النتائج 1 إلى 15 من 23

الموضوع: اليتيمة ( من تأليفي )

مشاهدة المواضيع

  1. #18
    عضو فضي الصورة الرمزية ؛ بسمة ؛؛
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    696
    شكراً
    0
    تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
    معدل تقييم المستوى
    234

    056 رد: اليتيمة ( من تأليفي )

    الفصل الرابع


    خفق قلبي بعدما طُردتُ من البيت ! .. ذليلة , منكسرة , لا أحد لي , ومن الذي طردني ؟ أم هاشم ! .. التي اهتمت بي بعد موت والدتي , وكانت تُحضر لي الطعام , والملابس , وبعد رفض زوجها لي طردتني ؟! وكأني لم أعني لها شيء ! .. طردتني وكأنها ترمي قمامة خارج المنزل , ما هذه القساوة ؟ ما هذا القلب الذي في داخلك ؟ تركتني في الشارع كقطة لا بيت لها لأعيش تحت القمامة وآكل فضلات الناس .

    جلستُ على باب منزلنا , لأتذكر والدي الذي كان يلعب معي , ويضحك , ونأكل سوياً , وننام , ولكنه في يوم غضبه مني يقول لي شيئاً أثقل على قلبي ! .. تمنيت الموت حينها ! .. كان يردد أنت سبب موت والدتك , أنت لعينة , تنهبين الناس حياتهم , لماذا ؟ لماذا ولدت ؟ وعندما يراني أحدق به , وقد أغرورقت عيناي من حدة كلامه يحنو عليَّ , ويضمني ليخفف من خاطري قائلاً : أنت أبنتي رضيت أم أبيت .

    ليأتي إليَّ رجلٌ كهلٌ , وقد أخذ الشيب منه كل شعرةٍ , ورائحته نتنه , وملابسه قذرة.

    يقول لي : أين والدك ؟

    لأقول له : والدي مريض وسوف يموت .

    ليصرخ وأنا ! .. أين نقودي ؟ كيف يموت دون أن يدفع لي إيجار المنزل ؟ تباً له و لك , ولماذا لم يأخذك معه لكي تموتي ؟ أنني لا أبارح المشاكل منذ معرفتي والدك ! .. لا رحمة الله عليه ولا عليك .

    جلستُ منتظرةً بجانب منزلنا حتى المساء , ولم يأتي أحد يسأل عني , ما هي أخباري ؟ كيف حال والدي بعد مرضه ؟ لم يزره شخصٌ في المستشفى , إنه ينتظر رحمة رب العالمين , لتأخذه ليعيش معها بسرور وفرح , وأي سرورٍ هذا !.. لقد تركني وحيدة لا مسكن , ولا أهل , و الرجل القذر ذاك قد أغلق منزلنا , لأننا لم ندفع له النقود , آه .. يا إلهي .. ماذا أعمل ؟
    نعم !.. أريد أن أذهب إلى والدي في المستشفى المركزي , وقفت على قارعة الطريق , مددت يدي لأوقف لي قافلة , وقفت لي سيارة صغيرة , وبها شابان.

    ليقول لي أحدهما : إلى أين تريدين أن نوصلك في طريقنا أيتها الجميلة ؟

    لقد أخافني , ارتبكت , ماذا أقول له ؟ هل أصعد معه أم ماذا ؟

    قلت له وأنا مرعوبة منهما : هل بإمكانكما أن توصلاني إلى المستشفى المركزي ؟

    بكل سرور تفضلي , خرج من السيارة ليفتح لي الباب الخلفي , جلست وأنا أتنهد بشدة , مليء الخوف والقلق , ليعود هو إلى مقعده وينطلق بسرعة قسوة إلى أن أوصلاني في ربع ساعة , أوقف السيارة.

    ليقول لي : تفضلي .

    أهذه مستشفى ؟؟


    أحمَّر وجهي خجلاً وحياء , شكراً , ولكني لا أملك النقود .

    يضحك هو و زميله على كلامي بكل سخرية , ويقولان لي في الوقت عينه : نحن لا نريد نقودك , أنت في حالة يرثى لها , وبالطبع لا تملكين النقود , هيا هيا , أخرجي من السيارة لقد تأخرنا على موعدنا .

    ارتبكت أصابني الذهول منهما , لأخرج وأغلق الباب بهدوء وسكينه .

