يتبع
السادس عشر : ترقيق القلب :
ويستحب الدعاء عند استشعار رقة القلب وحالة الخشية التي تنتابه بذكر الموت ،والبرزخ ، ومنازل الآخرة ، وأهوال يوم المحشر ، وذلك لأن رقَّة القلب سبب فيالإخلاص المؤدي إلى القرب من رحمة الله وفضله .
قال رسول الله ( صلى الله عليهوآله ) : ( اغتنموا الدعاء عند الرقة ، فإنها رحمة ) .

السابع عشر : البكاءوالتباكي :
خير الدعاء ما هيجه الوجد والأحزان ، وانتهى بالعبد إلى البكاءمن خشية الله ، الذي هو سيد آداب الدعاء وذروتها ، ذلك لأن الدمعة لسان المذنب الذييفصح عن توبته وخشوعه وانقطاعه إلى بارئه . والدمعة سفير رِقَّةِ القلب الذي يؤذنبالإخلاص والقرب من رحاب الله تعالى .

فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) لأبي بصير :
(
إن خفتَ إمراً يكون أو حاجة تريدها ، فابدأ بالله ومَجِّدهُواثنِ عليه كما هو أهله ، وصلِّ على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وَسَل حاجتَكَ، وتباكَ ولو مثل رأس الذباب . إن أبي كان يقول : إن أقرب ما يكون العبد من الربعزَّ وجل وهو ساجد باكٍ ) .

الثامن عشر : العموم في الدعاء :
ومنآداب الدعاء أن لا يخصَّ الداعي نفسه بالدعاء ، بل يذكر إخوانه المسلمين والمسلماتوالمؤمنين والمؤمنات .
وهذا من أهم آداب الدعاء ، لأنه يدل على التضامن ونشرالمودَّة والمحبة بين المؤمنين ، وإزالة أسباب الضغينة والاختلاف فيما بينهم . وذلكمن منازل الرحمة الإلهية ، ومن أقوى الأسباب في استجابة الدعاء ، فضلاً عن ثوابهالجزيل للداعي والمدعو له .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إذا دعاأحدكم فليعمُّ ، فإنه أوجب للدعاء ) .

التاسع عشر : التضرع ومدُّ اليدين :
ومن آداب الدعاء إظهار التضرع والخشوع ، فقد قال تعالى : (( وَاذكُررَبَّكَ فِي نَفسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً )) [ الأعراف : 205 ] .
وقد ذمَّالله تعالى الذين لا يتضرعون إليه ، في قوله تعالى : (( وَلَقَد أَخَذنَاهُمبِالعَذَابِ فَمَا استَكَانُوا لِرَبِّهِم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ )) [ المؤمنون : 76 ] .
وعن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن قول الله عزَّوجل : (( فَمَا استَكَانُوا لِرَبِّهِم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ )) فقال ( عليه السلام ) :
(
الاستكانة هي الخضوع ، والتضرُّع هو رفع اليدين والتضرُّع بهما ) .

العشرون : الإسرار بالدعاء :
فيستحب أن يدعو الاِنسان خُفية ليبتعد عنمظاهر الرياء التي تمحق الأعمال وتجعلها هباءً منثوراً .
فقال تعالى : (( ادعُوا ربَّكُم تَضَرُّعاً وَخُفيَةً )) [ الأعراف : 55 ] .
وقال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : ( دعوة العبد سِراً دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية ) .

الواحد والعشرون : التَرَيُّث بالدُّعاءِ :
ومن آداب الدعاء أن لايستعجل الداعي في الدعاء ، بل يدعو مترسلاً ، وذلك لأن العجلة تنافي حالة الإقبالوالتوجه إلى الله تعالى ، وما يلزم ذلك من التضرُّع والرقة . كما أن العجلة قد تؤديإلى ارتباك في صورة الدعاء ، أو نسيان لبعض أجزائه .

الثاني والعشرون : عدمالقنوط :
وعلى الداعي أن لا يقنط من رحمة الله ، ولا يستبطىء الإجابة فيتركالدعاء ، لأن ذلك من الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء .
وهو بذلك أشبه بالزارعالذي بذر بذراً ، فجعل يتعاهده ويرعاه ، فلما استبطأ كماله وإدراكه ، تركه وأهمله .
فعن أبي بصير ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال :
(
لا يزالالمؤمن بخير ورجاء رحمة من الله عزَّ وجل ما لم يستعجل فيقنط ويترك الدعاء ) ،فقلتُ : كيف يستعجل ؟ قال ( عليه السلام ) : ( يقول قد دعوت منذ كذا وكذا ، وما أرىالاِجابة ) .

الثالث والعشرون : الإلحاح بالدعاء :وعلى الداعي أنيواظب على الدعاء والمسألة في حال الاِجابة وعدمها ، لأن ترك الدعاء مع الإجابة منالجفاء الذي ذَمَّهُ تعالى في محكم كتابه بقوله :

((
وَإِذَا مَسَّالإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعمَةًمِنهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدعُو إِلَيهِ مِن قَبلُ )) [ الزمر : 8 ] .

وقالأمير المؤمنين ( عليه السلام ) لرجل يَعِظُهُ :
(
لا تكن ممن إن أصابه بلاء دعامضطراً ، وإن ناله رخاء أعرض مغتراً ) .

الرابع والعشرون : التَقَدُّم فيالدعاء :ومن آداب الدعاء أن يدعو العبد في الرخاء على نحو دعائه في الشدة، لما في ذلك من الثقة بالله ، والانقطاع إليه ، ولفضله في دفع البلاء ، واستجابةالدعاء عند الشدة .
فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
(
من سَرَّهُ أنيُستجابَ له في الشدة ، فليكثر الدعاء في الرخاء ) .

الخامس والعشرون : التَخَتُّم بالعقيق والفَيرُوزَج :ويستحب في الدعاء لبس خاتم من عقيق أومن فيروزج ، وذلك لقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ما رُفِعَت كفٌّ إلى اللهعزَّ وجل أحبُّ إليه من كفٍّ فيها عقيق ) .
ولقوله ( عليه السلام ) : قال رسولالله ( صلى الله عليه وآله ) : قال الله عزَّ وجل : ( إني لأستحي من عبدٍ يرفع يدَهوفيها خاتم فيروزج فأَرُدَّهَا خائبة.