس على الكرسي المواجه لها

نظرت سلوى للأوراق التي بين يديها ثم قالت : جميل هندسة ديكور , إذن أنت فنان؟؟

ابتسم ابتسامة اظهرت أسنانه البيضاء

وقال : لا فقط مهندس

ابتسمت سلوى وقالت : حسنا , والآن ماهي المشكلة

أدار يديه على شعره الحريري وقال : بالحقيقة لا أعرف من أين أدأ

قاطعته سلوى : من المكان الذي يعجبك

فقال : حسنا , لقد فسخت خطبتي من خطيبتي منذ أسبوعين وخطيبتي هي سبب مجيئي إليك

لقد قامت برمي الدبلة في وجهي وقالت باني إنسان مجنون وعلي مراجعة طبيب نفسي فهي تعبت من نصائحي وارشاداتي

لم اعر كلامها أي اهتمام لكن كلماتها بقيت ترن في أذني حتى قررت المجيء إليكِ

قالت سلوى : وماهو سبب تركها لك

قال : لقد رسبت في الجامعة , وذلك أغضبني كثيرا فأنا كنت أطلب منها الإجتهاد دوما وأن تكف عن العبث

لكنها كانت تتجاهل كلماتي

وعندما رسبت أعطيتها بعض النصائح للإجتهاد ولتحسين استخدام وقتها

كما أني بصراحة تغيرت مشاعري نحوها فأنا أكره الفشل

فأنا أكره أي إنسان فاشل فما بالك من ستصبح زوجتي وأم أولادي

وهي لم يفتها فتوري وانقطاع زياراتي

حتى في يوما زرتها ففوجئت بوجومها وغضبها الواضح في عينيها وقالت : بأنها سئمت حديثي عن الكمال البشري وبأن الإنسان لابد أن يسعى للكمال في جميع الأمور

وبأنها تعبت من محاولة ارضائي دون جدوى ونزعت الدبلة من بنصرها وقالت : اخرج من هنا ولا أريد رؤيتك مرة أخرى وحاول علاج نفسك بالذهاب لطبيب نفسي

قالت سلوى : وأنت يا عمر هل تعرف ما هي مشكلتك

ليجيب : أنا كنت دوما أسعى لتهذيب نفسي وابتعادي عن الأخطاء في جميع الأمور

فالخطأ بالنسبة لي جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون كما يعاقب على السرقة

تداركته سلوى بقولها : ولكن الإنسان ليس ملاك وكل إنسان يخطأ

فقال : نعم ولكن إذا عمل كل شيء بشكل دقيق فلن يقع في الأخطاء

قالت سلوى: وهل تفصح عن هذا الشيء دوما

ليجيب : نعم لقد أصبحت اليوم وحيد حتى أفنان خطيبتي تركتني

واليوم أنا أريد أن أتغير فهل ستساعديني

قالت سلوى : حسنا ولكنك لم تخبرني , كيف تولد عندك ذلك الشعور

والخوف من الوقوع في الخطأ حتى بات هاجس بالنسبة لك

تقلصت عينا عمر وكأنه يتذكر شيء من الماضي وقال : بالحقيقة كانت والدتي مديرة في إحدى المدارس , وكانت حياتنا تسير تحت روتين معين فيجب أن أصحو عند الخامسة وأرتب سريري وأرتدي ملابسي
وعند السادسة أكون موجود على مائدة الفطور
ومن يتـأخر يحرم من الفطور

وكان لابد ان أكون الأول بالصف وإلى سأعاقب

هكذا كانت حياتي وحياة أخوتي فأصبح الأمر بالنسبة لي عادة

ففي أحدى المرات تعرفت على شاب رائع ولكن عندما عرفت بأنه لم يكمل تعليمه الثانوي أصبحت أتهرب منه

فأنا أكره الفشل أكره

قاطعته سلوى : وكيف عرفت بأنه فاشل

ضحك عمر وقال: ألم أقل لكِ بأنه لم يتم تعليمه

فقالت سلوى : صحيح بأن العلم مهم للإنسان لكن هناك احيانا ظروف تمنع المرء من التعلم ولكن ذلك لا يعني نهاية العالم وفشله فهناك العديد من البشر الناجحين وهم ذو نصيب بسيط من التعليم

