الجزء السادس عشر :
في غرفتي ( في الفندق (
اتصلت بعملي و أخذت إجازة لفترة طويلة
و اتصالات أمي و أبي التي لا تنتهي.. و لكن لا مجيب يجيبهم !
فقد كنـــــت كالميت و أكثر ..
لا أتحرك من مكاني
لا أأكل..
لا أشرب ..
فقط ابكي و انتحب
حسرة على خسارة حبي و جوهرتي
فقط طولت لحيتي ..
ونحفت بصورة غير متوقعة ..
يا للعجب الحب يصنع العجائب !
مرت الأيام و أنا لا أخرج من الفندق و لا أرى أحد ..
كنت أحاول أن أنسى جواهر و أبعدها عن بالي و تفكيري
و لكـــــن النتائج باتت بالفشل ..
لم استطع تحمل المزيد .. فقد مر الآن شهرين منذ آخر مرة رأيتهما فيه
حملت هاتفي و اتصلت على رقم فؤاد في الإمارات
ضاحي : الو
فؤاد: مرحبا
ضاحي : فؤاد
فؤاد بحزن : أأنت ضاحي ؟
ضاحي : نعم أنا ضاحي المجنون بحب أختك و المتعذب بفراقها
فؤاد بدأ يبكي و ينتحب بصوت مسموع..
ضاحي : ماذا حدث ؟ كيف حال جواهر ؟
فؤاد بصوت متقطع: جواهر في المستشفى
من الصدمة تخيلت أن نبضات قلبي توقفت : ماذا ؟ و لماذا ؟
فؤاد: لقد زوجتها بصديقي من دون الفحص.. و بعد شهر من زواجهم جاءها و هو يبكي و يخبرها بان فيه مرض الايدز و عليها الذهاب للفحص ..و ظهرت النتائج إن المرض نقل إليها يا ضاحي .. أختي مريضة بالايدز .. أنا السبب .. أنا.. آه
انصدمت و أنربط لساني : ..
فؤاد : أتوسلك يا ضاحي .. تعال إلى الإمارات .. جواهر تردد اسمك باستمرار .. و تتمنى رؤيتك ..فأنت حبها الأول و الأخير كما تقول .. فلم يبق من حياتها الكثير
أنا بحزم: لا تقل هذا .. فجواهر ستعيش .. و حتما سأأتي على أول طيارة
فؤاد: بانتظارك.. تعال إلى مستشفى *******
أنا بدموع : حسنا

و بعد أن أغلقت الهاتف.. و لأن مرة من فراق جواهر عني أحسست بالقليل من القوة
و أسرعت بالاتصال على المطار و حجز تذكرة سفر في أول طيارة إلى الإمارات ..

و رتبت إغراضي بسرعة و توجهت إلى المطار.


الجزء السابع عشر :
و ما أن وصلت إلى الإمارات حتى ذهبت مباشرة إلى المستشفى واشتريت باقة ورد .. و توجهت إلى غرفة جواهر
فقد كانت عبارة عن غرفة بها باب واحد بلا نافذة .. و يحيط بها الزجاج
رايتها من خلال الزجاج و هي منسدحة على السرير
و ما أن رأتني حتى بدأت تمد يدها.. و تصرخ باسمي ..
فجاءها الأطباء مسرعون و بعد صراع طويل وافقوا على دخولي عليها ..
و في داخل غرفتها ..
بدأ كل منا بالبكاء ..
جواهر: لقد حكمت الحياة على حبنا بالموت يا حبيبي.. فانا الآن على خط الموت ..
قطعتها قائلا : ارجوكِ حبيبتي لا تكملي .. ستبقين أنتي جوهرتي و ملكي أنا وحدي.. و ستعيشين و سننجب ابنة نسميها جواهر مثل أسمكِ
جواهر بحزن : كفى يا ضاحي لا تخط لنفسكِ المزيد من الأحلام .. وصيتي لك يا حبي الوحيد ..وصيتي هي بان تتزوج من بعدي و تنجب جواهر..
ضاحي : سننجب جواهر و لكنكِ ستكونين أنتي أمها
جواهر : لا يا ضاحي فهذا مستحيل أنا مريضة بالايدز هل تعلم معنى ذلك ؟
ضاحي : فداكِ الروح يا روحي .. لا تكملي
جواهر: هذه الحقيقة المؤلمة.. فالموت ينتظرني اما أنت يا حبيبي فالحياة أمامك .. أرجوك نفذ وصيتي حتى لا تشقى من بعدي.. فجواهر ستبقى في روحك مهما فارقتك بذكرى أبنتك انشاءالله في المستقبل
ثم ابتسمت ابتسامة رضا .. و أغمضت عينيها ..
هنا قفزت من مكاني و بدأت أهز جسدها النحيف.. جواهر جواهر أرجوكِ لا تتركيني..
بنــــــــــــــــــت العم !
صرختي هزت المستشفى بأكمله


