الجزء السابع
نفقد الآخرين عند رحيلهم, و نشعر بعدها و كأنه الدنيا قد توقفت عند هذا الحد, بعد عدة أعوام أو أشهر تعود لنا الحياة متجددة لننسى كل من رحل و سيرحل, لأننا نبقى حيث ما كنا فقط نفقد احدهم...
أما أن تنزع بي كلتا يديك, الماضي بكل ماسيه و الحاضر حيثما يقع بصرك و المستقبل حاملاً معه أحلامك مع أصداء الضحكات و أثار الدموع و البيت و الجدران و حتى الفراش الذي ننام عليه و الوسادة البيضاء الملونة و مع ما تحمله من ذكريات...........
أليس هذا هو الرحيل.
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
أربعة ساعات مرة ننتظر المصير !
نظره واحدة فقط القيها قبل الرحيل على بيتنا المهجور, نظره واحدة, ولن تكون بعدها أخرى, إلى ما أن يكتب الله ...لنكون في هذه السيارة مع شاب غريب,
و أي أفكار راءت على بال عمي حتى لا يؤجل الأمر حينا أخر..
و يكون هو من يقلنا إلى بيته..
ساعات مرت علينا مملوءة بفرح يشوبها الخوف من اللحظة القادمة لحظة الفراق و وداع كل من نحب و ما نحب..
استيقظت رهف و التحسن بادا على وجهها فالغفوة الصغيرة قد أراحتها
قالت رهف
" الم نصل "
قلت
" كلا "
قال الشاب
" إمامنا ساعات طويلة حتى نصل "
و مازال الصمت رفيق الدرب إلى أن سمعنا صوت قوي شعرت و كأنه
السيارة قد اهتزت منه..
لتصرخ رهف بعدها
" أوه ربّاه "
في للحظة حدث ما حدث اقتربت منا شاحنه نقل ضخمه تمشي بسرعة جنونية, انحنت السيارة إلى طريق رملي بل كان حجري فاهتز ه السيارة ليصدر صوت قوي...
أفكار غريبة تتراود في العقول البشرية في أصعب لحظات الخوف..
أقربت النهاية لحياتنا, هل سيئول مصرينا الموت في العراء؟ !
أم نخرج منها بإصابات دائمة !!!
رهف منكمشة على نفسها محتضنة يديها تهرب من المشهد أمامها و حتى الصغيرة صدر منها بكاء مفزوع, احتضنت الصغيرة مغمضة عيني بخوف..
توقف السيارة فجاء...
لم أتجاسر بالنظر إلى من حولي خوف من تضرر احد منهم..
ما سمعته صوت انفتاح احد أبواب السيارة, لينفتح بعدها أخر
" رنا "
التفت ناحية الصوت ما كان غير الشاب ينظر إلينا بقلق وخوف
ارفع راسي و نوبة من السعال تندفع خارجه مع جيش من الغبار المتناثرة من اندفع السيارة على الرمال..
سئل بقلق
" هل تضرر أحداكم ؟؟ "
استدرت بسرعة إلى أختي الغالية رهف.. حاولت رفعها من مقدمة المقعد كانت تشد على يدها أكثر فأكثر.. حتى ابيضت أطرافها..
أناديها
" رهف "
لم تجب ولم تبدي أي تغير بل ضمت رجليه أكثر..
أزحت الصغيرة على المقعد, اقتربت من رهف رفعت رأسها ليعتصر قلبي آلف مرة ومرة و لا أن يعاد ما حدث هذا اليوم قبل أن نكون في طريقنا إلى عمي..
أي خوف و إي رعب اعتلى قلبها حتى تشعر بوجهها المتجمد.. كمنديل ورقي هش و لا ترى غير الدموع المنسابة على خديها...
احتضنتها بكل قوة.. قلت
" رهف لا تخافي, نحن بخير انظري لم يحدث لنا مكروه "
لم تزدد بذالك إلا بكاء
" سنموت, سنموت رنا بدون أمي..
بعيدا عن بيتنا بعيدا عن وئام "
ليقطع السيل الجارف من الدموع صوت الشاب
" رنا.. أعطيها الماء لتشرب "
أعطاني عبوة ماء باردة.. فقد كان الشاب يقف بحيرة..
لكن ليس هذا وقت التحدث عنه..
قربت عبوة الماء من فمها أحثها على الشرب..
بعدها أخفضت رأسها, مقتربة إلى جانبي, معتصره يديها حولها و مغمضة عينيها بتعب..
و اضطرابها لا يدعوا إلى الارتياح, لكنها بأفضل حالاً..
بحثت بنظري عن الشاب لم أره.. لقد اختفى..
و لم استطع التحرك لأنظر خارج السيارة, رهف واضعه رأسها بجاني و الطفلة إلى الجانب الآخر..
رايته مقترب من السيارة و الغضب يكاد يمزق الكون و من حوله..
لم انتبه لطريقة كلامي من الخوف
" أين ذهبت و تركتنا وحدنا ؟ "
رفعا احد حاجبيه باستغراب
" إلى الأحمق الذي كاد إن يودي بحياتنا "
" نكمل السير "
لم ينتظر أجابه فقد باشر الأمر..
المفضلات