¤؛° الجزء الواحد و الثلاثون °؛¤
عندما يفقد الانسان شخص عزيز يحس بلوعة الفراق.. لانه لن يراه . .ووداعه هذا بعده فراق ابدي .. ولكن !!.. حين يفقد الانسان شخص عزيز على قلبه .. ولكنه حي على وجه هذه الارض وبنفس الوقت هو ميت بقلبه .. فيكون الاحساس بالحياة بدون احساس .. ينكسر القلب و يصّير جريحا كسيرا بلا تجبير.. كأنه الداء و السم الدواء ..

يمتزج الشعور .. تختلف المفاهيم .. و تختلط الاحاسيس .. و يصبح الحـب داء للمحبين ..
يصبح حب الأمس .. اساسٌ للألم .. ولكن ..! ... هل تتوقف حياة الانسان بسبب فقده لحب كان كل حياته .. او اعتقد انه كان كل حياته .. هل الحب هو حياة الانسان؟؟ ولا حياة للانسان من دونه؟؟
نعم...!!
لا حياة للأنسان بدون الحب .. بدون المودة .. بدون الشجن ..بدون الاحترام وحب الافراد ...
في حياتنا من الحب الكثير .. واناس احببناهم و بشدة .. ومع مضي السنين و تواتر الأيام نمضي في طريقنا .. لان الحب يحيينا ولا يميتنا .. وإن اماتنا فنحن بيدنا ان نحيي انفسنا ..

انا احب .. وانتم تحبون .. وكل انسان في هذي الحياة يحب ..بالرغم من اختلاف الاشخاص .. واختلاف المفاهيم..كلنا نُحِب ونُحَب..ومن يقول انه لا يحب فهو ليس بأنسان ....
نحب ابونا الذي يترجم حبه لنا بالافعال .. ويعمل ليل نهار ..
نحـب امنا التي ربتنا و سهرت الليالي علينا ..
احببنا صديقاتنا و اصدقاءنا الذين عاشو معنا لحظات الفرح و الحزن .. لحظات المعاناة و الألم.. و لحظات الانسباط و روحانية النفس ..
نحب أهلنا و رحمنا .. نحب من علمونا حرفاّ فأمرنا الله ان نُصيّر لهم عبيدا ..
نحب الحب فهو اساس الحياة .. و نحب الحياة لان فيها الحب ..
نحب ان نحب .. فالحب عاطفة نقيه .. فهي اساس الانسانية .. فهي الشعور النقي الخالي من الانانية .. و إن وجد فيه الكبرياء و العفوية فهو ذلك العشق المتيم لصاحبه .. و الرافع لشأنه ..
و خلاصة الأمر ..نقول ان الحب هو اساس هذه الحياة ..
حياة << حي << حيوية<< شعور<< انسانية .. إذاً فأنا انسان حساس و شاعري بهذا العالم بهذه الدنيا الفانية ..

شمس كلها اسبوع من بعد اقترانها بحبيب قلبها .. ووليد طفولتها .. وربيع عمرها و تتزوج بـه.. فقد طال انتظارها .. وآن لها ان يفرح قلبها الشقي .. و يرتاح قلب نادر الندي ..
تمت ملكة نادر و شمس .. و فـرح الله قلبهما .. ولكن على الجانب الآخر كان مبارك .. كسير القلب .. جريح النفس .. تحطمت آماله .. و اختفت احلامه .. غابت الشمس عنه ... كان يكره منظر الغروب .. و الآن صار يكره ذكر الشمس.. ويجحد ساعة الغروب و يتذكر فيها لحظة ذوبان الجليد .. اقصد بهذا احساسه .. فصار احساسه بشمس قاسي كالجليد .. يذوب ولكن ليس بأقتراب و تزايد حرارة الشمس ولكن بأبتعادها عنه ..
مبارك الهادئ صيّر إلى شيطان جبّار .. صار بركان يفور في وجه كل انسان ... أي انسان كان .. تبدل الزمان ..و تحول الحمل الوديع إلى ذئب جائر.. تحولت ابتسامته إلى آهـة .. وحياته صيّرت لمتاهة .. و كل الناس من حوله محتارة .. لا يعلمون عنه كسرته إلا اخته وصديقه .. الذين يتعذبون بسبب كل دمعة من دموعه .. دموع مبارك ليست ظاهرة وهذا ما يجعلهم معذبين ..فمبارك يبكي بدل الدموع دما .. فما اقسى الشعور حين يكون من تحب في حالة ذبول ... و في سكرة كأنها سكرة الموت.. ومابيدك شيء إلا التفرج على الحبيب و هو يغرق في بحر غزير ..