و لكن لا حياة لمن تنادي فقد فارقت الحياة..
و تركتني لهمومي و حبنا الذي حكم عليه بالإعدام..
آه يا بنت العم آه.. لقد تحملت كثيرا و ضغطت على نفسي لان أكون طبيعيا
من بعد وفاة مزيونتي .. و بعد أيام العزاء .. كانت حالتي صعبة جدا ..
فكيف لا تكون كذلك ؟ و أنا فارقت روحي للتو ..
و لكـــــــــن
وصية جواهر كانت تتردد في أذني كثيرا
فقررت أخيرا الزواج
نعم الزواج بغير جواهر.. من أجل شىء محدد ..
من أجل الحصول على جواهر أخرى تملأ حياتي من جديد ..


الجزء الثامن عشر :
رجعـــت إلى وطني .. و أنا أحمل همومي ..
ثم توجهت إلى منزلنا الذي غادرته منذ شهور طويلة..
و هناك:
ضاحي : السلام عليكم
أم ضاحي : ضاحي .. بني .. سامحني .. فقد تغيرت كثيرا .. سامحني فالأيام تعلم من لا يريد أن يتعلم !
ضاحي بحزن : مسموح يا أمي
أم ضاحي : آه أين كنت لقد خفنا عليك كثيرا ..
بو ضاحي : حمد لله على سلامتك
ضاحي : الله يسلمك .. أريد مفاتحتكم بموضوع ضروري
أم ضاحي : ما هو ؟
ضاحي : الزواج
بدئوا أمي و أبي ينظرون لبعضهم البعض ..
ضاحي : ما بكم ؟
بو ضاحي : و لكــن فؤاد رفض زواجك من جواهر ؟
ضاحي بغصة تذكره بالماضي ذهب سريعا إلى حضن أمه و جلس يبكي : أمي .. أبي جواهر فارقت الحيـــــــــــاة.. لقد ماتت
الجميع بصدمة : ماتت
ضاحي : نعم ماتت و أنا سأنفذ وصيتها بالزواج و أنجاب جواهر أخرى تملأ حياتي من جديد
أم ضاحي بأسف و ندم على ما فعلته في ابنها مسبقا : عظم الله أجرك
ضاحي : أجرنا و أجركم انشاءالله ..
أم ضاحي : حسنا سأخطب لكِ بنت الجيران فهي من عائلة طيبة ..
ضاحي : لكِ ذلك .. و لكن بشرط زواجنا يتم بكل بساطة و من دون حفلة
أم ضاحي : ولكن !
ضاحي : أرجوكِ يا أمي لن أستطيع تحمل المزيد .. حتى الآن لم أستطيع أن أستوعب فكرة زواجي بامرأة أخرى غير جواهر
أم ضاحي : هذه الحياة
ضاحي بغصة : و سنعيش معكم في هذا المنزل
أم ضاحي : أبركها من ساعة
بو ضاحي : مبروك مقدما
ضاحي : بارك لي أذا حصلت على جواهر .. تعوضني عن فراق بنت العم !

و هكذا تم الزواج بابنة الجيران .. لؤلؤة من دون حفلة كما طلبت و تمنيت ..
و عشنا مع أمي و أبي في منزلنا .. فكل ما كنت أتمناه و أدعوا الله أن يهبني إياه ابنة تنور حياتي من جديد !
و الحمد لله حملت لؤلؤة.. و لكن الصدمة كانت أن الأطباء أخبروها أن الجنين ذكر
جاءتني فرحة : ضاحي أنا حامل
أنا و كلي فرح: حقا هذا أجمل خبر سمعته في حياتي
لؤلؤة : ممم تخيل ما هو جنس المولود ؟
أنا و كلي أمل: بنت
لؤلؤة: لا قالوا ذكر..
أنا: ماذا ؟
ثم شكرت الله على ذلك .. مع أني كنت أتمنى فتاة ..
ثم قلت لها : ما يأتي من الله حياه الله .. !!

