أكثر ما أسعدني أن الطفلة ظلت نائمة بدون أن يصدر منها صوت فلم أكن أعلم ماذا افعل معها
لكن عندما جاءت جارتنا أم باسم تخلصت قليلاً من الخوف الذي ينتابني
بادرتني:
"أسفه لم أكن هنا لقد خرجنا بالأمس ولم نعد ألا في وقت متأخر"
تابعة حديثها.. ناظرتاً إلى أمي
" كيف حالها "
" متعبه "
اقتربت من أمي
" أ أنت بخير ؟؟ "
كلمة واحدة نطقت بها
" الصغيرة "
قالت أم باسم:
" لا عليكي "
كل الأمور تتولاها أم باسم... من أطعام الطفلة... و تبديل ملابسه والاعتناء بها
مضت الأيام كما هو الحال لم تتحسن أمي...
ووئام ورهف الشجار الدائم بينهم
وأنا في دوامه تلف بي لتوقعني ارضً
ذات صباح رأيت أمي تصرخ المً لا تقوى حتى على الاستدارة
يا لهذا المرض لو رايته لخنقته بين يدي و أرديته قتيلاً
بدون أي تردد هرولت خارجه إلي حيث كانت شقيقتاي تتشاجران
واقفة ببلاها انظر إليهما
"اسكتي أنت ِ"
أجابتها رهف
" بل أنتي "
تقدمت منها تدفعها
" أنا من يتكلم اسكتي "
" لماذا ؟؟ !! لا أرى على راسك ريشه "
صرخت بهما
" توقفا"
السكون لف المكان
تابعة قائله
" إلا تشعران.. قلوبكم معماة عن النظر أمي متعبة جدا "
و صرخت من حيث لا اشعر
" أنها تموت "
ما هيا ألا لحظات من اللحظة أسرعت وئام طالبه المساعدة من جارتنا
كما أخبرتكم لا احد لدينا غيرها
وكم هي طيبه للحظات كانت في البيت
عندما حظرت جارتنا أم باسم وكان حاله أمي يزداد سوءا
ناظرت أليها قائله
" يجب نقلها إلى المستشفى "
بادرتها وئام باكيه
" كيف فلا احد لدينا "
طمأنتها
" سينقلها أبا باسم "
اقتربت منها شاكره... لكن كلماتها سبقتني
" لا داعي لذالك فأمكم عزيزة لدينا "
تعاونا جميعنا في مساعدة أمي في ارتداء عبأتها فقد كانت لأتقوى على تحريك يديها...
هممنا في إخراجها من البيت وقلوبنا تزداد خوفاً.. وهلعاًُ...
صعدت أم باسم إلى المقعد الأمامي وأنا وأمي في المقعد الخلفي
ممن التوتر المتملك قلوبنا لم تعترض أي منهما اقصد وئام ورهف على الاعتناء بأختنا الصغيرة

ممسكة بذراعها... بجسدها المتعب
متشبثة بلحظة من الماضي
وصورة من الحاضر
نظرت إلى أصابعها النحيلة بمحاولة منها بضغط على يدي
اقتربت منها لأتمكن من سماعها
بكلمات قليلة أخرجتها من شفة جفت من الحياة
(اعلم انك تسالون ماذا أخبرتي ستعرفونها لاحقاً)
كانت تصرخ من الألم
صرخات تذيب أقصى القلوب
وشعوراً يقتلني لرويتي إليها تتعذب
وقلبي يبكي قبل عيني لألمها
تفتح عينيها لثوان ، ثم تغمضهما...
تراخت قبظتها
وكان الأقدار كتبت لتغمض عينك عن رؤيتها

في مستشفى المدينة
أودعت أمي أخر أنفاسها..أودعت أغلى من أحب
أودعت
الأمل و الفرح
القلب و الروح
البسمة و الحياة
وقفت كالجدار المتصدع الذي يوشك على السقوط
ومتعلق بحبال تشده للصمود كما كان
أم باسم تواسيني
تطبطب على ظهري تارة
تضمني تارة أخرى
وأنا كما أنا
لا حوله ولا قوة
ما بال تلك الدموع قد جفت
ما بالها قد تيبست
ما بلها امتنعت عن التدفق من عين عافت البكاء
أليست هذه أمي المتوفاة منذ لحظات
أليست من يشعرني بالأمان
أليست القلب الدافئ.. والصدر الحنون
ما بال تلك الدموع قد جفت

عدنا إلى البيت.. هنا شعرت بألم يعتصرني.. يلقيني حيث ما يشاء
انظر إلى البيت بقلب مكسور... يحوم ويدور نظري حيث ما يهو
عندما خرجنا من السيارة كان الباب قد فتح و ظهر منه وئام ورهف
تتقدمان لي مترقبتين لما حدث
يبدو انه لا حاجة إلى السؤال
لم أفق مما أنا فيه إلى على صراخ أختي اليتيمة
وئام
و
الفاقدة
رهف
تدفقت دموعي عند هذه اللحظة التي مزقتني أشلاء
أبكي بحرقة و مرارة
ها أنا الآن وأخواتي نساء بلا رجال...