((نطق شهدتين سبيل النجاة ))
!!
في غضون ذلك التجاذب ظهرت من بعيد أنوارٌ ساطعة فقام الرجل ذوالثياب البيضاء إجلالاً لها فيما ولّت تلك الوجوه القبيحة هاربة .. ورغم عدم معرفتيفي تلك اللحظات لتلك الأنوار الطاهرة الفريدة لكنني عرفت فيما بعد أنهم الأئمةالأطهار { عليهم السلام } قدْ حضروني في اللحظاتالحساسةوببركة وجودهم أشرق وجهي وانفتح لساني فتحركت شفتيَّونطقتُ بالشهادتين
هنا امتدت يدُ ذلك الرجل ذي الثياب البيضاء لتمسح علىوجهي .. وشعرتُ بالاطمئنان بعد أن كنتُ أعاني شدة الألم والاضطراب .
لقدأصبحتُ وكأنني ألقيتُ الآلام والعذاب بأجمعهِ على كاهل أهل الدُنيا لأنني شعرتُبالاستقرار وكأنني لمْ أرَ حرية واستقرارا كالذي عشتهْ في ذلك اليوم فقدْ انفتحَلساني و ارحَ عقلي .
كنتُ أرى الجميع وأسمع أحاديثَهُم .. هُنا وقعت عينانعلى ذلك الرجل ذي الثياب البيضاءفسألتُهْ : منْ أنت ..؟!!وماذا تُريدُ مني ..؟!!فإنني أعرفُ كلّ الذين حولي إلاّ أنت .. ؟.!
فقال: كانَعليكَ أن تعرفني .. أنا ملكُ الموت .
فأضطْربتُلسماع أسمه و اهتز كياني .. فوقفتُ أمامهِ أتخّضعوقلت : السلامُ عليكَ يا ملكَ ربي فلطالما سمعتُ باسمك ومعذلك لمْ أستطع معرفتك حين الموت .. هل تريد الإذنَ مني كيْتقبِضَ روحي .. ؟ !!
فأجاب ملك الموت مبتسماً: إنني لا أحتاج إلى إذنِ من أيِّ أحد لأنتزعَ روحه من جسده .. وإذا ماتأملّت جيداً سترى أنّكَ قدْ ودّعتَ الحياةَ الفانية .. أنظر إلى جسدك قدْ بقيَ بينأهل الأرض !
فنظرتُ إلى الأسفل فأستحوذتْ عليَّ الدهشةوالحيرة .. إذْ إنّ جسدي مطروح على الأرض بلا حراك بينَ أقربائي ومعارفي .. فيما كانت زوجتي وأبنائي وكثيرٌ من الأقارب يحومون حولي وهمْ يبكون وترتفع صرخاتهمإلى عنان السماء وأخذَ آخرون بالشكوى والتساؤل : لقدْ تعّجلَ عليهِ الموت .. لماذا .. ؟ !!!
أخذتُ أفكر معنفسي : لِمَ ينوح هؤلاء .. ؟ !! ومِنْ أجل مَنْ .. ؟ !! أردتُ دعوتهمْ لإلتزام الهدوء .. وهل يكون ذلك .. ؟ !! ....
صرختُ فيهم : أيّها الأعزاءإلتزموا الهدوء .. أما تريدون راحتي وإستقراري .. ؟!!فلماذا هذا التفّجع والحزن .. ؟ !!
بعدَالألم المضني أصبحتُ الآن في كامل الراحة والسعادة
إننيأخاطبكمْ أما تسمعون .. !! لِمَ هذا البكاء ..؟ !! مِمَّ عويلكمْ وبكاؤكمْ ..؟ !! نوّروا الدار بالدعاء وذكرالحق تعالى .
استمرّ عويل واستغاثة الحاضرين .. يعلو ويعلو .. هُنا سمعتُ صوت ملك الموت يقول : ما الذيدهى هؤلاء !! مِمَّ صراخهمْ وعويلهمْ !! ولِمَ هذهِ الشكوى والتفجّع !! لِمَ هذاالبكاء واللطم على الرؤوس !!أُقسمُ بالله أنني لمْ أرتكبْ ظُلماً بحقه .. فلقدْ نفد رزقه في هذهِ الدنيا ..
ولوْ كنتمْ مكاني لقبضتُمْ روحي بأمر من الله .. أعلموا أنّ دوركمْ سيأتي يوماً ما .. وسأترددُّ على هذهِ الدار حتى لا أدع أحداًفيها .. إنّ عبادتي وطاعتي لله هي أن أقطع كلّ يوم وليلة أيدي الكثيرين عن هذهِالدنيا .
الناسُ متسمرون بعملهمْ لا يسمعون هذهِ الإنذارات .. تمنّيتُ لوْكنتُ سمعتُ هذهِ الإنذارات ولوْ مرّة واحدة في الحياة الدنيا كيْ تكون عبرةً لي .. لكن وااااحسرتاااه ثمّ وااااحسرتاااه !!
لفوني بقطعة قماش وبعدَ ساعة حملوني إلى المغتسل .. إنهُ مكانمعروف لديّ لطالما جئتُ هُنا لغسل أمواتنا .. وهُنا لفتَ انتباهي المُغّسل حيث كانيقّلبني كيف شاء ودون عناء – ونظراً لعنايتي بجسميفقدْ صرختُبالمغسِّل : تمّهل قليلاً !! إرفقْ بي !!
فقبللحظات خرجتْ الروح من هذهِ العروق فأضعفتها وأعجزتها ... لكنّهُ واصل عمله دون أدنىعناية بمطالبي المتكررة .
إنتهى الغُسل .. ثُمّلفوني بذلك الكفن الذي كنتُ قدْ اشتريتهُ بنفسي .. لقدْ كنتُ أفكر آنذاك بأنّ شراءالكفن إنما هو عملٌ روتيني .. ولكن ما أسرع أن لُفَّ جيدس بالبياض .. حقاً إنّالدنيا دار جَواز .
وعندَ سماعي لنداء الصلاة ... الصلاة ... الصلاة .. دخلني نوعٌ من الطمأنينة .
..................
التشييع
في يوم غد
ماذا سيرىوماذا سيفعل من هول المنظر وهو يرى نفسه محمول على الأكتاف .....؟؟؟
المفضلات