مسكينة لؤلؤة منذ زواجنا لم أعاملها بحب .. فقط بجفاف ..
فجواهر كانت تملأ عقلي و قلبي و تفكيري و فراقها كان يؤلمني كثيرا


الجزء التاسع عشر :
مرت شهور الحمل بصورة غير متوقعة..
و أنــا أتغلغل .. فلم يكن يهم ولادة مولود كما يتمنى معظم الآباء !
كل ما كنت أتمناه جواهر أخرى تملأ حياتي من جديد وتعوضني عن فراق بنت العم
كنت أدعوا في صلواتي.. و أرجوا الله أن يهبني ابنة
و جاء هذا اليوم ..
لؤلؤة : ضاحي .. آه أسرع سألد
ضاحي : ماذا ؟ حسنا خذي عباءتكِ سنذهب إلى المستشفى
لؤلؤة: حسنا هيا

و هناك..
خرج الدكتور من غرفة العمليات متوجها نحوي ..
الدكتور و هو مطأطأ رأسه: لدي خبر مفرح و الآخر محزن
ضاحي : ماذا حدث أخبرني ؟
الدكتور: أبدأ بالمفرح أو المحزن..
ضاحي : أبدأ بالمفرح يا دكتور
الدكتور: لقد رزقت بفتاة كالقمر
بدأت أصرخ بشدة: حقا حقا يا دكتور.. هل أنت متأكد ؟
الدكتور: نعم .. أنا متأكد ..
أنا: الله يبشرك بالخير.. و لكنهم أخبروا زوجتي بأن الجنين ذكر
الدكتور: يحدث هذا أحيانا (ثم سجدت سجدة شكر و قلت للدكتور) سأسميها جواهر
الدكتور: أسم رائع..
ثم طأطأ رأسه من جديد و قال : مم هل أنت مستعد لسماع الخبر المحزن ؟
أنا و كلي فرح قلت للدكتور من دون مبالاة: تفضل
الدكتور: زوجتك توفت خلال الولادة
رجعت لواقعي و عالمي المر : توفت ؟
الدكتور: البقاء لله.. إنا لله و إنا إليه لراجعون
جلست على الأرض و أنا أضع يدي على رأسي
مسكينة جواهر ولدت و هي يتيمة .. آه ابنتي الحبيبة ..
لؤلؤة لم أحبها قط .. فقط كنت أحترمها و أقدرها
فقد تحملتني كثيرا و ارتاحت من مر الحياة سريعا..
فالله يرحمـــــها ..


الجزء العشرون و الأخير
ضاحي : و هكذا انتهت قصتي و قصتكِ يا ابنتي الحبيبة
جواهر : أبي إلا تشتاق لها حتى و هي في قبرها ؟
ضاحي : هكذا حصل في البداية و لكن بعد مجيئكِ للحياة تبدلت الأحوال ..
فجواهر تسكن معي.. أكلمها و تكلمني ! فأنت طبقة الأصل منها يا أبنتي
كلما أراكِ أتذكر الأيام الجميلة .. و بنت العم !
جواهر: يا لها من نهاية.. هل لي بسؤال ؟
ضاحي : طبعا تفضلي يا جوهرتي
جواهر: أما زلت ترغب في هذه المرأة ؟
ضاحي : بل ما زلت مؤمنا بأنها من نصيبي أنا وحدي !
جواهر بمرح: يا لك من عاشق يا أبي
ضاحي : كنت عاشقا يا ابنتي و سأظل عاشقا و لكن الأهم أنني مؤمن بأنني سأجتمع مع بنت العم يوما ما
جواهر: ماذا ؟ فهي توفت فبهذا خسرتم حبكم
ضاحي : لا يا عزيزتي فهذا هو نصر الحب
جواهر: كيف ؟
ضاحي : لأننا سنطلب حقنا في الاقتران .. في المحكمة الإلهية حيث العدل..بعيدين عن حكم الناس ..
جواهر: لم أفهم ذلك ؟
ضاحي : ستفهمين يوما يا أبنتي كل هذا .. فما زلت صغيرة و الحياة أمامكِ
جواهر: لقد عانيت كثيرا يا أبي.. و الحب هو سبب المعاناة
ضاحي : بل الحب هو أساس الحياة و جوهره
جواهر: بهذا صدقت !
ضاحي : هكذا علمتني الحياة
جواهر بدأت تتثاوب : تصبح على يا أبي .. يجب أن أنام
ضاحي : و أنتِ من أهل الخير ..

و استمرت الأيام ..
و ذكرى بنت العم ما زال بالقلب
و سيبقــى حتى الموت .. !
مهما كبرت معزة أبنتي جواهر بقلبي ..
تبقى بنت العم جواهر هي الأساس !
و هكذا هي قصة حياتي و عمري ..
و هذا سر تسمية أبنتي ب اسم جواهر !!

أشكر كل من تابعني و تابع قصتي
و تمنياتي للجميع بالتوفيق الدائم ..


تمـــــــــت ..


الكاتبة : وردة أمل

التاريخ : 7 – 9 - 2005

الساعة : التاسعة و ست دقائق