ما هي شروط استجابة الدعاء؟
لقد حدَّدت النصوص الإسلامية عن النبيصلى الله عليه وآله وآل البيت ( عليهم السلام ) آداباً للدعاء ، وقررت شروطاًلابد للداعي أن يراعيها كي يتقرب إلى خزائن رحمة الله تعالى وذخائر لطفه ، ويتحقّقمطلوبه من الدعاء .
وإذا أهملها الداعي ، فلا تتحقق له الاستجابة المرجوة منالدعاء ، ولا تحصل له نورانية القلب ، وتهذيب النفس ، وسُمُوُّ الروح المطلوبة فيالدعاء .
وفيما يلي أهم هذه الشروط والآداب :
الأول : الطهارة :
منآداب الدعاء أن يكون الداعي على وضوء ، سيَّما إذا أراد الدعاء عقيب الصلاة ، فقدرَوَى مسمع عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال :
( يا مسمع ، ما يمنعأحدكم إذا دخل عليه غَمٌّ من غموم الدنيا أن يتوضأ ، ثم يدخل مسجده ، فيركع ركعتينفيدعو الله فيهما ) .
الثاني : الصدقة ، وشمُّ الطيب ، والذهاب إلىالمسجد :
روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال :
( كان أبيإذا طلب الحاجة .. قدَّم شيئاً فتصدق به ، وشمَّ شيئاً من طيب ، وراح إلى المسجد ) .
الثالث : الصلاة :
ويستحب أن يصلي الداعي ركعتين قبل أن يشرعبالدعاء ، فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
( من توضأ فأحسن الوضوء ، ثمصلى ركعتين ، فأتمَّ ركوعهما وسجودهما ، ثم سلَّم وأثنى على الله عزَّ وجل وعلىرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم سأل حاجته فقد طلب الخير في مظانّه ، ومن طلبالخير في مظانّه لم يخب) .
الرابع : البسملة :
ومن آداب الدعاء أنيبدأ الداعي دعاءه بالبسملة ، لقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( لايُرَدُّ دعاءٌ أوَّله بسم الله الرحمن الرحيم ) .
الخامس : الثناء على اللهتعالى :ينبغي للداعي إذا أراد أن يسأل ربه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرةأن يحمد الله ويثني عليه ، ويشكر ألطافه ونعمه قبل أن يشرع في الدعاء .
يقول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاًلذكره ، وسبباً للمزيد من فضله ) .
السادس : الدعاء بالأسماء الحسنى :
على الداعي أن يدعو الله تعالى بأسمائه الحسنى ، لقوله تعالى :
(( وللهِ الأَسمَاءُ الحُسنَى فَادعُوهُ بِهَا )) [ الأعراف : 180 ] .
وقوله تعالى : (( قُلِ ادعُوا اللهَ أَوِ ادعُوا الرَّحمَنَ أَيّاً مَّا تَدعُوا فَلَهُالأَسمَاءُ الحُسنَى )) [ الإسراء : 110 ] .
وقال رسول الله ( صلى الله عليهوآله ) :
( لله عزوجل تسعة وتسعون اسماً ، من دعا الله بها استجيب له ) .
السابع : الصلاة على النبي وآله ( عليهم السلام ) :
لابد للداعي أنيصلي على محمد وآله ( عليهم السلام ) بعد الحمد والثناء على الله سبحانه ، وهي تؤكدالولاء لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولأهل بيته المعصومين ( عليهم السلام ) الذي هو في امتداد الولاء لله تعالى ، لذا فهي من أهم الوسائل في صعود الأعمالواستجابة الدعاء .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
( لا يزالالدعاء محجوباً ، حتى يصلى عليَّ وعلى أهل بيتي ) .
الثامن : التوسل بمحمدوأهل بيته ( عليهم السلام ) :
وينبغي للداعي أن يلج من الأبواب التي أمرالله تعالى بها ، وأهل البيت ( عليهم السلام ) هم سفن النجاة لهذه الأمَّة .
فحريٌّ بمن دعا الله تعالى أن يتوسل إلى الله بهم ( عليهم السلام ) ، ويسألهبحقهم ، ويقدمهم بين يدي حوائجه .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( الأوصياء مني بهم تُنصر أُمتي ، وبهم يمطرون ، وبهم يدفع الله عنهم ، وبهم استجابدعاءهم ) .
