فهذا ما يشعرني بالخوف و الشك كثيرا ..
و لكن الحمد لله حان وقت العودة للوطن و لمعرفة الحقيقة
فقد نجحت و حصلت على الشهادة و الوظيفة في انتظاري طبعا لأن واسطات أبي كثيرة .. و لأول
مرة في حياتي أؤمن بكابوس الواسطات !
فكل شيء يهون من أجل بنت العم !

لم أخبر أمي و أبي
بموعد رجوعي..
ضنا مني بأنها مفاجأة !

استقبلتني أمي بالدموع .. فأنا ضناها الوحيد ..
و قد فارقتها لفترة ثلاث سنين متتالية
و العجيب في ذلك أنها مرت بسرعة البرق

ضاحي : لقد اشتقت لكم كثيرا
أم ضاحي : و نحن أيضا يا بني فغيابك أثر فينا كثيرا
ضاحي : و الأهم من ذلك رجعت لكــم حاملا شهادتي ..
بو ضاحي : الحمد لله فلك الفخر على ما أنجزته ..


الجزء الحادي عشر :
و ما أن ألتفت إلى باب المطبخ حتى رأيت فتاة في آية الجمال واقفة هناك
كأنها خائفة من أمرا ما.. و فرحة في الوقت نفسه
صرخت واقفا: جواهر ! أنها جواهر
تعجبوا أمي و أبي من حماسي الزائد .. و لكني لم أبالي توجهت نحوها قائلا بشوق و لهفة : كيف حالكِ يا جواهر ؟ لقد اشتقت لكِ كثيرا فقد كانت السنوات طويلة لتعلمني معنى الألم !
جواهر و هي تجلس على الأرض: الله يعلم بالحال.. فبعد أبي الغالي الحياة أصبحت مظلمــة
ضاحي : عمي ماذا حدث له ؟
جواهر و هي تبكي: ألم يخبروك أهلك أن أبي توفى.. توفى يا ضاحي
ضاحي و هو يلتفت لأمه : يتوفى عمي دون أن تخبروني ..
أم ضاحي و هي تسحب أبنها : لم نرد أن نشغلك عن دراستك .. فقد توفى عمك منذ ثلاثة أشهر وقد حضر فؤاد أخته هنا لانشغاله ببعض الأمور
نظرات أمي لجواهر لم تكن تعجبني .. !!
فأنا متأكد بان هناك شيء ما في هذا المنزل ( سر يخفونه عني (
فألتفت من جديد لحبيبتي حتى أكحل عينيي قليلا برؤيتها..
ضاحي بتعجب : ما هذه الملابس يا جواهر ؟
جواهر ظلت صامتة لا تجيب
ضاحي : جواهر بالله عليكِ أخبريني
جواهر بدموع: فأنا لست سوى مجرد خادمة هنا
ضاحي : ماذا ..
و التفت ناحية أمي و الشرر يملئني ..
و لم أعي بهذه الصدمة سوى بصراخ أمي: أخرسي أنتي و اسكتي أيتها الخادمة كيف تجرئين على الكلام ؟
انصدمت: ماذا يا أمي أنتي و أبي توظفون جواهر كخادمة عندكم .. فهذه ابنة عمي المدللة ..تفعلون بهذا هكذا .. اسمحوا لي لن أكست فجواهر لن تهين بعد الآن هل هذا مفهوم ؟ فهي ليست خادمة .. بل هي حبيبتي وعزيزتي و زوجتي المستقبلية
أم ضاحي بعصبية : ماذا تقول أنت ؟ فان متاعب السفر قد أثرت عليك
ضاحي : لا يا أمي فالغرور قد سيطر عليكِ
أم ضاحي : كيف تجرأ على قول هذا .. لهذه الدرجة أثرت عليكِ هذه الحقيرة
ضاحي : أمي كفى !
بو ضاحي : ما هذا الصراخ ؟
ضاحي : هل يرضيك قلبك يا عديم الإحساس على مذلة ابنة أخيك ؟؟ هل أنت إنسان يا أبن آدم و حواء ؟؟
بو ضاحي بضعف : و لكن أمك ..
عرف ضاحي أن أبيه ينفذ ما تأمره به أمه فقط لا أكثر و لا أقل
ضاحي : و ما بها أمي ؟ .. فمن الآن و لاحقا لن تعمل جواهر عندكم هل هذا مفهوم فهي فرد من العائلة ..
فسحبت يدها و أنا أرى أمي تتغلغل حقدا على ما حدث ..


