تكملة

وبعد نزعهم الحلي و الملابس وجاءوا رسول الله ودار الحوار الذي شهده التاريخ وسجل صفحات خالدة في الرقي والفكري و التسامح و الإنساني و الجدية في التعاهد بين من لم يدخل في دين الإسلام . وقد بداء ذلك الحوار المهم لرفعة الإسلام ,وعندما سأل ( السيد) من وفد نجران الرسول الكريم قاء لا:

يا أبا القاسم , موسى من أبوه؟
فقال رسول الله عمران.

وسأل ( السيد) فيوسف من أبوه؟
فأجاب : يعقوب .

فسأل: فأنت من أبوك؟
فأجاب : عبدا لله بن عبدا لمطلب.

فسأل السيد: فعيسى من أبوه؟
قال هو روح الله و كلمته.

وعند ذلك كان هدف (السيد) وصوله إلى ما يرمي إليه من أسئلته تلك , فقال يبدي عجبا: فهل روح الله بلا جسد؟

وأجاب النبي محمد بقول الله سبحانه وتعالى واثبات نبوته وإقرار النصرة بأن نبي الله عيسى خلق من تراب فتلىهذه الآية الكريمة { إن مثل عيسى عند الله كمثل ْءآدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون}

وعظم على ( السيد) الأمر و هو يسمع أن نبي الله عيسى قد خلق من تراب و غضب له فقال : أتزعم أن الله أوحى إليك أن عيسى خلق من تراب ؟ما نجده هذا في التوراة ولا في الإنجيل . ما وجده اليهود( لعنهم الله) فيما أوحى إلى رسلهم وما وجده النصارى في فيما أوحى إلى نبيهم".

وسمحت الفرصة لرسول الله إن يتلوعلىالمسامع آيات بينان مقدسة من (سورة مرين ) في القرآن الكريم تدل على حقيقة خلق نبي الله عيسى بن مرين.
بقول الله تعالى :
{ وأذكر في الكتاب مرين إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا* فاتخذ ت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا* قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا* قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا* قالت أنى يكون لي غلام و لم يمسسني بشر ولم أك بغيا * قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله ءاية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا*}

وعلا الوجوه الحاضرة الصمت لهذه التلاوة, إلا أن رئيس الوفد العاقب قطعه بعد قليل و هو يقول: إنا لننقر و الله يا أبا القاسم , و لا نقول في المسيح إلا أنه ابن الله و انه ثالث ثلاثة: اب و أم و روح القدس, وقد سمعنا في قرآن نزل عليك :[ فعلنا و جعلنا و خلقنا .] بصيغة الجمع, و لو كان واحد لكان يقول : فعلت و جعلت و خلقت , بصيغة المفرد.

وهنا أوضح رسول الله بآيات توضح على صيغت المفرد, وتدل على وحدانية الله ولاثاني له ولا ندا له و لا شريك له , بقول عز من قائل : { قل هو الله احد * الله الصمد* لم يلد ولم يولد ÷ ولم يكن له كفوا أحد.}
وإلى ما هنالك من الآيات البينات حول صغيت المفرد وثبوت وحدانية الله سبحانه وتعالى .
ثم قال ( العاقب ) إنا نجد في الإنجيل من صفة النبي المبعوث بعد عيسى المسيح أنه يصدق به , و يؤمن به , و أنت تزعم أنه عبد الله , افلا يكون ذلك عدم الإيمان به , والتصديق به ؟

ثم اثبت النبي الأكرم بآيات كريمة من سورة مرين : {فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا * قال إني عبدا لله ءاتاني الكتاب وجعلني نبيا}

قال :العاقب : إنك تقول عن المسيح ‘نه عبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا بأمر من الله , ولا يملك موتا ولاحياة ولا نشورا ولكن ألم يكن يحي الموتى و يبرىء الأكمة و الأبرص ويبين لهم بما يكنون في صدورهم وما يدخرون في بوتهم فهل يستطيع ذلك إلا الله ؟

وهنا أبان رسول الله أنه سبحانه الذي منح عبده و نبيه عيسى بن مرين هذه الأمور لتكون حجة واضحة على قومه . وتبين مكانة المبعوث عن سائر ابنا عصره .
وتلا عليهم قول الله تعالى : { ورسولا إلى نبى إسرائيل أني قد حئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بأذن الله و أبري الأكمة و الأبرص و أحي الموتى بأذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين}.

وطال النقاش ودام الحوار وكل من وفد نجران يسأل ما يجيش في صدره ونبي الله محمد يقدم لهم البراهين و الأدلة و الشواهد الواضحة , وبعد ما ألتمس رسول الله تشبثهم بآرائهم من غير وجه حق و تعصبهم لدينهم وطمعهم بأموال الروم الفانية وحب المنصب والتكبر , نزل عليه الوحي بأن يطلبهم للمباهلة التي هرب منها حفالت التعصب و الحقد مثل المنتصر و الخميس ولو وافقوا على المباهلة لوجدوا ما يسوء لهم و ليغيرهم من المتعصبين وهؤلاء مثل نصارى نجران


وهكذا ظل وفد نجران يتشاورون فيما بينهم بما يصنعون و هم يتصورون كل الاحتمالات التي سيواجهونها و الطرق التي سوف يسلكونها, بائي وجه ينتصرون غدا ويكون النصر حليفهم و يكون النصرانية هي الحق ويدفن الإسلام .ثم نزل عليه الوحي بأن يطلبهم للمباهلة .و المباهلةهي التضرع إلى الله سبحانه وتعالى و ذلك يدعوا كل فريق على الآخر حتى يتبين الحق من الباطل و يظهر الصادق من الكاذب فأعلن النبي للوفد ذلك , وتلا دعوة المباهلة بقول الله تعالى :

