الصديقة الزهراء - 1979م
كيف يدنُو إلى حَشَاي الدَّاءُ *** وبقلبي الصديقة الزهراءُ!
مَن أبوها وبعلُها وبنوها *** صفوةٌ ما لمثلهم قُرناءُ
أفُقٌ ينتمي إلى أُفُق الل *** ه وناهيك ذلك الانتماءُ
وكيانٌ بناهُ أحمدُ خُلقاً *** ورَعَتْهُ خديجةُ الغرَّاءُ
وعليٌّ ضجيعُهُ يا لرُوحٍ *** صنعتهُ وباركتهُ السماءُ
أيّ دهماء جلَّلت أُفُق الإس *** لام حتى تنكَّرَ الخُلصاءُ!
أطعموكِ الهوان من بعد عزٍّ ***وعن الحُبِّ نابتِ البغضاءُ
أأُضِيعَكْ آلاءُ أحمد فيهم *** وضلالٌ أن تُجحد الالاءُ؟
أو لم يعلموا بأنَّكِ حُبّ ال *** مُصطفى حين تُحفظُ الآباءُ؟
أفأجرُ الرسول هذا، وهذا *** لمزيدٍ من العطاء الجزاءُ؟
أيُّها المُوسِعُ البتولة هضماً *** ويك ما هكذا يكُون الوفاء
بُلغةٌ خصَّها النبيُّ لذي القُر *** بى كما صرَّحت به الأنباءُ
لا تُساوي جُزءاً لما في سبيل ال*** له أعطته أمُّك السَّمحاء
ثُمّ فيها إلى مودَّة ذي القُر*** بى سبيلٌ يمشي به الأتقياءُ
لو بها أكرموكِ سُرَّ رسول ال***له يا ويح مَن إليه أساءُ
أيُذادُ السِّبطان عن بُلغة العي***ش ويُعطى تُراثهُ البُعداءُ
وتبيتُ الزهراءُ غرثى ويُغذى***من جناها مروان والبُغَضاءُ
أتروح الزهراءُ تطلُب قوتاً***والذي استرفدُوا بها أغنياءُ
يا لوجد الهُدى أجل وعلى الدُّن***يا وما أوعَبَت عليه العَفَاءُ
نهنهي يا ابنة النبي عن الو***جد فلا برحت بكِ الُبرحاءُ
وأريحي عيناً وإن أذبلتها***دمعة عند جفنها خرساءُ
وانطوي فوق أضلعٍ كسروها***فهي من بعد كسرهم أنضاءُ
وتناسي ذاك الجنين المدمى***وإن استوحشت له الأحشاءُ
وجبين محمدٌ كان يرتا***ح إليه مبارك وضاءُ
لطمته كفٌ عن المجدِ والن **** نخوة فيما عهدتها شلاءُ
وسوار على ذراعيكِ من سوطٍ***تمطت بضربهِ اللؤماءُ
في حشايا الظلام في مخ **** دع الزهراء آهٌ ولوعةٌ وبكاء
وهي فوق الفراش نضوٌ من ال **** أسقام كالغصن جف عنه الماء
الرزايا السوداء لم تُبق منها *** غير روح ألوى بها الإعياء
ومسجى من جسمها وسمته *** بالندوب السياط كيف تشاء
وكسيرٌ من الضلوع تحامت *** أن يراه ابن عمها فيُساءُ
فاستجارت بالموت والموت للروح التي أدَها العذاب شفاء
وبجفن الزهراء طيفٌ تبدى *** فيه وجه الحبيب والسيَماء
فتمشت بجمسها خلجاتٌ *** ومشى في جفونها إغماءُ
وبدت في شفاهها همهماتٌ *** لعليٍ في بعضها إيصاءُ
بيتيمين وابنتين ويا للأم *** نبضٌ بقلبها الأبناءُ
ووصايا نمت عن الهضم والعتب روتها من بعدها أسماءُ
ثم ماتت ولهى فما أقبح الخضراء مما جنوه والغبراءُ
سُجيت في فراشها وعليٌ *** وبنوه على الفراش انحناءُ
وتلاقت دموعهم فوق صدرٍ *** كان للمصطفى عليه ارتماءُ
وعليٌ بمدمعٍ يقتضيه الحزنُ سكبا وتمنعُ الكبرياءُ