الجزء الثاني عشر :
بعدما سحبت يد جواهر.. ذهبنا للطابق العلوي
و مسحت دموعها الغالية بيدي و أنا أردد قول: لا دموع بعد اليوم
فقالت ببراءة : أحبك
فأجبتها: و أنا أيضا.. فقد كنت خائفا من أن الأعوام تلعب بنا و تنسينا حبنا
فقالت : كيف أنساك يا أعز إنسان لدي .. كيف أنساك و أنت روحي و قلبي و هواي
ضاحي : لا أعلم مجرد شك .. لأن الأيام كانت غدارة
جواهر: ما بك تتأملني هكذا أيها العاشق المجنون
ضاحي : هههه لقد اشتقت لكِ كثيرا حبيبتي ..
جواهر برقة : كفى يا ضاحي
ضاحي : أتعلمين أن الحجاب جميل عليك ِ
هزت رأسها بقولها: لقد قالوا لي الكثيرون ذلك
ضاحي : بنت العم !
جواهر: لبيك
ضاحي : من اليوم و لاحقا لا أريد أن أراك بهذه الملابس البالية ..فكوني كما كنتِ مسبقا .. كالأميرات يا أميرتي الصغيرة
جواهر بخوف: ولكن أمك..
ضاحي : أنت حرة نفسكِ .. و أمي لن تتحكم فيكِ بوجودي أنا..
جواهر: لقد أزلتني من خوف عشته شهور طويلة.. بحزن و كآبة
ضاحي بابتسامة أمل : و الفرح آتي اليكِ من جديد
جواهر: أتمنى ذلك..
ضاحي : هيا يا حبيبتي اذهبي و خذي قسطا من الراحة
جواهر: و أنت كذلك حبيبي
ابتسمت لها .. فتغيرت ملامحها و أصبحت كالطماطم
و ذهبت مسرعتا إلى غرفتها ..

بعد أن غادرتني.. ذهبت إلى غرفتي و استحممت
ثم توجهت إلى الطابق السفلي .. فرأيت أمي و الشرر يخرج من عينيها
فلم أبالي ..
ضاحي : مساء الخير
أم ضاحي : أي خير و أنت لا تعرف معنى الخير
ضاحي : ما هذا يا أمي
أم ضاحي : هل جننت كيف تجرأ على أن تهينني أمام تلك الحقيرة و تقول لي بكل وقاحة هذه حبيبتي ومجنونتي فمن الأكيد أنك جننت
ضاحي : أمي جواهر ليست حقيرة .. كل ما أريد معرفته لماذا كل هذا التغير على ابنة عمي ؟.. و هل تعتبريني مجنونا.. لأني أصبحت أسيرا للحب .. ألم تسمعي يوما بان كل من جن بالحب فهو عاقل و من جن بغيره فهو مجنون !!
أم ضاحي : أوف لن أسمح لها بأن تسممك بألاعيبها و أفكارها الانتقامية
ضاحي : ما هذا الهراء أمي .. لماذا تنتقم منكِ جواهر ؟ فهي طيبة
أم ضاحي : لا فالبنت طبقة من أمها .. لن أجعل التاريخ يعيد نفسه
ضاحي : أمها .. رحمة الله عليها .. ماذا فعلت لكِ ؟
أم ضاحي : ها لا شيء .. أنت عنيد لا شيء ينفع معك..انسى ابنة عمك فهذا أفضل لك و للجميع
ضاحي : اسمعيني جيدا .. إذا تريدين سعادتي فهي مع جواهر هل هذا مفهوم ..
و ركبت السلالم مسرعا إلى غرفتي..


الجزء الثالث عشر :
علاقتي نمت و توسعت مع جواهر..
فقد كنت لها الحامي و القلب الحنون من أمي الشريرة..
أجبرت الجميع على احترامها كصاحبة المنزل.. وعدم التقليل في شأنها كزوجتي المستقبلية ..
و أمي ساكتة بحقد فهي لا ترفض لي طلب أيا كان فأنا دلوعها الوحيد ..
و مع انشغالي في الصحافة
رأيت تحسن العلاقة بين أمي و جواهر !
فقد كنت فرحا بذلك .. و اعتبرته مؤثرا لموافقتها على الزواج
فاتجهت يوما إليها ..
ضاحي : أمي أريد مفاتحتك بموضوع شخصي
أم ضاحي : تفضل بني فلك ما تريد
ضاحي : كما تعلمين أن الزواج هو نصف الدين
أم ضاحي : نعم أعلم ذلك جيدا .. و لكن ما مناسبة هذا الكلام ؟
ضاحي : لقد قررت الزواج
أم ضاحي : الله يبشرك بالخير يا بني .. و أخيرا ستتزوج ..سأبحث لك أجمل عروس و من أرقى العوائل
ضاحي : لا يا أمي فالعروس موجودة أنها بنت العم جواهر
أم ضاحي وقفت بغضب : ماذا ؟ فهذا من سابع المستحيلات .. لن تتزوجها ..هل هذا مفهوم ؟
ضاحي و قد انكسرت ملامحه : و لماذا أليست إنسانة كغيرها بروح و قلب و مشاعر فانا أحبها و هي أيضا تحبني و هذا يكفي للزواج
أم ضاحي بعصبية : رجاءا لا تتحدث في هذا الموضوع من جديد .. إذا أردت عروسة أخرى غير
بنت عمك فأنا مستعدة .. أما هذه الملعونة لا و ألف لا
ضاحي بعصبية : ما هذا التغير .. إن لم أتزوج جواهر فلن أتزوج غيرها
و خرجت من الغرفة باكيا .. تخيلوا دموع رجل !!

