اعطاء الامام علي الراية يوم خيبر :

عندما حاصر رسول الله( ص ) مع المسلمين قلاع اليهود ومنها قلعة خيبر ، عدة أيام ، بعث النبي( ص ) أبا بكر مع الجيش وناوله الراية وأمره أن يفتح ، ولكنه رجع منكسرا عاجزا عن الفتح ، فأخذ النبي( ص ) الراية وأعطاها لعمر بن الخطاب وأرسله مع الجيش ليفتح خيبر ، ولكنه رجع منهزما يجبن المسلمين وهم يجبنونه.

فلما رأى النبي( ص ) خور أصحابه وتخاذلهم وانهزامهم أمام ثلة من اليهود ، غضب منهم وأخذ الراية فقال: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، كرارا غير فرارا ، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه .

ـ ولا يخفى تعريض النبي( ص ) في كلامه بالفارين ـ .

فبات المسلمون ليلتهم يفكرون في كلام رسول الله( ص ) ، ومن يكون مقصوده ومراده؟!

فلما أصبح الصباح اجتمعوا حول النبي( ص ) والراية بيده المباركة ، فتطاولت أعناق القوم طمعا منهم بها أو ظنا بأنه سيناولهم الراية ، لكن النبي( ص ) أجال بصره في الناس حوله وافتقد أخاه ومراده علي بن أبي طالب( ع ) فقال: أين ابن عمي علي؟

فارتفعت الأصوات من كل جانب: أنه أرمد يا رسول الله!

فقال( ص ): علي به .

فجاؤا بالإمام علي( ع ) وهو لا يبصر موضع قدمه ، فسلم ورد النبي عليه وسأله: ما تشتكي يا علي؟ فقال( ع ): صداع في رأسي ، ورمد في عيني .

فأخذ النبي( ص ) شيئا من ريقه المبارك ومسح به على جبين الإمام علي( ع ) وقال: اللهم قه الحر والبرد؛ ودعا له بالشفاء ، فارتد بصيرا.

وإلى هذه المنقبة يشير حسان في شعره فيقول:

وكان علي أرمد العين يبتغي * دواء فلما لم يحس مداويا

شفاه رسول الله منه بتفلة * فبورك مرقيا وبورك راقيا

وقال سأعطي الراية اليوم فارسا * كميا شجاعا في الحروب محاميا

يحـب الإله والإله يحبه * به يفتح الله الحصون الأوابيا

فخص بها دون البرية كلها * عليا وسماه الوصي المؤاخيا

فأعطى النبي ( ص ) الراية لعلي ( ع ) وقال: خذ الراية! جبرائيل عن يمينك ، وميكائيل عن يسارك ، والنصر أمامك ، والرعب مبثوث في قلوب القوم ، فإذا وصلت إليهم فعرف نفسك وقل: أنا علي بن أبي طالب ، فإنهم قرأوا في صحفهم أن الذي يدمر عليهم الحصون ويفتحها اسمه إيليا ، وهو أنت يا علي!

فأخذ علي( ع ) الراية وهرول بها نحو القلاع حتى وصل إلى باب خيبر وهو أهم تلك الحصون والقلاع ، فطلب المبارز ، فخرج إليه مرحب مع جماعة من أبطال اليهود ، فهزمهم علي( ع ) مرتين ، وفي المرة الثالثة لما برزوا وحمل عليهم علي( ع ) ضرب بالسيف على رأس مرحب فوصل إلى أضراس مرحب وسقط على الأرض صريعا ، وسجل النصر للمسلمين.



المصادر:

ومن أهم الدلائل على أن عليا( ع ) هو المقصود بالآية الكريمة ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه.... ) حديث الراية لفتح خيبر ،
البخاري في صحيحه ج 2 كتاب الجهاد ، باب دعاء النبي ( ص ) ، و ج3 كتاب المغازي ، باب غزوة خيبر ، ومسلم في صحيحه 2/324 ، والإمام النسائي في ( خصائص أمير الؤمنين( ع ) ، والترمذي في السنن ، وابن حجر العسقلاني في الإصابة 2/508 ، وابن عساكر في تاريخه ، وأحمد بن حنبل في مسنده ، وابن ماجة في السنن ، والشيخ الحافظ سليمان في " ينابيع المودة" الباب السادس ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة ، ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، في"كفاية الطالب" الباب الرابع عشر ، ومحمد بن طلحة في " مطالب السؤول" الفصل الخامس ، والحافظ أبو نعيم في " حلية الأولياء" والطبراني في الأوسط ، والراغب الإصفهاني في محاضرات الأدباء2/212 .