فاحتوى فاطما إليه ونادى *** عزَ يا بضعة النبي العزاءُ
وتولى تجهيزها مثل ما أوصته من حين مدت الظلماء
وعلى القبر ذاب حزنا وندت *** دمعة من عيونه وكفاء
ثم نادى وديعةٌ يا رسول الله ردت وعينها حمراء



في ذكرى الحسين (ع) - 1959م
لم لا يلذ على ألحــــاني السمر ***** وأنت لي فـــي نشيد حالم وتر
غنيت باسمك فاهتـــز الوجود إلى ***** دنيا يمتع فيهــــا السمع والبصر
إلى فتى ليس مجد الــــواهبين سوى ***** قدر ضئيل إلى جــدواه يفتقر
إلى البطولة يستضرى بها وهج ***** وعي الشعوب إذا استشـرى بها الخور
إلى الصلابة من أجــل الحياة ترى ***** حرب المقاديــر أو يستسلم القدر
إلى وريف من الأفيــاء رف على ***** الضاحيــن حيث هجير البغي يستعر
إلى الحسين وهل غيــــر الحسين إذا ***** ما التاث فكر وضــاع الورد والصدر
آمنت أنك حقــــل ما تمنع إذ ***** يستاف عطـر وإذ يستقطف الثمر
يممت يومك أستجلــى وروائعه ***** فأشبعت ناظـــري موارة صور
ما رمت رائعة إلا وجـــدت به ***** كأن كل سمـــو يه منحصر
هو المدى ميز الشــــوط البعيد به ***** أعنة الركب من جدوا ومـن قصروا
يؤذيه أنا دأبنــا أن نطالعه ***** من عبرة وهو فيما يحتــوي عبر
لو شئت قلت ، وما زهـــو الفتوح سوى ***** دنياك ، إنـــك دنيا ملؤها ظفر
لقد رأيتك فيــها ألف قادمة ***** تهوى الشواهق إذ تــستوبا الحفر
وماردا زحم الأعصـار منكبه ***** حتى لواه ، ومــــا ألوت به الغير
وفكرة تستشف الغيــــب ، ما وهبت ***** إلا لتخلد ، والـــطغيان ينتحر
ما ضرها وهي ترجــــو كل عاقبة ***** إذا تجعل مـــــن لذاته أشر
قد يخدع الوهم سكــرانا فيجعله ***** يظن أن الذي فــي كأس قمر
أنبئك أن دما أهـــــرقت ألوية ***** شم إذا ما استحر الخـــطب تنتشر
ولوعة في رضيـع أثكلوك به ***** وجبهة وسموا أو خـنصرا بتروا
قذائف قد أدلت مــن عروشهم ***** ورحت وحدك في الميــدان تنتصر
فارو الخلود فما كــان الخلود سوى ***** وثيقة وقعتها باســمك العصر
مولاي عاد إلى سمـار مجلسهم ***** وعاد يبعث فينا اللـــذة الخدر
وعاد يزأر في النــــادي الوديع فتى ***** مفهيق صوته كالصخر ينحــدر
يحكي البطولات كالـصبيان إن ركبوا ***** عصيهم حسبوها الخــيل تبتدر
وحوله نفر يــــروون من خدع ***** له الهدير ليروي أنهم هـدروا
وهو الذي كــان لا يســطيع من هلع ***** أن تستقر على أعطــافه الأزر
أيام لا نحـــن في سلم فيمنعنا ***** ولا بحرب فندري كـيف نعتجر
أغراب لا نحن مـــن قيس فتمنعنا ***** ولا قريش فيحمي رحــلنا مضر
مشى لنا غرمــاء ، لو بساعدهم ***** لهان ، لكنهم ظــل لمن أمروا
تقسمونا فإغراء لمن رقصوا ***** رقص القرود وضــغط للذي صبروا
حتى تداركنا كالـ‎رعد منطلقا ***** صوت الفتـاوى على أفواه ومن زأروا