هذا الاسبوع طويل جداً .. وجرت فيه من الحداث الكثير ..
مشاعر متضاربة .. شجار .. حب .. زعـل .. وشجن .. توديع .. وفراق ..
اليوم الجمعــة .. يـوم للراحة و السكينة .. ولكن أبطالنا يصارعون فيها .. صـراخ الصمت الذي ادوى القلوب .. وتضارب المشاعر الذي مزق الاحشاء .. احسـاس المحبوب بالحب الذي ذبَ في قلب محبوبه الدفء و الحنان ...

+-+-+-+-+
يوم الجمعة الظهر
في بيت ناصر السالم
+-+-+-+-+
مبارك جالس بغرفته وفوق سريره .. جالس جلسة القرفصاء و ضام ريوله بأيدينه ..
يستمع للأغاني و صوت الاستيريو عالي جداً..
مادري شنو الاغنية اللي يسمعها .. مو مهم .. المهم انها كانت صاخبة .. صوت يسد اذونه .. مايبي يسمع شي .. واهم صوت صوت قلبه ..!!
في دق على الباب .. وصوت ينادي عليه .. مو مهم ناديتوني او لا .. انا موجود جسدا ولكن روحي ميتة .. لا تنادوني و خلوني .. كل هذا كان حوار مبارك مع نفسه ..و بداخله!
اللي كان يدق الباب على مبارك اهو ابــوه .. مستهم عليه و حاله ماهي عاجبته ..
بومبارك حـاس بالتغير اللي صاير على ولده .. ناصر يحب عياله وايد و لكن لمبارك معزة خاصة ما يعادلها حد .. كفاية انه ولده الكبير وأول فرحة له و اللي شال اسـمه...
ناصر حـاس بولده من يوم طيحته بالمستشفى اللي كانت بتروحه .. كان شاك ان شمس اهي سبب طيحته .. ولكن مبارك ما يرمس .. وماهي من عادته يرمس .. لكنه يستوي جي .. ما يقعد بالبيت وان جاهم يجلس بغرفته ولا يطلع منها ... إذا كنت تبيها يا ولدي ليش ما قلت لي ولا تعذبني جي ...
ناصر.:. لا حول ولا قوة إلا بالله
مريم طلعت من غرفتها القريبة لغرفة خوها وشافت ابوها ...
مريم: سلام عليكم .. مرحبا ابويه
ناصر: مراحب يا بنتيه ..
مريم: علامك يبـه واقف جي؟
ناصر: انادي اخوج ابيه ايي معاي المسيد .. لكنه ما يرد
مريم نزلت راسها و خنقتها العبرة على اخوها ...
ناصر: شفيه اخوج يا مريم .. انا ادري انج الوحيدة اللي يفتح لها قلبه و يرمس باللي عنده .. شو مستوي على اخوج .. والله اني اخاف يروح من يدينا ..
مريم كله منزلة راسها وساكتة
ناصر: رفعي راسج يا بنتي و خبريني واللي يعافيج ..
مريم: مدري بشو اقول او ارمس لك يوبا ..
ناصر: شمس بنت عمج لها دخل بحـالته؟
مريم ما استغربت وايد من ابوها .. لان دومه يلاحظ و ارتبطت حاله مبارك بخطبة شمس...
مريم: مبارك يحب شمس من الخاطر يبه ..
ناصر بانفعال: وليه ما قال انه يبيها .. ليش انتظرها لحد ما تنخطب وتروح من يده .. اهي بنت عمه وماهي غريبة .. لو قال لي كنا حيرناها له واهو ولد عمها وأولى من الغريب ...
مريم: هذا اللي صار يبه
ناصر: البنت املجوا عليها وانتهى كل شي ..واذا فات الفوت ما ينفع الصوت .. الحين شو بيسوي يعني ؟؟ بينتحر؟ بيترك الدنيا وراه و بيتم جي؟؟
مريم و دموعها على خدها: يوبا مبارك يبي حد يوقف معاه و يطلعه من اللي اهو فيه
ناصر: لا حول ولا قوة إلا بالله .. إنا لله و إنا إليه راجعون ..
وترك ناصر بنته مرايم للحين واقفة عند باب غرفة مبارك و راح اهو يتيدد عشان يلحق على صلاة الجمعة ..
تمت مرايم واقفة شوية عند الباب .. كل ما تسمع صوت الموسيقى العالية و الصخب اللي يرج البيت كل ما تزيد دموعها على خدودها .. و آخرتها رجعت لغرفتها لتكمل بكاءها..

مبارك و يرن تلفونه
<< عالي الشان يتصل بك
هذا رفيجه علي.. فر التلفون بعيد عنه لانه ما يروم يرمس مع حد وهو في حالته هذي .. وحتى لو كان هالحد اهو رفيج عمـره ..

""" الله اكبـر الله اكبر """"
انتبه مبارك لهذا الصوت الذي اخترق اذنه بالرغم من الصخب اللي كان محيط فيه ... " صوت الآذان ... ألا بذكر الله تطمئن القلوب ..
وقام و بند الصوت .. و تعالى صوت الأذان بشكل اوضح تخشع له النفوس ... ساعتها بس نزلت دمعة مبارك ..
صوت ثاني>> .. مسـج واصله على تلفونه ..

<""حبك وهم خادع والفشل عليه غالب .. شقا بك والتعاسة عنوانك.. والدليل من أول هزة يأست و فشلت وعن الكل ارتحلت.."">
المرسل عالي الشان

مبارك يطالع بالمسج .. ابتسم له ابتسامة ساخرة و قفل تلفونه ...
يدري ان علي الحين منقهر منه .. من كثر خوفه عليه .. يقسى عليه بالمسج .. لانه ما رد عليه ..

تيدد مبارك و تجهز عشان يروح المسجد .. واهو طالع من غرفته تمنى انه ما يشوف احد ((إياك نعبد وإياك نستعين)).. والله حقق مناه و ما شاف احد واهو طالع من البيت .. وراح وين المسجد .. لكن مسجد بعيد لانه ما يبي يلتقي مع ابوه او مع احد يعرفه .. يبي يكون في بيت من بيوت الله لحاله .. بينه و بين ربـه...
= صلـى بخشـوع =
حس بكل كلمة يقولها بصلاته .. بقيامه و بسجوده .. بركوعه و بخضوعه ...
اول مرة يحس بطعم كلمات الله .. ياا الله .. هذي الكلمة التي تريح القلوب وتريح الخاطر و النفس .. يـا الله .. قالها بتنهد و براحة ..
استغفرك يا ربي ... نسى ذكر الله في وقت كان يبي المساعدة من عنده .. اعوذ بالله من ابليس .. اهو اغواني و انساني ذكر ربي .. ولكني انا اللي سمحت له بهالشي ...

كان شيخ جالس عند المنبر .. شيخ ليس طاعن في السن و بالكثير عمره في نهاية الاربعينات .. كان اهو شيخ الجامع و كانت عنده مسبحته و يسبح بحمد الله .. ولما شاف مبارك اللي كان ماسك بيده كتاب ادعيه و علامات الخشوع و الحزن باينة عليه راح جنبه و اقترب منه ...
الشيـخ: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مبارك: وعليكم السلام و الرحمة شيخنا ..
الشيـخ: انت من منطقتنا يا ولدي؟ لاني اول مرة اشوفك هنا ..
مبارك: لا انا من وسط العين .. هذي اول مرة اجي فيها هذا المسيد
الشيـخ: بارك الله فيك يا ولدي .. انا يعجبني الشباب المواضب على الصلاة و خصوصا صلاة الجمعة و الجماعة .. لان في هذا الزمن الالتزام قليل جدا ..
مبارك ابتسم للشيخ: وانا بكل اسف مواضبتي على الجماعة نادرة .. ولكن احاول قد ما استطيع اني ما افوت صلاة الجمعة ..
الشيـخ بادله الابتسامة: الحزن باين على وجهك يا ولدي .. و طريقة قراءتك للدعاء يبين ان عندك مطلب وحاجة من رب العالمين ..
مبارك: اطلب من ربي الهداية يا شيخ ..
الشيـخ: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ..ولازم تكون مع الله حتى يكن معك، وساعتها ما بيخيب سعيك إليه بإذن شاء الله
مبارك: ابي اغير من نفسي يا شيخ .. ولكن اكتشفت اني انسان ضعيف .. تهزني الدنيا و زينتها ..
الشيـخ: واجه نتائج أعمالك بشجاعة وصبر وثبات ومسئولية محتسباً كل ما يصيبك عند ربك، ولتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك رفعت الأقلام وجفت الصحف، واحذر من كثرة الشكوى والضجر فهما من صفات الضعفاء و (شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع) ياولدي..
مبارك: اسأل الله ان يصبرني على بلواي
الشيـخ: قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)
مبارك: والنعم بالله ..
الشيـخ: ما قلت اسمك يا ولدي ..
مبارك: مــبارك
الشيـخ: بارك الله فيك وبأسمك وحفظك الله لأهلك و ذويك ..

وبهذا الوقت جاء شاب و سلم على الشيخ يبي يكلمه وكان مبارك عاطي الشاب ظهره ..
الصوت ما هو غريب عليه .. التفت وكانت المفاجأة..
مبارك: اهــلا مرحباا الساع
الشاب متفاجأ: هلا والله بالغالي شلونك وشخبارك
مبارك: الحمد لله على كل حال .. انت شلونك وين هالغيبة يا ريال ..
مروان: الحمد لله ما نشكي باس .. تغيرت الاحوال وانا خوك و انشغلنا بدنيانا ..
الشيـخ: اظاهر انكم تعرفون بعضكم من زمان
مروان: هيه والله عشرة عمر .. وصار لنا شهور ما شفنا بعض .. خبري فيك من قبل لا اترخص من المستشفى ..
الشيـخ: عسى ماشر يا بني يا مبارك وش كنت تشكي؟
مبارك: مرض بسيط وبلاء من رب العالمين و الحمد لله تحسنت ورجعت مثل الأول ..
الشيـخ: الحمد لله .. ربك ما يبلي إلا اللي يحبهم يا مبارك .. لانه يبي يختبر قوة ايمانهم..
مروان: صـدقت شيخنا ..
الشيـخ: اترخص عنكم الحين .. في امان الله
مروان و مبارك: أمان الكريم شيخنا ..
مبارك: وينك انت شو هالغيبة ؟؟؟
مروان: سالفة طويلة ..
مبارك: وشو آخر اخبارك
مروان:مادريت قريب راح اعرس
مبارك باستغراب: اوه اوه تطـور .. مروان يعرس؟؟ ما اصدق
مروان:هههههههههههه اقول لك الدنيا تغيرت وانا خوك
مبارك: ياللا ارمس لي شلون جي؟
مروان: معليه ..بس هني مو مكان مناسب لهالسوالف ..
مبارك: زين عيل ..نروح أي كوفي شوب وعلى حسابي و حياتك بعد ..
مروان: ما بينا حساب ما تقصر والله .. شخبار الشباب و القهوة؟ للحين تسيرون هناك ..
مبارك: ايوه للحين وافتقدنا سوالفك و سواد ويهك هههه ..
مروان: ايام الله لا يعيدها
مبارك: انا آسف ما كان قصدي اني اجرحك .. وخصوصا الحين وانت تغيرت
مروان: هذا الماضي .. وان شاء الله بينمسح مع الزمن .. مع ان مستحيل الشي اذا انكسر ينجبر و يرجع مثل أول .. ياللا خلينا نسير الحين
مبارك: سرينا ..