    توجهت إلى المستشفى لأدخل , دهشني المنظر ! .. وأنا أرى أطفالاً كثيرين مع أبائهم , وكان هناك رجلاً يرتدي ثياباً لبقه , وبالونين الأزرق الفاتح والغامق , أوه , أنه ( السكرتي ) لأسأله :

    لو سمحت , والدي أبحث عن والدي اسمه محمد ياسين الشامي وهو مريض .
    ليقول لي : إنه في العناية المركزة.

    هل بإمكاني رؤيته ؟ إني ابنته الوحيدة .

    ولكن يُمنع دخول الأطفال , وأنت ما زلت طفلة , لا أستطيع.

    لتبكي بحرقة وألم , أريد رؤية والدي .. أرجوك.

    هيا .. أرجعي من حيث أتيت .

    ولكن إلى أين ؟ فلا أم لي ولا منزل يضمني , ووالدي مستلقٍ عندكم , وأنتم لا تريدوني أن أراه ! .. حباً لله , يا رجل دعني أراه .

    حسناً , ولكنك لن تبكي هناك صحيح ؟ لأنك لو بكيتي , سأخرجك بنفسي , اتفقنا ؟

    اتفقنا .
    لو رآني الرئيس لوبخني حتماً .
    دخل معي المصعد , لنخرج من الجهة الثانية , أدخلني الغرفة , وكانت هناك أسِّرةٌ عديدة , ومرضى يناجون ربهم , ويستغفرون لذنوبهم , قبل أن تأتي منيتهم.

    أن هذا أباكِ محمد ياسين الشامي .
    تنظر إليه , إنه والدي صحيح , يا إلهي , قد نقص وزنه , وشحب لونه , أجهزة في أنفه , وعلى صدره.

    شدني هناك جهاز يطلق صوتاً مخيفاً ! .. لأسأل الرجل : ما هذا ؟
    ليقول : إنه جهاز نبض القلب , وفجأةً ! .. قبل أن اكلمه , أن اودعه , وإذا بالجهاز يصدر صوتاً عالياً ...

    صرخ الرجل : هيا لقد توقف قلبه . أخرجي بسرعة , جاء الأطباء والممرضات , وكلهم محيطون بوالدي , ماذا يفعلون له ؟ ومن ثم تفرقوا بعدما أخذ أحدهم مدوناً في دفتر ساعة الوفاة.

    خرج الرجل , وملامحه حزينة , وينظر إليَّ.

    حبيبتي , لقد مات والدك رحمة الله عليه.

    لقد همت في كلامه , مات والدي ! .. كيف ؟ لماذا ؟ من لي الآن , لا أحد .. لا أحد , وأخذت أبكي , وانتحب , لقد ارتفع صوتي حتى ظن الآخرون أن مكروهاً حدث لي.

    اهدئي عزيزتي , سأقلك إلى منزلك عندما ينتهي وقتي , تقريباً الساعة الحادية عشرة.
















    الفصل الخامس


    حبيبتي , استيقظي لقد حان وقت الذهاب , هيا .. هيا .. صعدت معه السيارة , وأخذ الرجل يردد : بسم الله الرحمن الرحيم ]كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [ صدق الله العظيم.

    أخذ يشرح لي , ويقول : نحن في هذه الدنيا مجرد مسافرين أو عابرين سبيل , نضحك ونتكلم , وفجأة يهم الصمت في الجسد , نأتي هنا لنأخذ الزاد للآخرة مهما طال المكوث.

    أين منزلكِ ؟

    وصفتُ له , أين يكون إلى أن أوصلني.

    نزلت من السيارة بعدما شكرته , ذهبت إلى منزل جارتنا أم هاشم , دققت الجرس لترد عليَّ أم هاشم قائلةً : من هناك ؟
    لأقول لها : فاطمة.
    قائلة : فاطمة عزيزتي.
    قلت : يا أم هاشم , أين منزل والدتي خديجة ؟
    لتردّ عليّ وهي تصرخ : لا يا حبيبتي , لا تذهبي هناك ! .. فإن أمك قد تزوجت رغماً عن والديها , ليقول لها أباها لا تعودي تتوسلي إلينا بعد زواجك , وأنا متبرئ منك إلى يوم الدين , يا خديجة. لتصرخ أمها في وجهها ذهابٌ بلا عودة.