دوى بها نفر من خيـر قادتنا ***** عند الخطوب ، فــــمرحى أيها النفر
فانجاب ليل وولـــــت ظلمة ومشى ***** ضوء ورفـــرف فتح أبلج نضر
لكنني ، وبقـايا الأس ما برحت ***** تغري النـشاوى أرى أن يؤخذ الحذر
فإن ذبذبة (الأنــــواء) ما برحت ***** والبــوق للنفخ ما ينفك ينتظر
وشيمة النفر المسـعور تخبرنا ***** بأنهم يهلكـــون الحرث لو قدروا
فأججوا الدم عازمـــ‎ا في ترائبنا ***** باسم الحســين ليوم الهول يدخر
يا أيها النشء يا نـــــبعا تبرعم من ***** أكبادنا وربيـعا نبته عطر
إنا نراك الغذ المــرجو نطلعه ***** صبحا إذا ما ظلام الخـطب يعتكر
لا تخدعن بأحـلام مزوقة ***** كذوبة لـيس في أخلافها درر
كعاجز لم ينل في يقــــظة وطرا ***** فيستجيب له في حلمه الوطر
في كل يوم تلاقي مــــن سرابهم ***** خـوادعا فلماذا ليس تعتبر
صبوك في ألف شكــل من قلوبهم ***** حتى كأنــك للتزييف مختبر
وأشرعوك سلاحـا لا تجذ به ***** إلا يداك وجـسرا فوقه عبروا
كم واعدوك (وحادي العـــيس طال به) ***** حدوا ولــــيس لما يحدوا به أثر
ما زلت تطوي الضلوع الخافقات طوى ***** في حين تـنحت من أضلاعك السرر
فرحت تخبط حينـــا هاهنا وهنا ***** حينها كتـائهة يعشو لها نظر
يا نشء عد للحمى الأسمى فأرضك من ***** خصب زهت وسماك الثر ينهمر
ألست من وهب الليــــــــل الشروق فما ***** تنمى لغير سناه الأنجم الزهر
فالروح جامع والأفـــكار جامعة ***** والعدل مــجتمع ينمو فيزدهر
مشى ربيعك سمحـا في غوادقه ***** يفيض بالبــشر حتى ببسم الزهر
أيام أسكرت الدنيـــا الفتوح لنا ***** في كل دالـــية للمجد معتصر
واليوم تهدى إلــى تشريعنا فكر ***** يا واهب التمــر لا تحتاجه هجر
متى افترقنا وقد اغنـى موائدنا ***** محمد واهـتدى من وحينا البشر
سقيت ذكراك والصــــهباء قافية ***** هذي الوفود فما ذنبـي إذا سكروا
وطالعتهم وما أسمى الجـــلال بها ***** رؤاك في جنبات الحــــفل تنتشر
هنا يلألئ (يا للنـــــجم) منتصبا ***** من الشموخ جبين شجــه الحجر
وها هنا يشجب الظــلماء منبلجا ***** ثغر تشظى عليه العـــود ينكسر
وها هنا قدم سارت ومـا عثرت ***** في حين عاف السرى بالدرب من عثروا
وها هنا وعليه النبل أوسمة ***** صدر يحلي الـعوالي منه مشتجر
وها هنا أشرعت مخضــوبة بدم ***** كفاك تلطم خـــدا كله صعر
وها هنا وهنا من جنـاحيك مشت ***** روح توثب كالـبركان ينفجر
منها نسجت فلم لا يزدهــي نغمي ***** (وأنت في نشيــد حالم وتر)



حديث الجراح - 1973م
مقتطف من القصيدة:
الجراحات والدَّم المطلول أينعت فالزَّمان منها خميل
ومضت تنشئ الفتوح وبعض الدم فيما يعطيه فتح جليل
والدَّم الحرّ مارد يُنبئ الأحرارَ والثائرين هذا السبيل
