بعيدا و لعدة ساعات, لتتبعها أخرى ليكتمل يومين منذ خروجي من حالتي المرضية,استعت نشاطي مجددا وشيئا من ابتسامتي..
عمي سالم كان يمضي بعض الوقت معنا و لم نسائله أين يقضى ليلته, لا نعلم أين يأكل و ماذا يشرب و لكنه كان يعود..
" تبدو هادئة "
يقصد بذالك الصغيرة
ممسك بيد الطفلة بحنان مغدقا
" قليل من الصغار يرقدون بسلام إلى حين "
كنت أتابع ما يقول باهتمام
" كما كنتي أنت, فهي تشبهك كثيرا "
صوّبت نظري إليه، متعجبة و خجله
في اليوم التالي, مجتمعين كلنا أنا و رنا و رهف و الصغيرة و عمي سالم و بيين أحاديثنا القصيرة, فلا يوجد ما نتكلم فيه
فجأة.. قال عمي
" استعدوه لرحيل بعد يوم غد و احملوا الضروري فقط "
ناقلا بصره إلينا الواحدة تلو الأخرى..
رنا بملامحها الهادئة
و رهف واختلاج تعابير وجهها للحظات
أما أنا فقد كانت هنا في ثغرة ما نار تقارب على الاشتعال لتحدث حريقا هائل وتلتهم كل ما حوله..
قلت بجراءة
" و خطبتي ! "
رافع احد حاجبيه, قال ببساطه
" يؤجل إلى وقت أخر"
هاتين الكلمتين دقت ناقوس الخطر لا قف بسرعة فقلت بتحدي فقد بدا الأمر أخر ما يفكر فيه
" لن يؤجل "
مقطب حاجبيه
" ولما الاستعجال ! "
ازدادت جرأتي إلى حد الوقاحة
" استعجال !, هل ترى الرجال يقفون صفوفا لنيل موافقتي!!... "
قاطعتني رنا, قالت
" أي كلام هذا ! "
التفتت رهف بدورها إلى رنا تأيد كلامها حتى بدون تكرار ما قالتها
ونظر إلي وهو يسأل
" وكيف ادعك هنا "
قلت بنفاد صبر
" متزوجة "
قال كمن نفذه صبره هو الأخر
" ترحلون جميعكم معي, و بعدها نبت في الأمر "
تدحرجت الكلمات لتندفع هاجمه على كل من سيحاول أن يفسد فرحتي
" لن ادع الفرصة تضيع مني, لأبقى و حيده, دون أب أو أم "
حملق الجميع بي و على وجوههم مختلف التعابير ما بين غضب و ذهول
قالت رهف و هي تنظر إلى بشيء من الاستغراب و الحزن و الخذلان و مشاعر كثير لا أستطيع ذكرها
" وئام "
لكنها عادت و أخفضت رأسها بحزن
لكني تابعة كلامي صارخة غير عاباه بأحد
" إذا كنت متعجلا للرحيل فخذهم معك "
مشيرة إلى رنا و رهف باستخفاف
تقدمت من رنا
" وئام يكفي.. فلا..
لكني قاطعتها رافعه صوتي والشر يتطاير مع كلماتي
" أنت يكفيك برودا و استسلاما.. لا تعرفين كيف يكون الإحساس بسعادة أو التمسك بما تحصلين عليه, ما رأيك أن نبقى جميعنا بدون زواج..
و أصبح عانس مثلك, فشعورك ميت وملفوف بي العنوسه...
بترت و قطعت و ألجمت ثورتي و توقفت معها أنفاسي الغاضبة و لم اشعر إلا أنا ملقاة على الأرض من الصفعة التي تلقيتها على وجهي...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
المفضلات