مشكورين على المتابعه

ღ•°•ღ•° الحلقة التاسعة ღ•°•ღ•°•

( صوت من الماضي )


إنها تقضي الليل في التجوال بين الغرف تفتح هذه الغرفة وتلك الغرفة

ولا ترتاح حتى يستيقظ النائم فيها

اعتقدنا في البدء إنها مرحلة عابرة ولكنها استمرت معها وهي للآن على هذه الحالة مما يزيد على الثلاث سنوات

وسلوكها هذا جعل أخوتها يضجرون منها فأصبحوا يغلقون الغرف بالمفاتيح والأقفال

فتطرق الأبواب وتصيح عندها وتسبب إزعاج كبير وينقضي الليل ونحن في محاولة تهدئتها

ويذهب الجميع للعمل والمدرسة وهو متعب ولم يذق طعم النوم

لقد عرضتها مسبقاً على طبيب فقال أنها تعاني من ضعف وهزال ووصف لها فيتامينات ومقويات

ولم يذكر شيئاً عن حالتها هذه

وفكرت في إعطاءها حبوب منومة لعلها تنام وتريحنا ولكني خفت عليها من الإدمان

نعم خفت عليها من إدمان تلك الحبوب

فهي ستبقى ابنتي المدللة والتي أحبها كثيراً

واليوم يا دكتورة بعد إن ضاقت بنا الدنيا رأيت ان الحل قد يكون بين يديك

فبماذا تنصحينا
كانت تلك كلمات الرجل الجالس بمواجهة سلوى

نظرت له سلوى بأسى فقد بدا التعب على وجهه واضحا

وقالت : اطمئن يا أستاذ أسامة فهالة ستكون بين أيداً أمينة ولكن هل ساعدتني بالإجابة على هذه الأسئلة

أسامة : بكل تـأكيد يا دكتورة

سلوى : منذ متى بدأت تنتاب هالة هذه الحالة

أسامة : منذ حوالي ثلاث سنوات

ابتسمت سلوى وقالت : أنت لم تفهم قصدي , هل هناك حادث ما حدث وبعده أصبحت هالة تأتي بمثل هذا السلوك

أخذ أسامة يفكر وقد ضاقت عيناه ثم قال : لا أعتقد يا دكتورة

أو ربما فقد انتابت هالة هذه الحالة بعد وفاة شقيقتها التوأم بسنة

دونت سلوى ملاحظاتها ثم قالت : وكيف توفيت شقيقتها ؟؟

أسامة : توفيت بإحدى نوبات الربوة الحادة , فقد كانت تعاني من حالة متقدمة من الربو

سلوى : وهل توفيت في المشفى أم المنزل ؟؟

أسامة : بالمنزل وقد باغتتها الحالة وهي نائمة وكانت هالة نائمة معها بنفس الغرفة ولكنها لم تستيقظ على آثر صراخ أختها لذلك اعتقد أنها تشعر بالذنب

فهي دائما تصرخ إني أحبكم وأخاف من أن تموتوا وأنتم نيام مثل هيام
وهيام هذا هو اسم أختها المتوفاة
مسح أسامة دمعة سقطت من عينيه مجبراً

فقالت سلوى : آسفة لتذكيرك بما فات , ولكن كل ذلك يصب في مصلحة هالة

أسامة : لا عليكِ يا دكتورة كل ما يهم الآن هالة

متى يمكنني إحضارها

سلوى : هل بعد غدا مناسب

أسامة : كما تشائين يا دكتورة

ثم قام من مكانه وودع سلوى وخرج

................

الساعة الرابعة مساءاً

وقبل أن تفتح سلوى دفتر المواعيد لتعرف من التالي

دخلت الممرضة سحر لتخبر سلوى بحضور الأستاذ أسامة وابنته هالة

وبعد دقائق كان أسامة وابنته بالداخل

نظرت سلوى لهالة الملتصقة بأبيها

كانت متوسطة القامة سمراء البشرة وذات عيون بنية جميلة

وكان في نظرتها الكثير من العناد والإصرار والخوف الواضح

فقالت سلوى : يمكنك الانصراف لعملك يا أستاذ أسامة وسأبقى أنا وهالة نتحدث قليلاً
نظرت هالة لأبيها بهلع ولكنه نظر لها مطمئناً ومن ثم خرج