وحديث الجراح مجدٌ وأسمى سِير المجد ما روته النّصول
ثم عذراً إن تهتُ يا دم يا جرح فقد أسكر البيان الشَّمول
يا أبا الطَّف يا نجيعاً إلى الآن تهادى على شذاه الرُّمول
توَّج الأرض بالفتوح فللرَّمل على كلِّ حبَّةٍ إكليل
ئأرجفوا أنَّك القتيل المدمَّى أوَمَن ينشئ الحياة قتيل
كذبوا ليس يُقتل المبدأ الحرّ ولا يخدع النُّهى التَّضليل
كذبوا لن يموت رأيٌ لنور الشَّمس من بعض نوره تعليل
كذبوا كلُّ ومضة من سيوف الحق في فاحم الدُّجى قنديل
كلُّ عرق فرَوه لهو بوجه الظُّلم والبغي صارمٌ مسلول
ويموت الرسول جسماً ولكن في الرسالات لن يموت الرسول
يا أبَا الطَّف ساحة الطَّف تبقى وعليها مَشاهدٌ لا تزول
فهنا والنبيُّ يرقب شلواً مزَّقته قناً وداست خيول
يزدهيه بأنَّه وحسين قصة الأمس والغد الموصول
وبأنَّ الرُّوح الذي حمل السِّبط تراث من النبي أصيل
وهنا حشد آل حرب وللخسَّة في كلِّ ما به تدليل
يتهادى كأنَّه أحرز النصر ولم يدرِ أنه المخذول
وعليه من الجدود بقاياً هي لؤم وحطَّة ونزول
وهنا حشد هاشم وهو جذر ينتمي للشذى وطبع نبيل
وستبقَى الدُّنيا وللوضر النَّتن قبيل وللسموِّ قبيل



علي الأكبر
ندب تحدّر من سلالة فتية *** ملأوا رباع الأرض بالآلاء
بدر تتوّجه خلائق أحمد *** بفصاحة وسماحة ومضاءِ
متجلبب من حيدر بشجاعة *** ومن الحسين موشّح بإباءِ
سل عنه أكناف الطفوف فكم بها *** تركت صفيحته من الأشلاءِ
وسل القواضب والقنا عن نثره *** والنظم فهي به من الخبراءِ
ملك الوغى بحسامه فأحالها *** دهماء أعيت السن البلغاءِ
خرست مقاولها فلا متكلّم *** وغدت تشير إليه بالإيماءِ
سيّان عند سنانه وحسامه *** يوم الهياج قريبها والنائي
بطلُ تخب به ربيبة سبسب *** يهتز صلواها من الخيلاءِ
غرّاء تستبق النواظر ان سرت *** أوحت لذهنك ليلة الاسراء
غيران يفتك بالألوف وعمره *** ما جاوز العقدين في الاحصاءِ
والسبط يرصده وفوق جبينه *** للناظرين بوادر السرّاءِ
وأصاخ يسمع رجزه ويجيبه *** الميدان عند الرجز بالأصداءِ
وإذا به يدعوه أدركني فقد *** دارت عليّ بجمعها أعدائي
فانقض مثل الصقر شام فريسته *** وجلا الصفوف وجال في الأرجاءِ
حتّى إذا دفع العدى عن شبله *** آوى اليه بلوعة وبكاءِ
ألفاه منعفر الجبين تمازجت *** حمر الدماء بوجنة بيضاءِ
ورأى شفار المرهفات تلاعبت *** بجمال تلك القامة الهيفاءِ
فجثا وأقنع للسماء بشيبة *** مغمورة بمدامع و دماءِ
يا عدل قد قتلوا شبيه محمّد *** أنزل بساحتهم عظيم بلاءِ
وأحلّ رأس وليده في حجره *** وانصاع يمسح عثير الغبراءِ
يا نبعة غذيتها بدم الحشا *** وغرستها في روضة غنّاءِ
ووقيتها لفح الهجير وحطتا *** بأضالعي بدلاَ عن الاحناءِ
حتّى إذا بسقت لدان فروعها *** وتفتّحت عن بهجة ورِواءِ