التاسع : الإقرار بالذنوب :
وعلى الداعي أن يعترف بذنوبهمقراً ، مذعناً ، تائباً عمَّا اقترفه من خطايا ، وما ارتكبه من ذنوب .
فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنما هي مدحة ، ثم الثناء ، ثمالإقرار بالذنب ، ثم المسألة ، إنه والله ما خرج عبد من ذنب إلا بالإقرار ) .
العاشر : المسألة :
وينبغي للداعي أن يذكر - بعد الثناء على الله تعالىوالصلاة على النبي وآله ( عليهم السلام ) والإقرار بالذنب - ما يريد من خير الدنياوالآخرة ، وأن لا يستكثر مطلوبه ، لأنه يطلب من ربِّ السموات والأرض الذي لا يعجزهشيء ، ولا تنفد خزائن رحمته التي وسعت كل شيء .
الحادي عشر : معرفة الله ،وحسن الظن به سبحانه :
وهذا يعني أن من دعا الله تعالى يجب أن يكون عارفاً بهوبصفاته .
فعلى الداعي أن يوقن برحمة الله اللامتناهية ، وبأنه سبحانه لا يمنعأحداً من فيض نعمته ، وأن باب رحمته لا يغلق أبداً .
قال رسول الله ( صلىالله عليه وآله ) : ( قال الله عزَّ وجل : من سألني وهو يعلم أني أضرُّ وأنفع ،استجبت له ) .
وقيل للاِمام الصادق ( عليه السلام ) : ما بالنا ندعو فلا يستجابلنا ؟!
قال ( عليه السلام ) : ( لأنكم تدعون من لا تعرفونه ) .
الثانيعشر : العمل بما تقتضيه المعرفة :على الداعي أن يعمل بما تقتضيه المعرفةلخالقه ، بأن يفي بعهد الله ، ويطيع أوامره ، وهما من أهم الشروط في استجابة الدعاء .
قال رجل للإمام الصادق ( عليه السلام ) : جعلت فداك ، إن الله يقول : (( ادعُونِي استَجِب لَكُم )) وإنَّا ندعو فلا يُستجاب لنا ؟!
قال ( عليه السلام ) : ( لأنكم لا توفون بعهد الله ، لو وفيتم لوفى الله لكم ) .
الثالث عشر : الإقبال على الله :
من أهم آداب الدعاء هو أن يقبل الداعي على الله سبحانهبقلبه ، وعواطفه ، ووجوده ، وأن لا يدعو بلسانه ، وقلبه مشغول بشؤون الدنيا .
فهناك اختلاف كبير بين مجرد قراءة الدعاء ، وبين الدعاء الحقيقي الذي ينسجم فيهاللسان انسجاماً تاماً مع القلب ، فَتَهتَزُّ له الروح ، وتحصل فيه الحاجة في قلبالإنسان ومشاعره .
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إن الله عزَّ وجللا يستجيب دعاء بظهر قلبٍ ساهٍ . فإذا دعوت ، فأقبل بقلبك ، ثم استيقن بالإجابة ) .
الرابع عشر : الاضطرار إلى الله سبحانه :لابد للداعي أن يتوجه إلىالله تعالى توجه المضطر الذي لا يرجو غيره ، وأن يرجع في كلِّ حوائجه إلى ربه ، ولاينزلها بغيره من الأسباب العادية التي لا تملك ضراً ولا نفعاً .
فإذا لجأالداعي إلى ربه بقلب سليم ، وكان دعاؤه حقيقياً صادقاً جاداً ، وكان مدعوُّه ربَّهوحده لا شريك له ، تحقق الانقطاع الصادق بالاضطرار الحقيقي إلى الله تعالى الذي هوشرط في قبول الدعاء .
الخامس عشر : تسمية الحوائج :
إن الله تعالى محيطبعباده ، يعلم حالهم وحاجاتهم ، وهو أقرب إليهم من حبل الوريد ، ولكنه سبحانه يحبُّأن تُبثُّ إليه الحوائج ، وتُسمَّى بين يديه تعالى ، وذلك كي يُقبل الداعي إلى ربه، محتاجاً إلى كرمه ، فقيراً إلى لطفه ومغفرته .
قال الإمام الصادق ( عليهالسلام ) : ( أن الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ، لكنه يحبُّ أنتُبثّ إليه الحوائج ، فإذا دعوت فسمِّ حاجتك ) .
المفضلات