.........

لقد طلبوا مني في العمل .. أجراء مقابلات مع أجانب فكان من المفترض أن أسافر لإجراء هذه المهمة..

ودعت جوهرتي الغالية .. و أبي.. أما أمي فلم أعد أكلمها
منذ آخر شجار نشب بيننا.. خرجت من المنزل وأنا أحرص على جواهر البقاء في غرفتها و تجنب أمي .. فقد كنت خائفا من هذا الفراق ولو لأيام قليلة
و خصوصا بعدما بدأت أرى كثرة تحدث أمي و أبي بصوت خافت كأنهم يخططون لأمر ما !


الجزء الرابع عشر :
عدت إلى دياري بعد ثلاثة أيام ..
و كلي لهفة و شوق لرؤية بنت العم !
ما أن وصلت إلى المنزل..
توجهت للمجلس ..
ضاحي : السلام عليكم
الجميع: و عليكم السلام
ضاحي : أين جواهر ؟
أم ضاحي : في عشها الزوجي
ضاحي و هو يفرك عينيه : ماذا ؟
أم ضاحي بخبث : كما سمعت لقد تزوجت
ضاحي بعصبية : كيف . ؟ و لماذا ؟ اخبروني أين هي ؟ جواهر تحبني بالله عليكم
أم ضاحي : قلنا لك يا حبيبي هي مع زوجها في منزلهم

و ما زلت أتذكر ذلك اليوم بدأت أسحب شعري و أصرخ كالمجنون..
و أوعد أمي و أبي بالمصير السيئ ..
واسمع أبي و هو يصرخ على أمي و لأول مرة: إذا حدث في ضاحي شيء لن تلومي الا نفسكِ أيتها الشريرة

خرجت من المنزل بسرعة
و أنا بحالة جنـــون .. و أمي تركض خلفي
لم أستخدم سيارتي .. بل بدأت أركض و اركض في الطرق
و أنا أصرخ باسم جواهر .. و لم أعي
الا على صوت أصطدام .. و ما أن فتحت عينيي
حتــى رأيت أمي أمامي و هي تبتسم
فنظرت إليها بنظرة كره و حقد .. و صديت وجهي للجهة الأخرى..
رأيت أبي و بقربه رجل ملامحه تذكرني بفؤاد .. تبا لي هذا فؤاد أخ الغالية جواهر
جاءني صوته : حمد لله على السلامة
أجبته و أنا أشعر بصداع : ماذا حدث ولماذا أنا هنا ؟
أمي : بعدما خرجت من المنزل اصطدمتك سيارة و أدى بك الحال للوصول هنا
رأيتها بنظرة شرر: أين جواهر ؟ ماذا فعلتِ بها ؟
أم ضاحي بخوف : لقد تزوجت
لم أستطع تحمل هذا الكلام دمعت عينيي.. و بدأت بالبكاء كالطفل الصغير
فقد خسرت أعز ما أملك..
أم ضاحي : سامحني بني .. سامحني ..
هه أمي تستسمح .. فكم هي امرأة غريبة .. دمرت حياتي .. و الآن تطلب العفو
ضاحي : لن أسامحك مهما حييت ..
فؤاد بحقد : أتيت لكم بأختي أمانة.. فعلتهم بهذا هكذا .. أصبحت أرملة في ثاني يوم من زواجها ..
ضاحي : ماذا ؟
فؤاد: لا أعلم لماذا تكرهوننا.. لم نفعل لكم شيء .. خدعتم أختي و زوجتوها برجل عجوز في أواخر السبعين .. و من دون رضاها .. هل أنتم بشر .. سأأخذها معي غدا إلى الأمارات و علاقتنا ستنقطع فليس لدينا أهل هكذا بلا ضمير ..
أم ضاحي بندم : أرجوك بني أهدأ .. وضع ضاحي لا يسمح للنقاشات فهو مريض و لا يستطيع الحركة .. ويحتاج إلى الراحة ..
بو ضاحي : فنحن آسفون على ما حدث
فؤاد: يا عمي هل كلمة آسف تبرد الجروح ؟ لقد خسرت أختي مستقبلها بأكمله ..
بو ضاحي : أرجوكم تعالوا غدا إلى منزلنا و سنتفق على كل شيء
فؤاد: ليس بيننا أي اتفاق
بوضاحي : أتوسلك من أجل ضاحي
فؤاد بتفكير : حسنا فقط من أجل هذا المسكين الذي أصبح أحد ضحايا غروركم وكبريائكم .. موعدنا غدا .. و سيكون هذا آخر لقاء بيننا و بعده الوداع