وتضوّعت نفحاتها عبّاقة *** وتماوجت في رونق وسناءِ
وذهبت أرقب ما رجوت من الجنى *** ثمراً يعوّضني كبير عنائي
أودى بها الحدثان وهي فتية *** فأحال قفرا من خصيب رجائي
أبنيّ أقصدني الزمان وفتّ في *** عضدي فلا أسطيع حمل ردائي
لم أنس إذ حملته فتية هاشم *** لحرائر يندبن وسط خباءِ
فحنت عليه الثاكلات لواطما *** حر الوجوه بلوعة وشجاءِ
لهفي لزينب إذ رأت وفراته *** مخضوبة بدم عن الحنّاءِ
عقد الأسى منها اللسان فأعولت *** لفقيدها بالدمعة الخرساءِ
أبنيّ كنت لي الأنيس إذا دجى *** الليل البهيم وكنت بدر سمائي
يا صرح آمال ألوذ بجنبه *** عند الخطوب فهدّ صرح بنائي
فإلى اللقا يوم المعاد فلا أرى *** الأيام تسعد قبله بلقاء

عقيلة الطالبيين

أسفر الصّبح يا شآم فقولي **** لبقايا الظلام في الأفق زولي
لنسيج الأصنام وابن الزّبعري **** صادحاً في نشيده المنقول
خبّريه أنّ الخبايا تجلّت **** وتبدى ما كان من مجهول
جولة الباطل انتهت واستقرّت **** دولة الحقّ في مداها الطويل
أين عرش القلوب فيما بناه **** من عريش مزور منحول
* * *
مرحين والحق بدر ولكن **** نظروا نحوه بطرف كليل
ليس ذنب العيون بل ذنب ليل **** لم تبن فيه روضة من حول
غير أنّ المقياس هب ليخطو **** في مسار الصحيح والمعلول
وانتهى للجفاف نبع افتراء **** وتناهى نباته للذّبول
وقليل باق وعندي يقين **** سوف تمضي حتّى بقايا القليل
* * *
أيها الدّهر هل بوعيك ذكر **** لعديل الكتاب رهط الرسول
شدّه الله للسماء وثيقاً **** ونماه بحبله الموصول
حمل النبع من تراث رسول **** الله ثراً في طعمه السلسبيل
كان من فرط ما تكلّل مجداً **** ما به حاجة إلى إكليل
فأكاليل الزّور تفنى وتبقى **** عمّة الصدق موضع التّبجيل
هو حبر في جوف ليل وسيف **** في جهاد وسيد في قبيل
وشهيد بالأفق لون وعطر **** عابق من نجيعه المطلول
إنه اشتقّ من نسيج علي **** ودم الأب في عروق السليل
* * *
أسرته ديون بدر وأحد **** وأحاطت زنوده بالكبول
وروته بأنه خارجي **** يا لهذا الإمعان بالتّضليل
أبنوا الوحي مارقون وأهل **** اللاّت أهل الكتاب والتنزيل
أيها السادرون هل بظلام **** الليل عن أنجم السما من بديل
إنّ هذا الزمان لابدّ يصحو **** ذات يوم من بعد نوم ثقيل
* * *
هوّني فالظلام طارده الصبح **** فوّلى إلاّ بقايا فلول
واقرئي يا شآم ملحمة الحقِّ **** كتاباً يخطّ فوق الرمول
بدم ثائر ودمع بجنب **** الدم خطا ملاحماً في فصول
ومن الدّمع ما يكون سلاحاً **** يصنع النصر كالحسام الصّقيل
إنها كربلاء تمتدّ للشام **** لتروي عدل السما للعقول
حيث يهوي للقائلين لواء **** ويرفّ اللواء للمقتول
* * *
يا ابنة المجد في مدى آل فهر **** وابنة الوحي في مدى جبرئيل