نظر لها عمر : ثم قال , هل أنا غريب الأطوار

ابتسمت سلوى وقالت : لا أبدا , كلما في الأمر بأنك أصبحت متعود على الجد والإجتهاد وكل شيء يزيد عن حده ينقلب ضد الشخص

ثم قالت : أخبرني يا عمر , هل تعرف كيف يعالج المدمنين

ليصرخ عمر : أعوذ بالله مالنا ومالهم

لتبتسم سلوى وتقول : لإنك مدمن , نعم لست مدمن على الشراب والمخدرات والحمد لله

ولكنك مدمن على الجد و الاجتهاد ومدمن أبضا على الروتين

نظر عمر لسلوى وقال : معك حق يا دكتورة فأنا نادرا ما أغير من حياتي وأنا لا أغفر الأخطاء أبداً مهما كانت صغيرة ........ ولكن ما العمل الان يا دكتور؟؟

لتجيب سلوى : الأمر بسيط جدا , سنبدأ بالتدريج , اخبرني هل ترتب سريرك يوميا فور استيقاظك

ليجيب عمر : نعم

لتقول سلوى : حسنا , سنبدأ من هنا , عندما تستيقظ أترك سريرك كما هو واذهب للعمل

ليضحك عمر ويقول : وما دخل السرير في الموضوع

بادلته سلوى بابتسامة وقالت : سنرى , هل بإمكانك التوجه للعمل والسرير غير مرتب

ولان اذهب وسأعطيك موعد بعد أسبوع

خرج عمر وهو مستخف بما قالته سلوى

......................

بعد أسبوع عاد عمر

قابلته سلوى بابتسامتها المعهودة وقالت : أخبرني كيف جرت الأمور

علت وجنتي عمر حمرة خفيفة وقال : لم أتوقع أن يكون الأمر صعبا هكذا ففي اليوم الأول نسيت ورتبته وفي اليوم الثاني كان قلبي يرقص خوفا من شكله الغير مرتب فعدت فورا لترتيبه وفي اليوم الثالث تركته غير مرتب وخرجت من المنزل
لكني لم أستطع التوقف عن التفكير به فعدت ورتبته
وفي اليوم الرابع نجحت بعد عن قاومت كثيرا لكي لا أعود لترتيبه

ابتسمت سلوى وقالت : أخبرني هل حدث شيئا عندما تركته غير مرتب

قال : لا لم يحدث شيئا

فقالت سلوى : اسمعني يا عمر أنا هنا لاأدعوك للفوضى وعدم التنظيم , لكن ذلك الإختبار البسيط الذي أجريته يبين لك بأن مثل هذه الأشياء هي أمور طبيعية تحدث مع الجميع

ويجب عليك إن تتخذ الأمور ببساطة وإن لا تعقدها لتسهل حياتك وحياة من حولك

ليجيب عمر : صدقيني يا دكتورة رغم فكرة الإختبار البسيطة

إلا أني شعرت بأنه غير في الكثير

وعرفت بأن هناك بعض الأخطاء ليس هناك من ضرر من حدوثها فلن تنقلب الدنيا إذا ما فشل الإنسان في الإمتحان مرة واحدة وشعر بخطأه وحاول مرة أخرى مجتهدا

فكل نجاح يسبقه فشل

زادت ابتسامة سلوى لتظهر بياض أسنانها المتناسقة وتقول : رائع ياعمر لم أتوقع إن يؤثر فيك ذلك الاختبار بهذه الصورة أنت إنسان طموح
1.
ومشكلتك كانت بسيطة والآن وقد تغلبت عليها ماذا ستفعل

ليجيب عمر : سأتوجه فوراً لخطيبتي أفنان التي يعود الفضل لها لوجودي هنا وأطلب السماح منها وسأساعدها على النجاح

وبعدها سنتزوج لننجب أبناء غير مهوسون بالكمال البشري

ويضحك بعدها لتبادله سلوى بابتسامة جميلة من ثغرها .

انتهت
دعواتي الصادقة وتحياتي العطرة