وداع ولكن ......
جالسة على الكرسي وقد بان على وجهها الحزن تنتظر خروج الدكتور من الغرفة المجاورة واضعة رأسها بين كتفيها ودموعها تتساقط على خديها بغزارة وبعد مضي ساعتان على جلوسها خرج الدكتور من الغرفة وعند رؤيتها له وقفت وجسمها يرتعش أقترب منها وعلامات اليأس ترسمت على ملامح وجه وكان يقول في خاطره" كيف سأخبرها ..؟ هل يمكنني فعل ذلك حقاً ..؟ لقد حاولت فعل الكثير ولكن بدون جدوى من ذلك ..."
رسمت في ذهنها صورة للحديث الذي سيدور بينها وبين الدكتور ، توقف واستقام في وقفته جمع شداد ذهنه وسيطر على مواقفه واجمع قوته ثم رفع رأسه وقال لهذه الفتاة الواقفة أمامه المتساقطة دموعها : كان الله بعونها لقد فعلنا كل ما في وسعنا ولكن الأمر بيد الله .
أجابته الفتاة بصوت ضعيف : ماذا يعني يا دكتور ..!؟
ـ إذا أردت رؤيتها فأذهبي إليها لأنها مستيقظة الآن .
قال كلمته الأخيرة وتركها لوحدها .. وقعت كلماته كالصاعقة على رأسها ، مشت ولكن بخطوات بطيئة إلى الغرفة التي ترقد فيها أمها أمسكت قبضت الباب فتحته رأت أمها ملاقاة على فراش المرض اتجهت إليها ببطء شديد وأعصابها منهارة على خديها من عظمة المصيبة التي وققت على دماغها كالصاعقة التي تحرق كل شي
أمامها .
فتحت الأم عينيها رأت ابنتها بجانبها رسمت ابتسامة خفية على شفتيها لتبعث الأمل في روح ابنتها الوحيدة أمسكت الفتاة يد أمها ونطقت بصوت حزين قائلة للأم العزيزة : أنني مستعدة لإعطائك روحي ولكن لا تفارقني يا أماه .. لا تفارقني .
قبضت الأم على يد ابنتها قائلة والمرض يعصر أمائها : لا تفدي روحك لإنسانة ميتة يا ابنتي .. لا فائدة الآن فلن ينفع شيئا ، أدعي الله الرب الرحيم بأن يحفظك من الأشرار ومن هذه الدنيا الغدارة.
فردت الفتاة قائلة : أماه .. ما فائدة هذه الدنيا بدونك ..؟
فقالت لها أمها بثابت : ابنتي توكلي على الله .
فأجابتها ابنتها مرة أخرى بقولها : كيف أجد لهذه الحياة لذة أو طعم بدون قربك .. أماه .. حبيبتي ..
ـ ابنتي ...
اختفى صوتها فجأة وقفت ابنتها مستغربة نادت عليها : أماه .. أماه حبيبتي اجتبيني أرجوك أماه .
ولكن من دون جدوى خرجت من الغرفة مذعورة هرعت إلى غرفة الدكتور ومن حسن حظها كان الدكتور في غرفته أستغرب مجيئها بهذه الطريقة فسأفتر عن السبب أخبرته بأن أمها لا تجب عليها أسرع الدكتور مع الدستسر إلى الغرفة حاولا استعادة النبض إليها ولكن بدون فائدة .. ابنتها واقفة تنظر إليهم بذعر شديد وعقلها لا يصدق ما يحدث أمامها ( هل حقا فقدت أمها وإلى الأبد ...)
التفت إليها الدكتور وعلامات الأسى بادية عليه فهمت بدورها ما الذي حدث نظرت إلى جسد أمها الملقي على ذلك السرير ودموعها أخذت مسيرها على خديها الناعمتين ودعت أمها بدون أن تعلم إنها راحلة ...
المفضلات