وابنة الطّهر فارق الجاهليات **** وأعراقها بجذر أصيل
يا مزاجاً به جهاد علي **** وهدى أحمد وصبر البتول
وشموخاً ما أركعته الرّزايا **** يوم صُبَّت مصائب كالسيول
وفماً أبلج البيان ورأساً **** علوياً لم ينحني للذيول
لست أنسى عينيك وهي ذهول **** بين رزء غمر وصبر جميل
بين أسرى تقسو السياط عليها **** وزغاليل روّعت وعليل
كصغار القطا ذوت من هجير **** ردّها بعد نضرة لذبول
يترشّفن أرؤساً ووجوهاً **** أمطرتها الشّفاه بالتّقبيل
كلّما صحن صاح فيهنّ سوط **** فحذقن النّشيج دون عويل
أنت قلب تناهبته الرّزايا **** فهو خفق وآه بجسم نحيل
* * *
غير أنّ الذي رواك شموخاً **** عزمات رغم المصاب الجليل
ورزايا بلا مثيل ولكن **** عندك الصبر ما له من مثيل
تقرعين الخصوم بالمنطق الفصل **** فيأتي الدليل تلو الدليل
إزئري فالزّئير عندك إرث **** ومزاج الأسود إرث الشّبول
يا لها من مواقف كشفت عند **** ك طبع الحسام عند الصّليل
* * *
يا نبي الهدى يسمعك صوت **** يوم مرّت قوافل بالحمول
من فم حاقد تمنّى لو الأشياخ **** عادوا إليه بعد الرّحيل
ليروا كيف هند عادت مع الأ **** بناء ثأراً لأمسها المخذول
تستردّ الدّيون من خفرات **** وعليل مقيّد مغلول
ورعابيب أثكلت ويكل **** الوصف عن لوعة بعين الثكول
وعلى سرحة نعيب غراب **** هاج ما كان كامناً من غليل
صور وقعها بقلبك مما **** حملت من أذى كوقع النُّصول
عاش منها الزمان يبكي ولما **** ينضب الدّمع رغم طول همول
وسيبقى يبكي لقتلى وأسرى **** وقبور ملاء الرُّبى والسُّهول
* * *
أيها المرمّل في مشارف جير **** ون عليه إجابة للسّئول
أنت فيما وعيت تشهد بالعدل **** وماذا بعد الشهود العدول
قد سمعت الإيمان عند رعيل **** وسمعت الإلحاد عند رعيل
من ثغور معّبأة بذكر **** وثغور تعبّأت بالشمول
وتبيّنت كيف ينكشف الزُّور **** برغم الإغراق بالتّأويل
يوم عاد الدّوي والترف الفاجر **** والعرش كلّها لأفول
وتهاوت زعامة شيّدوها **** بكذوب الثنا وقرعٍ الطّبول
وبنا الدم والشهادة والموقف **** صرح الخلود عرضاً بطول
* * *
اسكبي للأثير يا قبّة الإبريز **** أحلى شعاعك المطلول
اسبحي في بحيرة الأفق الأزرق **** جولي من نجمة بحقول
وانشري في السماء تبراً شفيفاً **** ذائباً في عناق همس الأصيل
واخشعي بالضّريح في صلوات **** عامرات بالذّكر والتهليل
باركي رملة غدت حين ضمّت **** بنت خير الأنام خير مقيل
* * *
إنها زينب العقيلة نجم **** من سماء وزهرة من خميل
ضاعفي الأجر في خطى زائريها **** في مسير مشوا به أو مثول
إنها ينشدون ودّ ذوي القربى **** وعقد الولا لآل الرسول
وتقبّل يا ربِّ منّا دموعا **** عند أزكى فرع لخير أصول
ربِّ هذي رحاب بنت نبي **** ويعزّ الرحاب قدر النزيل


يتبع . . .