{ فمن حاجك فيه بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين .}
(الأبناء هم الحسن و الحسين ونساءنا فاطمة الزهراء و و أنفسنا النبي وعلي)


لقد عين النبي المكان الذي أمربه ربه ليكون الموقف العظيم التاريخي المجيد. ثم أمر من يذهب إلى المكان الذي عين للاجتماع كي نظيفا و أزالة مافيه من حجر و كدر , وحيث توجد شجرتان متقاربتان وقد التفت اغصانهما وتشابكت فأعطيت الظلال و الفيء فلما كان الصباح الغد عاد وبعث بكساء كبير أسود و ينشر على الشجرتين ويتلى من الجوانب فيكون على شكل خيمة تسع بعض الأشخاص

وتجمعت الناس عند مقبرة البقيع في المدينة النورة حضر اليوم المشهود , وفد نجران وجمع غفير من كبار الصحابة المخلصين , وقد حضر في ذلك اليوم عمر و أبو بكر و عثمان وباقي الصحابة , ورتفع صوت التكبير , فأشارت الأعناق وجالت الأنظار , وإذا برسول الله فقدم محتضنا الحسين الشهيد و هو في حوالي السادسة من عمره الشريف ومن وآخدا بيد الحسن الزكي وهو حوالي السابعة من عمر الشريف ومن خلفه مشى علي بن أبي طالب و زوجته فاطمة الزهراء عليه و عليهم السلام , هؤلاء هم عترة رسول الله ويقد مهم لله على مد بح الحق و اليقين وتقدم رسول الله يشير أمام الناس إلى أهل بيته , ثم يدخلهم تحت الكساء ويقف أمانه و هو يقول لهم ( إذا دعوت فأمنوا أى قولوا آمين ) ثم ارفع بناظره نحو السماء ودعا الله قائلا ( اللهم هؤلاء أهل بيتي (....

و رأت الناس ورأى وفد نجران أن هؤلاء الأربعة الذين أدخلهم رسول الله تحت الكساء هم وحدهم الذين سيبتهل بهم, وللأحد غيرهم من الناس فخاف أصحاب الوفد بعدما رأوا بأم العين ماحدسوا و ظنوا فقال ( السيد) لهم والله إني لأرى وجوها لو سألوا ربهم أن يزيل الجبل عن مكانه لأجابهم و أزاله فما تقولون يا قوم أنباهل الرجل ؟
وخاف القوم على بصيره من الزوال , فقالوا لبعضهم البعض " لاتباهلوا فتهلكوا , أنه ما بأهل قوم نبيا إلا خسروا " فتراجعوا عن المباهلة وقدموا على رسول الله ورضوا بالجزية وشهد القوم بأنه النبي و أهل بيته هم علي وفاطمة و الحسن و الحسين .
ورجع الوفد خائبين وخسروا ماكان في جعبتهم .

وانهى المؤتمر المشهود وعاد الجميع إلى منازلهم حتى كان الموعد الذي ضربه رسول الله لوفد نجران فاجمعوا إيه وعقد لهم عهدا دونه بوفيقة خطية وفيه أن يقدموا ألفي حلة ز ألف دينار و يؤون النصف في شهر محرم والنصف الثاني في شهر رجب القادمين, على إن يؤدوا كل عام ألف سيف و ألف درع وقد جاء في عهد رسول الله إلى أهل نجران ما يؤمن ألالكتاب على دينهم و يحفظ جوارهم غير ماداموا للعهد حافظين .
وكتب لهم رسول الله كتاب المصالحة على الجزية .

(بسم الله الرحمن الرحيم)
من محمد النبي و رسول الله إلى الأسقف أبي الحارثة بن لقمة , وأساقفة نجران , وكهنتهم و رهبانهم, وأهل بيتهم و رقيقهم و ملتهم وعلى كل ما تحت أيديهم من قليل و كثير , جوار الله ورسوله, لا يغير حق من حقوقهم , ولا من سلطانهم, ولا مما كانوا عليه . على ذلك جوار الله و رسوله , أبدا نصحوا وأصلحوا غير منقلبين بظالم ولا ظالمين"
وعاد الوفد إلى نجران و مقرين بنبوة محمد وهكذا حرص النبي على إقامت العدل بينه وبين وفد نصارى نجران ورضوا بعدله واقتنعوا بتصرفه الكريم .

وهذه خاصية إلى محمد وأل بيته حتى يعلم كل الناس اهم ارفع الناس منصبا وأعلى درجة و أفضلهم عند الله منزلة و هم أهل الولاية المفروضة على البشر .


للإما (واما الخاصية الثانية) م علي ومحمد أشرك فيها , وهي التصدق بالخاتم , لم جاء سأل في مسجد رسول الله يسأل الناس إن يعطوه من المال فلم يعطه احد ثم قال في مسجد النبي : ( اللهم أني في مسجد رسولك محمد ولم يعطني أحدا , فسمعه الإمام علي عليه وهو يصلي صلاة المستحبة ويثبت على ذلك انه يسأل الناس وهم في الدعاء أو انهم في النقاش الديني و الإمام علي راكع فأشار إلى السأل إن ينزع الخاتم الثمين من يد الإمام علي فأجد السائل الخاتم وعند خروجه اقبل عليه رسول الله وقال له من اعطاك فقال : أني سألت الناس فلم يعطني سواء هذا الراكم وهو الإمام علي .ثم نزلةعليه هذه الآية الكريمة بقول الله تعالى

:{إنما وليكم الله ورسوله و الذين آمنوا الذين يقومون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }( سورة المائدة آية 55)

ثم قال رسول الله اللهم والي من والاه و عادي من عاداه ونصر من نصره و خدل من خدله