و خرج من الغرفة و أنا اعتصر دموعي.. فقد خسرت حبي الوحيد..
و لكن هناك القليل من الأمل غدا .. آه فالحياة لم تبتسم لي منذ أن ولدت !
و بدون جواهر فالموت أهون !!


الجزء الخامس عشر :
خرجت من المستشفى و أنا شبه ميت ..
و اليوم هو موعد اللقاء من فؤاد و جواهر ..
و الدمعة لا تفارقني..

كنت جالسا على الكرسي مادا رجلي على الطاولة من أجل الراحة
ثم رأيت أبي و أمي يدخلون و خلفهم فؤاد إما حبيبتي الوحيدة فقد كانت خائفة مختبئة خلف أخيها
و ما أن جلس الجميع
بدأت أركز في عيني جواهر .. لقد ذبلتا .. آه يا حبيبتي سامحيني على ما فعلوا بكِ عشيرتي
جواهر بصوت خافت : كيف حالك يا ضاحي ؟
ضاحي : لست بخير كما ترين يا جواهر لست بخير
و بدأنا نبكي مع بعض .. كأننا في فلم هندي ..
و الجميع حولنا يشفقون
فؤاد بصوت غليظ: جواهر كفى ! فلنعش بالواقع
ضاحي : جواهر أين ذهبت ِ ولماذا تزوجت ..
و بدأت الدموع تنزل على جبيني
جواهر: أسأل أهلك.. فقد جاءني أبيك يوما و خلفه أمك.. يخبرني بأنه يريد أخذي لمكان ما فقد ترددت في البداية و لكن لم يكن بوسعي شيء ذهبت معه و هناك عرفت أنه زوجني بكاهل عجوز من دون علمي ..وأنا الغبية وقعت على أوراق الزواج ضنا مني أنها أوراق الورث
ثم بدأت جواهر تصرخ: لماذا فعلتم بي هكذا لماذا ؟
أم ضاحي : سامحيني جواهر سامحيني .. و لكن أمك السبب
ألتفت الجميع إلى أمي
فؤاد: ماذا فعلت بكِ أمي يا زوجة العم لتعاملينا هكذا كحيوانات و تهدرين كرامتنا تحت رجليكِ
أم ضاحي وقفت و هي تبكي : لقد دمرت حياتي هذه الامراة و انتقمت منها بأختك
بو ضاحي و لأول مرة بهذه الجرأة : للأسف لم اعرف حقيقتكِ إلا متأخرا فأنت حقودة و غيورة لأقصى حد ..
أم ضاحي : أرحموني (وجلست على الأرض و هي تبكي) لقد كنت أتمنى الزواج بابيكم فجاءت أمكم و أخذته مني.. فاضطررت أن أتزوج بوضاحي .. لقد دمرت حياتي و شبابي ..فجاء الوقت لانتقم..
ثم بدأت من جديد تبكي
بوضاحي : آخ يا الحقيرة .. اتخذتي حبي لكِ وسيلة للدمار
أم ضاحي : و لكن صدقوني تبت و الله يعلم ذلك .. لقد تبت توبة طاهرة..و أطلب العفو من الجميع ..فؤاد.. بني .. لقد اخبرني ضاحي من قبل انه يحب أختك و يريد الزواج بها و لكنني رفضت و الآن أنا من يتقدم لخطبتها منــــك أرجوك أقبل
فؤاد : أختي ليست لعبة تلعبون بها في أي وقت تشاءون .. فقد هدرنا الكثير من كرامتنا هنا.. فقد جاء صديقي يطلب جواهر مني و قد وافقت و الزواج قريب .. الوداع ..
سحب جواهر بعيدا و هي تمد يدها و تصرخ باسمي : ضااااااااااحي
لمست يدها و أنا أبكي: جواهر أرجوكِ لا تتركني
و لكن لا رحمة في قلب فؤاد .. سحبها خارجا ..
لم احتمل ذلك
ركبت إلى غرفتي
و جمعت أغراضي في حقيبة متوسطة الحجم
و خرجت من المنزل إلى أقرب فندق