المباهلة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد رب العالمين ونستعين به ونتوكل عليه وهو ربنا سبحانه وتعالى وصل على خاتم النبيين وعلى جميع الأنبياء و المرسلين و على الملائكة أجمعين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الميامين وسلم تسليما.
روي أن كل حسب ونسب ينقطع, إلا حسب ونسب النبيمن ابنته فاطمة
فروي عن الرسول
"" أن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة, وجعل ذريتي من صلبي و من صلب علي بن أبي طالب, وأن كل بني بنت ينسبون لا أبيهم إلا أولاد فاطمة فإني أنا أبوهم ""
هناك عدد كبير من الآيات القرآنية المباركة ، ذكرت آل بيت رسول الله هم علي و فاطمة و الحسن و الحسينتلميحا صريحا , وقد ألفت كتب عديدة في ذلك نذكر بعضها حيال ذلك .
{ ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا و يحي و عيسى و إلياس كل من الصالحين }
{ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع بناءنا و أبنائكم و نساءنا و نسائكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجل لعنت الله على الكاذبين }
وهذه الآية الكريمة نزلة في المدينة المنورة عدما أرسل رسول اللهرسالة إلى نصارى نجران لدخولهم في الإسلام أو دفع الجزية , وقد جاء فيه:
----------بسم الله الرحمن الرحيم
"بسم آله إبراهيم وإسحاق و يعقوب. فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد , وأدعوكم إلى ولاية الله تعالى من ولاية العباد , فإن أبيتم فالجزية, فإن أبيتم أدنتكم بحرب و السلام ".
وصل الكتاب ‘لي يد أسقف نجران , أبي حارثة بن لقمة, أخي بني بكر بن وائل. فلما قرأه قال لواحد بجانبه : "أدع إليِِ الساعة شرحبيل " .و كان هذا خازن أسراره وموضع مشورته. فلما جاءه قال له : " دعوتك الساعة يا شرحبيل لأمر زاغني و أفزعني . فقد جاءني اليوم كتاب من محمد بن عبدا لله يدعوني لدين يسميه الإسلام و يخيرني بين الجزية و الحرب .
قال : شرحبيل : لست يا سيدنا بصاحب رأي في هذا , ولو كان لأمر من أمور الدنيا لرجوت أن يكون لي فيه نصيب أو رأي جازم أقوله . على أنني علمت ما وعد الله به النبوة في ذرية إسماعيل فما أدري أن يكزن هو ذاك.
ولم يقنع أبو حارثة بكلام مستشاره , فدعا إليه بعض أهل الرأي غيره, فما زاد احد على مقاله شرحبيل , وهذا ما جعل الأسقف في حيرة من أمره ولا يدري ماذا يفعل . لقد خلا إلى نفسه , وراح يقلب الأمور يمنة و يسرى فما أهتدي إلى سبيل ذلك انه إن أذعن لدعوة محمدو دخل في دين الإسلام فمعناه التخلي عن مناصبه , وإثارة ملوك الروم عليه, و قطعهم الأموال الطاءلة التي يمدونه بها , فلا يبقى له خدم ولا حشم و تاج الملك ولا تبقى له المكانة التي يعلو بها على الناس . وان هو رفض الاستجابة لدعوة الاستجابة لدعوة محمد
فإن رفضه يعني إذانا إما الجزية أو الحرب .
كل الأمور وجميع الخيارات و جدها صعبة عليه . فقام يأمر بالنواقيس أن تدق و بالمسوح إن تغلق بالصوامع, إذانا بدعوة القوم إليه كما كانوا يفعلون في ذلك العهد.
وجاء القوم وعقد الإجماع , فقام الأسقف يخبرهم بكتاب محمدويعوهم للتشاور في أمره. وبعد جدال و نقاش كر الرأي على الذهاب إلى المدينة مقابلة نبي الله محمد
فيحاجونه ويجادلونه ثم يرون بعده ما يكون من أمرهم إما الغلبة أو الدمار .
وتألف وفد نجران من مجموعة كبيرة من الركبين و في طليعتهم أميرهم المعاقب, و أسمه عبد المسيح, و السيد و هو ممثلهم و صاحب رحلهم و مجتمعهم , و أبو حارثة , الأسقف نفسه و أخوه كرز بن لقمة. وخرج هذا الوفد يرأسه المعاقب , وساروا يغذون المسير نحو المدينة. وبينما هم في الطريق , عثرة بغلة الأسقف , وهي بجانب بغلة أخيه كرز فصرخ هذا تعس الأبعد (يعني بذلك محمدفنفر الأسقف أبو حارثة من قوله , و قال له: تعست أنت يا كرز , إنه و الله النبي الأمي الذي كنا ننتظره).
قال كرز : ما يمنعك من إتباعه و أنت تعلم هذا ؟
قال له : ما صنع الروم لقد شرفونا وملونا وأكرمونا وقد أبوا إلا خلاف محمدولو فعلت نزعوا منا كل ما ترى.
وبعدما وصل الوفد قرب المدينة المنورة نزلوا على ماء يشربون و يغتسلون , و يأخذون قسطا من الراحة , ثم قاموا إلى رحالهم , وقد لبسوا افخر الثياب و ارتدوا أبهي الحلل و ضعوا عليهم الحلي , و قلائد من أحجار كريمة, و خواتيم من الذهب و الفضة, وتمنطقوا بالسيوف وحملوا الرماح , ثم اصطفوا صفا واحدا , وركبوا إلى المدينة يدخلونها بانتظام دقيق , وفي مظهر يدل على الهيبة و الوقار حتى إن الناس وقفت ترقب هذا الموكب بإعجاب بالغ وهم يسيرون في طرقات المدينة ز
وبعد نزولهم في الحرة في منازل أعدت للوفود وبعد أن تناولوا طعامهم . خرجوا إلى مسجد يريدون مقبلة النبي محمدفرفض مقابلتهم و الجلوس معهم , فعادوا في اليوم الثاني ودخلوا المسجد ينتظرون خروج محمد
إليهم فلم يفعل ,حتى حان وقت صلاتهم فقاموا يصلون و وجوهم نحو الشرق , فرآهم الناس و استغربوا و ذهب بعضهم يخبر النبي محمد
فإذا هو ينهاهم عن التعرض للقوم وهذه سجية الرسول
و معاملته لكل الناس بقلب رحب وسماحة و أخلاق حميدة حتى يهتدي الناس إليه , و أما القوم لهم أن يصلوا كيف يشاءون, إذ لأهل كل كتاب طقوس و شعائر , ولكنها جميعها تصب في غاية واحدة, ألا وهي عبادة الله مالك الملك فلا ضير إن صلوا في أي اتجاه طالما أنهم يتوجهون إلى الله سبحانه . ( ولله المشرق و المغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ) وبقي القوم في مسجد رسول الله
ليسألوا رسول الله
فلم يجبهم واعرض عنهم وكلموا عثمان بن عفان أو عبدا لرحمن بن عوف لمعرتهما جيدا عن طريق التجارة و الخروج بالعير, أن تبينا حقيقة الأمر فلم بنجحاء فأشارا على الوفد انتظار هما كي يذهبا إلى الإمام علي
ومشاورته, فأتياه وأخبراه بما جرى لهم مع النبي محمد
وطلبا نصحه بقوليهما: مارايك يا أبا الحسن في أمر هؤلاء القوم و الإمام علي مفتاح وحلال لكل معضلة .
وأشار الإمام علي على القوم أن يخلعوا الثياب الحريرية الخالصة وأن ينزعوا القلائد و الخواتيم الذهبية ويأتون نبي الله في مظهر أقرب ما يكون إلى التواضع و الاحترام بعيدا عن التكبر و التجبر وهذا الشاهد للقوم على نبوة محمدلأن الأنبياء لا يتفاخرون بالدنيا وزينتها ويعيشون عيشة الفقراء و المتواضعين .
المفضلات