توجهت نظرات هالة لسلوى

فابتسمت سلوى وقالت : اقتربي هنا إلى جانبي

......... هيا اقتربي

فتحركت هالة وجلست على الكرسي المواجه لسلوى

نظرت سلوى لهالة الجالسة بمواجهتها و قالت : غدا هو عيد ميلادكِ أليس كذلك

تفاجأت هالة ونظرة لسلوى باستغراب

فقالت سلوى : هذا حسب ما هو مكتوب

فأجابت هالة بحركة من رأسها إيجاباً

فتحت سلوى درج المكتب وأخرجت منه كيس

وقدمته لهالة

وقالت : خذيه إنها هدية لكِ

نظرت هالة لسلوى مندهشة

فاقتربت سلوى منها وقامت بفتح الكيس وإخراج صندوق منه

كان بلون خشب السنديان

وقدمته لهالة وقالت : افتحيه هناك شيء جميل بداخله ينتظرك

فتحته هالة بيد مرتجفة

وحالما فتحته خرجت منه صوت الموسيقى الهادئة

ولكنها رمته بعيداً حالما رأت الفتاتين التوأم يرقصان مع بعضهما البعض

وأخذت في البكاء

ظلت سلوى تتأملها ثم قالت : هل تذكرتي هيام ؟؟

فزاد نحيب وبكاء هالة على أثر هذا السؤال

فعاودت سلوى الحديث : عزيزتي هالة , هل أنتِ تحبي هيام لأنها شقيقتك أم لأنها هيام ؟
وإذا ما سألتني ما هو الفرق , فهناك فرق كبير إن تحب شخص من أجل صلة الدم فقط وأن تحبه لأجل روحه الطاهرة لأجله هو فقط أينما كان وأين كان

أمسكت سلوى بيدي هالة وقالت : انظري لعيني هيا انظري

حركت هالة رأسها ونظرت لسلوى بعينيها المملؤتين بالدموع

فتبسمت سلوى لها وأخذت منديلا ومسحت دموعها وقالت : اسمعيني جيداً يا هالة , أنا أعرف بأنكِ تحبين هيام وبل تعشقيها أيضا فأنتِ وهي روح واحد لجسدين مختلفين
ولكن هل بمكانكِ إن تصدقيني القول

هل كنتِ نائمة عندما استغاثت هيام ؟؟

حررت هالة يديها من بين يدي سلوى وتصاعدت أنفاسها بسرعة

وشرد ذهنها وكان الذاكرة تعود بها للبعيد

ثم صرخت بصوت عالي ..... لا لا لا لم أكن نائمة

كانت تصرخ وتقول النجدة هالة أنا أتألم بسرعة اذهبي لتخبري أمي وأبي أنا غير قادرة على التنفس

ولكني كنت اضحك وأقول يا لكِ من كاذبة

لا لن أصدقك هذه المرة أيتها الكاذبة

فتعود هي مجددا للصراخ لا لست كاذبة ليس هذه المرة

هالة ارحميني إني أموت

فيزاد معها صوت ضحكي

وفجأة سكتت عن الصراخ فظننت أنها تعبت من اللعب معي ونامت فنمت بدوري

بعد هذه الكلمات أخذت هالة في البكاء بشدة

احتضنتها سلوى وهي تقول : هوني عليكِ يا صغيرتي , هوني عليكِ

أخذ صوت هالة يطل بين بكائها

لم أكن أريد موتها

أنا من قتلها أنا من قتلها

فقاطعتها سلوى : لا تقولي هذا يا هالة , أنتِ لا ذنب لكِ

هيا أخبريني لماذا ظننتِ بأنها كاذبة

فأجابت هالة وهي بين بحر من دموعها

لقد كانت هيام تتصنع كثيراً وتقول بأنها مريضة وتعاني من نوبة فأقوم أنا على أسرع ما يكون لكي أخبر أمي و أبي

وقبل أن اخرج يتصاعد صوت ضحكها وتقول بأنها تمزح

لقد فعلتها مراراً وتكراراً حتى مللت منها

ويا ليتني لم أفعل ذلك و أمل منها

لقد كلفني ذلك حياة أغلى شخص بحياتي

صمتت سلوى قليلاً ثم قالت : أخبريني ولماذا تفعلي ذلك بأهلك وتزعجينهم في نومهم هل تخافين عليهم من الموت إن يسرقهم كما سرق هيام؟؟