    تسمع صراخ أبا هاشم , مَن يا أم هاشم ؟ من يطرق الباب ؟ لتغلق الباب في وجه فاطمة قائلة : الأولاد , الحمد لله والشكر , أولاد بدون تربية قليلو الحياء.

    فاطمة تجول وتجول بين منازل كبيرة , وتتأمل كثيراً , يا ترى هل هؤلاء سعداء أم لا ؟ وبعد أن أخذها التعب والإرهاق , تستلقي بجانب قمامة لتنام.

    وبعدما أفاقت , لترى ضوء الشمس شديد الحرارة , قد أتعبها , أكلت بقايا طعام قد ألقي في الطريق , إن حالتها يرثى لها , شعرها منكوش , وغير مرتب , وفيه بقايا تراب من الطريق , ووجهها قد اسَّود من شدة الغبار والأوساخ , وجوع فلا ماء معها ولا طعام , وثيابها المتسخة القذرة قد تمزقت عند ركبتيها.

    أخذت تبحث لها عن مأوى , تنظر وإذا برجل أمامها , وقد لفت انتباهها نظافته وشهامته ورجولته أيضاً , إنه فعلاً جميل ولطيف ومهذب.

    أين منزلك , يا فتاة ؟
    لا منزل لديَّ , فوالديَّ قد ماتا , ولا أحد لي بعدهما.

    ليردد : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , أنا أعلم بمأوى للأيتام , سيقدمون لك ما تحتاجينه , أتريدين الذهاب إلى هناك ؟

    نعم .. نعم .. أين هو المكان ؟

    تريثي , يا عزيزتي .. انهضي بهدوء وتقدمي إلى جانبي لكي نمشي , إنه قريب.

    حسناً .. حسناً .. ولكن من أنت ؟

    أنا أسمي يوسف , وهذا منزلنا مشيراً إلى منزل كبير و فخم.

    تهز رأسها على إجابته , وكأنها تعرفه.

    ها نحن وصلنا إليه.

    هيا .. أدخلي وعرفي نفسك , ليهتموا بك , فأنت فتاة جميلة , ولا تستحقين التشرد واليتم.

    تتقدم , ولكنها نسيت أن تشكره , لتستدير بكاملها وتقول له : شكراً لك، ويجازيك الله خيراً , لتضمه بقوة وتهرب لتدخل.

    تستقبلها امرأة بشوشة والابتسامة على وجهها لم تفارقها , من أنت ؟ وما أسمك ؟ وماذا تريدين ؟ رويدك .. رويدك .. أسئلة متلاحقة لا يمكنني الإجابة عليها بهذه السرعة.

    تجاوب على أسئلتها , وهي مكسورة الخاطر , ودامعة العين , نار من الحزن يشتغل في جوفها , انتابها الخوف والاضطراب , الذل والانكسار , فتحت هذه المرأة جروحاً ملتهبة.

    اسمي فاطمة محمد الشامي , ووالدتي خديجة الصنديد , وقد توفيا , توفيت والدتي حين ولدتني , ووالدي ليلة أمس , ولم يبق لي أحد.

    مرحباً .. تفضلي .. عزيزتي فاطمة , نحن سنرعاك إلا أن تكبري.

    فرحت فاطمة وضحكت , ضحكةً خجولة ملؤها السعادة والحياء.
    التعديل الأخير تم بواسطة ؛ بسمة ؛؛ ; 09-21-2007 الساعة 08:22 PM
    حبٌ تطارده جميل *** حبٌ يطاردك أجمل
    صدووووووووووووووفه
    .........................
    ابتسامتـــــــــــــي هي سر جمالي
    ؛ بسمة ؛؛

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليتيمة
    بواسطة عفاف الهدى في المنتدى منتدى الشعر والنثر
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 10-22-2010, 08:03 AM
  2. السيد محمد المكي شريط اليتيمة
    بواسطة إبتسام السهم في المنتدى المكتبة الصوتية الإسلامية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 01-16-2009, 08:23 AM
  3. ضبط 4 سعوديين ومغربيتين في إستراحة ببلدة الجبيلة
    بواسطة رضاوي في المنتدى أخبار المجتمع
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-04-2008, 06:31 PM
  4. مجموعه خواطر من تأليفي
    بواسطة حلاي غير الكــل في المنتدى منتدى الشعر والنثر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-08-2008, 11:08 PM
  5. مسجين من تأليفي
    بواسطة ليالي في المنتدى منتدى المسجات
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 10-11-2006, 11:05 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •