الجزء الثاني
=============
وأمّا قوله <أشهد أن لا إله إلا الله > فإعلام بأن الشهادة لا تجوز إلا بمعرفة من القلب ،كأنه يقول: اعلم أنه لا معبود إلا الله عزّ وجلّ، وأنّ كلّ معبود سوى الله باطل، وأقرّ بلساني بما في قلبي من العلم بأن لا إله إلا الله ، وأشهد أن لا ملجأ من الله إلا إليه، ولا منجأ من شرّ كل ذي شر وفتنة إلا بالله .
والمرة الثانية: <أشهد أن لا إله إلا الله > معناه أشهد أن لا هادي إلا الله ، ولا دليل إلا الله ، وأشهد الله بأنّي أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد سكّان السماوات والأرضين وما فيهنّ من الملائكة والنّاس أجمعين وما فيهنّ من الجبال والأشجار والدواب والوحوش وكلّ رطب ويابس بأني أشهد أن لا خالق إلا الله ،ولا رازق ولا معبود ولا ضار ولا نافع ولا قابض ولا باسط ولا معطي ولا مانع ولا دافع ولا ناصح ولا كافي ولا شافي ولا مقدم ولا مؤخر إلا الله ، له الخلق والأمر،و بيده الخير كله، تبارك الله ربّ العالمين.
وأمّا قوله <أشهد أن محمداً رسول الله ( صلى اللّه عليه وآله وسلّم )> يقول: أشهد الله أني أشهد أن لا إله إلا هو ،وأن محمداً عبده ورسوله ونبيّه وصفيّه ونجيبه، أرسله إلى كافّة الناس أجمعين بالهدى' ودين الحق ليظهره على الدين كله ،ولو كره المشركون، وأشهد من في السماوات والأرضين من النبيين والمرسلين والملائكة والنّاس أجمعين أني أشهد أن محمداً رسول الله وسيّد الأولين والآخرين.
وفي المرة الثانية <أشهد أنّ محمداً رسول الله ( صلى اللّه عليه وآله وسلّم )> يقول: أشهد أن لا حاجة إلى أحد إلا الله الواحد القهّار، الغني عن عباده والخلائق أجمعين، وأنه أرسل محمداً ( صلى اللّه عليه وآله وسلّم ) إلى الناس بشيراً ونذيراً ،فمن أنكره وجحده ولم يؤمن به أدخله الله نار جهنّم خالداً مخلداً لا ينفكّ عنها أبداً.
وأمّا قوله: <حيّ على الصّلاة> أي هلمّوا إلى خير أعمالكم ودعوة ربّكم، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ،وإطفاء ناركم التي أوقدتموها على ظهوركم، وفكاك رقابكم التي رهنتموها بذنوبكم ،ليكفّر الله عنكم سيئاتكم ،ويغفر لكم ذنوبكم ،ويبدل سيّئاتكم حسنات، فإنه ملك كريم ذو الفضل العظيم، وقد أذن لنا معاشر المسلمينبالدخول في خدمته ، والتقديم إلى ما بين يديه.
وفي المرة الثانية: <حيّ على الصّلاة> أي قوموا إلى مناجات ربّكم، وعرض حاجاتكم على ربّكم، وتوسلوا إليه بكلامه ،وتشفّعوا ،وأكثروا الذكر والقنوت والركوع والسجود والخضوع والخشوع ،وارفعوا إليه حوائجكم، فقد أذن لنا في ذلك.
وأمّا قوله: <حيّ على الفلاح> فإنه يقول: أقبلوا إلى بقاء لا فناء معه، ونجاة لا هلاك معها ،وتعالوا إلى حياة لا ممات معها ،وإلى نعيم لا نفاد له ،وإلى ملك لا زوال عنه ،وإلى سرور لا حزن معه ،وإلى أنس لا وحشة، وإلى نور لا ظلمة معه، وإلى سعة لا ضيق، وإلى بهجة لا انقطاع لها، وإلي غنى لا فاقة معه، وإلى صحة لا سقم معها، وإلى عزّ لا ذل معه، وإلى قوة لا ضعف معها، وإلى كرامة يا لها من كرامة، وعجلوا إلى سرور الدنيا والعقبى ونجاة في الآخرة والأولى.
وفي المرة الثانية :<حيّ على الفلاح> فإنه يقول: سابقوا إلي ما دعوتكم إليه ، وإلى جزيل الكرامة ،وعظيم المنّة ،وسني النعمة ،والفوز العظيم ،ونعيم الأبد في جوار محمد ( صلى اللّه عليه وآله وسلّم ) في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

==============
يتبع ان شاء الله