هزت هالة رأسها نفياً وقالت : لا , حقيقة أني أخشى أن أفقد أحدهم يوماً

ولكني لا أستطيع النوم بسبب ظل هيام الذي يلاحقني ويخبرني أن أهلي لو عرفوا ما قمت به فسوف ينتقمون مني ويقتلوني تماما كما قتلتها أنا
وأنها ستسعى لتخبرهم بما فعلت وذلك أثناء نومهم ليروها في الحلم
وذلك الشيء يفزعني ويجعلني حريصة على إن يبقوا بدون نوم حتى لا يعرفوا الحقيقة .

فزعت سلوى من تفكير هالة

وقالت : لا يا هالة إن كل هذه الأمور أوهام

وما رأيك لو أخبرنا أهلك بالموضوع وسترين كيف أنهم يحبونك حتى بمعرفة الحقيقة

صرخت هالة : لا أرجوكِ أني خائفة

أجابتها سلوى بصوت حاني : ثقي بي وسأكون عند حسن ظنك , هل أنتِ موافقة

صمتت هالة طويلا

فاستحثتها سلوى على الكلام : هيا قولي بأنك موافقة

فهزت هالة رأسها مستسلمة

بعد ربع ساعة حضر أسامة والد هالة

فطلبت سلوى من هالة الانتظار بالخارج حالما تتحدث مع والدها

جلس الأستاذ على الكرسي المواجه لسلوى وكله لهفة لمعرفة ما توصلت له سلوى

ولم تطل سلوى عليه فقالت : أجبني يا أستاذ أسامة هل تعرف قصة الراعي مع الذئب

فضحك أسامة وقال: ومالها هذه القصة في موضوعنا

قالت سلوى : بل أنها صلب الموضوع

أخبرني ما رأيك في ما أصاب الراعي

قال أسامة : إنه يستحق ذلك وأكثر من ذلك

قالت : سلوى إذاً اتفقنا

لتسمع القصة منذ البداية

إن هيام كانت تلعب دور الراعي مع هالة وتتصنع بحدوث نوبات لها

فتذهب هالة مسرعة لأخباركم لتعملوا اللازم مع هيام , فتضحك هيام معلنة بأنها كانت تمزح

ويتكرر ذلك الموقف كثيراً

حتى جاء اليوم الموعود فظنت هالة إن هيام تمزح فلم ترضخ لها هذه المرة

فحدث ما حدث

صرخ أسامة : هالة لم تكن نائمة

فقاطعته سلوى : أرجو أن تهدأ من نفسك

لم يكن لهالة أي دور , إنما هو قضاء الله وقدره

والكلام الآن لن ينفع والحي أبقى من الميت

وهالة لا يمكن لومها كما لا يمكننا لوم أهل القرية

فهم قد فقدوا أغنامهم كما فقدت هالة تؤمها وروحها الأخرى

أجاب أسامة : معك حق , إذاً وهل توصلتِ لمبرر لتصرفات هالة

ابتسمت سلوى وقالت : خذ , إن هالة تظن بأنكم لو عرفتم الحقيقة فسوف تقتلونها

وذلك عن طريق شبح هيام الذي يلاحقها ويخبرها بأنه سيزوركم في المنام ليخبركم بالأمر

فتقتلونها

فما رأيك أنت بالأمر ؟؟

أجاب أسامة : ولهذا تحرص على بقاء الجميع مستيقظ

سلوى : تماما

وكل ما أريده منك الآن أن تخرج وتحتضن هالة وتخبرها انك تحبها

وستقتل كل من يفكر بقتلها

أدار أسامة يده على رأسه متردداً

فحثته سلوى بقولها : هيا ماذا تنتظر إلا تريد النوم

خرج أسامة ليرى هالة جالسة بحالة عصبية

فاقترب منها وأحتضنها بحنو الأب وقال : ياه يا حبيبتي كما عانيتِ

لا تقلقي منذ اليوم واطردي تلك المخاوف فأنا سأقتل كل من يفكر في قتلك

فصرخت هالة : أبي كم أحبك .

انتهت

دعواتي الصادقة وتحياتي العطرة