ورقة فارغة و لم يكن فيها كلمة واحدة و لا حتى سؤال عن أمه المسكينة, و توفيت أمي حزينة و مقهورة و مشتاقة لابنه الغائب لكن لم يكن لهذا فقط , فوضعت بيدي الورقة الخالية لأريحك من البحث عن أخرى في حال كان اختيار طريقة أباكي في الرد "
سحب الحقيبة و فتشها بنفسه عن المفتاح حتى وجده..
لم يدع فرصة للكلام أو التوضيح فقد صرخ صرخة اهتز لها قلبي و كل جزء من جسدي حتى ارتعشت أطرافي..
" هي كلمة أكررها مرة واحدة و لن تعاد ثانية, لكي أن تتزوجي لكن غيداء ستبقى هنا في بيتي, و إلا لا زواج و لا غيره تبقينا أنت أيضا إلى أن تموتي و في بيتي "
لم يكن عمي من يقف أمامي بل قلباً متحجراً و متلبسا ً بروح بشرية, أنهى حياتي, عمي من أنهى حياتي..
كبر كل شيء أمامنا حتى البيت الذي نسكن فيه تبدل إلى آخر اكبر ليحمل متطلبات الحياة..
و كبرا الحزن في قلبي ليتخللها في بعض لحظاتها شيء من الفرح
و كبرت غيداء , سبعة عشر عاما هو عمر محبو بتي الصغيرة..
أربعة عشر عاما هو ما مرا على جمود حياتي لأكبر بدوري بدون آن احمل من الحياة غير مآسيها, هنا انتهى دوري بصفحات ملأتها لكم بدموعي و الأمي لن أكابر و بعض من أوقاتها الفرحة..
سأبقى صامته لترو بأنفسكم ما تبقه من صفحات لم تملى إلى الآن و بقيت معا سطور فارغة..
صراخ و بكاء و ضحك أجتمع الأصوات الثلاثة في آن واحد اختلطت مع بعضها لتزلزل أركان البيت.. لتخرج كلا ًمن رنا و سلمى كلا منهما تستطلع ما يحدث..
في حديقة البيت و عند السور يقف شابان و فتاتان, احدهما يمشك بشعر الفتاة و في يده مقص, و تصرخ تحاول الابتعاد عنه و البنت الأخرى يمسكها الآخر يمنعها من الاقتراب منهم و هو يقهقه من الضحك..
" فادي اترك شعري "
فادي, قال
" ليس قبل آن أقصه "
قالت غيداء بتحدي و تهديد
" لن تتجرءا و تقص شعره و احد و إلا دخلت و أنت نائم و حلقت شعرك إلى الصفر و أكمل ما تبقى منه "
قال فادي بعناد
" و تتحدين
قالت رائدة و هي تحاول الإفلات من يد هادي
" اتركها لم تفعل شيء "
قال فادي
" اسكتي أنت و إلا جاء دورك "
هادي قال و هو يشد هو الآخر على شعر رائدة
" و أنا من سيقصه بيدي ههههههه "
فادي رفع المقص بيده و بيد الأخرى شعر غيداء
" استعدي سأبدى "
علا صراخ غيداء من ملامح فادي فقد بدا جاداً فيما يفعلها , و انقلب
الصراخ إلى بكاء و بصوت عالي !!
قالت بمحاولة يائسة
" ستندم فادي, اتركني "
" فادددددددددددددددي !!! "
صوت سلمى و هي تركض إلى وسط الممر الطويل الذي يصل الباب الداخلي بالحديقة..
انزل يده التي تحمل المقص لكنه لازال يمسك بشعر غيداء
صرخت
" اتركني "
تراخت قبضته قليلاً حتى أفلتها
رنا تقدمت منى و في عينها مغزىً لم افهمه, قالت
" غيداء لما لست مرتديه حجابك "
قلت و أنا اعدل الحجاب على رأسي
" هذا الأحمق نزعه من على رأسي "
" قال فادي حانقً
" لا تقولي أحمق يا صاحبة اللسان الطويل "
خاطبته أمه قائلة